الرئيسية بلوق الصفحة 15

توثيق مقتل 1032 مدنيا بينهم 181 طفلا و150 سيدة، و57 ضحية بسبب التعذيب في سوريا في عام 2023

توثيق مقتل 1032 مدنيا بينهم 181 طفلا و150 سيدة، و57 ضحية بسبب التعذيب في سوريا في عام 2023

وثقنا مقتل 91 مدنياً بينهم 14 طفلا و13 سيدة، و11 ضحية بسبب التعذيب في كانون الأول 2023

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ 1032 مدنياً قد قتلوا في سوريا في عام 2023 بينهم 181 طفلاً و150 سيدة، و57 ضحية بسبب التعذيب، مشيرةً إلى استمرار قتل السوريين منذ آذار 2011، وأضافت أنه تم تسجيل مقتل 91 مدنياً بينهم 14 طفلاً و13 سيدة و11 ضحية بسبب التعذيب في كانون الأول من العام 2023.

وذكر التقرير -الذي جاء في 36 صفحة- أنَّ جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وقال إنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 قامت ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، ليصبح بالإمكان توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي تنتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها. كما وزَّع التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمكان الذي قتلوا فيه وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.

ويرصد التَّقرير حصيلة الضحايا المدنيين الذين تمَّ توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا في عام 2023 وكانون الأول منه، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب، والضحايا من الكوادر الطبية والإعلامية وكوادر الدفاع المدني.

وبحسب التقرير فإنَّ الإحصائيات التي وردت فيه لحصيلة الضحايا الذين قتلوا تشمل عمليات القتل خارج نطاق القانون من قبل القوى المسيطرة، والتي وقعت كانتهاك لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، ولا تشمل حالات الوفيات الطبيعية أو بسبب خلافات بين أفراد المجتمع.

تضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الفاعلة، اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.

جاء في التقرير أنَّ استمرار عمليات قتل المدنيين في سوريا للعام الثالث عشر على التوالي منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية – آذار 2011، وبأعداد هي من الأضخم في العالم؛ يشير إلى عدم استقرار الأوضاع في سوريا، وإلى أنها ما تزال أحد أخطر البلدان في العالم على حياة المدنيين، كما أنها مكان غير آمن لعودة اللاجئين.

ذكر التقرير أنَّ النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني وأنه تحكم بشكلٍ متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواءً على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية. وأشار إلى أنَّ الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسم كبير من ذوي الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.

وأضاف التقرير أنَّ وزير العدل في الحكومة التابعة للنظام السوري أصدر التعميم رقم 22 في 10/ آب/ 2022 القاضي بتحديد إجراءات حول سير الدعاوي الخاصة بتثبيت الوفاة ضمن المحاكم الشرعية، وتضمن التعميم 5 أدلة يجب التأكد من توفرها من قبل القضاة ذوي الاختصاص في الدعاوى الخاصة بتثبيت الوفاة، كما أوجب على جميع المحاكم ذات الاختصاص بقضايا تثبيت الوفاة التقيد بما ورد في التعميم. وقد تضمن التعميم فرض الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوى الوفاة؛ الأمر الذي يزيد من تغول الأجهزة الأمنية.

سجَّل التقرير مقتل 1032 مدنياً بينهم 181 طفلاً و150 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في عام 2023، قتل منهم النظام السوري 225 مدنياً بينهم 57 طفلاً، و24 سيدة. فيما قتلت القوات الروسية 20 مدنياً بينهم 6 أطفال، و5 سيدات. وقتل تنظيم داعش 1 مدنياً. وسجَّل التقرير مقتل 16 مدنياً بينهم 2 طفل و5 سيدات على يد هيئة تحرير الشام، كما سجل مقتل 17 مدنياً بينهم 5 أطفال و1 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، فيما وثَّق مقتل 74 مدنياً بينهم 9 أطفال، و10 سيدات على يد قوات سوريا الديمقراطية و5 مدنيين على يد قوات التحالف الدولي. كما قُتِل وفقاً للتقرير 674 مدنياً بينهم 102 طفلاً، و74 سيدة على يد جهات أخرى.

وبحسب التقرير فإن حصيلة الضحايا في محافظة درعا كانت هي الأعلى في عام 2023 بنسبة تقارب 22 %، فيما حلَّت ثانياً محافظة دير الزور بنسبة تقارب 20 %، تلتها كل من محافظتي حلب وإدلب بنسبة تقارب 14%، وقد قتل جلُّ الضحايا في هذه المحافظات على يد جهات أخرى. سجل التقرير استمراراً في وقوع ضحايا بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، حيث وثق منذ مطلع عام 2023 مقتل 114 مدنياً بينهم 26 طفلاً و11 سيدة.

وطبقاً للتقرير فإنَّ فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثَّق في كانون الأول مقتل 91 مدنياً بينهم 14 طفلاً و13 سيدة، منهم 31 مدنياً بينهم 4 أطفال و4 سيدات قتلوا على يد قوات النظام السوري. و5 مدنيين قتلوا على يد هيئة تحرير الشام بينهم 1 طفل و2 سيدة. فيما قتل 1 مدنياً على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. كما سجل التقرير مقتل 7 مدنياً بينهم 1 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية. إضافةً إلى 47 مدنياً بينهم 9 أطفال و6 سيدات قتلوا على يد جهات أخرى.

جاء في التقرير أنَّ من بين الضحايا 4 من الكوادر الطبية بينهم 1 سيدة قتلوا في عام 2023 على يد قوات النظام السوري، وأضاف أن 3 من الكوادر الإعلامية قد تم توثيق مقتلهم في عام 2023، 1 منهم على يد قوات النظام السوري و2 على يد جهات أخرى. كما وثق التقرير مقتل 2 من كوادر الدفاع المدني في عام 2023، 1 منهم على يد قوات النظام السوري و1 على يد جهات أخرى.

ووفقَ التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في عام 2023 مقتل 57 شخصاً بسبب التعذيب بينهم 1 طفل و2 سيدة، 32 منهم على يد قوات النظام السوري بينهم 1 سيدة، و8 على يد هيئة تحرير الشام بينهم 1 سيدة، و3 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و10 على يد قوات سوريا الديمقراطية بينهم 1 طفل، و4 على يد جهات أخرى. وبحسب التقرير فقد تم توثيق مقتل 11 شخصاً بسبب التعذيب في كانون الأول، 7 منهم على يد قوات النظام السوري، و3 على يد هيئة تحرير الشام و1 على يد قوات سوريا الديمقراطية.

