توثيق ما لا يقل عن 37 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في كانون الثاني، والنظام السوري يقصف مناطق مدنية بالأسلحة الحارقة
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الثاني 2024، وأشارت إلى توثيق ما لا يقل عن 37 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في كانون الثاني، وقصف النظام السوري لمناطق مدنية بالأسلحة الحارقة.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 21 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في كانون الثاني 2024، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافةً إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة غير المشروعة وعلى عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في كانون الثاني مقتل 72 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و10 سيدات (أنثى بالغة). وسجل مقتل 5 أشخاص بسبب التعذيب، ووقوع ما لا يقل عن 2 مجزرة. ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 182 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 8 أطفال، و4 سيدات قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الثاني، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري.
وبحسب التقرير فقد شهد كانون الثاني ما لا يقل عن 37 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 29 من هذه الهجمات كانت على يد قوات النظام السوري، وقد تركَّزت في محافظتي إدلب وحلب. من بين هذه الهجمات وثق التقرير 11 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية و2 على منشأة طبية، و3 على أماكن عبادة، كما سجل التقرير ما لا يقل عن هجمتين بأسلحة حارقة نفَّذتهما قوات النظام السوري، وقعتا في مناطق مأهولة بالسكان وبعيدة عن خطوط الجبهات ولم يرصد تحركاً عسكرياً في المواقع المستهدفة وقت الهجمات.
في مناطق شمال غرب سوريا، سجل التقرير في كانون الثاني ومنذ اليوم الأول من العام الجديد هجمات أرضية نفذتها قوات النظام السوري على قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، القريبة من خطوط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما طال القصف مدينة إدلب وقرى وبلدات ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي البعيدة عن خطوط التماس. وسجل التقرير اندلاع حرائق ضمن 7 مخيمات للنازحين (6 منها كانت بسبب الاستخدام السيئ لوسائل التدفئة، و1 بسبب سوء استخدام وسائل الطهي). وذكر أن الأحوال الجوية السيئة والقاسية التي شهدتها المنطقة في كانون الثاني أدت إلى تضرر ما لا يقل عن 105 من مخيمات النازحين ومتضرري الزلزال المنتشرة في أرياف محافظتي إدلب وحلب، بسبب تشكل السيول والفيضانات والبرك الطينية وقطع الطرقات، والذي تسبب بتضرر ما لا يقل عن 292 خيمة ومسكناً مؤقتاً بشكل كلي، كما تضرر نحو 1530 خيمة ومسكن مؤقتاً بشكل جزئي. وعلى صعيد الوضع المعيشي والخدمي في شمال غرب سوريا، لا يزال المدنيون يعانون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية، حيث شهدت أسعار الخبز ارتفاعاً في عموم المناطق، كما تعاني هذه المناطق من نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين، وتدهور سعر صرف الليرة التركية وهي العملة المتداولة في شمال غرب سوريا.
قال التقرير إنَّ قوات النظام السوري استمرت في التضييق على المدنيين في مناطق سيطرتها، وواصلت عمليات ملاحقة واستهداف المدنيين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي؛ ونفذت عمليات اعتقال وإخفاء قسري في مختلف مناطق سيطرتها، وكانت الحصيلة الأعلى في كانون الثاني من نصيب محافظة دمشق تلتها ريف دمشق ثم درعا، وما زالت عمليات التعذيب تمارس في مراكز الاحتجاز التابعة له. كما لم تتوقف عمليات استيلاء النظام السوري على الممتلكات، والتي يشرعنها استناداً إلى ترسانة قوانين وتشريعات. وذكر التقرير أن النظام السوري استمر في الاستحواذ على أموال المساعدات الإنسانية وتسخيرها لتحقيق أهدافه وتحكمه بمصائر المستفيدين منها، من خلال تحكمه بالمنظمات غير الحكومية التي تستقبل هذه الأموال وتديرها.
وفقاً للتقرير فقد تعرضت مناطق قرب الحدود الأردنية، معظمها بريف محافظة السويداء لهجمات جوية نفذها طيران ثابت الجناح قادم من الأراضي الأردنية، رجح التقرير تبعيته للجيش الأردني، تحت ذريعة مكافحة تجار الكبتاغون والمخدرات، وكان أبرز هذه الهجمات في 18/ كانون الثاني حيث تسبب هجوم جوي على بلدة عُرمان جنوب السويداء في مقتل 10 مدنيين. وسجل التقرير استمرار وقوع ضحايا بسبب الألغام في كانون الثاني، وكان من أبرز الحوادث وفاة طفل وإصابة 3 آخرين. وجاء في التقرير أنه استمر في كانون الثاني الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني بالتدهور على كافة المستويات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، واستمرت قيمة الليرة السورية بالتدهور أمام الدولار؛ الأمر الذي ينعكس بالتأكيد على أسعار السلع في الأسواق، وما زالت أسعار المنتجات الغذائية مستمرةً بالارتفاع، مما ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي شمال شرق سوريا، سجل التقرير في كانون الثاني تصعيداً في القصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية لها على مناطق في محافظة دير الزور تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية والتي تقوم بقصف مماثل على المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري. كما سجل استمرار الاشتباكات التي تشهدها مناطق في محافظة دير الزور منذ 27/ آب/ 2023، بين عشائر في محافظة دير الزور والمجلس العسكري في دير الزور من طرف وقوات سوريا الديمقراطية من طرف آخر على نحو متقطع حيث إنها تندلع بين الحين والآخر في مناطق شرق دير الزور. ورصد التقرير الثاني استمرار التصعيد بين القوات المتمركزة في قواعد تابعة للتحالف الدولي وبين قوات الميليشيات الإيرانية التي تتمركز ضمن مناطق سيطرة قوات النظام السوري عبر تبادل الهجمات الأرضية بين مواقع تمركز الطرفين في محافظتي الحسكة ودير الزور. أما في مخيمات النازحين المنتشرة ضمن مناطق شمال شرق سوريا ففي كانون الثاني استمرت معاناة النازحين في عدد من مخيمات النازحين العشوائية الواقعة في ريف دير الزور الغربي الناتجة عن نقص الخدمات الأساسية وعدم توفر المياه والكهرباء واستمرار معاناتهم من الأحوال الجوية السيئة التي تشهدها المنطقة منذ دخول فصل الشتاء.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…