ما لا يقل عن 20842 شخصا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى النظام السوري نظراً لصلات قرابة تربطهم مع مساهمين في الحراك الشعبي ضد النظام السوري
بيان صحفي:
(لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل)
أدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر لها اليوم، اعتقال النظام السوري أقرباء الناشط عبد الرحمن الصالح لمجرد إبداء رأيه ضمن برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة، وقالت إنَّ ما لا يقل عن 20842 شخصا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى النظام السوري؛ نظراً لصلات قرابة تربطهم مع مساهمين في الحراك الشعبي ضد النظام السوري.
قال التقرير الذي جاء في 13 صفحة إنَّ اعتقال أقرباء عبد الرحمن -وهو عضو في الكتلة الوطنية السورية، وناشط سياسي، ورقيب مجند منشق عن جيش النظام السوري، ولاجئ في دولة ألمانيا منذ عام 2014-. حصل على خلفية مشاركته برأيه في إحدى حلقات برنامج الاتجاه المعاكس الذي عرض على قناة الجزيرة في كانون الأول الجاري، وبعد يومين فقط من بثِّ الحلقة، إذ انتقدَ في مشاركته تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري وحمَّله مسؤولية هذا التدهور، واتهمه بالفساد وإنفاق مقدرات الدولة السورية للحفاظ على حكم عائلة الأسد مهما سبَّب ذلك من معاناة للمواطنين السوريين.
وأشار التقرير إلى أن عملية الاعتقال لم تتم وفقاً لمذكرة قضائية، موضحاً أن هذه قاعدة عامة في الغالبية العظمى من حالات الاعتقال التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ونقاط التفتيش التابعة لجيش النظام السوري. ومؤكداً أنَّه من شبه المستحيل أن يكون للقضاء أي دور في عمليات الاعتقال والتعذيب التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، وأنها لدى النظام السوري أهم من القضاء وأعلى سلطة من كافة الوزارات بما فيها وزارتي العدل والداخلية.
وفقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 20842 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري على خلفية صلات القربى التي تربطهم بمساهمين في الحراك الشعبي ضد النظام السوري، منذ آذار/ 2011 حتى 21/ كانون الأول/ 2020. ويشكلون قرابة 15 % من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام السوري. بينما بلغت حصيلة من تعرضوا للاعتقال وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7926 شخصاً بينهم 147 طفلاً و 179 سيدة.
عرضَ التقرير رسوماً بيانية توضح توزع حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام السوري على خلفية صلات قربى تربطهم بمساهمين في الحراك الشعبي، بحسب المحافظات السورية، وبحسب الأعوام منذ آذار/ 2011 حتى 21/ كانون الأول/ 2020، حيث شهدَ عام 2012 أعلى موجة من حصيلة تلك الاعتقالات يليه عام 2013 ثم 2011.
كما أوردَ مخططاً بيانياً يظهر توزع تلك الحصيلة بحسب الفئات العمرية، وأظهرَ المخطط تنوع الفئات العمرية للأشخاص الذين استهدفوا بعمليات الاعتقال أو الاختفاء القسري على خلفية وجود صلات قربى مع نشطاء في الحراك الشعبي أو معارضين للنظام السوري أو منشقين عنه، وبحسب التقرير لم تستثني قوات النظام السوري من هذه العمليات الأطفال واليافعين والمسنين والكهول، بل تعمَّدت اعتقالهم لتحقيق أكبر ضرر ممكن لذوي الأشخاص المطلوبين.
ووفقاً للتقرير فإنَّ قرابة 50 % من حصيلة حالات الاعتقال على خلفية وجود صلات قربى مع المطلوب لقوات النظام السوري استهدفت أقرباء وذوي النشطاء المدنيين، بينما قرابة 44 % استهدفت أقرباء وذوي الأشخاص الذين انشقوا عن قوات النظام السوري.
طبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 13 شخصاً قد توفوا بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري منذ آذار/ 2011 حتى 21/كانون الأول/ 2020، ممن تمَّ اعتقالهم على خلفية وجود صلات قربى تربطهم مع نشطاء في الحراك لشعبي أو معارضين للنظام السوري. لم تسلم جثامين الضحايا لذويهم ووفقاً لذلك فإنهم يبقون في عداد المختفين قسرياً بحسب التقرير.
