الرئيسيةالبياناتاضطهاد الدولة وحق الأقليات في تقرير المصير

اضطهاد الدولة وحق الأقليات في تقرير المصير

مشاركة

الإشتراك

أحدث المقالات

متاح بالـ

 
موجز عن الدراسة:
نشرت “قلمون: المجلة السورية للعلوم الإنسانية” المحكمة في العدد الثامن عشر منها دراسة للأستاذ فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان بعنوان “اضطهاد الدولة وحق الأقليات في تقرير المصير”، تناول فيها التطور القانوني الخاص بالأقليات في ظل هيئة الأمم المتحدة ومدى فاعليته، وخلصت الدراسة إلى مسؤولية الدولة الأساسية في حال مطالبة الأقليات فيها بحق تقرير المصير، وطالبت دول العالم باحترام حقوق الأقليات وتعزيزها لتجنب الاضطرابات والنزاعات والمطالبة بحق تقرير المصير.

ناقشت الدراسة -التي جاءت في 11 صفحة- مدى مسؤولية الحكومات عن مطالبة الأقليات في البلدان التي تحكمها بحق تقرير المصير، وقالت إن معالجة قضايا الأقليات وما يتعلق بها أمر غاية في الأهمية على صعيد القانون الدولي؛ لأن هذه القضية مرتبطة بعدة قضايا ومفاهيم بشكل حساس، مثل مفاهيم احترام الحريات وحقوق الإنسان، ومفهوم الدولة، والانفصال، وتقرير المصير، والسيادة، ووفقاً للدراسة لطالما تسبَّب التعامل الخاطئ مع الأقليات في حدوث نزاعات، وتدخلات إقليمية ودولية، وتوظيف للأقليات داخل الدولة، وحروب داخلية ودولية، وبالتالي تهديد للأمن والسلم المحلي والإقليمي والدولي.

طبقاً للدراسة فليس هناك تعريف قانوني متفق عليه لكلمة “أقلية” في القانون الدولي، وذلك لعدة أسباب من أبرزها الطابع المتغير للأقليات من بلد إلى آخر نتيجة لأسباب تاريخية أو سياسية أو اجتماعية، ولفتت إلى أن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأقليات عام 1992 يعتبر الوثيقة المرجعية الأولى الخاصة بالأقليات، إلا أنه على الرغم من كل التطور الحاصل بعده على هذا الصعيد، إلا أن نظام الأمم المتحدة لا يزال عاجزاً إلى حدٍّ كبير عن إلزام كثير من الدول على الإيفاء بالتزاماتها تجاه حقوق الأقليات، كما تفتقر جميع آليات الأمم المتحدة إلى إجراءات عقابية تردع الدول المخالفة والمنتهكة لحقوق الأقليات، باستثناء مجلس الأمن الدولي، الذي ذكَّرت الدراسة أنه الـمُهيمَن عليه بشكل تام من قبل الدول دائمة العضوية، التي تتغلب مصالحها على القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وأشارت إلى فشله بشكل فظيع في حماية الأقليات في عدة بلدان حول العالم.
وفي سياق متصل قالت الدراسة إن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأقليات عام 1992 غير ملزم، ولم يضع آليات رقابة ومحاسبة، كما أنه طلب من أجهزة الدولة أن تقوم بتطبيق مواد الإعلان، وطرحت تساؤلاً مهماً، وهو: ماذا إذا كانت أجهزة الدولة نفسها هي التي تنتهك حقوق الأقليات، وعلى نطاق واسع؟ وأضافت أن إعلان حقوق الأقليات يخاطب الأقليات من مواطني الدولة، لكن ماذا عن الأقليات المحرومة من الجنسية؟ كما هو الحال على سبيل المثال في أكراد سوريا الذين حرمهم نظام حكم الأسد من الجنسية.