وجاء في التَّقرير أنَّ عام 2023 قد شهِدَ توثيق 20 مجزرة، واعتمد التقرير في توصيف لفظ مجزرة على أنه الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة، ووفق هذا التعريف فقد سجَّل التقرير 5 مجازر على يد قوات النظام السوري في عام 2023، و1 على يد القوات الروسية، و14 على يد جهات أخرى.

بحسب التقرير فإنَّ الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
أكد التقرير أن استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يعبر عن عقلية إجرامية ونية مبيتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).

طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.

ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاد الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.

وأوصى التقرير لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.

كما أوصى التقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

للاطلاع على التقرير كاملاً

دراسة “الخطر القادم من السماء” لفضل عبد الغني.. القانون الدولي بات بحاجة للتطوير

Digital War – ترجمة: ربى خدام الجامع

أعد هذه الدراسة فضل عبد الغني الذي رأس وشارك في إعداد المئات من التقارير والتحقيقات على مدار السنوات الثلاث عشرة الماضية، واعتماداً على خبرته الواسعة، درب العشرات من طلاب الماجستير، والإعلاميين السوريين، ورؤساء المكاتب السياسية وجماعات المعارضة في سوريا. كتب عبد الغني أوراقاً بحثية نشرت في مجلات ومدونات يراجعها نظراؤه، كما أسهم في إعداد مجموعة من التقارير لصالح منظمات محلية وإقليمية ودولية، وجرى تقديمه متحدثاً رئيساً في عدد من المحافل الدولية، إذ خطب أمام مجلس الأمن الأممي ومجلس حقوق الإنسان وغيرها من المحافل ذات المستوى الرفيع.

يفترض أن تكون السماء رمزاً للرحمة والسكينة والهدوء من خلال لونها الأزرق البديع وما تغدقه من أمطار وثلوج، إلا أن السماء تحولت إلى خطر يهدد المدنيين، وهذا الخطر مرئي أحياناً وغير مرئي في أحيان أخرى، إذ يمثل القصف الجوي الذي ينفذه أي نوع من الطائرات تهديداً كبيراً لحياة المدنيين، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية، ثار جدل كبير حول استخدام الطائرات المسيرة التي لا يقودها أي طيار، إلى جانب الاستعانة بالأسلحة التي تعمل من تلقاء نفسها، والتي تعرف باسم الروبوتات القاتلة، والتي أصبحت محط انتقاد في أي نقاش يدور حول طبيعة التهديد، وعلى رأس تلك الأمور ما نفكر به عندما ندرس قدرة تلك النظم على تحديد موقع شخص معين بشكل ثلاثي من خلال نظم تحديد الموقع الجغرافي وغيرها من الوسائل التي تعتمد على استخلاص البيانات. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القانون الإنساني الدولي بات بحاجة لمزيد من التطوير فيما يتصل بحماية المدنيين جسدياً ونفسياً من الخطر القادم من السماء. وبما أننا ندافع عن الحقوق الأساسية لبني البشر، لذا ينبغي علينا أن نضع أعلى المعايير لحماية الحق بالحياة ولتوفير الحماية من الأذى الجسدي والنفسي، كما أن الحق الجديد المقترح إضافته لحقوق الإنسان والذي يقضي بحماية الحرية بالحياة من دون أي تهديد جسدي أو نفسي قادم من السماء يمكن أن يعزز قدرتنا على حماية المدنيين الذين يتعرضون لرعب بسبب الهجمات الجوية.

لا وجود للأثر النفسي في القانون الدولي

يتعاظم الأثر النفسي للهجمات الجوية في حال كانت تلك الهجمات متعمدة، لأن هذا النوع من الهجمات أسوأ من الهجمات العشوائية، بما أنها تتسبب عادة بأكبر قدر من الأضرار، وتستهدف المرافق الصحية والتجمعات السكنية، وتكرر استهدافها للموقع الذي جرى قصفه، ولذلك يعتقد كثيرون بأن الآثار النفسية للأخطار غير المرئية تفوق آثار الأخطار المرئية، أما أنا فأجد بأنه حين يشاهد المدنيون مروحية أو طائرة حربية وهي تحلق فوقهم مرات متكررة قبل أن تقصفهم، فإنهم يعانون طوال فترات تحليقها من عذاب نفسي قاس، وكلما طال أمد العذاب النفسي، زادت آثاره على الناس وعلى المجتمعات.

يرى كثيرون بأن القانون الدولي يركز بصورة رئيسة على القتلى والجرحى والمواقع التي تعرضت للتدمير، ولا يتطرق كثيراً للمعاناة والآثار النفسية التي يخلفها كل ذلك، إلا بشكل محدود يتصل بممارسات تتعلق بالتعذيب والإخفاء القسري، والعنف الجنسي. وهنا أود أن أذكر بأن القانون الدولي لا يأخذ بعين الاعتبار المعاناة النفسية التي يعيشها الضحايا المباشرون للقصف الجوي، وكذلك الأمر بالنسبة للضحايا غير المباشرين، وفي ذلك فشل صريح، وذلك لأن ضحايا القصف الجوي لا يمثلون من قتل أو جرح بسبب ذلك القصف وحسب، وذلك لأن آثار الرعب تمتد لتشمل أحياء ومدناً بأكملها. وإثر تعرض الناس لمشاهدة صور أشلاء جيرانهم من المدنيين، التي قد تشتمل على صور لأطفال ونساء، يساور هؤلاء الأشخاص خوف من ملاقاة المصير ذاته، وهذا بحد ذاته وضع يمكن استيعابه وتفهمه، ولكن وسرعان ما يتحول هذا الخوف إلى هوس يعيشه هؤلاء بصورة يومية. ولهذا لابد من تكثيف الجهود الإنسانية والقانونية في هذا السياق نظراً لوجود حاجة ملحة لصياغة سوابق قانونية تسلط الضوء بشكل أكبر على الأضرار النفسية التي تتسبب بها الغارات الجوية سواء المتعمدة أو العشوائية وما يترتب على ذلك من حالات موت ودمار ونزوح.

