فشل الأمم المتحدة في معاقبة النظام السوري على استخدام أسلحة الدمار الشامل سمح له بإعادة التكرار
يُصادف يوم السابع من نيسان واحدة من أفظع وأبشع المآسي التي تعرَّض لها الشعب السوري في تاريخه الحديث، ففي مثل هذا التاريخ من عام 2018 قام النظام السوري تحت قيادة رئيسه الحالي بشار الأسد باستخدام أسلحة كيميائية ضد مدنيين وكذلك محاصرين منذ قرابة خمس سنوات في مدينة دوما الواقعة في منطقة الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، والأفظع أن هؤلاء المدنيين كانوا مختبئين ضمن أقبية الأبنية، فقد كانت طائرات النظام السوري والنظام الروسي بقيادة رئيسه فلاديمير بوتين في ذلك الوقت تقصف بشكل كثيف وعشوائي المدينة بعشرات الصواريخ يومياً.
لا نزال نذكر الصور والفيديوهات التي وردتنا من الأماكن التي أصابتها الهجمات الكيميائية، لاحظنا كيف تكدَّست أجساد أطفال ونساء مدينة دوما فوق بعضها البعض، يكسو اللون الأزرق وجوههم، ويغطي الزبد أفواههم، وقد شخصت عيونهم، وهذه الصور ذكرتنا مجدداً ومكرراً بصور ضحايا هجمات كيميائية نفَّذها النظام السوري سابقاً كهجوم الغوطتين في آب/ 2013، وهجوم خان شيخون في 4/ نيسان/ 2017، الذي أحيينا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكراه السنوية الثانية قبل أيام عدة.
لقد شنَّ النِّظام السوري يوم السبت 7/ نيسان/ 2018 هجومَين كيميائيَين شمال مدينة دوما، وقع الهجوم الأول قرابة الساعة الثالثة عصراً قربَ مبنى فرن سعدة؛ ما تسبب في إصابة ما لا يقل عن 15 شخصاً بأعراض ضيق في التَّنفس بينما وقع الهجوم الثاني وهو الهجوم الأضخم قرابة الساعة الثامنة مساء، ذلك عندما ألقى الطيران المروحي التابع للنظام السوري برميلين متفجرين محملين بغاز سام على بناءين سكنيَين بالقرب من ساحة الشهداء في منطقة النُّعمان؛ قتل إثرَ ذلك 39 مدنياً قضوا خنقاً بينهم 10 أطفال، و15 سيدة (أنثى بالغة)، وأصيب قرابة 550 شخصاً بأعراض تنفسية وعصبية.
لقد وقع هجوما دوما في إطار حملة عسكرية ضخمة شنَّتها قوات الحلف السوري الروسي على الغوطة الشرقية منذ شباط/ 2018، نتج عنها سيطرة قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية على معظم بلدات الغوطة الشرقية. قبيل الهجوم بأيام عدة حصل اتفاق يقضي بخروج بعض المدنيين وبعض مسلحي المعارضة بأسلحتهم الخفيفة من مدينة دوما وبقاء من يرغب في البقاء وتسوية وضعه، وأشارت تحقيقاتنا التي تضمنَّها تقريرنا المفصل عن الهجوم إلى أن الهجمات الكيميائية يبدو أنها قد جاءت كرد فعل انتقامي على خلفية عرقلة المفاوضات مع فصائل في المعارضة المسلحة، حيث نفذت كنوع من الضغط على الحاضنة الشعبية في مدينة دوما لدفع فصائل من المعارضة المسلحة بقبول الاتفاق وبنوده القاضية بتشريد أهالي المدينة، وهذا ما حصل بعد الهجوم.