على الرغم من جميع مراسيم العفو ما زال هناك قرابة 131 ألف معتقل/ مختفٍ على خلفية الحراك الشعبي المعارض للنظام السوري
بواسطة: AP
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن النظام السوري أفرج عن 81 شخصاً بموجب مرسوم العفو رقم 13 الصادر في أيار/ 2021 فيما قام باعتقال ما لا يقل عن 176 شخصاً منذ صدوره، مشيرة إلى أنه على الرغم من جميع مراسيم العفو ما زال هناك قرابة 131 ألف معتقل/ مختفٍ على خلفية الحراك الشعبي المعارض للنظام السوري.
قدم التقرير -الذي جاء في 15 صفحة- خلفية موجزة عن طبيعة إقرار العفو العام في الدستور السوري، وبأنه من اختصاص السلطة التشريعية، وأوردَ أنه يمنح لأشخاص لم يدرس أحد حالتهم، على خلاف العفو الخاص، وبالتالي فإن المشرع نادراً ما يصدر العفو العام، إلا أن بشار الأسد قد أصدر ما لا يقل عن ثمانية عشر عفواً عاماً، ما بين عفو شامل وعفو جزئي عن جرائم عسكرية منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011، وقد أدى هذا الإفراط الشديد في العفو إلى إطلاق سراح مرتكبي الجرائم، والمتطرفين، وإغراق المجتمع بهم وتجنيد بعضهم ضمن الميليشيات المحلية، وعلى الرغم من جميع تلك المراسيم فإنها لم تشمل المعتقلين السياسيين من معارضي النظام السوري، إلا في حالات نادرة جداً وذلك لإعطاء بعض المصداقية لها.
وقال التقرير إنَّ بشار الأسد قد أصدر مرسوم العفو الأخير رقم 13 لعام 2021 في 2 أيار قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية في 26 أيار، فيما يبدو أنه رغب أن يقدم للمجتمع شيئاً ما، في ظلِّ فشله المطبق طوال سنوات حكمه الماضية وبشكل خاص منذ عام 2011.
استعرض التقرير حصيلة حالات وحوادث الاعتقال والإفراج التي سجَّلها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ صدور المرسوم رقم 13 في 2/ أيار/ 2021 حتى 15/ تموز/ 2021، وميَّز ما بين حصيلة عمليات الإفراج المرتبطة بالعفو وغير المرتبطة به والتي كانت ضمن سياق انتهاء مدة الأحكام، وذكر أنه تم التَّحقق قدر الإمكان من تهمِ الذين أفرجَ عنهم منذ صدور هذا المرسوم، وأضاف أن حالات الإفراج الواردة فيه تعود للمعتقلين على خلفية سياسية، ولم يستعرض حالات الإفراج عن المحتجزين الجنائيين المتهمين بالسرقة أو التزوير وما يُشابهها. ولا تشمل حصيلة الإفراجات الواردة فيه هذا التقرير حصيلة المعتقلين الذين أفرج عنهم ضمن عمليات اتفاقات المصالحة التي يجريها النظام السوري في محافظتي ريف دمشق ودرعا.
واستندَ التقرير على التواصل المباشر والأولي مع قسم كبير من الأهالي، إضافة إلى التواصل مع عدد من المعتقلين الذين أفرج عنهم، كما اعتمد على المعلومات التي تم الحصول عليها عبر التواصل مع المعتقلين الذين لا يزالون قيد الاعتقال في السجون المدنية في المحافظات السورية، وبشكل خاص في سجن حماة المركزي وسجن حمص المركزي وسجن عدرا المركزي، وسجن السويداء المركزي، ومحاميهم وذويهم، وفي هذا السياق أوردَ التقرير سبع شهادات.
كما تحدث التقرير عن شبكات المصالح التي أنشأها النظام السوري بهدف التكسب والارتزاق على حساب معاناة المختفين قسرياً لديه، والتي تتكون من ضباط، قضاة، محامون، سماسرة، عناصر أمن، ميليشيات محلية، وتجمع هؤلاء صلتهم مع الأفرع الأمنية ومحكمة الميدان العسكرية الشاذة، ومحكمة الإرهاب الشاذة، وقال إنَّ هذه الشبكات تنشط على نحوٍ كبير عقب أو قبيل إصدار كل مرسوم للعفو، وفي هذا السياق رصدَ التقرير في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 92 عملية ابتزاز لأهالي معتقلين محتجزينَ ضمن السجون المركزية من قبل شبكات الاستغلال مقابل تقديم وعود بتشميل أبنائهم المعتقلين في العفو وإصدار قرارات إخلاء سبيل لهم. وقدَّر أن عدد عمليات الابتزاز المالي التي حدثت منذ صدور مرسوم العفو رقم 13 أكثر بعشرة أضعاف من تلك التي تمكَّن من رصدها. وقال إنه في معظم الأحوال لا تحصل العائلات على أيٍّ من الوعود التي قدمت لها لقاء دفعها للأموال، وكل ذلك يجري في ظلِّ غياب كامل لسلطة قضائية حقيقية؛ نظراً لممارسات النظام السوري في تفريغ دورها والسيطرة عليها من أجل خلق هذه الحالة من الفساد والفوضى والمعاناة.
