جميع الهجمات في دمشق والغوطة الشرقية
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السابع والعشرين فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وثّقت فيه 5 هجمات بعد هجوم خان شيخون الكيميائي جميعها كانت في دمشق وريفها.
أشار التقرير إلى أنَّ مُنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أصدرت تقريرها في 29/ حزيران/ 2017 وقد أكّدت فيه استخدام غاز السارين في هجوم خان شيخون الكيميائي، دونَ أن تُسنِدَ المسؤولية إلى أية جهة، وباتَ أمر التَّحقيق في مسؤولية ارتكاب هذا الهجوم على عاتق آلية التحقيق المشترك التي انبثقت عن قرار مجلس الأمن رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015.
وأوضحَ التقرير أن النظام السوري لم يتوقف عن استخدام الأسلحة الكيميائية بعد قصف الإدارة الأمريكية مطارَ الشعيرات العسكري وهو القاعدة التي أقلعت منها الطائرات المسؤولة عن هجوم خان شيخون، لكنَّه بات يُنفِّذ هجمات أصغر لا تُخلِّف عدداً واسعاً من الضحايا والجرحى قد يُحرِج صنَّاع القرار ويدفعهم إلى التَّحرك.
وبحسب التقرير فقد تم تسجيل ما لايقل عن 5 هجمات بالغازات السامة بعد هجوم خان شيخون في 4/ نيسان /2017، معظمها استخدم فيها قنابل يدوية مُحمَّلة بغاز يُعتقد أنه الكلور، في إطار التَّقدم العسكري على جبهات يسعى النظام السوري لانتزاع السيطرة عليها من فصائل المعارضة المسلحة.
ووفقَ التَّقرير فقد بلغت حصيلة الهجمات الكيميائية منذ آذار/ 2011 حتى 31/ تموز/ 2017، ما لايقل عن 207 هجمة، 33 منها قبل صدور القرار رقم 2118 في 27/ أيلول/ 2013، و174 هجمة بعد القرار ذاته، كانت 105 منها بعد القرار رقم 2209 الصادر في 6/ آذار/ 2015، و49 هجمة بعد القرار رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015.
وأشار التقرير إلى أنَّ تلك الهجمات قد تسببت في مقتل ما لايقل عن 1420 شخصاً، يتوزعون إلى 1356 مدنياً، بينهم 186 طفلاً، و244 سيدة (أنثى بالغة)، و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في أحد سجون المعارضة. كما بلغ عدد المصابين ما لايقل عن 6672 شخصاً.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “تجاوزَ النظام السوري جميع الخطوط الحمراء، والتحذيرات التي وجهتها الإدارات الأمريكية، الحالية، وبشكل أسوأ في الإدارة السابقة، وتجاهل تحذيرات الرئيس الفرنسي، وخرقَ قرارات مجلس الأمن كافة على الرغم من أنها تُشير إلى البند السابع، وإنَّ العجز مجدداً عن ردعٍ حاسمٍ وجدي لهذه الانتهاكات، سوف يؤدي بدون أدنى شك إلى مزيد من التمادي والغطرسة”.
وذكر التقرير المنهجية العالية في التوثيق التي تم اعتمادها، والتي تتمُّ عبر عمليات المراقبة المستمرة، وعبر شبكة علاقات واسعة تم بناؤها بشكل تراكمي طيلة سنوات العمل، وأشار إلى أنه في ظلِّ المخاطر الأمنية المرتفعة جداً، وكثرة الحوادث اليومية، والإمكانات البشرية والمادية، لا يستطيع الباحث الوصول إلى موقع الحادثة في كثير من الهجمات، وعندها يتمُّ اعتماد روايات ناجينَ تعرّضوا للانتهاك مباشرة، ثم بدرجة ثانية روايات من شاهدَ أو مَنْ صوَّر الانتهاك، وثالثاً روايات كوادر طبية قامت بعلاج المصابين، ثم تقييمِ الأعراض، وذكر التقرير أنه يتمُّ تحليل الموادَّ المتوفرة في مصادر مفتوحة كشبكة الإنترنت ووسائط الإعلام، إضافة إلى البحث ومحاولة معرفة تفاصيل الموقع الجغرافي ودرجة الحرارة، وسرعة واتجاه الرياح وقت الحادثة.