الاستثناء الذي يمثله المجال الجوي السوري

في الوقت الذي يناقش فيه العالم خطر المسيرات التي تحلق بلا طيار والهجمات غير المرئية، يمثل الوضع في سوريا حالة مختلفة تماماً بسبب مستوى الوحشية التي بلغها نظراً للجوء إلى هجمات تعتمد على قصف جوي لمساحات شاسعة، إذ خلال العقد الماضي، عملتُ في مجال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في النزاع الدائر بسوريا، وعبر الاستعانة بقاعدة بيانات أنشأتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، صار بوسعي أن أقول إن الوضع هناك يمثل دليلاً صارخاً يدفعنا لأن نضغط ونطالب بشكل عاجل بسن مزيد من القوانين والسعي للسيطرة على استخدام المجال الجوي. وحتى نضع الأمور في نصابها يمكن القول إن 75% تقريباً (أي نحو 171 ألفاً) من مجمل عدد الضحايا المدنيين (أي 227 ألف مدني تقريباً) قتلوا بسبب القصف الجوي.

يعتبر القصف الجوي سبباً لتدمير النسبة نفسها من البنية التحتية المدنية، إذ في الوقت الذي نجا فيه هؤلاء المدنيون من الموت والإصابة بعد تعرضهم لتلك الأخطار من السماء التي تظلهم، حلت على هؤلاء الناس نكبة تمثلت بتدمير بيوتهم وأماكن عملهم بسبب ذلك القصف، وهذا ما أدى إلى تصنيف الملايين من الناس كنازحين في الداخل أو كلاجئين.

حتى تاريخ اليوم، مايزال النظام السوري يستخدم مختلف أنواع الأسلحة ليقصف المدنيين من السماء، وتشمل تلك الأسلحة صواريخ سكود طويلة المدى، والصواريخ الباليستية التكتيكية التي طورها الاتحاد السوفييتي السابق، وهي عبارة عن صواريخ تطلقها مروحيات أو طائرات حربية تتميز بأجنحتها الثابتة، ناهيك عن أنواع مختلفة من الذخيرة العنقودية، وبالطبع الأسلحة الكيماوية. وجميع تلك الأسلحة أطلقت من المجال الجوي وأغلب الهجمات الصاروخية لم تكن عشوائية تماماً، بل وجهت بشكل متعمد لتقصف المشافي والمدارس والأسواق والأماكن العامة وغيرها من أشكال المجالات المدنية.

البراميل المتفجرة مثالاً

من أشد الأفكار التي خرج بها النظام السوري تدميراً فكرة استخدام البراميل المتفجرة، وهي سلاح معروف بقوته التدميرية الهائلة، وآليته البسيطة وتقنيته البعيدة كل البعد عن التعقيد، إذ تقوم فكرة البراميل المتفجرة على ملء عدد من الحاويات المعدنية بمواد متفجرة وقطع معدنية (مسامير، قضبان، رقائق معدنية) لإلحاق أكبر قدر ممكن من التدمير بما أن هذه الأشياء تتناثر في الهواء بعد انفجار البرميل المتفجر. ولقد أضاف النظام السوري أيضاً موادَّ كيماوية سامة للبراميل، فوثقنا لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان 93 هجمة بالأسلحة الكيماوية تمت عبر الاستعانة بالبراميل المتفجرة.

كما أن الموضع الذي يسقط فيه البرميل المتفجر يخضع لعدد من المتغيرات التي تشمل الارتفاع الذي تم إسقاط البرميل المتفجر عنده، وسرعة الرياح، وسرعة الطائرة في الجو، وكتلة البرميل، ووزنه، ونسبة ارتفاعه إلى ارتفاع السطح الذي يسقط فوقه، وطول فتيل الإشعال، وأبعاد الأجنحة الموجهة. كل تلك الأمور تبين أنه من المستحيل إصابة هدف دقيق ومحدد سلفاً، ولذلك يمثل استخدام البراميل المتفجرة انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، في حين أن استخدامه بصورة عشوائية يرقى إلى جريمة حرب.

إن القرار رقم 2139 الصادر عن مجلس الأمن الأممي بتاريخ 22 من شباط 2014 يشير بشكل مباشر إلى البراميل المتفجرة واستخدامها، ويطالب النظام السوري “بوقف فوري لكل الهجمات ضد المدنيين، بالإضافة إلى وقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، ويشمل ذلك وقف القصف المدفعي والجوي وعلى رأسه البراميل المتفجرة”، ولكن على الرغم من صدور هذا القرار، لاحظنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدم اكتراث واضح من قبل النظام السوري بالقانون الدولي أو بالقانون بحد ذاته، وعلى الرغم من أن هذا القرار حدد هدفه المتمثل “باتخاذ مزيد من الخطوات في حال عدم الالتزام بهذا القرار”، لم يتخذ مجلس الأمن الأممي أي خطوة أخرى في هذا الاتجاه، كما فشل في تنفيذ القرار.

في مقطع الفيديو التالي الذي جمعته وصنفته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بوسع القارئ أن يشاهد كيف جرى إسقاط برميلين متفجرين من مروحيتين تابعتين للنظام السوري على مدينة داريا بريف دمشق (بتاريخ 28 من كانون الثاني 2016).

ولتقدير مدى عشوائية البرميل المتفجر وتأثيره، بوسع القارئ أن يضغط على الرابط التالي ليرى عملية إسقاط لبرميل متفجر نفذتها مروحيات تابعة لقوات النظام السوري على منطقة حاليا الواقعة جنوبي مدينة كفرنبل بريف إدلب (التاريخ: 14 من تشرين الثاني 2019).

منذ عام 2016، لم نعد نسمع أي إدانة للنظام السوري على استخدامه للبراميل المتفجرة، على الرغم من مواصلته الاستعانة بها، فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إسقاط نحو 81916 برميلاً متفجراً من مروحيات تابعة للنظام السوري وطائرات حربية ذات أجنحة ثابتة ابتداء من شهر تموز 2012 وحتى شهر نيسان من عام 2021، توزعت على النحو الآتي:

  • 21013 برميلاً متفجراً جرى إسقاطه قبل تبني مجلس الأمن للقرار رقم 2139 بتاريخ 22 من شباط 2014.
  • 60903 براميل متفجراً جرى إسقاطه بعد تبني مجلس الأمن للقرار رقم 2139 بتاريخ 22 من شباط 2014.

