الشبكة السورية لحقوق الإنسان تُجدِّد دعوتها لفصائل المعارضة المنضوية في هيئة تحرير الشام بضرورة الانسحاب منها
دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فصائل المعارضة المنضوية في هيئة تحرير الشام بضرورة الانسحاب منها، عبر تقرير وثقت فيه انتهاكات هيئة تحرير الشام في اقتحام مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي في 8/ حزيران/ 2017
واعتبرَ التَّقرير أنَّ إعلان تنظيم جبهة النصرة انفكاكها عن تنظيم القاعدة نهاية تموز/ 2016 وتغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام لا يُعدُّ صكَّ براءة بل على العكس فقد يتوجَّه فرع القاعدة لأن يُصبح أكثر تشدُّداً وتوحشاً، فتنظيم داعش هو أيضاً قد أعلن عن فكِّ ارتباطه عن القاعدة.
وأشار التقرير إلى أنَّ تصرفات جبهة فتح الشام بعد إعلانها الانفصال عن القاعدة لم تتغير نحو الاعتدال والتعددية بل برهنت أنها مازالت مُتمسكة بآيديولوجيتها السلفية الجهادية، وبالتالي فقد فشلت فشلاً ساحقاً في كسب أي تأييد أو شرعية من المجتمع السوري، فمن نافلة القول أن نُشير إلى أي تغيير في استهدافها من قِبَلِ المجتمع الدولي.
وجاء في التقرير أن جبهة فتح الشام حاولت الاندماج مع عدة فصائل محلية، بهدف كسب شعبية محلية ودولية وبعد فشلها شنت حملات واسعة ضد فصائل في المعارضة المسلحة في محافظتي حلب وإدلب، ثم اتجهت للإعلان عن تشكيل هيئة تحرير الشام وهي تحالف بين جبهة فتح الشام، وفصيل أنصار الدين الذي يُعدُّ من التنظيمات الإسلامية المتشددة، وعدد من فصائل في المعارضة المسلحة (كتائب نور الدين الزنكي، جيش السُّنة ومجموعات انفصلت عن فصائل المعارضة المسلحة وانضمت لها كـ مجاهدو أشداء، كتيبة صقور العز، كتيبة أسود الرحمن، لواء أحرار الجبل( في 28/ كانون الثاني/ 2017.
وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد دعت الفصائل التي انضمت إلى جبهة فتح الشام للانفكاك عنها عبر بيان أصدرته بعد سبعة أيام من إعلان تشكيل هيئة تحرير الشام مُعتبرة أنَّ كلَّ من ينضم إلى جبهة النصرة أو القاعدة أو أي فصيل مُصنَّف على قوائم الإرهاب، سيُعتبر داعماً له، وسيتمُّ استهداف الجميع على السوية ذاتها، وأكَّد التقرير أنَّ محاولة جبهة النصرة الشكلية الخروج من القاعدة لن تنجح ما لم تغيير آيديولوجيتها، حتى لو انضمَّ إليها عدد من الفصائل، ونجحت بالسيطرة على بعض آخر منها، بل العكس تماماً هو ماحصل وسيحصل، فسوف تُغرِقُ جبهة النصرة جميع هذه الفصائل معها في الظلام والعدمية والاستهداف.
استند التقرير على التَّحدث مع ناجين من الهجمات ومع أشخاص شاركوا في التظاهرات التي اندلعت ضد هيئة تحرير الشام في مدينة معرة النعمان واستعرض روايتين منها، إضافة إلى تحليل الصور والمقاطع المصورة.
وأشار التقرير إلى أنَّ هجوم حزيران لم يكن الأول؛ فقد جرت اشتباكات عنيفة داخل مدينة معرة النعمان بين الفرقة 13 وهي أحد فصائل المعارضة المسلحة وتنظيم جبهة فتح الشام -الذي كان يطلق عليه تنظيم جبهة النصرة – في يومي 11 و12/ آذار/ 2016 قتلَ فيها تنظيم جبهة فتح الشام ما لايقل عن 60 مقاتلاً من الفرقة 13 إضافة إلى شنِّ هجمات تستهدف مقرات الفرقة في عدة بلدات بريف إدلب، ثم أجبر الضغط الشعبي تنظيم جبهة فتح الشام على الانسحاب من مدينة معرة النعمان في 13/ آذار/ 2016.
