توثيق مقتل 3353 مدنياً بينهم 889 طفلاً بسبب الألغام المضادة للأفراد في سوريا منذ عام 2011 حتى الآن
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام إنَّها وثقت انتشار الألغام الأرضية ضمن مساحات واسعة في سوريا مما يهدد حياة الملايين، وعرضت خرائط لمناطق انتشار الألغام في العديد من المحافظات السورية، وأشارت إلى توثيق مقتل 3353 مدنياً بينهم 889 طفلاً بسبب الألغام المضادة للأفراد في سوريا منذ عام 2011 حتى الآن.
عرَّف التقرير -الذي جاء في 32 صفحة- الألغام الأرضية المضادة للأفراد بأنها ذخيرة صُمِّمت لتوضع تحت الأرض أو فوقها، ثم لتنفجر بسبب وجود اقتراب أو تماس شخص أو مركبة بها، ووفقاً لهذا التعريف تعدُّ مخلفات الذخائر العنقودية غير المنفجرة جزءاً من الألغام الأرضية المضادة للأفراد، وهي تنتشر على مساحات واسعة في العديد من المحافظات السورية؛ مما يجعلها خطراً على حياة الأجيال القادمة في سوريا. وعرض التقرير بعض جوانب استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في سوريا، وما خلفته من خسائر بشرية وإصابات، وأشار إلى مواقع العديد من المناطق التي سجل فيها حوادث انفجار ألغام أرضية تسببت في مقتل مدنيين، إضافةً إلى مواقع انتشار مخلفات الذخائر العنقودية؛ كي يتم تجنبها من قبل السكان المحليين.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“استغرق تحديد المواقع التي تتواجد فيها حقول الألغام في سوريا جهداً كبيراً، ونأمل أن يتم الاستفادة من الخرائط التي عرضناها في التقرير كي يتجنب السكان التواجد أو العمل في هذه الأراضي، وأن تقوم القوى المسيطرة بتسييج هذه الأراضي، والعمل بشكلٍ جدي على إزالة الألغام منها، وأن تهتم الدول المانحة بهذه القضية الخطيرة”.
وفقاً للتقرير فقد استخدم النظام السوري الألغام قبل عام 2011، ولكنَّ استخدامها تضاعف بعد الحراك الشعبي في آذار/ 2011 والذي تحول إلى نزاع مسلح داخلي، وقد قام النظام السوري منذ نهاية عام 2011 بزراعة ألغام على طول الحدود مع لبنان وتركيا. كما أن العديد من أطراف النزاع والقوى المسيطرة قد استخدمت الألغام الأرضية المضادة للأفراد، أما مخلفات الذخائر العنقودية فقد سجل استخدام الذخائر العنقودية من قبل جهتين فقط هما النظام السوري والقوات الروسية. وفي هذا السياق ذكر التقرير أنه غالباً لا يتمكن من معرفة الجهة التي قامت بزراعة الألغام وبالتالي تحميلها مسؤولية القتل أو الإصابة، ويعود ذلك إلى صعوبات وتحديات عدة، من أبرزها أن غالبية أطراف النزاع تستخدم هذا النوع من السلاح، وتعدد أطراف النزاع والقوى التي سيطرت على المناطق التي تقع فيها حقول الألغام، ولم تكشف أيٌّ من أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام. فيما أسند المسؤولية في حوادث القتل أو الإصابة إثر انفجار مخلفات الذخائر العنقودية إلى قوات الحلف السوري الروسي، واستعرض أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه تحديد مسؤولية أحدهما عن هذه الحوادث.
استند التقرير بشكلٍ أساسي على قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، واتبع منهجاً مركباً قائم أساساً على المنهج الإحصائي، وقدم تحليلاً للبيانات، بالاعتماد على التحليل الإحصائي. كما اعتمد المنهج الوصفي التاريخي لعرض سياق موجز عن استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في سوريا على خلفية النزاع. والمنهج الوصفي التحليلي لتقديم خرائط تعكس رقعة المساحات التي يعتقد بانتشار ألغام أو حقول ألغام ضمنها، إضافةً إلى خرائط تظهر رقعة المساحات التي شهدت انتشار ذخائر عنقودية، وبالتالي فهي ما زالت ملوثةً بالألغام الأرضية المضادة للأفراد، والتي تشكل تهديداً حقيقياً على حياة السكان.