تحدث التقرير عن انعدام حرية الرأي والتعبير في ظلِّ تغوُّل مطلق للأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري على تفاصيل حياة المجتمع، مشيراً إلى وضعِ النظام السوري على مدى السنوات العشر الماضية -ينطبق قسم كبير من ذلك على ممارسات النظام السوري قبل عام 2011- قوانين بنى استناداً عليها محاكم استثنائية/ أمنية/ سياسية تهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين، وذلك عبر استخدام تعابير مبهمة وشديدة العمومية وقابلة لمختلف أنواع التأويلات، وأوردَ التقرير أمثلة عن تلك التعابير، واعتبر أن تلك القوانين أقرب ما تكون إلى نصوص أمنية لأنها تخالف روح القانون.
وقال التقرير إن الغالبية العظمى من القوانين التي يُصدرها النظام السوري (مراسيم، أو عن طريق مجلس الشعب باعتباره خاضع بالمطلق له) تُعارض بشكل صريح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتُقيِّد بشكل مخيف حرية الرأي والتعبير. وأضافَ أن دستور عام 2012 الذي أصدره النظام السوري منفرداً، يحوي نصوصاً يعارض بعضها البعض.
أكد التقرير أنَّ الاختفاء القسري هو النَّمط السائد في سوريا، وأنَّ أقل من ثلث المعتقلين تتم إحالتهم إلى المحاكم الاستثنائية بعد سنوات من الاعتقال دون توجيه أية تهمة.
توصَّل التقرير إلى الاعتقاد بأنَّ النظام السوري لم يفي بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وعلى وجه التَّحديد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، عبر استمراره في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل 65.08 % من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً، ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم، وفي حال سؤال العائلة تُنكر الأفرع الأمنية والسلطات وجود أبنائها، وربما يتعرَّض من يقوم بالسؤال لخطر الاعتقال.
كما استنتجَ التقرير أن النظام السوري انتهك بشكل صارخ الحق في حرية الرأي والتعبير المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إضافة إلى انتهاكه العديد من حقوق المواطنين السوريين المبدأية والأساسية، ومن أبرزها حرية الرأي والتعبير. وفرضَ عقوبات عنيفة جداً وتسلطية من أجل القضاء على حرية الرأي والتعبير، الذي اعتبره حقاً يفضح ممارساته أمام الشعب ويهدد سلطانه، وقد اعتقل أقرباء عبد الرحمن الصالح لمجرد إبداء رأيه عبر قناة الجزيرة.
وأكَّد التقرير أنه لا معنى لأية نصوص دستورية أو قانونية في ظلِّ وجود النظام الدكتاتوري والأجهزة الأمنية المتوحشة في سوريا، التي تعتبر بمثابة مافيات خارج القانون وتتلقى أوامرها مباشرة من رئاسة الجمهورية، وهي متورطة منذ عام 2011 بآلاف الانتهاكات بحق الشعب السوري، مشيراً إلى اتباع النظام السوري تكتيك اعتقال وإخفاء وتعذيب أهالي الأشخاص الناشطين في الحراك الشعبي بشكل واسع ومدروس، من أجل ردعهم ومعاقبتهم على نشاطهم ضده، ولإرهاب شرائح أخرى من المجتمع من اتخاذ خطوات مماثلة خشيةً على ذويهم.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، و2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، و2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حدٍّ للاختفاء القسري. والمطالبة بالإفراج الفوري عن قرابة 21 ألف مواطن سوري معتقلون أو مختفون قسرياً بسبب مشاركة أقرباء لهم في الحراك الشعبي ضد النظام السوري. والإسراع في تطبيق الانتقال السياسي نحو حكم ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان في سوريا، لأن كل تأخير يعني مزيداً من تغول وتوحش الأجهزة الأمنية والنظام السوري على أبسط حقوق المواطن السوري.
وقال إن على النظام الروسي مطالبة حليفه النظام السوري بإطلاق سراح الـ 21 ألف مواطن سوري، والتَّوقف عن تهديد وملاحقة ذوي النشطاء. والتوقف عن دعم النظام الفئوي في سوريا؛ نظراً لفقدانه أية مصداقية لدى الشعب السوري والمجتمع الدولي وهو نحو مزيد من الانحدار واحتقار حقوق الإنسان.