أولاً: مقدمة:
تتواصل هجمات الحلف السوري/ الإيراني الجوية والبريَّة على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة أصلاً وبشكل مطبق منذ 19/ تشرين الأول/ 2013، وقد أتمَّت الحملة العسكرية شهرها الثالث، ولا تبدو هناك أيَّة بوادر لتوقفها، لم تلتزم القوات المهاجمة بأيٍ من قواعد قانون الحرب، بل استخدمت أيضاً الأسلحة الكيميائية، وتعمَّدت قصف المراكز الطبيَّة، وقد سجلنا استهداف بعض المراكز الطبية عدة مرات، وهذا لم يحصل في تاريخ الحروب المعاصر، وفي ظلِّ استهداف المراكز الطبيَّة والتعليمية يُصبح من السخرية الحديث عن ضامن روسي، أو عن اتفاقيات ثنائية، أو عن محادثات سلام، أو عن قانون دولي، أو مجلس أمن دولي، وذلك بعد مرور 90 يوم لم يتوقف فيها تقريباً القصف والقتل والتدمير، ويجدر التَّذكير أنَّ هذه المنطقة المحاصرة يقطنها قرابة 350 ألف مدني، بينهم أطفال ونساء، مات بعضهم جوعاً ومرضاً، وتمتلك الشبكة السورية لحقوق الإنسان سجلاً بقوائم الضحايا بسبب الحصار أو القصف، وبتفاصيل الهجمات التي حصلت، والتي نستعرض البعض منها فقط في هذا التقرير تجنباً للتَّكرار النمطي.
لقد تحدَّثنا في تقريرين سابقين عن أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الحلف السوري الروسي في الغوطة الشرقية منذ تصعيد الحملة العسكرية الأخيرة على المنطقة، كما أصدرنا تقريراً عن حملة مُشابهة شنَّتها قوات الحلف السوري الروسي على محافظة إدلب المشمولة أيضاً باتفاقية خفض التَّصعيد.
على الرغم من كل الدَّعوات الدولية لوقف إطلاق النار والسَّماح بدخول المساعدات الإنسانية والاتفاقيات المبرمة، التي نصَّت بشكل واضح على ضرورة إنهاء الحصار المفروض على الغوطة الشرقية وضرورة الإخلاء الفوري للجرحى والسَّماح بدخول القوافل الإغاثية إلَّا أننا لم نُسجِّل حتى الثلاثاء 13/ شباط/ 2018 دخول أيَّة قافلة مساعدات إنسانية إلى الغوطة الشرقية منذ 24/ أيلول/ 2017، كما لم يسمح النظام السوري بإجلاء أية حالة حرجة منذ 29/ كانون الأول/ 2017، ونظراً للحصار المطبق المفروض وكثافة عمليات القصف في الآونة الأخيرة سجلنا ارتفاعاً نسبياً في عدد الوفيات بسبب المرض والجوع جراء عجز الإمكانيات الطبية.
وقد تحدثت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أورسولا مولر”، في جلسة لمجلس الأمن في 30/ كانون الثاني/ 2018، عن الوضع في الغوطة الشرقية، وعن وفاة 21 شخصاً من مجمل مَن هم بحاجة للعلاج خارج الغوطة.
ظهرَ أثرُ تصاعد وتيرة العنف على المنطقة جلياً على الأطفال، الذين يُمثلون شريحة واسعة من المجتمع في الغوطة الشرقية، وتجلَّى ذلك بحرمانهم من أبسط حقوقهم، وقد استعرضت منظمة هيومان رايتس ووتش جوانب متعددة من ذلك في تقريرها الذي أصدرته في 11/ كانون الثاني/ 2018 بعنوان “أطفال تحت الهجوم في ريف دمشق” ودعت فيه مجلس الأمن للتَّدخل بشأن الوضع في الغوطة الشرقية وحماية أطفالها.