الاعتذار وتعويض الضحايا والابتعاد عن الأضواء والمناصب العامة، خطوات يجب على المنتهكين القيام بها لتعزيز السلم الأهلي
اللغات
متاح بالـ
لاهاي – أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً قالت فيه إنَّه على وسائل الإعلام التوقف عن تأجيج مشاعر الضحايا عبر استضافة داعمين أو مبررين لجرائم نظام الأسد، وأكدت أنَّه على المنتهكين الاعتذار وتعويض الضحايا والابتعاد عن الأضواء والمناصب العامة لتعزيز السلم الأهلي.
قال البيان إنَّه عقب سقوط نظام الأسد، استضافت بعض وسائل الإعلام شخصيات متنوعة من فنانين ومثقفين ورجال دين عُرفوا بدعمهم لنظام الأسد وتبريرهم لجرائمه، بل ودعوتهم الصريحة إلى زيادة القصف والقتل ضد المعارضين. تلك الاستضافات جرت دون أن تتخذ هذه الشخصيات أي خطوات تجاه ضحايا النظام، الذين يُقدّر عددهم بالملايين. كما فاقمت بعض المنصات الإعلامية الوضع عبر استضافة أفراد أنكروا وقوع هذه الجرائم أو حاولوا تبريرها، مما يؤدي إلى تأجيج مشاعر الضحايا ودفع بعضهم نحو الانتقام.
وأشار البيان أنَّ قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّقت ارتكاب نظام الأسد انتهاكات جسيمة وصلت إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، واستمرت هذه الانتهاكات على مدى 14 عاماً. شملت بعض هذه الجرائم قتل ما لا يقل عن 203,000 مدني، من بينهم 23,000 طفل، وإخفاء نحو 115,000 آخرين قسراً، بينهم قرابة 8,500 امرأة. إضافة إلى ذلك، استُخدمت حوالي 82,000 برميل متفجر لقصف المدن السورية. وقد وثَّقت الشَّبكة هذه الانتهاكات يومياً وأرست قاعدة بيانات تضم ملايين الحوادث الموثقة. كما حددت الشَّبكة أكثر من 16,200 فرد متورط في هذه الجرائم، منهم:
• 6,724 من أفراد القوات الرسمية، بما في ذلك الجيش وأجهزة الأمن.
• 9,476 من أفراد القوات الرديفة، التي تضم ميليشيات مساندة للنظام.
وأضاف البيان أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تتأمل إقامة مسار للعدالة الانتقالية في سوريا، يُحاسب بموجبه المسؤولون الرئيسون عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. كما ينبغي أن تشمل المحاسبة داعمي النظام غير المتورطين مباشرةً في الجرائم الكبرى، سواء كانوا من الجهات الأمنية أو الطبقة السياسية والاقتصادية التي أيدت نظام الأسد. تعتبر العدالة الانتقالية ضرورة لضمان الانتقال من حقبة الديكتاتورية إلى الاستقرار واحترام حقوق الإنسان.
ومع أنَّ تشكيل لجنة العدالة الانتقالية قد يستغرق عاماً أو أكثر، إلا أنَّ هناك خطوات فورية يمكن لداعمي نظام الأسد البدء بها:
1. إعادة الممتلكات المنهوبة، بما في ذلك الأراضي والمنازل والمتاجر والسيارات، إلى أصحابها.
2. تقديم اعتذار علني مكتوب ومصور عبر المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن الاعتراف بالمسؤولية عن دعم نظام الأسد، مع تعهد بعدم تكرار تلك الأفعال.
3. تعويض الضحايا وذويهم مادياً ومعنوياً عن الأموال التي سرقت أو الابتزاز الذي تعرضوا له.
4. الإسهام في إعادة بناء المجتمعات المتضررة، وتمويل مبادرات الناجين والبرامج التعليمية لأسر الضحايا.
5. التطوع لتقديم خدمات مباشرة للضحايا وأسرهم.
6. الالتزام بعدم شغل أي مناصب قيادية في الحكومات السورية المستقبلية.