كما وثقنا مقتل 11087 مدنياً بينهم 1821 طفلاً و1780 امرأة (أي أنثى بالغة)، نتيجة لاستخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة خلال الفترة الواقعة ما بين تموز من عام 2012 وحتى شهر نيسان من عام 2021. هذا وتمثل حصيلة القتلى من الأطفال والنساء نحو 33% من مجمل الوفيات المدنية التي قتلت جراء استعانة النظام السوري بالبراميل المتفجرة، وتؤكد هذه النسبة المرتفعة على أن تلك الهجمات استهدفت المدنيين عمداً، وفي ذلك جريمة بنظر القانون الدولي. وبحسب قاعدة البيانات الموجودة لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان، استخدمت البراميل المتفجرة في 728 هجوماً استهدف مرافق مدنية حيوية على أقل تقدير، بينها 104 هجمات استهدفت مرافق طبية، و188 هجوماً استهدف مدارس، و205 هجمات استهدفت مساجد، و57 هجمة استهدفت أسواقاً.

النزوح والنزوح القسري بسبب البراميل المتفجرة

يتمثل هدف النظام السوري من الاستخدام المكثف للبراميل المتفجرة بإلحاق أكبر قدر ممكن من الدمار بشكل مقصود مع نشر الذعر بين صفوف المدنيين. إذ خلال المقابلات التي أجريت مع الأهالي، تحدث معظمهم عن حالة الصدمة والخوف التي سادت الحي بأكمله إثر سقوط برميل متفجر عليه، كما تحدثوا على الانفجار المرعب الذي تسبب به سقوط البرميل، والأثر النفسي الذي لحق بهم جراء تدمير بيوتهم التي نشؤوا وترعرعوا فيها أو ورثوها عن أهلهم. وفي الوقت الذي جرى فيه إسقاط معظم البراميل المتفجرة على مرافق حيوية مثل المدارس والمخابز والمرافق الطبية والأسواق، إلا أن الدمار الذي لحق بالبيوت، وحالة الذعر التي تسبب بها ذلك، بالتزامن مع الدمار والخراب الذي لحق بالمرافق الحيوية، أجبر الآلاف من السوريين على النزوح من مناطقهم، إذ فر هؤلاء طلباً للأمان لهم ولعائلاتهم، بيد أن المناطق التي نزحوا إليها تعرضت هي الأخرى للقصف، وهذا ما دفع كثيرين منهم للنزوح مرات متكررة، ولهذا فإن الأغلبية الساحقة من النازحين تعرضت لتجربة النزوح أكثر من مرة.

يتلخص هدف النظام السوري من كل ذلك بالانتقام بصورة وحشية، إذ لم يكفيه اجتثاث الناس من بيوتهم، بل أراد أيضاً إرغامهم قدر الإمكان على دفع أبهظ الأثمان انتقاماً منهم على مطالبتهم بالتغيير السياسي، وهذه الحقيقة الأساسية تغيب عن معظم الباحثين عند سؤالهم عن هدف النظام وراء قصف الأحياء المدنية لهذه الدرجة المرعبة وبهذه الكثافة. أما الشبكة السورية لحقوق الإنسان فترى بأن تدمير المدن والقرى يمثل استراتيجية متعمدة هدفها دفع الناس للنزوح وبث اليأس في نفوسهم، وحثهم على الاستسلام، وما ينجم عن ذلك من معاناة بسبب تعرضهم لكل ذلك بصورة متعمدة، ناهيك عن الأثر الأشد تدميراً الذي يصيب المشردين والنازحين. إذ بما أن هؤلاء خسروا بيوتهم وممتلكاتهم وأعمالهم ومتاجرهم التي كانت بين يديهم في يوم من الأيام، تتحول تلك الفئات إلى أشد الناس فقراً وتهميشاً في المجتمع.

لا يقتصر أثر الهجمات الجوية على القتل والإصابات، بل يتعداه ليصل إلى تدمير البيوت والمحال، وبالتالي نزوح أهلها وأصحابها، بما أن قيمة تلك البيوت والمتاجر قد تصل إلى ملايين الدولارات، ففي بلد كسوريا، يعتبر شراء بيت أمراً غاية في الصعوبة، وقد يتطلب الأمر أجيالاً حتى يتحقق، ولهذا فإن تدمير أي بيت أو متجر يخلف أشد ضرر نفسي على العائلة، لاسيما الأطفال، فقد لاحظنا في كثير من المدن والأحياء التي تعرضت للقصف الجوي السوري والروسي بأن التدمير كان هدفاً مقصوداً بحد ذاته، أي أن غايته إلحاق أكبر معاناة وخسائر ممكنة بالمدنيين الذين طالبوا بالتغيير السياسي الديمقراطي.

فيما يلي صور التقطت بالأقمار الصناعية، وحصلت عليها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وتظهر الغوطة الشرقية وخان شيخون، ومعرة النعمان، وفي هذه الصور، قارنا حجم الدمار قبل وبعد الهجمات الجوية التي نفذها النظام السوري وحلفاؤه الروس، فخلصنا إلى أن الغالبية العظمى من البيوت والمحال تعرضت للقصف والتدمير، على الرغم من بعدها عن خطوط الاشتباك، إلى جانب إسقاط عدد من البراميل المتفجرة على مرافق حيوية مثل المدارس والمخابز والمرافق الطبية والأسواق.

 

إن هذا القصف الوحشي والتدمير الذي طال البيوت والمرافق الحيوية، وحجم الرعب الذي يبثه في النفوس، دفع الآلاف من السوريين للهروب إلى أماكن ينعمون فيها بأمان أكبر، إلا أن المناطق التي وصل إليها النازحون داخلياً تعرضت للقصف أيضاً، ما أجبرهم على الانتقال والنزوح من جديد، وكما لاحظنا، تبين بأن غالبية النازحين داخلياً أجبروا على النزوح أكثر من مرة.

إن حالات القصف الجوي التي وقعت في سوريا على مدار العقد الماضي تدفعنا للتفكير ملياً بأفضل الطرق المناسبة للتحكم بالمجال الجوي والسيطرة عليه، ولمنع ظهور تهديدات وأخطار قادمة من السماء، إذ يعتبر هذا الخطر أعظم خطر بما أنه تسبب بقتل كثيرين فضلاً عن الدمار والنزوح والرعب النفسي الذي خلفه. أما مسؤولية العمل لتحقيق الهدف المتمثل بحماية أرواح المدنيين من الهجمات الجوية فتقع على عاتقنا جميعاً.

نشرت المقالة الأصلية على موقع تلفزيون سوريا

 

الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية أدوات النظام السوري في نهب المساعدات الإنسانية

يجب إيجاد طرق بديلة لإيصال المساعدات للمستحقين الفعليين في مناطق سيطرة النظام السوري

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية أدوات النظام السوري في نهب المساعدات الإنسانية”، وأشارت فيه إلى أنه يجب إيجاد طرق بديلة لإيصال المساعدات للمستحقين الفعليين في مناطق سيطرة النظام السوري.

