مقتل ما لايقل عن 2286 مدنياً، بينهم 674 طفلاً و504 سيدة
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الثالث عشر بعنوان “الكُـــلْــــفَة الــدَّامــيــة” في الذكرى السنوية الثالثة لتدخل قوات التحالف الدولي في سوريا.
وجاء في التقرير أنَّ قوات التحالف الدولي بدأت حملتها العسكرية الموجهة ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا منذ 23/ أيلول/ 2014، وشنَّت في ذلك اليوم العديد من الغارات على مواقع في محافظة الرقة، كمطار الطبقة العسكري، واللواء 93 في بلدة عين عيسى، كما شنَّت غارات على مواقع لتنظيم جبهة النصرة في قرية كفردريان بريف إدلب الشمالي؛ وقد تسبَّب هذا الهجوم في مقتل 12 مدنياً، بينهم 5 أطفال، و5 سيدات.
وأشار التقرير إلى أنّ قوات التحالف الدولي استمرَّت في شنِّ هجماتها الجوية على مناطق تخضع لسيطرة تنظيم داعش، وتركَّزت هذه الغارات على محافظات حلب والرقة، ودير الزور، والحسكة، وبشكل أقلَّ على محافظات حمص وحماة، ولم تظهر في ذلك الوقت سمةُ اصطفاف علني في الهجمات إلى جانب أحد أطراف النزاع حتى نهاية عام 2015، حيث بدا جليّاً أنَّ قوات التحالف الدولي بدأت تدعم وبشكل صارخ قوات الإدارة الذاتية (المكونة بشكل رئيس من قوات الحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي – فرع حزب العمال الكردستاني) تحت مُبرِّر محاربتها تنظيمَ داعش.
أوضح التقرير أنَّ تركيز هجمات قوات التحالف الدولي كان واضحاً على المناطق الشرقية كالرقة وريف الحسكة ودير الزور، في حين أن مناطق كريفي حمص وحماة لم تشهد تكثيفاً مماثلاً للغارات الجوية على الرغم من سيطرة تنظيم داعش عليها؛ لأنها فيما يبدو لا تُشكِّل هدفاً، ولا وجودَ لقوات سوريا الديمقراطية فيها.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لم يُقنعنا العرض الذي قدَّمته القيادة المركزية الأمريكية في حزيران الماضي عن نتائج التحقيقات في حادث الهجوم على قرية الجنية، ولا أعتقد أنه أقنع أحداً، لابُدَّ من إجراء تحقيقات جديَّة، والتحدُّث مع ناجين أو شهود مباشرين، وأقرباء للضحايا، والاعتراف، والتأكيد على عدم تكرار الأخطاء التي يَنظر إليها المجتمع السوري في تلك المناطق على أنها مقصودة، بل هي مازالت تتكرر”.
واحتوى التقرير على 3 شهادات جُمعت عبر حديث مباشر مع الشهود وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة. إضافة إلى تحليل مقاطع مصورة وصور نُشرت عبر الإنترنت، أو أرسلها نشطاء محليون لفريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون موقع الهجمات وجثثَ الضحايا والمصابين وحجم الدمار الكبير الذي تسبَّب به القصف.
وقدَّم التقرير إحصائيات لما ارتكبته قوات التحالف الدولي منذ تدخلها في 23/ أيلول/ 2014 حتى 23/ أيلول/ 2017 حيث قتلت ما لايقل عن 2286 مدنياً، بينهم 674 طفلاً، و504 سيدة، كما ارتكبت ما لايقل عن 124 مجزرة، كما سجل التقرير ما لايقل عن 157 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية.
ونوَّه التقرير إلى تغيُّر النَّمط الذي اتَّبعته قوات التحالف الدولي منذ بدء هجماتها في أيلول/ 2014 بشكل كبير فقد اتَّسمت الهجمات التي نفَّذتها حتى نهاية عام 2015 بأنها محدَّدة ومركَّزة وأقلَّ تسبُّباً في وقوع ضحايا مدنيين في حين أنَّ الهجمات التي تم توثيقها في عامي 2016 و2017 كانت عشوائية وغير مبرَّرة وتسببت في وقوع مئات الضحايا المدنيين، ودمار كبير في المراكز الحيوية المدنية، حيث أوردَ التقرير تصنيفاً تضمَّن ثلاث مراحل كانت المرحلة الثالثة، -التي شملت المدة بين تشرين الثاني/ 2016 حتى 23/ أيلول/ 2017- الأكثر دموية، حيث بدا بشكل واضح استهتار قوات التحالف الدولي الكبير بمبادئ القانون العرفي الإنساني، ويُشير إلى ذلك حجم الخسائر البشرية غير المبرر في تلك المدة، فقد ارتكبت في المدة ذاتها عشرات المجازر والانتهاكات ولم تتوخَ الدِّقة في استهداف المقرات والمناطق العسكرية التابعة للتنظيم.
استعرض التقرير 38 حادثة استهدفت فيها قوات التحالف الدولي مناطق مدنية ومراكز حيوية مدنية، تسبَّب 21 منها في سقوط ضحايا مدنيين، ذلك في المدة الواقعة منذ 1/ تشرين الأول/ 2016 حتى 15/ أيلول/ 2017.
أكَّد التقرير أن عمليات القصف العشوائي الغير متناسب تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب كما ذكر أن الهجمات قد تسببت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضرر الكبير بالأعيان المدنية. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأن الضرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.
طالب التقرير قوات التحالف الدولي باحترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي العرفي، وبتحمل التَّبعات المترتبة عن هذه الانتهاكات كافة، وأن تحاول بأقصى ما يمكن تجنب تكرارها.
وحثَّ التقرير دول التحالف على أن تعترف بشكل صريح وواضح بأنَّ بعض عمليات القصف خلَّفت قتلى مدنيين أبرياء، ولا يفيد إنكار تلك الحكومات لأنَّ التقارير الحقوقية الموثقة وشهادات الأهالي تكشف ذلك بشكل واضح، وأن تحاول بدلاً عن الإنكار المسارعة في فتح تحقيقات جدية، والإسراع في عمليات تعويض الضحايا والمتضررين.
أوصى التقرير بضرورة حماية المدنيين من توحش النِّظام السوري والميليشيات المتطرفة المتحالفة معه، وفرض حظر جوي على الطائرات التي تلقي عشرات القنابل البرميلية يومياً، وذلك بالتوازي مع حماية المدنيين في سوريا من توحش تنظيم داعش.