مقتل خمسة مدنيين بينهم طفلان واعتقال ما لا يقل عن 184 شخصاً
أولاً: مقدمة ومنهجية:
في كانون الثاني/ 2017 أعلن عن تشكيل تجمع هيئة تحرير الشام، الذي ضمَّ جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) إضافة إلى بعض فصائل في المعارضة المسلحة وفصيل أنصار الدين أحد التنظيمات الإسلامية المتشددة، وشهد عام 2017 انتهاكات جسيمة نفذتها هيئة تحرير الشام، حيث شنَّت هجمات متعددة في مناطق ريف إدلب الجنوبي والغربي والمناطق الحدودية مع تركيا وتابعت سياستها ونهجها في تطبيق العنف والإكراه في تطبيق الأحكام التي تراها مناسبة، واستمرت محاولاتها في السعي لتوسيع مناطق سيطرتها على حساب المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعتدلة، وقد أصدرنا في خصوص جميع ما سبق عدداً كبيراً من الأخبار وتقريرين موسعين وثَّقنا فيهما أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب.
منذ بداية أيلول/ 2018 رصدنا ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الانتهاكات التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام في منطقة الشمال السوري، حيث أقدمت على اقتحام عدة قرى واعتقال عشرات الأشخاص من بينهم ناشطون محليون وعمال إغاثة وخطباء مساجد، ويبدو لنا أن كل ذلك كان استباقاً على الاتفاق التركي الروسي؛ بهدف تحقيق أكبر مكتسبات ممكنة على أرض الواقع، وبعد دخول الاتفاق التركي الروسي في 17/ أيلول حيِّز التنفيذ استفاد أهالي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري من انخفاض معدلات القصف والقتل في تأمين بعض الاحتياجات الأساسية وبشكل خاص، التي تتطلب تنقلات بين المدن والقرى، وكان المشردون قسرياً، وهم الفئة الأكثر تضرراً في هذه المناطق الأكثر احتياجاً لمثل هذه التحركات، ويُشكِّل المشرَّدون داخلياً نسبة تقارب الـ38 % من مجموع سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في الشمال السوري، لكن انتهاكات هيئة تحرير الشام أدت إلى زعزعة حالة الأمن والاستقرار التي كان المجتمع هناك بأمس الحاجة إليها، وولدت حالة من الذعر في عدد من القرى والمناطق.
وبرزت عدة لافتات يوم الجمعة في المظاهرات التي عادت وتيرتها للظهور والاتساع بعد الاتفاق التركي الروسي الأخير وغياب القصف الجوي العشوائي، وقد تعرض عدد من الهيئات المحلية والنشطاء إلى ملاحقات من قبل عناصر هيئة تحرير الشام إثر تلك اللافتات والكلمات المنددة بممارساتها.
يُسلط التقرير الضوء على انتهاكات هيئة تحرير الشام منذ مطلع أيلول حتى منتصف تشرين الأول/ 2018، وقد اعتمدنا في هذا التقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان طيلة تلك المدة وما سبقها وما بعدها أيضاً، وذلك عبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، إضافة إلى وجود فريقنا في بعض المناطق وتواصلهم مع الأهالي وشهود العيان، وسوف نقوم بعرض شهادتين، لن نذكر الأسماء الحقيقة لأسباب أمنية، ونحتفظ بعناوين الاتصال مع الشهود.
حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون إطلاق هيئة تحرير الشام الرصاص على متظاهرين في قرية كفر حلب.
ما وردَ في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنَّفسية والديمغرافية.