قصف موسَّع مُتعمَّد لعشرات المراكز المدنية ولفصائل في الأستانة، في أسبوع
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “قوات الحلف السوري الروسي تُدمِّر دموياً اتفاقيات أستانة” يستعرض أبرز انتهاكات قوات الحلف السوري الروسي في محافظة إدلب منذ 19 حتى 27/ أيلول/ 2017، ذلك بعد تثبيت منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب نهايةَ الجولة السادسة من مفاوضات أستانة.
جاء في التقرير أنه في نهاية آذار 2015 خرجت محافظة إدلب بشكل كامل عن سيطرة قوات النظام السوري بعد سيطرة فصائل في المعارضة المسلحة مع تنظيم جبهة النصرة (فتح الشام حالياً) على مدينة إدلب وإنهاء وجود قوات النظام السوري فيها. حتى تموز 2017 حين شنَّت هيئة تحرير الشام، عملية عسكرية سريعة ضد فصائل في المعارضة المسلحة -أبرزها حركة أحرار الشام-، وباتت مناطق واسعة من محافظة إدلب تحت سيطرة هيئة تحرير الشام.
وأشار التقرير أنه في 6/ أيار/ 2017 دخل اتفاق خفض التَّصعيد الذي أُبرم ضمن محادثات أستانة الرابعة بين الدول الراعية الثلاث (تركيا، روسيا، إيران) حيِّزَ التَّنفيد، وتمّ تحديد محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، كأحد مناطق خفض التَّصعيد الأربع التي تمَّ الاتفاق عليها. في الجولة الخامسة لمفاوضات أستانة تمَّ الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل لمتابعة بحث قضية مناطق خفض التَّصعيد، ومع نهاية الجولة السادسة من المفاوضات (14 – 15/ أيلول/ 2017) تمَّ الإعلان عن تثبيت منطقة خفض التَّصعيد في محافظة إدلب وما حولها مع الإقرار بنشر قوات عسكرية (روسية، تركية، إيرانية) لمراقبة الاتفاق، والسَّماح بدخول المساعدات الإنسانية.
وجاء في التقرير أنّ محافظة إدلب تؤوي حالياً قرابة 2.9 مليون نسمة، معظمهم نازحون من حمص وحماة وريف دمشق ومن مناطق خضعت لهدن نجمَ عنها عمليات تشريد وإجلاء قسري.
أكَّد التقرير أنه منذ دخول اتفاق خفض التَّصعيد حيِّزَ التَّنفيذ في 6/ أيار/ 2017 شهدت المحافظة انخفاضاً ملحوظاً في وتيرة القصف ومعدَّل الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحلف السوري – الروسي وانعكس ذلك على الأمور المعيشية للأهالي، حيث تمَّ العمل على إعادة تأهيل المراكز الطبية والتربوية، والتَحَقَ العديد من الأطفال بمدارسهم بعد إحجام ذويهم عن إرسالهم إليها؛ خوفاً من استهدافها، كما ازداد نشاط الحركة التجارية في الأسواق.
بحسب التقرير بدأت قوات الحلف السوري – الروسي في 19/ أيلول حملة عسكرية مُكثَّفة على محافظة إدلب إثر إعلان هيئة تحرير الشام مدعومة ببعض الفصائل (الحزب الإسلامي التركستاني، وجيش العزة، وجيش النخبة) عن معركة أطلقت عليها اسم “يا عباد الله اثبتوا” في شمال شرق محافظة حماة فاستولت على عدة قرى استعادت قوات النظام السوري مدعومة بالقوات الروسية السيطرة عليها في اليوم ذاته.