أوردَ التقرير تعقيباً على المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 2021، والذي يقضي بمنح عفوٍ عام عن مرتكبي الجنح، والمخالفات، والجنايات قبل تاريخ صدوره. وقال إنه تضمَّن عفواً واسعاً شمل طيفاً كبيراً من جرائم الجنح والجنايات ويشمل العفو كامل العقوبة في الجنح والمخالفات وتدابير الإصلاح والرعاية للأحداث والفرار الداخلي والخارجي ونسباً من العقوبات الجنائية المؤقتة وجرائم الأحداث وجرائم أخرى، وقدَّم التقرير تحليلاً للمواد ذات الصلة بمعتقلي الرأي وانعكاسها على أوضاعهم القانونية ومراقبة تطبيقها من قبل المحاكم التي يخضعون لها. موضحاً أن هذه الجرائم عادة ما يقوم النظام السوري بإدراجها في معظم مراسيم العفو الصادرة عنه، كما أنه من المعتاد أن يتهم بها الغالبية العظمى من المعتقلين لديه بشكل تلقائي لدى اعتقالهم، إضافة إلى جرائم أخرى ذات عقوبات أشد لا يتم تشميلها بمراسيم العفو، وهذا وفقاً للتقرير أحد الأسباب الرئيسة وراء عدم إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي بموجب مراسيم العفو، كون النظام السوري يوجِّه إليهم ترسانة من التُّهم جملة واحدة، فإذا نصَّ العفو على البعض منها فإنه لا يشمل القسم الآخر، وهكذا فإن مراسيم العفو هي عبارة عن خداع وتضليل، وتهدف بشكل رئيس إلى إطلاق سراح المجرمين وإبقاء المعتقلين الذين يخضعون للمحاكمات حتى انتهاء أحكامهم.
سجَّل التقرير إفراج النظام السوري عن ما لا يقل عن 81 شخصاً بينهم 17 سيدة من المدنيين والإعلاميين والموظفين الحكوميين والمحامين والطلاب الجامعيين، بموجب المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 2021 منذ صدوره حتى 15/ تموز/ 2021 تراوحت مدة اعتقال معظمهم ما بين شهرين إلى ستة أشهر. وكانت قد وجهت إلى معظم المفرج عنهم تهمتي إضعاف الشعور القومي ونشر أنباء من شأنها أن توهن نفسية الأمة.
طبقاً للتقرير فإن قوات النظام السوري لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي؛ وفي هذا السياق أكد أن النظام السوري اعتقل أكثر ممن أفرج عنهم سواء بموجب مرسوم العفو 13، أو ممن انتهت مدة أحكامهم مجتمعين، حيث سجل التقرير في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 176 حالة اعتقال بينهم 5 طفلاً و2 سيدة. كما وثق التقرير ما لا يقل عن 63 شخصاً بينهم 2 طفلاً و1 سيدة، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، تزامن الإفراج عنهم بعد صدور المرسوم ولم يفرج عنهم بموجبه وإنما بعد انتهاء أحكامهم التي يعتبرها تعسفية، ووفقاً للتقرير فقد قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مدة وسطية تتراوح ما بين عام واحد وتسعة أعوام ضمن ظروف احتجاز غاية في السوء من ناحية ممارسات التعذيب، وشبه انعدام في الرعاية الصحية والطبية، والاكتظاظ الشديد في مراكز الاحتجاز، وكانوا قد اعتقلوا دون توضيح الأسباب وبدون مذكرة اعتقال.
أكد التقرير أن النظام السوري أجبر المعتقلين على الاعتراف بأفعال لم يرتكبوها، ثم حاكمهم بناءً على تلك الاعترافات، ثم قام بإصدار عفو جزئي عنها، وهذه دائرة مصنوعة تهدف إلى ابتزاز المعتقلين وذويهم، وزيادة معاناتهم، وتُشكِّل انتهاكاً لأبسط مبادئ حقوق الإنسان.
وقال إن المرسوم رقم 13/ 2021 لم يشمل المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي ونشطاء الحراك الشعبي، وطال أحكام التُّهم التي كانت توجَّه بشكل تلقائي للغالبية العظمى من المعتقلين، ويتم تضمينها في كل عفو وبالتالي فقد شملت هذه التهم المعتقلين بمراسيم سابقة ومع ذلك لم يطلق سراحهم لوجود تهم أخرى يحاكمون بموجبها، وهذا تكتيك مقصود من قبل النظام السوري لتضليل الرأي العام.
وأشار إلى انعدام وجود آلية واضحة لطرق اختيار المعتقلين ممن شملهم العفو وإطلاق سراحهم، فضلاً عن عدم تشميل المعتقلين المحتجزين في الأفرع الأمنية ومراكز الاحتجاز غير الرسمية، والذين لم توجَّه لهم أية تهم ولا يخضعون لأية محاكمات منذ سنوات.
وقال إن مرسوم العفو يُشكل فرصة جديدة للأجهزة الأمنية لكسب مزيد من الأموال على حساب معاناة أهالي المعتقلين.
طالب التقرير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بعدم الانخداع بحيلِ النظام السوري ومتابعة الضغط المستمر عليه للإفراج عن النشطاء السياسيين والحقوقيين والمتظاهرين وكل المعارضين بشكل سلمي وديمقراطي. والقيام بكل ما هو متاح بدءاً من العقوبات ووصولاً إلى التهديد العسكري من أجل السماح للمنظمات الدولية بالدخول إلى مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري والكشف عما يتعرض له المعتقلون من أساليب تعذيب وبذل كل جهد ممكن لإطلاق سراحهم.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…