بحسب التقرير فقد شنَّت هيئة تحرير الشام هجوماً مُسلحاً على مدينة معرة النعمان بريف محافظة إدلب الجنوبي نحو الساعة19:30 من يوم الخميس 8/ حزيران/ 2017، تحت ذريعة مقتل والد أحد أمنيي هيئة تحرير الشام في المدينة، حيث اتهمت الفرقة 13 بقتله، استمرت الاشتباكات حتى صباح يوم الجمعة 9/ حزيران، وأشار التقرير إلى أن الاشتباكات تركزت في الحارة الشمالية، ومزارع قرية كفر روما المجاورة لمدينة معرة النعمان، وامتدت إلى نواحي متفرقة في أحياء عدة من مدينة معرة النعمان.
وذكر التقرير أن هيئة تحرير الشام اقتحمت مقرات الفرقة 13 وسيطرت عليها، ولاحقت عناصرها، وداهمت منازل جميع من تعتقد أنهم ينتسبون إليها، وأطلقت الرصاص داخلها، وقتلت عدداً منهم كالعقيد تيسير سماحي أحد قياديي الفرقة 13 ورئيس مركز الشرطة في المدينة، ونشرت عناصرها في جوامع المدينة وشوارعها.
كما استعرض التقرير أبرز المراكز الحيوية والمدنية التي قامت هيئة تحرير الشام بالاعتداء عليها ومصادرة ممتلكاتها بعد هجومها على مدينة معرة النعمان كمبنى كلية التربية والمجمع التربوي.
ونوَّه التقرير إلى انسحاب هيئة تحرير الشام من مدينة معرة النعمان يوم الأحد 11/ حزيران/ 2017 بعد اجتماع مع وجهاء المدينة وعقب استمرار مظاهرات المدنيين المطالبة بخروجها، ومنعاً للتصعيد.
أوصى التقرير المجتمع الدولي بعدم اتخاذ وضع المتفرج أمام مئات آلاف الجرائم التي قام بها النظام السوري بمختلف أصناف الأسلحة، والكثير منها حمل صبغة تطهير طائفي، لأن ذلك من أهم مرتكزات الخطاب الإعلامي للتنظيمات المتشددة التي تدَّعي حماية الشعب والمجتمع السوري من النظام السوري.
وشدَّد على ضرورة عدم الاكتفاء بخيار القوة والقتل في تفكيك التنظيمات المتشددة كخيار مركزي شبه وحيد، والتوقف عن استباحة الانتهاكات التي تقع ضدهم وضد حواضنهم الشعبية، مهما بلغت من مخالفتها للقانون الدولي الإنساني.
فيما أوصى فصائل المعارضة المسلحة بوجوب سرعة الانفكاك عن هيئة تحرير الشام وفضح ممارساتها لأن تنظيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) يعتبر المكون الرئيس لهيئة تحرير الشام والقيادي الفعلي لعملياتها، وإن تكرار اقتحام مدينة معرة النعمان، ومحاولة إنهاء كافة الفصائل للوصول إلى ثنائية، هيئة تحرير الشام – النظام السوري، يثبت أن شيئاً من آيديوجيتها لم يختلف.
وحثَّ التقرير فصائل المعارضة المسلحة بوجوب تنظيم حملات توعوية بفكر التنظيمات المتطرفة، وكيفية اختراقها للمجتمعات وتجنيدها للمقاتلين الشباب، بالتوازي مع ورشات عن ضرورة احترام حقوق الإنسان الأساسية، والدفاع عنها.
وأخيراً دعى التقرير هيئة تحرير الشام بالتوقف الفوري عن إثارة حالة الفوضى والاقتتال والاحتقان الاجتماعي واحترام حقوق الإنسان الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها.