لا بُدَّ من إجراء فوري صارم ضدَّ إجرام النظام السوري من قبل الـ 193 دولة التي صادقت على اتفاقية نزع الأسلحة الكيميائية
استطاعت قوات الحلف السوري الروسي بعد قرابة 50 يوم من بدءِ العملية العسكرية العنيفة على الغوطة الشرقية السيطرة على 80 % من مناطقها وتقسيمها إلى ثلاثة قطاعات، وبدأت عقدَ اتفاقيات لكلّ قطاع على حدة يُفضي إلى تهجير آلاف المدنيين، بدأت مفاوضات مدينة دوما في25 / آذار الماضي وجاء في الاتفاق بنود تتعلَّق بوقف العمليات القتالية للبدء باتفاق يقضي بخروج بعض المدنيين وبعض المسلحين بأسلحتهم الخفيفة وبقاء من يرغب وتسوية وضعه، كما نصَّ الاتفاق على بقاء بعض مسلحي فصيل جيش الإسلام بسلاحهم والعمل على تحويل عناصره إلى شرطة مدنيَّة وإثرَ هذا الاتفاق خرج ما لا يقل عن 4500 شخص على 4 دفعات.
في 6/ نيسان/ 2018 عاودت قوات الحلف السوري الروسي قصف مدينة دوما بعد تعرقل المفاوضات، ونفَّذ سلاح الجو الروسي السوري في غضون يومين قرابة 350 غارة، واستخدمت المروحيات الحكومية ما لا يقل عن 120 برميلاً متفجراً، وظلَّ قرابة 180 ألف مدني يقطنون في مدينة دوما محاصرون ضمن الأقبية والملاجئ في ظلِّ وضع طبي وصحي وغذائي مُزرٍ وقصف جوي وأرضي لا يتوقف.
في 7/ نيسان/ 2018 نفَّذت قوات النظام السوري هجومين جويين كيميائيَين شمال مدينة دوما بينهما 3 ساعات تقريباً، الأول وقع قرابة 16:00 قرب مبنى فرن سعدة في شارع عمر بن الخطاب؛ تسبَّب في إصابة 15 شخصاً، أما الهجوم الثاني فقد وقع قرابة الساعة 19:30 بالقرب من ساحة الشهداء في منطقة نعمان؛ وتسبَّب في مقتل ما لا يقل عن 55 شخصاً، وإصابة ما لا يقل عن 860 مدنياً. أفادنا بعض المسعفين وعناصر الدفاع المدني بظهور أعراض شديدة على المصابين فقد عانى جميع المصابين من زلَّة تنفسيَّة شديدة، وعانى بعضهم من احتقان مُلتحمة وحدقات دبوسية.
حصلنا على صور ومقاطع مصوَّرة تُظهر عشرات الجثث لنساء وأطفال مُكدَّسين فوق بعضهم، وجوههم مُزرقَّة
وأفواههم مُغطَّاة بالزَّبد، وعيونهم شاخصة، هذه الصور تُشبه إلى حدٍّ بعيد صورَ الضحايا الذين قضوا في هجوم الغوطتين في آب/ 2013، وهجوم خان شيخون نيسان/ 2017.
اتَّبع الحلف السوري الروسي التَّكتيك الجرمي ذاته الذي وثَّقناه في الهجمات السابقة فقد سبقَ الهجومين الكيميائيَين بعدة ساعات تدميرٌ لأحد مشافي المدينة في حين لم تتوقف الغارات الجوية بُعيدهما واستهدفت طرق الإسعاف وفِرَق الدفاع المدني؛ ما أعاق إسعاف المصابين بشكل كبير، كما أنَّ معظم سكان مدينة دوما كانوا يقبعون في الأقبية لحظة الهجوم بسبب الغارات الجوية المكثفة؛ وهذا ما جعل تأثير الغاز أكبر لأنَّه يتركَّز بشكل أكبر في الأقبية والطوابق السفليَّة.
يأتي هجوما دوما بعد 72 ساعة فقط من اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لمناقشة وضع الذخائر الكيميائية ومراقبة تنفيذ القرار رقم 2118، الذي يكون النظام السوري قد خرَقه 183 مرة 3 منها في ظلِّ الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة الشرقية.