النظام السوري يتفوَّق على جميع الأطراف بانتهاكاته بحق الكوادر الطبية
أولاً: المقدمة:
إنَّ قصف قوات النظام السوري بشكل مستمر ومنذ عام 2011 للمنشآت الطبية ومراكز الدفاع المدني، واستهداف أطراف النزاع المسلح وبشكل خاص قوات النظام السوري للكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني بعمليات القتل والاعتقال، يدلُّ على سياسة متعمَّدة تهدف إلى إيقاع المزيد من القتلى، وزيادة معاناة الجرحى من المدنيين والمسلَّحين.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن الهجمات على المراكز الطبية ومراكز الدفاع المدني، وعلى الكوادر الطبية أيضاً وكوادر الدفاع المدني، تًعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جريمة حرب من خلال الهجوم الفوضوي وفي كثير من الأحيان المُتعمَّد على الأعيان المشمولة بالحماية، لقد تسبب كل ذلك في آلام مضاعفة للجرحى والمصابين، وهو أحد الأسباب الرئيسة لتهجير الشعب السوري، عبر رسالة واضحة أنه لا توجد منطقة آمنة، أو خط أحمر، بما فيها المشافي، عليكم أن تهاجروا جميعاً أو تَفْنَوا”.
شهدت مدينة الأستانة عاصمة كازاخستان على مدار يومين (3 – 4/ أيار/ 2017) الجولة الرابعة من المفاوضات بين ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران كدولٍ راعيةٍ لاتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، واتفقت الدول الثلاث على إقامة أربع مناطق لخفض التَّصعيد على أن يدخل الاتفاق حيِّز التَّنفيذ في 6/ أيار/ 2017، حدَّد الاتفاق 4 مناطق رئيسة لخفض التصعيد في محافظة إدلب وماحولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، وشمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، على أن يتم رسم حدودها بدقة من قبل لجنة مُختصة في وقت لاحق. ويشمل الاتفاق وقف الأعمال القتالية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة الأهالي النازحين إلى تلك المناطق.
وأسفرت مباحثات واسعة بدأت في أيار/ 2017 في العاصمة الأردنية عمَّان بين كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والأردن، عن إعلان كل من الرئيسَين الأمريكي والروسي على هامش قمة دول الاقتصاديات العشرين الكبرى في هامبورغ التَّوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، على أن يدخل الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ عند الساعة 12:00 من يوم الأحد 9/ تموز/ 2017. نصّ اتفاق الجنوب السوري على السماح بدخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة (قوات النظام السوري وحلفاؤه من جهة، وفصائل في المعارضة المسلحة من جهة ثانية) على أن يقع أمن هذه المنطقة على عاتق القوات الروسية بالتِّنسيق مع الأمريكيين والأردنيين.
ثمّ عُقدت في تموز وآب 2017 اتفاقيات محلية أخرى، كاتفاق الغوطة الشرقية بين فصائل في المعارضة المسلحة فيها من جهة، وأفراد من الجانب الروسي من جهة ثانية، واتفاق مُشابه مع فصائل في المعارضة في ريف حمص الشمالي، لكنَّ هذه الاتفاقيات لم تُنشر نصوصها الرسمية على مواقع للحكومة الروسية، كما لم تنشرها فصائل المعارضة المسلحة، عدا فصيل فيلق الرحمن الذي نشر نصَّ الاتفاق على موقعه الرسمي، ووردَ في نهايته توقيع لضامن روسي لكن دون ذكر الاسم الصريح، وفي ذلك خلل كبير، ويبدو أنَّ كلَّ ذلك يساعد الطرف الضامن الروسي في سهولة التخلص من أي التزامات أو تبعات قانونية أو سياسية لاحقة.
يوم السبت 22/ تموز/ 2017 أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن توقيع اتفاق لخفض التَّصعيد في الغوطة الشرقية في ختام المفاوضات بين أفراد عسكريين روس من جهة، وبين فصيل جيش الإسلام من جهة ثانية، في العاصمة المصرية القاهرة، على أن يدخل الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ في الساعة 12:00 من اليوم ذاته. ويوم الأربعاء 16/ آب/ 2017 وقّع ممثل عن فيلق الرحمن وممثل عن الحكومة الروسية في مدينة جنيف اتفاقاً ينصُّ على انضمام فيلق الرحمن إلى منطقة خفض التَّصعيد في الغوطة الشرقية، على أن يدخل هذا الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ عند الساعة 21:00 من يوم الجمعة 18/ آب/ 2017.
الإثنين 31/ تموز/ 2017 في العاصمة المصرية القاهرة تمَّ توقيع اتفاق لخفض التَّصعيد في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي بين فصائل في المعارضة المسلحة في المنطقة والنظام السوري ممثلاً بالحكومة الروسية كطرف ضامن للنظام السوري على أن يدخل هذا الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ عند الساعة 12:00 من يوم الخميس 3/ آب/ 2017. وعقبَ دخول الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ انعقَدَ اجتماعان بين لجنة ممثلة للفعاليات العسكرية والمدنية في منطقتي ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي ومبعوث روسي في خيمة مُعدَّة للقاء في منطقة محايدة قرب معبر الدار الكبيرة في قرية الدار الكبيرة بريف محافظة حمص الشمالي؛ لمناقشة بنود اتِّفاق القاهرة لخفضِ الَّتصعيد، التي أبدت بعض فصائل المعارضة تحفُّظها عليها.
شملت أهمُّ بنود الاتفاقَين الأخيرين وقف جميع الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة في المناطق المذكورة -عدا المناطق التي يوجد فيها تنظيم داعش أو هيئة تحرير الشام- والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق والإفراجَ عن المعتقلين -مَحلَ اهتمام كُلِّ طَرَف-.