أوضح التقرير أن سهولة تصنيع الألغام وكلفتها المنخفضة مكَّنت بقية أطراف النزاع من استخدامها على نحوٍ واسع ودون اكتراث بالإعلان عن مواقعها أو إزالتها، ويظهر ذلك جلياً في المحافظات التي شهدت اشتباكات وتغيراً في مواقع السيطرة. وفي سياق متصل عرض التقرير نماذج عن أبرز أنماط الألغام الأرضية بما فيها مخلفات الذخائر العنقودية التي تمكن من رصد استخدامها في سوريا على خلفية النزاع.
قدَّم التقرير خرائط تقريبية توضح مناطق من المرجح أنها ملوثة بالألغام الأرضية المضادة للأفراد في العديد من المحافظات السورية؛ وهذا يعني امتداد خطرها لعقود طويلة وتهديدها لحياة وتنقُّل المواطنين السوريين وبشكل خاص الأطفال منهم. وأكد أنَّها تعبر عن الحد الأدنى من الانتشار، مشيراً إلى تحديات عديدة واجهت فريق العمل في أثناء إعدادها، جميعها تؤثر بشكل أو بآخر على المساحات التي تمكن من تحديدها.
سجل التقرير منذ آذار 2011 حتى 4/ نيسان/ 2023، مقتل ما لا يقل عن 3353 مدنياً بينهم 889 طفلاً، و335 سيدة (أنثى بالغة)، و8 من الكوادر الطبية، و7 من كوادر الدفاع المدني، و9 من الكوادر الإعلامية، قتلوا عبر المئات من حوادث انفجار الألغام الأرضية المضادة للأفراد في سوريا يتوزعون إلى:
– 2971 مدنياً بينهم 756 طفلاً، 304 سيدة (أنثى بالغة)، و8 من الكوادر الطبية، و7 من كوادر الدفاع المدني، و9 من الكوادر الإعلامية قتلوا عبر المئات من حوادث انفجار الألغام الأرضية في مختلف المحافظات السورية.
– 382 مدنياً بينهم 124 طفلاً و31 سيدة قتلوا على يد قوات الحلف السوري الروسي، إثر انفجار مخلفات ذخائر عنقودية تعود إلى هجمات بذخائر عنقودية شنتها قوات النظام السوري والقوات الروسية منذ أول استخدام موثق لهذا السلاح في تموز/ 2012 حتى 4/ نيسان/ 2023.
وعرض رسوماً بيانية تظهر المؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا وتوزعها تبعاً للأعوام وبحسب المحافظات السورية.
وطبقا للتقرير فإن الألغام تسببت في تشويه المدنيين وتحقيق إصابات بليغة في صفوفهم، وعلى الرَّغم من صعوبة تحديد حصيلة الجرحى الذين أُصيبوا نتيجة انفجار الألغام الأرضية إلا أن تقديرات التقرير تشير إلى أن ما لا يقل عن 10400 مدني تعرَّضوا للإصابة، عدد كبير منهم تعرَّض لبتر في الأطراف ويحتاجون أطرافاً صناعية وسلسلة من عمليات إعادة التَّأهيل والدَّعم.
وأكد التقرير أن الألغام تُشكِّل عائقاً كبيراً أمام عمل النازحين، وكذلك أمام عودتهم، وتعيق حركة عمال الإغاثة والدفاع المدني وآلياتهم، وتُشكِّل خطراً على عملية إعادة الإعمار والتنمية.
استنتج التقرير أنّ استمرار سقوط الضحايا والمصابين بسبب الألغام يؤكد على مدى انتشار ظاهرة استخدام الألغام من قبل مختلف أطراف النزاع في سوريا، كما يُظهر أنَّ هناك العديد من المناطق المزروعة بالألغام والتي لم تُكتشف حتى الآن. وأضاف أن الألغام سلاح عشوائي وعديم التمييز ومحظور بموجب القانون الدولي، ويهدف إلى بثِّ الرعب والإرهاب.
وحمل التقرير مجلس الأمن الدولي المسؤولية الرئيسة عن حالة عدم الأمان في سوريا؛ نظراً لفشله الفظيع في حماية المدنيين على مدى اثنا عشر عاماً، والإخفاق في تحقيق عملية انتقال سياسي حتى الآن.
أوصى التقرير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بزيادة المساعدات اللوجستية للمنظمات المحلية والشرطة المحلية العاملة في مجال الكشف عن الألغام وتفكيكها. وتخصيص مبلغ معتبر لإزالة الألغام التي خلفها النزاع السوري من صندوق الأمم المتحدة المخصص للمساعدة في إزالة الألغام، وبشكل خاص في المناطق المستعدة للقيام بهذه المهمة بشفافية ونزاهة. كما طالب بالبدء في تعويض الضحايا وذويهم، والتركيز على عملية العلاج النفسي للناجين.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…