معسكر دير شميل
أولاً: المقدمة:
نظراً لعمليات الاحتجاز والاعتقال والخطف المنهجية، والواسعة، والمتراكمة، التي اتبعتها القوات الحكومية (الجيش، قوات الأمن، الميليشيات الشيعية والمحلية)، حيث تجاوزت حصيلة المحتجزين حاجز الـ 215 ألفاً بحسب تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، سجلنا منهم قرابة الـ 110 آلاف محتجز حتى الآن، ومازال مصير عشرات الآلاف منهم مجهولاً، وبإمكان أي شخص البحث ضمن القوائم عبر محرك البحث الموجود على موقعنا الالكتروني.
نتيجة لذلك لم تعد تتسع مراكز الاحتجاز النظامية كالسجون، ومقرات الأفرع الأمنية الأربعة وفروعها المختلفة، ولجأت الحكومة السورية ومنذ بداية عام 2012، إلى تحويل المدارس والملاعب الرياضية، وبعض الأبنية والفيلات، إلى مراكز احتجاز سرية وغير نظامية، ولما لم تعد هذه أيضاً تكفي؛ تم تحويل مساحات شاسعة من الأراضي إلى معسكرات احتجاز، على غرار المعسكرات النازية والستالينية، لعل من أشهرها وأكبرها على الإطلاق معسكر دير شميل الذي يتحدث عنه التقرير.
تُسيطر على مراكز الاحتجاز السرية ميليشيات محلية (جيش الدفاع الوطني، اللجان الشعبية) تتبع للحكومة السورية، التي سهلت عملها مقابل الحصول على خدمات في عمليات الاقتحام والقتال، وترهيب أهالي المناطق المجاورة، وإخضاعها لسيطرتها، وهذا ما حدث تماماً في معسكر دير شميل، حيث تتكون معظم القوات المسيطرة عليه من أهالي البلدات والقرى المحيطة به، وتقدر أعدادهم “بحسب ما أخبرنا به أهالي ونشطاء من تلك المناطق” بقرابة 1500 شخص، من ضمنهم نساء.
أظهرت التحريات وروايات الناجين من السجون السرية، أن الهدف الرئيس من إنشاء مثل هذا النوع من مراكز الاحتجاز، هو عمليات التعذيب الوحشي بشكل يفوق بكثير مقرات الأفرع الأمنية، وتُمارس عمليات التعذيب على خلفيات دينية، كما إن الداخل إلى مراكز الاحتجاز السرية يُعتبر غالباً مفقوداً، ولا يخرج منها. تمكن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان وعلى مدى سنوات من البحث، من الوصول إلى ناجٍ واحدٍ فقط من معسكر دير شميل السري.
الهدف الثاني، هو الحصول على مبالغ مالية طائلة من الأهالي، حيث أغلب الأشخاص المحتجزين داخل مراكز الاحتجاز السرية هم من المخطوفين.
فالقانون السوري يشجع على ممارسة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز النظامية، فماذا سيكون الحال في مراكز الاحتجاز السرية، فبموجب المرسوم 14 عام 1968، لا يمكن ملاحقة أي عنصر من المخابرات العامة إلابموافقة مديره، كما لا يمكن ملاحقة أي عسكري بدون الحصول على موافقه وزير الدفاع، وبعد انطلاق الثورة في سوريا وبدلاً من التقدم والإصلاح، رجعنا قروناً إلى الخلف عبر تشريع عملية التعذيب، حيث صدر القانون رقم 55 بتاريخ 21/ نيسان/ 2011، (أي بعد قرابة شهر فقط من اندلاع الاحتجاجات الشعبية)، ووسّع دائرة الحماية، من عناصر المخابرات العامة والعسكريين، لتشمل سائر القوات الحكومية الأخرى، وهذا يُثبت أن الحكومة السورية تسعى إلى ترسيخ ممارسة التعذيب.
كما عجزت اللجان الدولية عن زيارة مراكز الاحتجاز النظامية، ولم تسمع بعد ولن تتمكن مطلقاً من زيارة مراكز الاحتجاز السرية.