قال التقرير -الذي جاء في 41 صفحة- إن بشار الأسد تبنى منذ استلامه الحكم عام 2000 العديد من المنظمات غير الحكومية الناشئة، وعزز عمل المنظمات غير الحكومية التي تتلقى دعماً دولياً مستداماً مثل “الهلال الأحمر السوري”، لكنه بالتوازي فرض سيطرة حكومية على هذه المنظمات، من خلال التحكم بتعيين الإداريين فيها وإبقاءها تحت سيطرة الحكومة، فقد لاحظ أنها مصدر دخل مادي مهم للنظام السوري، فحاول الاستفادة منها، عوضاً عن قمعها كما فعل والده. كذلك أسست زوجة الرئيس أسماء الأسد عدة مبادرات ومشاريع مجتمعية، دمجتها لاحقاً تحت لواء منظمة “الأمانة السورية للتنمية”. وأضاف التقرير أن النظام السوري استخدم منظمتي الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية بهدف السيطرة على العمل لإغاثي، فقد أصبحتا بمثابة “قوة ناعمة” تساعد النظام على تحقيق أهدافه، وبوابة للاستيلاء على أموال المانحين واحتكار الدعم الدولي، فقد فرضهما النظام على وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة ليكونا البوابة التي تتدفق من خلالها أموال المشاريع الإغاثية والتنموية.

أوضح التقرير كيفية استحواذ النظام السوري على أموال المساعدات الإنسانية وتسخيرها لتحقيق أهدافه وتحكمه بمصائر المستفيدين منها، من خلال تحكمه بالمنظمات غير الحكومية التي تستقبل هذه الأموال وتديرها، وقدم التقرير دراسة حالة حول “الهلال الأحمر السوري” و”الأمانة السورية للتنمية” على وجه التحديد لأنهما الواجهتان الأساسيتان اللتان اعتمدهما النظام لتلقي أموال المساعدات. فقد أجبر وكالات الأمم المتحدة والحكومات المانحة في البداية على التعاون مع الهلال الأحمر السوري بشكل حصري ليكون الجهة المخولة باستقبال أموال المساعدات، إذ طالب النظام السوري جميع الوكالات الدولية الإنسانية بتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الهلال الأحمر السوري، تقتضي بعدم تنفيذ أي مشاريع أو القيام بأي زيارات ميدانية دون الحصول على إذن الهلال الأحمر أولاً، وفي وقت لاحق، انضمت الأمانة السورية للتنمية إلى الهلال لتكون وكالة أخرى لتلقي المساعدات.
وأضاف التقرير أن النظام السوري اختار منظمة الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية لسببين أولهما موثوقية حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر التي ينتمي لها الهلال الأحمر السوري، وثانيهما أن العقوبات المطبقة على النظام ورموزه لا تشمل الهلال الأحمر الذي يتلقى دعماً مباشراً ومستداماً من أطراف دولية متعددة منها وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالإضافة إلى المساعدات التي تتلقاها المنظمة من الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، مثل الصليب الأحمر البريطاني، والصليب الأحمر الدنماركي، والصليب الأحمر الهولندي، وغيرها.

يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد تسبب زلزال شباط 2023 في عودة النقاش الذي خضناه منذ عام 2015 عن نهب النظام السوري للمساعدات الإنسانية، وقررنا أنه لا بدَّ من العمل على تقرير موسع يكشف توظيف النظام السوري لأبرز منظمتين وهما الهلال الأحمر السوري، والأمانة السورية للتنمية في نهب المساعدات الأممية والدولية، وأن نسبة هذا النهب قد تصل إلى تسعين بالمائة، وبالتالي تتحول المساعدات عبر هذه المنظمات من مساعدات إنسانية إلى تمويل للنظام السوري المتورط بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”.

جاء في التقرير أن النظام السوري بدأ بإلغاء الانتخابات في منظمة الهلال الأحمر مع بداية الحراك عام 2011، والاعتماد على “تعيين” الإداريين بشكل مباشر، وتزامن ذلك مع ضمان ولاء المتطوعين والموظفين في المنظمة وذلك عن طريق تجنيد المزيد من الموالين للنظام مقابل إخماد صوت المعارضين في صفوف المنظمة باستخدام الوسائل القمعية المعروفة، ابتداءً مِن الفصل التعسفي، مروراً بالاعتقال والاحتجاز القسري وانتهاءً باستهداف سيارات الإسعاف التابعة للهلال بشكل مباشر وقتل المسعفين. وثق التقرير ما لا يقل عن 54 حالة اعتقال لمتطوعين في الهلال الأحمر، بينهم 3 سيدات، لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري ومقتل ما لا يقل عن 5 ضحايا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري وذلك منذ آذار/ 2011 حتى تشرين الأول/ 2023. وسجل التقرير مقتل 73 متطوعاً في الهلال الأحمر بينهم 7 سيدات على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، وذلك منذ آذار/ 2011 حتى تشرين الأول/ 2023.

أضاف التقرير أن إحدى أبرز الاستراتيجيات التي اتبعها النظام السوري في سبيل السيطرة على الهلال الأحمر كانت ضمان ولاءات الإداريين والموظفين على حد سواء من خلال سياسات التوظيف الفاسدة القائمة على المحسوبيات. وقد برزت المحسوبيات والممارسات التمييزية كواحدة من مظاهر الفساد الأكثر انتشاراً في الهلال الأحمر الذي بات أداة بيد النظام السوري لمكافأة الموالين له بتقديم المساعدات لهم حتى إن كانوا غير مستحقين لها، ولمعاقبة معارضيه عبر حرمانهم من المساعدات بغض النظر عن حاجتهم لها. وأكد التقرير أن كل هذه الممارسات تتعارض مع مبدأ “عدم التحيز” الذي تتبناه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومن المفترض أن الهلال الأحمر السوري يتبناه كذلك. وذكر التقرير أن جميع أنواع الفساد تتم في ظل غياب الشفافية من قبل الهلال من جهة وافتقار الجهات المانحة لآليات المساءلة الفعالة من جهة أخرى، بما فيها التدقيق المالي الخارجي. فمن جهته، يقدم الهلال الأحمر السوري تقارير للمانحين حول المشاريع التي يفترض أنه ينفذها والمستفيدين الذين يفترض أنه قدم لهم المساعدات لكن لا يوجد أي آلية للتأكد من مدى صحة هذه التقارير ودقتها، ولا من المبالغ التي تم صرفها. كذلك ينشر الهلال الأحمر السوري على صفحته الرسمية تقارير سنوية ونصف سنوية عن المشاريع التي نفذها الهلال خلال فترة زمنية معينة، لكن تفتقر هذه التقارير بشكل واضح للمهنية المؤسساتية، والشفافية، وتكتفي بذكر عدد من المشاريع التي تم تنفيذها مقترنةً مع أعداد المستفيدين دون ذكر أي تفاصيل أو أدلة حول تلك المشاريع.

