يُمارس النظام السوري عملية قمع ممنهجة لا على المستوى العسكري والجسدي فقط، وإنما على المستوى الإداري المؤسسي كذلك، حيث تمارس المؤسسات الرسمية دوراً في تكريس الأزمات الأمنية والاقتصادي والمجتمعية ضمن منظومة الهيمنة والقمع وتفكيك المجتمع. تعود ممارسات التضييق على النشطاء المعارضين والمواطنين السوريين باستخدام جوازات السفر إلى ما قبل بدء الاحتجاجات الشعبية، حيث كانت هناك قوائم تضم آلاف الممنوعين من السفر في الداخل، وعشرات الآلاف من المنفيين القسريين وأبناؤهم محرومون من جوازات السفر في الخارج، منذ خروجهم إثر مجزرة حماة في الثمانينيات إلى السنوات الأولى من حكم بشار الأسد.
مع امتداد رقعة القمع وازدياد المناطق المحاصرة التي تقصف بالأسلحة الثقيلة، وتكثيف الحواجز ضمن المدن، ومع حاجة النظام إلى تجنيد المزيد من الشباب في الجيش، إضافةً إلى ازدياد حجم المطلوبين للأجهزة الأمنية بشكل مهول، ازدادت حاجة النشطاء المعارضين والمواطنين العاديين إلى التخفي أو السفر إلى الخارج، الأمر الذي زاد من الحاجة إلى جوازات السفر من جهة، وزاد من استغلال النظام لهذه الحاجة من جهة أخرى.
أدى التضييق على المواطنين في إصدار جوازات السفر إلى انتعاش السوق السوداء لتزوير الجوازات، أو دفع رشوات ضخمة للمسؤولين في المؤسسات الرسمية قد تصل إلى أربعة آلاف دولار، كما أدى إلى تعطيل حياة الكثيرين في الخارج ممن لم تجدد لهم السفارات جوازات السفر أو صادرت جوازاتهم لدى مراجعتهم لها لأنهم ناشطون في الحراك الثوري، ما سبب أزمة اقتصادية عابرة للحدود، ومشكلات أمنية مع الدول التي لجأ إليها السوريون أو وُجدوا فيها دون تجديد جوازات سفرهم وعُلّقت إقاماتهم مهدّدين بالتسفير القسري.