استعرض التقرير 4 هجمات بالأسلحة الكيميائية على جبهات حي جوبر وبلدات زملكا وعين ترما منذ منتصف حزيران/ 2017 -وهو تاريخ بدء التصعيد العسكري لقوات النظام السوري في دمشق والغوطة الشرقية- حتى 31/ تموز/ 2017؛ تسببت في إصابة ما لايقل عن 27 شخصاً مُعظمهم من مقاتلي المعارضة المسلحة.
واعتمد التقرير على 6 شهادات جُمعت عبر حديث مباشر مع الشهود وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة. إضافة إلى تحليل مقاطع مصورة بثَّها ناشطون بعد الهجمات بمدة قصيرة، أظهرت مصابين يُعانون من أعراض اختناق وصعوبة في التَّنفس، وتشوُّش الرؤية، و وَهَنٍ في العضلات، كما أظهرت صور أخرى أعراضاً أُخرى كتضيُّقِ حدقتي العيَنين واحمرار في العينين مع حرقة، وجميع ذلك يتفاوت بحسب القرب والبعد عن المادة الكيميائية، وكمية التَّعرضِ لها.
أكَّد التقرير أنّ جميع المعلومات التي أوردها تُشكل مؤشراً على استخدام مُحتملٍ لمواد كيميائية سامة، ما يعني أنّ النظام السوري انتهك القانون الدولي الإنساني عبر استخدامه المتعمَّد والمتكرر للأسلحة الكيميائية، وهذا يُعتبر جريمة حرب، وإن استخدام غاز الكلور يُعتبر انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2209، و2235 جميعها، وللاتفاقية التي وقَّعتها الحكومة السورية بتاريخ 14/ أيلول/ 2013، التي تقضي بعدم استخدام الغازات السامة وتدميرها، وطالب التقرير كافة الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية، بإيجاد سبل لردع النظام السوري عن انتهاكه المتكرر لها، حيث أن جريمة القتل ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية بحسب المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي، فهي ومنذ آذار/ 2011 منهجية وواسعة النطاق أيضاً.
كما شدَّد التقرير على ضرورة توقف الحكومة الروسية عن استخدام الفيتو بهدف حماية النظام السوري المتورط بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وباستخدام الأسلحة الكيميائية. والتوقف عن منع إحالة الملف في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية.
كما أوصى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بضرورة دعم الآلية الدولية المحايدة المنشأة بقرار الجمعية العامة رقم 71/248 الصادر في 21/ كانون الأول/ 2016 وفتح محاكم الدول المحلية التي لديها مبدأ الولاية القضائية العالمية، وملاحقة واحدة من أخطر جرائم الحرب في هذا العصر، وهي استخدام الأسلحة الكيميائية.
وحثَّ التقرير لجنة التحقيق الدولية على المباشرة بالتحقيق في الحوادث التي وردت في التقرير والتي تم توثيقها سابقاً.
كما نوَّه التقرير إلى وجوب قيام مجلس حقوق الإنسان بتسليط الضوء بشكل أكبر على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية.
وشدَّد على ضرورة تزويد دول أصدقاء الشعب السوري المناطقَ المعرَّضة للقصف بالغازات السامة (في ظل عجز مجلس الأمن عن إيقاف الهجمات) بأقنعة واقية، وتُقدِّر الشبكة السورية لحقوق الإنسان احتياجات تلك المناطق بما لايقل عن 20 ألف قناعٍ واقٍ، إضافة إلى مُعدَّات لإزالة آثار التلوث الكيميائي.