7. الامتناع عن الظهور في المقابلات الإعلامية أو المشاركة في أي فعاليات عامة قبل تنفيذ هذه الخطوات.
وأكد البيان أنَّ هذه التدابير تعد ضرورية لحماية السلم الأهلي، فضلاً عن كونها ضمانة لداعمي نظام الأسد من أي ردود فعل انتقامية محتملة. فالكثير من الضحايا قد لا يتمكنون من ضبط مشاعرهم وهم يشاهدون داعمي النظام ما زالوا يحتلون منازلهم أو يبررون الجرائم التي وقعت بحقِّهم.
وذكر البيان أنَّ العديد من موالي نظام الأسد يدّعون أنَّهم لم يكونوا على علم بمستوى الوحشية والبربرية التي ارتكبها النظام، على الرغم من الكم الهائل من التقارير الإعلامية والحقوقية التي توثق جرائمه. إلا أنَّ هذا الادعاء بالجهل، وخاصة بعد سقوط النظام، لا يعفيهم أبداً من المسؤولية. لذا، ينبغي على هؤلاء الامتناع عن أي ظهور إعلامي أو ثقافي أو اجتماعي قبل تثقيف أنفسهم بشكل شامل عن الانتهاكات التي ارتكبها النظام الذي دعموه أو برروا جرائمه.
وشدد البيان أنَّه لا يمكن تصنيف تبرير جرائم نظام الأسد ضمن نطاق حرية الرأي والتعبير، إذ يُعد ذلك انتهاكاً صارخاً لكرامة ملايين الضحايا. لذا، يجب العمل على إصدار قوانين تجرّم علناً تمجيد نظام الأسد أو تبرير أفعاله الوحشية.
وأوضح البيان أنَّه على الرغم من أنَّ خطابنا يركز بشكل أساسي على داعمي نظام الأسد، كونه المسؤول عن نحو 90 % من الانتهاكات، إلا أنَّ هذه التدابير يجب أن تُطبق على كافة مرتكبي الانتهاكات.
وذكر البيان عدداً من التوصيات إلى الحكومة الحالية ووسائل الإعلام، هي:
إلى الحكومة الحالية:
• إصدار تعميم يحظر إنكار جرائم نظام الأسد أو تبريرها بأي شكل.
• إدراج تعليم وتوضيح جرائم الأسد بحقِّ الشعب السوري ضمن برامج الإعلام الحالية، والطلب من المدارس والجامعات تسليط الضوء عليها، لضمان توعية الأجيال بعواقب الاستبداد وأهمية الديمقراطية.
• التأكد من أنَّ أي شخصيات دعمت نظام الأسد قد نفذت جميع الخطوات المشار إليها سابقاً، قبل منحها أي دور في الأنشطة أو التعاون مع مؤسسات الدولة.
• إزالة جميع رموز نظام الأسد، بما في ذلك الصور والشعارات، ومعالجة المحتوى الإلكتروني الذي يروج لجرائمه أو يبررها.
• تخليد ذكرى ضحايا نظام الأسد عبر فعاليات وطنية ومعالم تذكارية.
• التعاون مع منظمات حقوق الإنسان السورية لنشر الوعي حول إرث النظام الوحشي.
• دعم المبادرات التي تعزز الحوار بين المجتمعات المنقسمة بسبب سنوات النزاع المسلح.
إلى وسائل الإعلام:
• التوقف عن استضافة منكري جرائم نظام الأسد أو المبررين لها بأي صورة كانت.
• التزام المؤسسات الإعلامية بمعايير أخلاقية ترفض تلميع صورة المتورطين في الجرائم، وتعمل بدلاً من ذلك على تعزيز قيم العدالة والمساءلة. يجب أن تكون هذه المنصات شريكاً في عملية المحاسبة الشاملة، لا أداة للتطبيع مع مرتكبي الانتهاكات.
• إنتاج أفلام وبرامج توعوية توثق أهوال مراكز الاحتجاز، وتروي معاناة أسر الضحايا الذين قُتلوا أو اختفوا قسرياً، أو دُمّرت منازلهم، من أجل الحفاظ على الذاكرة الجماعية وتعزيز الوعي العام.