وثَّق التقرير ما لايقل عن 714 غارة جوية على محافظة إدلب، كما وثَّق ما لايقل عن 13 برميلاً متفجراً ألقاها طيران النظام السوري المروحي -في غضون 8 أيام- استهدفت منشآت حيوية مدنية عدة، كان أبرزها مشافٍ ومراكز للدفاع المدني ومدارسَ ومحطات تحويل الطاقة الكهربائية، وقد وثَّقنا تعرُّضَ بعض هذه المنشآت للقصف غيرَ مرة؛ ما يُشير إلى تعمُّد إلحاق الضرر بالبنى التحتيَّة والمرافق الخدمية للمدنيين.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لم يَعد هناك أي معنى لمسار واتفاقيات أستانة، عندما تقوم قوات الطرف الضَّامن الروسي وحليفه السوري، بقصف مقرات وقتل عناصر في فصائل مسلحة شاركت في الأستانة، هذا بدون شكٍّ دعم لجبهة النصرة مقابل إضعاف هذه الفصائل، نحن نطالب بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، المتسببون في إفشال خفض التّصعيد وقتل المدنيين”.
وثَّق التقرير مقتل 137 شخصاً، بينهم 23 طفلاً، و24 سيدة، و52 مقاتلاً، كما وثّق 3 مجازر على يد قوات الحلف السوري الروسي في المدة التي يغطيها، حيث قتلت القوات الروسية 128 شخصاً، بينهم 21 طفلاً، و21 سيدة. وارتكبت مجزرتين. في حين تسببت قوات النظام السوري في مقتل 9 مدنياً، بينهم 2 طفلاً، و3 سيدة، وارتكبت مجزرة واحدة.
وسجل التقرير ما لايقل عن 45 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، 36 منها على يد القوات الروسية بينها 8 منشآت طبية، و5 مدارس، و12 مركزاً للدفاع المدني. و9 حوادث اعتداء على يد قوات النظام السوري من بينها 1 منشأة طبية، و1 مدرسة، و4 مراكز للدفاع المدني.
وذكر التقرير أن القوات الروسية استخدمت الذخائر العنقودية مرة واحدة في المدة التي يغطيها.
نوَّه التَّقرير إلى أن العديد من مقرات فصائل في المعارضة المسلحة ومواقع سيطرتها معروفة تماماً من قبل الحكومة الروسية، على الرغم من ذلك تعرَّضت بعض المقرات لقصف مركَّز. وقد سجَّل التقرير استهداف ما لايقل عن 4 مقرات عسكرية على يد قوات روسية، أدَّت إلى مقتل 52 من مقاتلي فصائل في المعارضة المسلحة.
ذكر التقرير أنَّ المناطق المستهدفة كانت عبارة عن مناطق مدنية ولا يوجد فيها أية مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة للتنظيمات الإسلامية المتشددة أثناء الهجمات أو حتى قبلها.
أكَّد التقرير أن النظام الروسي والسوري خرقا بشكل لا يقبل التشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيان بوقف الهجمات العشوائية، وأيضاً انتهكا عبر جريمة القتل العمد المادة الثامنة من قانون روما الأساسي، ما يُشكل جرائم حرب.
وأوضح أن القصف قد استهدف أفراداً مدنيين عزل، وبالتالي فإن القوات الروسية والسورية انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة. إضافة إلى أنها ارتكبت في ظل نزاع مسلح غير دولي فهي ترقى إلى جريمة حرب، وقد توفرت فيها الأركان كافة.
وأوصى التقرير بضرورة فتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين وتعويض كافة المراكز والمنشآت المتضررة وإعادة بنائها وتجهيزها من جديد، وتعويض أسر الضحايا والجرحى كافة، الذين قتلهم النظام الروسي الحالي.
كما شملت توصيات التقرير مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على “توقف فوراً أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حدِّ ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي”.
وطالب بضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بما فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه بارتكاب جرائم حرب و إحلال الأمن والسلام وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين، لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب وتوسيع العقوبات لتشمل النظام الروسي والنظام الإيراني المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.
وحثَّ التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا على إدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقيات خفض التصعيد وعدم اقتصار الإحاطة أمام مجلس الأمن على انتهاكات جبهة النصرة وتنظيم داعش.