طبقاً للتقرير فإن أسماء الأسد حرصت منذ تولى زوجها السُّلطة عام 2000 على أن تبرز شخصيتها كفرد فاعل في النظام السوري وأسست العديد مِن المشاريع والمبادرات التي اندمجت جميعها تحت مظلة مُنظمة واحدة أطلق عليها “الأمانة السورية للتنمية” والتي حصلت في نيسان عام 2007 على الترخيص القانوني وأدرجت في قوائم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتم الترويج لها على أنها تدعم المبادرات المحلية، وتُعزِّز المواطنة النشطة وريادة الأعمال، وتدعو إلى مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار ومسائل التنمية. وأضاف التقرير أن الأمانة بسطت سيطرتها على أسواق حلب القديمة، وكذلك على “التكية السليمانية” التي تعتبر مركزاً للحرفيين في العاصمة دمشق، كما تحتكر الأمانة السورية للتنمية العديد من القطاعات الأخرى أهمها القطاع التنموي فبفضل صلاحياتها الحصرية تتلقى المنظمة القسم الأكبر من الأموال الدولية المخصصة لإعادة الإعمار أو التعافي المبكر، وتحتكر الإغاثة وتقديم الدعم القانوني للنازحين داخلياً عبر برنامج “الاستجابة القانونية الأولية”. وذكر التقرير أن الأمانة السورية للتنمية تُعرِّف نفسها على أنَّها مؤسسة “غير ربحية” إلاَّ أنَّ الوقائع التي تدحض هذا التعريف كثيرة للغاية، فقد استخدمت الأمانة كوسيلة للتربح المادي تحت غطاء العمل المدني و”المساعدة الإنسانية”. وحقَّقت الشركات المرتبطة بالأمانة أرباحاً طائلة على مدار سنوات مِن خلال العديد مِن الوسائل منها الفوز بمناقصات لمشاريع طرحتها الأمم المتحدة، وإدارة المشاريع الربحية. ولا تقدم الأمانة السورية للتنمية أي بيانات تتعلق بأرباحها أو مصادر دخلها، في غياب واضح للشفافية.

قال التقرير إن من أبرز مظاهر الفساد المنتشرة في الأمانة السورية للتنمية أنها شكلت وجهاً “مدنياً” لنظام عسكري سلطوي، حيث عملت من البداية على تلميع صورة هذا النظام، بل والمساهمة أيضاً في التغطية على جرائمه. فقد عملت الأمانة السورية للتنمية على حشد المسيرات المؤيدة للنظام في أكثر مِن مناسبة، وقادت العديد من المبادرات الدعائية والترويجية لنظام الأسد كما قامت أسماء الأسد بتمرير رسائل سياسية داعمة للنظام في العديد من خطاباتها في المنظمة وخارجها، تحدثت فيها عن المؤامرات الخارجية، وعن قيادة زوجها الصامدة في وجه المؤامرات. كما تشرف الأمانة على العديد من المشاريع الداعمة للجيش والمبادرات التي تشيد وتمجد ببطولاته، وتحاول الأمانة كسر العزلة الدولية المفروضة على النظام في الخارج، فتشارك في المعارض في الإمارات العربية المتحدة وترسل نماذج من الصناعات اليدوية إلى إيطاليا وتحاول الانخراط في النشاطات الثقافية هنا وهناك، مع الحرص على ربط الثقافة والتاريخ والمجتمع السوري بصورة السيدة الأولى وزوجها.

عرض التقرير ثلاث ممارسات في الأمانة السورية للتنمية تثبت غرق المنظمة في الفساد والمحسوبيات، أولها أن الأمانة تساهم بشكل واضح في دمج الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية في اقتصاد الحرب، عن طريق تخصيص جزء كبير من المساعدات لدعم المجهود الحربي، وثانيها أن الأمانة تعمل بمثابة أداة لمكافأة الموالين وعقاب المعارضين عبر حرمانهم من المساعدات الدولية المتبقية التي لم تتم سرقتها. إذ تكرس المساعدات القادمة من الأمم المتحدة وغيرها من المانحين، لامتصاص الغضب الشعبي من الأحوال الاقتصادية المتردية في البيئة الحاضنة للنظام، وتعمل من خلال هذه المساعدات على سد الفجوة التي باتت تتسع أكثر فأكثر بين النظام السوري والحاضنة الموالية له، وذلك عن طريق تركيز تحويل المساعدات للموالين للنظام بغض النظر عن الحاجة والاستحقاق. وأخيراً فإن المساعدات الموجهة للموالين، تخضع لدورة ثانية من الفساد والمحسوبية، فقد تحدَّث الكثير من الموالين عن عدم وصول المساعدات لهم على الرغم من أنهم مستحقون لها، فقط لأنهم لا يملكون “واسطة” مما يعني أن النظام يمنح مواليه عبر الأمانة للتنمية مزايا وهمية تتحدث عنها أسماء الأسد في المؤتمرات لجلب الدعم المالي وعبر وسائل الإعلام للظهور بصورة الساعي لمساعدة الفقراء والمحتاجين، لكن لا يتم تطبيق معظم هذه المزايا على أرض الواقع.

أثبت التقرير أن النظام السوري نجح في تحويل منظمات غير حكومية مثل الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية إلى منظمات تدار من قبل الحكومة وهو نمط شائع في السياقات الاستبدادية يهدف إلى تقويض قدرات المجتمع المدني والسيطرة الحكومية على مؤسساته لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تصب في صالح النظام. كما قام بخلق مجتمع مدني يخدم لأجل تلميع وتسويق صورته كما هو الحال مع الأمانة السورية للتنمية. كما أثبت قيام النظام السوري بفرض الهلال والأمانة لتكونا بوابات حصرية لتلقي الدعم الدولي من وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة، واستخدمهما لرفد البنك المركزي بالعملات الصعبة والاستحواذ على أموال طائلة من المجتمع الدولي، على الرغم من العقوبات التي يخضع لها.

