استخدمت القوات الحكومية (الأمن والجيش والميليشيات الأجنيبة والمحلية الموالية لها) سلاح الحصار والتجويع كأداة من أدوات الحرب على نحو ممنهج؛ وذلك في عدة مناطق خضعت لسيطرة المعارضة المسلحة، وامتد حصار بعض المناطق لسنوات.
بلدة مضايا الواقعة بريف دمشق فرض النظام السوري حصاراً عليها منذ نهاية عام 2013، ومع بداية شهر تموز/ 2015 اشتد الحصار؛ حيث منعت الحواجز العسكرية المحاصرة للبلدة (حاجز كازية نبع بردى، حاجز الوزير، حاجز المطحنة، حاجز الشعبة…) وبعض الثكنات العسكرية كمعسكر الطلائع ومعسكر التكية، منعوا الأهالي من إدخال أية مواد غذائية أو طبية أو محروقات، إضافة إلى ذلك قامت قوات النظام السوري بزرع مئات الألغام المضادة للأفراد في الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدة.
وعلى الرغم من توقيع إتفاقية الهدنة في 24/ أيلول/ 2015 والتي كان أحد بنودها فك الحصار عن بلدة مضايا، إلا أنه لم يتم السماح بدخول المواد الغذائية منذ بدء سريان الهدنة إلا مرة واحدة بتاريخ 18/ تشرين الأول/ 2015 حيث دخلت قافلة مساعدات برعاية الأمم المتحدة، وقد تسببت مادة البسكويت المنتهية الصلاحية التي وزعت مع باقي المساعدات في ما لايقل عن 200 حالة تسمم في بلدة مضايا، وفي هذا الصدد أصدرنا تقريراً طالبنا فيه الأمم المتحدة بفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن توزيع المواد الغذائية الفاسدة، والذي لم تظهر أي نتائج له حتى الآن.
خلال ستة أشهر من اشتداد الحصار تدهورت الحالة الإنسانية في البلدة التي تضم قرابة 43 ألف شخص- بينهم قرابة 300 عائلة نزحت من مدينة الزبداني – بالتوازي مع الحصار الذي تسبب في ندرة المواد؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل صارخ، فقد وصل سعر كيلو الأرز إلى قرابة 115 دولاراً، وسعر كيلو حليب الأطفال إلى قرابة 180 دولاراً، نتيجة لذلك تفاقمت حالات سوء التغذية والتجفاف، لاحقاً اضطر الأهالي إلى أكل الحشائش، وأوراق الأشجار، وأدى نفاذ الأدوية والمستلزمات الطبية إلى وفاة عدد من أصحاب الأمراض المزمنة.