أولاً: اتفاق جنيف 1 مرجعية لا غنى عنها:
إن الوصول إلى حل سياسي عادل للصراع الدائر في سوريا منذ ما يقرب من خمس سنوات لن يكون بالأمر السهل، وخصوصاً بعد الإخفاقات السياسية المتكررة بدءاً من بعثة المراقبين العرب، ثم بعثة السيد كوفي عنان، ثم السيد الأخضر الإبراهيمي.
يبقى اتفاق جنيف 1 من وجهة نظرنا مرجعية أساسية لأي تحرك سياسي، ونرى أن معظم النقاشات التي دارت بعد جنيف 1 والتي هدفت إلى تفسير نصوصه، كانت هدراً للوقت؛ نظراً لعدم وجود رغبة سياسية دولية وتحديداً من قبل الدول الخمس دائمة العضوية لحل النزاع في سوريا، وقد عجز مجلس الأمن عن تطبيق أي من القرارات التي أصدرها بشأن سوريا بدءاً من القرار 2041 بتاريخ 14/ نيسان/ 2012 وانتهاء بالقرار 2209 بتاريخ 6/ آذار/ 2015.
تجدر الملاحظة أنه عند انطلاق جنيف 1 كان هناك طرفان منخرطان بالنزاع فقط:
1: الحكومة والميليشيات الشيعية المقاتلة معها.
2: المعارضة المسلحة.
أما الآن فقد دخلت التنظيمات الإسلامية المتشددة، والقوات الكردية، كأطراف إضافية لديها أجندات مختلفة تماماً عن الطرفين الأولَين.
لكن وعلى الرغم من ذلك يبقى جنيف 1 مرجعية صالحة ومنطلقاً لأي عملية تفاوضية، ولا يمكن بحال من الأحوال تغييره أو إعداد مرجعية بديلة؛ لأن ذلك سيكون عملية بالغة التعقيد وربما يستغرق سنوات إضافية قد لا تتمكن مؤسسات الدولة السورية من تحملها وتتحول بالتالي إلى دولة فاشلة، إن لم تكن كذلك الآن.
وهنا لابد من التأكيد على أن أي محاولة من قبل أي طرف من الأطراف المذكورة أعلاه الاستفراد بتقرير مصير منطقة محددة من أراضي الدولة السورية سوف يُعتبر مساساً مباشراً بوحدة الأراضي السورية سترفضه بقية الأطراف الأخرى المنخرطة في الصراع؛ ما يُهدد بالدخول في دوامة لامتناهية من الصراعات العرقية والطائفية؛ لذلك، فإن أي حل سياسي لابد له من أن يشمل سوريا بحدودها المعتمدة قانونياً كدولة عضو في الأمم المتحدة، وفي الجامعة العربية.