لابد من المحاسبة وتعويض الضحايا
أولاً: المقدمة:
أعلن الرئيس الروسي بتاريخ 14/ آذار/ 2015 عن انسحاب الجزء الرئيس من قواته العسكرية في سوريا، وهذه خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف معاناة المجتمع السوري، كون القوات الروسية ارتكبت بحقه عشرات الجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب، وفق العديد من التقارير التي أصدرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتي بلغت 11 تقريراً خاصاً بانتهاكات القوات الروسية منذ تدخلها المباشر في سوريا 30/ أيلول/ 2015 وكنا على وشك إصدار تحديث لآخر تلك التقارير، إضافة إلى دراسة خاصة عن الاستخدام الموسع غير المسبوق للذخائر العنقودية.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“صحيح أن التدخل الروسي جاء بناء على طلب وإن كان شكلياً من الحكومة السورية، لكن القوات الروسية متهمة بالتورط في جرائم حرب، وبالتالي القيادة الروسية السياسية متورطة أيضاً، ومن هنا فإننا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نقول أن الانسحاب لا يمكن أن يتم هكذا وكأن شيئاً لم يحدث، بل لابد من فتح تحقيقات جدية من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة، بل ومن قبل القيادة السياسية الروسية نفسها إذا كانت صادقة، ثم محاسبة جميع المتورطين من عسكريين وسياسيين روس، ثم تعويض الضحايا معنوياً ومادياً، وترميم كافة المراكز الحيوية والمنشآت والأبنية السكنية التي دمرها القصف الروسي”.
في هذا التقرير الذي يغطي فترة التدخل الروسي المباشر في سوريا منذ 30/ أيلول/ 2015 حتى صباح 15/ آذار/ 2016، سوف نستعرض حوادث كنا قد سجلناها عبر عمليات المراقبة والتوثيق اليومية، وهي بمثابة سرد لما تم تسجيله سابقاً، ونمتلك قوائم كاملة بأسماء وتفاصيل الضحايا، وأرشيفاً لأقرباء الضحايا وشهود العيان ولسجلات وشهادات طبية، والصور والفيديوهات التي تطابق إلى حد بعيد ماذهب إليه الشهود.
ماورد في هذا التقرير يُمثل الحد الأدنى الذي تمكنا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاكات التي حصلت، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنفسية
للأسف فإن السلطات الروسية تنكر كل هذه الحوادث والجرائم، ولم تفتح تحقيقاً واحداً، وهي بذلك تسير على نهج النظام السوري الذي لم يحاسب أحداً من قواته منذ آذار 2011 لكن ذلك بالتأكيد لايُعفيهما من المسؤولية.