أكد التقرير أن منظمة الهلال الأحمر أصبحت تحت سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل واضح بعد الحراك الشعبي في آذار/2011، واستخدمت تلك الأجهزة بيانات المستفيدين من الهلال لملاحقة المطلوبين أمنياً كما وثِقت حالات استخدمت فيها مقرات الهلال للاحتجاز التعسفي، ولم يعد بإمكان المنظمة العمل دون تصريحات أمنية لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ووثقت العديد من الحالات التي تمت فيها سرقة المساعدات من قبل فروع الأمن أو الحواجز. وأضاف أن النظام السوري مكَّن أسماء الأسد مِن القضاء على منافسيها في مجال العمل الإنساني وساعدها على سحق المنظمات غير الحكومية الأخرى التي فضلت الاستقلالية، ليستطيع النظام السوري التحكم بالقطاع الإنساني عبر الأمانة السورية للتنمية.

أوضح التقرير أنه لا يمكن اعتبار مؤسسات مثل الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات للعمل الإنساني وفق ما تؤمن به الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، لأنه يستحيل على مثل هذه المؤسسات المسيطر عليها من قبل النظام السوري أن تلتزم الحياد، والاستقلال، وعدم التحيز.

استنتج التقرير أن النظام السوري استغل الأموال المقدمة من الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في احتكارات اقتصادية ساهمت في بناء ثروات شخصية لرؤوس النظام السوري، كما استفاد بشكل غير مباشر من التحويلات المالية التي كان يقدمها المانحون للفوز بمناقصات الأمم المتحدة للمشاريع الإنسانية المقامة في مناطق النظام.

طالب التقرير الدول المانحة بالتأكد من وصول المساعدات إلى محتاجيها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وذلك عبر فرض آليات رقابة فعالة على المشاريع التي تمولها، والتواصل بشكل مستقل وحيادي مع المجتمعات المستفيدة من المساعدات للتأكد من وصولها لهم. كما طالبها بالتأكد من أن الشركاء المنفذين للمشاريع الإنسانية في سوريا غير خاضعين للعقوبات، وغير مرتبطين بشخصيات خاضعة للعقوبات أو متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.

أوصى التقرير المجتمع الدولي بإدانة هيمنة النظام السوري على المساعدات الإنسانية وفرض عقوبات عليه لانتهاكه قواعد القانون الدولي الإنساني، وتحويله منظمة بمكانة الهلال الأحمر إلى أداة تتحكم بها الأجهزة الأمنية وتخدم هدف إطالة عمر النظام. كما أوصى الأمم المتحدة برفض الالتزام بالوكالات الحصرية التي يحددها النظام لإيصال المساعدات (الهلال والأمانة)، ورفض تحكم أجهزة الأمن بأنواع المشاريع التي يتم تنفيذها وهوية المستفيدين من هذه المشاريع، وغير ذلك من أنواع الابتزاز الذي يمارسه النظام السوري على وكالات الأمم المتحدة بهدف تسخير المساعدات لصالحه.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية..

للاطلاع على التقرير كاملاً

 

المواطن محمود تركي البعاج مختف قسريا منذ عام 2012

متاح بالـ

 

لاهاي – أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة بقضية المواطن “محمود تركي البعاج”، الذي كان يعمل عامل مياومة قبيل اعتقاله، وهو من أبناء مدينة دير الزور، ويقيم في حي البياضة بمدينة حمص، من مواليد عام 1977، اعتقلته عناصر قوات النظام السوري في تشرين الأول/ 2012، وذلك من مدرسة ترشيحا في مخيم اليرموك جنوب مدينة دمشق بعد نزوحه من مدينة حمص نتيجة المعارك الدائرة بين قوات النظام السوري وفصائل من المعارضة المسلحة، واقتادت محمود إلى جهة مجهولة، ومنذ ذلك التاريخ أخفي قسرياً، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.

كما قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بإطلاع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بقضية المواطن “محمود”.

السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن محمود تركي البعاج، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.

طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، طالبتهم بالتدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.

الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لكنها على الرغم من ذلك طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الَلذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.

كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفها من عمليات التعذيب وربما الموت بسبب التعذيب بحق المختفين قسرياً منذ عام 2011 ولا يزال عداد الاختفاء القسري في تصاعد مستمر.

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان يحصل على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان

متاح بالـ

 

في 11/ كانون الأول/2023  حصل مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان لهذا العام، وقامت بتسليمها له سعادة السفيرة برجيت كرومي السفيرة الخاصة لدى سوريا، وذلك بالنيابة عن الحكومتين الفرنسية والألمانية، وذلك على هامش يوم حقوق الإنسان الذي يصادف 10/كانون الأول من كل عام، وهو اليوم الذي تمَّ فيه اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتهدف الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون لتكريم المنظمات والأفراد الذين قدموا مساهمةً بارزةً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون في بلادهم وعلى المستوى الدولي، وعادةً ما يتم ترشيح المرشحين من قبل البعثات الدبلوماسية الألمانية والفرنسية في جميع أنحاء العالم، ويتم اختيار القرار النهائي من قبل لجنة خاصة.

للاطلاع على البيان كاملاً

المواطن عبد الكريم إسماعيل شمس الدين ونجليه أنس ومالك مختفون قسرياً

متاح بالـ

 

لاهاي – أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة بقضية المواطن “عبد الكريم إسماعيل شمس الدين” ونجليه “أنس ومالك”، من مواليد 1954، و1980، و1984 حسب الترتيب، وهم جميعاً من أبناء مدينة القصير في ريف محافظة حمص الجنوبي، اعتقلت عناصر قوات النظام السوري بداية كلاً من “أنس” الذي كان متطوعاً في الشرطة المدنية التابعة لقوات النظام السوري قبيل اعتقاله، وشقيقه “مالك” الذي كان يعمل سائق سيارة أجرة قبيل اعتقاله، في عام 2012، أثناء مرورهما من نقطة تفتيش تابعة لها في بلدة القطيفة شمال محافظة ريف دمشق (على طريق دمشق – حمص الدولي)، لدى عودتهما من مخفر بلدة سعسع جنوب محافظة ريف دمشق بسيارة من طراز “كيا ريو” صفراء اللون، باتجاه مدينة القصير بريف محافظة حمص الجنوبي، واقتادتهما إلى جهة مجهولة، ومنذ ذلك التاريخ أخفيا قسرياً، ولا يزال مصيرهما مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان وأهلهما أيضاً.

