اللغات
متاح بالـ
أمجد وليد إدريس، طالب جامعي في كلية الهندسة الكيميائية والبترولية في جامعة البعث في مدينة حمص، من أبناء مدينة القصير في ريف محافظة حمص، مواليد عام 1994، اعتقلته عناصر قوات النظام السوري في 31/ آذار/ 2014، من أمام مبنى إدارة الهجرة والجوازات في مدينة حمص، ومنذ ذلك الوقت تقريباً وهو في عداد المختفين قسرياً؛ نظراً لإنكار النظام السوري احتجازه أو السماح لأحد ولو كان محامياً بزيارته.
برز أمجد مع انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار/ 2011، وعُرف بنشاطه الإغاثي والإنساني والمدني السلمي من خلال تطوّعه مع منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وكان أحد أعضاء لجان التنسيق المحلية بمحافظة حمص، وأحد أعضاء الهيئة العامة للثورة السورية، وتطوّع في العمل مع المجالس المحلية المدنية، ولهذه الأسباب كان هو وأمثاله هدفاً استراتيجياً ونوعياً للنظام السوري، الذي سخّر جميع موارد الدولة السورية لملاحقتهم واعتقالهم دون أي مسوغ قانوني، وإخفائهم قسرياً في مراكز احتجازه.
في 18/ آذار/ 2024، حصلت عائلة “أمجد إدريس” على بيان قيد عائلي يظهر أنّه قد توفي أمجد في 9/ نيسان/ 2014، دون أية تفاصيلٍ أخرى عن مكان الوفاة أو سببها، ومن خلال مقاطعتنا للبيانات التي وردت في وثيقة السجل المدني وبيانات اعتقاله المسجلة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان تبيّن لنا أنّ الضحية أمجد كان قد توفيّ بعد عشرة أيام من تاريخ اعتقاله، ولدينا معلومات تؤكد أنّه كان بصحة جيدة حين اعتقاله؛ ممّا يُرجّح بشكلٍ كبير وفاته بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، وتؤكّد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ قوات النظام السوري لم تعلن عن الوفاة حين حدوثها ولم تُسلِّم جثمانه لذويه.
ونؤكد أنّ النظام السوري لا يزال حتى الآن لا يسلم الجثامين إلى أهلها كي يتم دفنها في مقابر لائقة، وبدون تسليم الجثمان لا تعتبر هذه الوثيقة كشفاً كاملاً عن الحقيقة، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية، لم تتمكّن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثمانه، لأنَّ النظام السوري يرفض تسليم الجثامين بشكل قاطع، ولدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان مخاوف من الآليات والطرق التي يتبعها النظام السوري في إخفاء جثامين ضحايا التعذيب والتخلص منها.
ومنذ مطلع عام 2018، سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قيام النظام السوري بتسجيل مختفين قسرياً على أنّهم متوفون في دوائر السجل المدني، واستعرضنا في تقارير سابقة تفاصيل هذه المعلومات، ولا تزال أسر ضحايا المختفين قسرياً تتلقى نبأ وفاة أبنائها المختفين عبر دوائر السجل المدني حتى اليوم، وقد بلغ عدد الحالات الموثّقة لدينا حتى لحظة إصدار هذا البيان 1624 حالة بينهم 24 طفلاً، و21 سيدة (أنثى بالغة)، و16 حالة من الكوادر الطبية، وجميعهم لم يذكر سبب الوفاة، ولم يُسلم النظام السوري الجثث للأهالي، أو حتى يُعلمهم بمكان دفنها.
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن النظام السوري يتحمل مسؤولية كشف مصير المختفين قسرياً لديه بشكل ملزم وجدي، وإجراء تحقيقات مستقلة بإشراف أممي تكشف حقيقة ما تعرضوا له من انتهاكات ومحاسبة المسؤولين وتسليم رفات من توفي منهم لدفنها بشكل كريم، ووفقاً للآلية التي اتبعها عبر دوائر السجل المدني، والتي لم يقُم النظام السوري عبرها بإيضاح مصير المختفين قسرياً بشكل نهائي، بل تشكل إدانة له، فهو من قام باعتقالهم وإخفائهم ثم أنكر مسؤوليته عن ذلك، ثم سجلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني؛ لذلك فإننا نؤكد في الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري لا تزال مستمرة، ووفقاً للقانون الدولي سوف يبقى هؤلاء في عداد المختفين قسرياً والمتهم الرئيس بإخفائهم هو النظام السوري.
تُدين الشبكة السورية لحقوق الإنسان جميع ممارسات الاعتقال والتعذيب التي تقوم بها قوات النظام السوري، وبشكل خاص بحق الناشطين السياسيين، وتُطالب بفتح تحقيق فوري مستقل في جميع حوادث الاعتقال والتعذيب التي وقعت، وبشكلٍ خاص هذه الحادثة الهمجية، كما ندعو إلى ضرورة محاسبة كافة المتورطين فيها، بدءاً ممَّن أمر بها وحتى المُنفّذين لها، ويجب إطلاع المجتمع السوري على نتائج التحقيق والمحاسبة، وفضح وفصل كل من تورَّط في ممارسات الاعتقال والتعذيب على مدى جميع السنوات الماضية، وتعويض الضحايا كافة عن الأضرار المادية والمعنوية التي تعرضوا لها.