كل سنة تقتل “مخلفات الحرب القابلة للانفجار” أعداداً كبيرة من المدنيين أو تصيبهم بجروح. وهذه المخلفات هي الأسلحة غير المنفجرة التي تترك بعد نـزاع مسلح، مثل قذائف المدفعية والهاون والقنابل اليدوية والقنابل والصواريخ. وقد اعتمد المجتمع الدولي عام 2003 معاهدة للمساعدة على الحد من المعاناة الإنسانية الناجمة عن مخلفات الحرب القابلة للانفجار وتقديم مساعدة سريعة إلى المجتمعات المحلية المتضررة.
عندما ينتهي نـزاع مسلح، تكون ساحات المعركة في أغلب الأحيان مزروعة ببقايا قابلة للانفجار. ولا يزال الكثير من هذه البقايا خطيراً، لاسيما مخزونات الأسلحة التي تركها المقاتلون والذخائر القابلة للانفجار التي أطلقت لكن أخفقت في الانفجار كما كان مخططاً لها.
ويشكل وجود هذه الأسلحة خطراً مستمرا بالنسبة إلى المدنيين والمجتمعات المحلية في البلدان المتضررة بالحرب. فالعديد من المدنيين الأبرياء يفقدون أرواحهم أو أحد أطرافهم عند تحريكهم مخلفات الحرب القابلة للانفجار أو ملامستهم إياها سهواً. ويمكن أيضا لهذه الأسلحة أن تعيق جهود إعادة الإعمار وتهدد مصادر الرزق. ولا يمكن بناء المنازل والمستشفيات والمدارس حتى تُزال هذه الأسلحة، كما لا يمكن زراعة الأراضي الملوثة.
ولا تملك المجتمعات المحلية في غالب الأحيان أية سبل لمعالجة المشكلة بنفسها، فمعظمها يفتقر إلى القدرة التقنية أو الموارد اللازمة لإزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار بصورة آمنة، وثمة عدد محدود منها يملك الموارد اللازمة لتلبية احتياجات الضحايا النفسية والطبية وتلك الخاصة بإعادة التأهيل.
وتوجد اليوم، في مختلف أنحاء العالم، الملايين من مخلفات الحرب القابلة للانفجار التي يعاني منها أكثر من 80 بلدا. ويواجه بعضها هذه المشكلة منذ عقود. فبولندا، على سبيل المثال، أزالت قرابة 100 مليون ذخيرة متبقية من الحربين العالميتين. وفي لاو، التي شهدت انتهاء الحروب في الهند الصينية عام 1975، لا زال هناك عشرات الملايين من مخلفات الحرب القابلة للانفجار التي يتعين إزالتها. وخلفت أيضا النـزاعات التي جرت مؤخرا، كما في أفغانستان والعراق والسودان، كميات كبيرة من مخلفات الحرب القابلة للانفجار.
واتخذت الدول تدابير مهمة من أجل وضع حد للمعاناة البشرية التي تسببها مخلفات الحرب القابلة للانفجار وتوفير المساعدة للمجتمعات المحلية المتضررة. ويشكل البروتوكول بشأن مخلفات الحرب القابلة للانفجار الذي اعتمدته، في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، الدول الأطراف في اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة لعام 1980، تقدماً بارزا في الجهود المبذولة من أجل وضع حد للمعاناة الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة والذخائر المتروكة في الميدان.
ويدعو البروتوكول كل طرف من أطراف النـزاع إلى إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار من الأراضي الخاضعة لسيطرته بعد توقف العمليات العدائية. كما يطلب من كل الأطراف تقديم المساعدة التقنية والمادية والمالية لإزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار التي أسفرت عنها عملياتها في مناطق لا تخضع لسيطرتها.
ولما كانت إزالة هذه الأسلحة قد تستغرق سنوات عديدة، وجب اتخاذ إجراءات، مثل وضع العلامات والتسييج وتوعية السكان المحليين بالمخاطر، وذلك للمساعدة على حماية المدنيين. ويطلب أيضا من كل البلدان القادرة على تقديم المساعدة لتوفير الرعاية وإعادة التأهيل للضحايا أن تساهم في ذلك.
وتسهيلا لهذه الأنشطة، يدعو البروتوكول أطراف النـزاع إلى تسجيل المعلومات عن الذخائر التي استخدمتها خلال النـزاع وتبادل تلك المعلومات مع الأطراف الأخرى ومع المنظمات المعنية بإزالة الذخائر عند انتهاء القتال. وقد أدى الافتقار إلى المعلومات في غالب الأحيان إلى إبطاء وتيرة الجهود التي بذلت في الماضي لمعالجة مخلفات الحرب القابلة للانفجار.
ويشكل البروتوكول إنجازاً بارزا ويوفر إطار عمل مهما لتيسير معالجة سريعة لوجود هذه الأسلحة. وسيؤدي انضمام جميع الحكومات إلى البروتوكول والتنفيذ الكامل لأحكامه إلى تعزيز حماية المدنيين على نحو كبير.