أولاً: المقدمة:
تواجه الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحديات إضافية في عمليات توثيق المعتقلين اليومية والمستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن، ومن أبرزها خوف كثير من الأهالي من التعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم، حتى لو كان بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يعرضهم لمزيد من الخطر والتعذيب، بدلاً من ذلك تبدأ المفاوضات مع الجهات الأمنية التي غالباً ما تقوم بعملية ابتزاز للأهالي قد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات، وعلى الرغم من امتلاك الشبكة السورية لحقوق الإنسان قوائم تتجاوز الـ 117 ألف شخص بينهم نساء وأطفال، إلا أننا نؤكد أن تقديراتنا تشير إلى أن أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم لدى القوات الحكومية بشكل رئيس.
ومما رسّخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، هو عدم تمكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، (بمن فيهم من انتهت محكومياتهم)، حتى لو كان معتقل رأي، بل إن حالات الإفراج تم معظمها ضمن صفقات تبادل مع المعارضة المسلحة.
كما تُنكر الحكومة السورية قيامها بعمليات الخطف أو الاعتقال، وذلك عند سؤال الأهالي عن أبنائهم المحتجزين من قبل القوات الحكومية، وتحصل الشبكة السورية لحقوق الإنسان على معظم المعلومات من محتجزين سابقين.
جميع المعتقلين الموثقين لشهر كانون الثاني تم إلقاء القبض عليهم دون أي مذكرة اعتقال، وهذا الأمر أصبح مسلم به ومنهجي في 99.9 % من حالات الاعتقال التي تقوم بها القوات الحكومية بمختلف تصنيفاتها (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الأجنبية)، وعلى مدار لقاءاتنا مع آلاف المعتقلين منذ عام 2011 وحتى الآن لم نسمع بحادثة اعتقال واحدة تمت بمذكرة اعتقال أو حتى تبرير، بل إن أغلبها تأخذ طابع خلع الأبواب والاعتقال من داخل غرف النوم في المنازل، أو عبر الحواجز في الطرقات، ويبدو لنا أن السلطات الحاكمة تتعمد فعل ذلك كي لا تبقي دليلاً يُشير إلى مسؤوليتها عن عمليات الاعتقال تلك وما تبعها من تعذيب وعنف جنسي وقتل خارج نطاق القانون وغير ذلك.