وتحدثت الدراسة عن واجبات الدولة تجاه الأقليات، وركزت ذلك في خمسة محاور أساسية تضمنَّت: حماية الوجود المادي والمعنوي للأقليات، وعدم التمييز ضدَّهم، وعدم استيعاب الأقليات بل تعزيز هويتها، واعتماد تدابير تشريعية ملائمة للأقليات -عبر التشاور معهم وبمشاركتهم- وتحقق هذه التدابير جميع ما ورد في الإعلان وتشتمل على عقوبات في حال مخالفتها. وأخيراً الأقليات وحق تقرير المصير، وأهمية المشاركة الفعالة. وتوسَّعت الدراسة في الحديث عن حق تقرير المصير، وأكدت بدايةً أن حقَّ الشعوب في تقرير مصيرها ثابت في القانون الدولي، وبشكل خاص في المادة 1 المشتركة بين العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وينطبق على الشعوب الأصلية وعلى الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار الأجنبي، وأوضحت أنه في حالة الأقليات فلم يشر إعلان الأمم المتحدة عام 1992 إلى حق المجموعات في تقرير المصير، حيث اعتبر الإعلان أن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات حقوق فردية، وإن كان لا يمكن التمتع بها إلا في إطار جماعي، أما حقوق الشعوب فهي حقوق جماعية، ولكن هذا لا يمنع أن يقوم الأشخاص الذين ينتمون إلى أقلية قومية أو إثنية بالمطالبة بحق تقرير المصير عندما يتصرفون كمجموعة، وفي هذه الحالة يعتبرون شعباً وليسوا أقلية.
وبالنظر إلى ما سبق رأت الدراسة أن مطالبة الأقليات بحق تقرير المصير ترتبط بشكل عضوي في حق المشاركة تحديداً، الذي أكد عليه إعلان 1992، فمن خلال المشاركة تعبِّر الأقليات عن هويتها ووجودها، وتضمن بقاءها وحمايتها، وقالت إنه يجب أن تكون المشاركة في صناعة القرار السياسي على المستويين المحلي والوطني، وفي مؤسسات الدولة كافة، وبشكل خاص الحق في أن ينتخب ويُنتَخب، وفي هذه النقطة الحساسة تحديداً، أكدت الدراسة على أن الأقليات لا تتمكن غالباً في الأنظمة الديمقراطية التي تعتمد نظام الأغلبية من الحصول على عدد من الأصوات يمثلها بشكل مناسب، واقترحت حلاً، وهو النظر في آلية تخصيص مقاعد للأقليات ضمن إطار نظم الانتخاب بالأغلبية، وتخصيص نسبة معينة للنساء أيضاً، وقالت الدراسة إن الهدف من اتخاذ إجراءات خاصة لصالح الأقليات ليس إعطاءها مركزاً امتيازياً، بل لأن الأقليات غالباً ما تكون في حالة من الضعف وتأتي الإجراءات الخاصة لتعزيز وضعها ولجعلها على مستوى الأغلبية ذاته، ولا تكفي مجرد المشاركة السياسية بل يجب أن تكون مشاركة فعالة تمنح ممثلي الأقليات سلطات اتخاذ قرارات مؤثرة في حياة مجتمعاتهم، وهذه المشاركة هي التي سوف تقود إلى مجتمع متماسك يتَّصف بالتَّعددية ومبني على الحوار والديمقراطية، ورأت الدراسة أنه عندما تشعر الأقليات بقدرتها على التحكم بمصيرها والإسهام في التغيير السياسي ضمن المجتمع كله، فسوف تنخفض المطالبة بتقرير المصير والانفصال إلى حدودها الدنيا، بل ربما تنعدم.

قالت الدراسة إن اضطهاد الدولة لحقوق الأقليات عامل أساسي للمطالبة بتقرير المصير، موضحة أن هناك نواحٍ متعددة تقوم فيها الدولة بانتهاك حقوق الأقليات، الأمر الذي يؤدي إلى خلق حالة من الخوف والتفكك وعدم الاستقرار والرغبة في مغادرة هذه الدولة أو المطالبة بحق تقرير المصير، وحكم ذاتي وربما بالانفصال، وقالت إن على الدول العمل بشكل مكثَّف لتجنب الوقوع في مثل هذه الانتهاكات، التي أوردت أبرزها، وهي: التمييز وعدم المساواة، قصور القوانين والتشريعات، ضعف المناهج التعليمية وانتشار خطاب الكراهية، العنف وفقدان المصالحة الوطنية، تقويض المشاركة السياسية والاجتماعية.

تحدثت الدراسة عن التداخل بين السيادة ومسؤولية الحماية وحق تقرير المصير، وقالت إنَّ السيادة ليست مطلقة، بل هي مقيدة على الصعيد الداخلي والدولي، وهي لا تعني أبداً أن للدولة أن تفعل ما تشاء بشعبها، ولا تستطيع مطلقاً التَّذرع بها لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وعندما تفشل الدولة في التزاماتها في تأمين حقوق الأقليات، وفي حمايتها من الجرائم ضدَّ الإنسانية أو جرائم الحرب، أو عندما تقوم الدولة بنفسها في ارتكاب هذه الأنماط من الجرائم، وتكون الأقليات مهددة بخطر التشريد أو الإبادة، يصبح التدخل الإنساني الذي تطور إلى مبدأ مسؤولية الحماية واجباً وضرورة قصوى، ولا يكون هناك مجال للحديث عن سيادة الدولة والشأن الداخلي، وبالتالي لا يجب أن تمكن السيادة من إفلات الحكومات والسلطات التي تمارس الجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة بحق الأقليات من الإفلات من العقاب.

وقالت الدراسة إن مفهوم السيادة قد استُغلَّ من قبل العديد من الدول وبشكل خاص السلطات الديكتاتورية لتبرير عمليات قمع الأقليات وإقصائها، وانتقاص حقوقها، وانتهاك حقوق الإنسان، بحجة أن ما تقوم به الدولة أو الحكومة بحقِّ رعاياها هو شأن داخلي ولا يحق لأحد التدخل فيه، وهي بالتالي تستخدم مبدأ السيادة القانوني في غير نطاق اختصاصه، وعندما تقوم حكومة دولة ما استناداً إلى مبدأ السيادة بقمع الأقليات وحرمانها وعدم الاعتراف بها، فمن حق تلك الأقليات اللجوء إلى آليات الأمم المتحدة والآليات الإقليمية المختصة في حماية الأقليات، وفي حال ضعف تلك الآليات وعدم تمكنها من ردع تلك الدولة عن ممارساتها المستمرة بحق الأقليات، يجب على المجتمع الدولي مسؤولية حماية تلك الأقلية، ويصبح من حق تلك الأقلية المطالبة بتقرير مصيرها، ويجب دعم حقها في هذا الاتجاه.

أكدت الدراسة أن الدولة المنتهكة لحقوق الأقليات هي المتسبب الرئيس والمباشر أولاً، وضعف تطبيق آليات الأمم المتحدة ثانياً، ولو كان لآليات الأمم المتحدة ذراعاً تنفيذية رادعة ومدافعة عن حقوق الإنسان لما تجرأت معظم دول العالم على ممارسة الانتهاكات واضطهاد الأقليات، مشيرة إلى أن ميثاق الأمم المتحدة قد أعطى مجلس الأمن وحده صلاحيات شمولية تجعل منه سلطة مهيمنة، حيث يتمتع وحده بميزة فرض عقوبات وتطبيقها ومتابعتها، ووفقاً للدراسة فإن تاريخ مجلس الأمن حافل بالفشل في حماية حقوق الإنسان، لأنه يُغلِّب دائماً مصالح الدول الخمس دائمة العضوية على القانون الدولي، وحقوق الإنسان.

أوصت الدراسة بالعمل على إيجاد اتفاقية دولية ملزمة تُعنى بحقوق الأقليات وتركِّز على حقوق الأفراد والجماعات. وأن تنبثق عن الاتفاقية لجنة مختصة لمراقبة الانتهاكات بحق الأقليات والتحقيق فيها، إضافة إلى استمرار عمل المقرر الخاص المعني بشؤون الأقليات، وتصدر اللجنة بيانات وتقارير عاجلة بحسب الضرورة، تنتقد وتُدين ممارسات الدولة وانتهاكها لحقوق الأقليات، ويتم نشر تلك البيانات عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية من أجل فضح ممارسات تلك الدولة.
كما يجب أن تتضمن الاتفاقية مواد تخوِّلها فرض عقوبات سياسية واقتصادية وقانونية بحق الدولة المنتهكة، ودون الرجوع إلى مجلس الأمن، أي أن الاتفاقية يجب أن تتضمن قوة إلزام ذاتية. وأن تتمتع بسلطة تقدير حجم العقوبات ومدتها، وذلك تبعاً لنوعية الانتهاكات التي مارستها الدولة وحجمها. كما يجب أن تتمتع الاتفاقية بسلطة تعليق عضوية أية دولة تنتهك أحكام الاتفاقية بشكل واضح، ومتكرر، وفي حال عدم الالتزام يجب طردها من الاتفاقية والتشهير بها.
طالبت الدراسة أيضاً أن تتمتع الاتفاقية بقوة قانونية، كأن تتمكن من إحالة الدول التي تمارس فيها انتهاكات واسعة تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، إلى المحكمة الجنائية الدولية، دون المرور عبر مجلس الأمن.

للاطلاع على الدراسة كاملة

المواد ذات الصلة

سمير عثمان مسؤول عن مقتل قرابة 4 آلاف مواطن سوري، بينهم 93 تحت التعذيب وإخفاء...

الشبكة السورية لحقوق الإنسان زودت وزارة العدل الأمريكية بحصيلة أبرز الانتهاكات التي مارسها أثناء عمله اللغات متاح بالـ English ...

إدانة لاحتجاز قوات النظام السوري لاجئ تم إعادته قسرياً من لبنان ووفاته في أحد مشافي...

اللغات متاح بالـ English عربي   أحمد نمر الحللي، من أبناء حي برزة في مدينة دمشق، اعتقلته قوات النظام السوري...

الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان المصدر الأوَّل للبيانات في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حرية الأديان...

الحكومة الإيرانية تدعم السلطات السورية على خلفية طائفية وتجنِّد مقاتلين عراقيين وأفغان وباكستانيين شيعة في النزاع اللغات متاح بالـ ...

تصاعد التهديدات والعنف ضد اللاجئين السوريين في تركيا: نداء عاجل لحماية حقوق الإنسان

اللغات متاح بالـ English عربي   شهدت تركيا في الأيام الأخيرة حملات تحريض وعنف ضد اللاجئين/ات السوريين/ات وشملت عموم السوريين/ات...