ثم اعتقلت عناصر قوات النظام السوري والدهما المواطن “عبد الكريم إسماعيل شمس الدين”، الذي كان متطوعاً في الشرطة المدنية التابعة لقوات النظام السوري قبيل اعتقاله، في عام 2014، أثناء مراجعته لفرع المخابرات الجوية في مدينة حمص، ومنذ ذلك التاريخ أخفي قسرياً، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان وأهله أيضاً.

كما قامت الشبكة السورية لحقوق باطلاع المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بقضية المواطن “عبد الكريم إسماعيل شمس الدين” ونجليه “أنس ومالك”.

السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري المواطن “عبد الكريم إسماعيل شمس الدين” ونجليه “أنس ومالك”، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيرهم حتى الآن، كما عجز أهلهم عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنهما كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.

طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، طالبتهم بالتدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنهما، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.

الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لكنها على الرغم من ذلك طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، اللذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.

كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفها من عمليات التعذيب وربما الموت بسبب التعذيب بحق المختفين قسرياً منذ عام 2011 ولايزال عداد الاختفاء القسري في تصاعد مستمر.

للاطلاع على البيان كاملاً

تحليل أولي للقانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم الذي أقره “مجلس الشعب السوري”

مجلس الشعب غير شرعي وأداة بيد النظام السوري يشرعن من خلالها قوانين تنتهك حقوق المواطن السوري وتنهب أمواله

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “تحليل أولي للقانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم الذي أقره مجلس الشعب السوري”، وأشارت فيه إلى أن مجلس الشعب غير شرعي وأداة بيد النظام السوري يشرعن من خلالها قوانين تنتهك حقوق المواطن السوري وتنهب أمواله.

قال التقرير إن النظام السوري يشرعن الدكتاتورية والتوليتارية عبر نصوص دستورية وقوانين تخالف القواعد الآمرة في القانون الدولي، وتنتهك حقوق الإنسان، وذلك بسبب تغول السلطة التنفيذية مجسدة في الأجهزة الأمنية على صلاحيات السلطة التشريعية والقضائية وتحكمها بشكل مطلق في إصدار القوانين ومجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية العليا، والقيام بتحويلهم جميعاً إلى مجرد واجهة شكلية تهدف إلى قوننة ممارسات السلطة التنفيذية الإجرامية. وأضاف التقرير أن مجلس الشعب في سوريا أشبه ما يكون بمجلس حرب لصالح دعم النظام السوري، إذ لم يوجه مجلس الشعب أي نقد أو مساءلة للنظام السوري على مدى كل سنوات حكمه، وبشكل خاص بعد عام/ 2011 ولم تتم مساءلة وزير واحد أو عزله، بل على العكس فقد قام مجلس الشعب بتأييد الحكومات ورئيس الجمهورية في كافة القرارات والانتهاكات والجرائم التي مارسوها بحق المجتمع السوري، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، وقتل آلاف المواطنين تحت التعذيب، وقصف المدن والأحياء بالبراميل المتفجرة، وغير ذلك من انتهاكات تصل على جرائم ضد الإنسانية وأصبجت مهمة مجلس الشعب الأساسية استصدار قوانين تتناغم مع أهداف النظام السوري مهما انتهكت من حقوق الشعب السوري.

يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:

“يأتي هذا القانون التعسفي الذي ينتهك العديد من حقوق الإنسان بعد أن أنفق النظام السوري موارد الدولة السورية من أجل بقائه في الحكم، وبعد أن نهبت قواته المدن والبلدات التي أعاد السيطرة عليها، فهو بحاجة إلى قوانين إضافية لنهب أموال المواطنين، ويضاف هذا القانون إلى ترسانة من القوانين تصب في هذا السياق، مثل قوانين السيطرة على الأراضي والملكية، وابتزاز أهالي المختفين قسرياً. يجب إدانة هذا القانون وفضحه ورفض أي إجراءات ناجمة عنه”.

ذكر التقرير أن مجلس الشعب أقر في 30/ تشرين الثاني/ 2023 مشروع القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم وأصبح قانوناً. وقال التقرير إن هذا القانون جاء وفق استراتيجية وسياسة مدروسة، عمِل النظام السوري على ترسيخها وتوسيعها منذ آذار/2011 عبر عمليات مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لشرائح واسعة من الشعب السوري وفي مقدمتهم المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في مراكز احتجازه ومئات الآلاف من المطلوبين والملاحقين من المشردين قسرياً من خلال إصدار قرارات حجز ومصادرة إدارية وقضائية بكثافة وقد توجت هذه الممارسات أخيراً بتنظيم إدارة الاستفادة والاستثمار من هذه المصادرات عبر استصدار قانون خاص بها.

بحسب التقرير فإن أحكام القانون ستطبق بأثر رجعي على الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم سواء صدر الحكم قبل نفاذ هذا القانون أم بعده. وبالتالي فإنه ينتهك بذلك مبدأ عدم رجعية القانون ولا يقتصر مبدأ عدم رجعية القانون على تعريف أو تحديد الجرائم والجنح، بل ينطبق على درجة العقوبات والأحكام الناتجة عن ذلك. ويزداد التشدد في عدم الرجعية وصون هذا المبدأ بأوقات النزاع كما في حالة سوريا وبالتالي لا يجوز للقانون الجديد أن يفرض عقوبات أعلى كما في عدم الاكتفاء بمصادرة الأموال ومنع التصرف بها، بل واستخدامها أيضاً من قبل السلطة التنفيذية. وذكر التقرير أن القانون الجديد يهدف إلى إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم، وبالتالي ستؤول ملكية هذه الأموال وحق التصرف بها إلى مؤسسات الدولة ويشكل هذا الإجراء خرقاً لكافة القوانين التي تحمي الملكية سواء في الدستور أو القوانين المحلية وحتى القانون الإنساني الدولي والقانون العرفي الدولي والإعلان العالمي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وفقاً للتقرير فإن هناك إمكانية لاكتساب قرارات الحجز الاحتياطي التي صدرت عن وزير المالية صفة القرار القضائي وعلى اعتبار عدم تمكن الغالبية العظمى ممن شملتهم هذه القرارات من سلك الطرق القانونية لإزالة الحجز وانتهاء مدة الطعن المحددة بثمانية أيام فقط من تنفيذ الحكم بالحجز في معظم هذه القرارات التي صدرت طوال السنوات السابقة فإنها ستؤول لتكون أحكام قضائية مبرمة. وثق التقرير ما لا يقل عن 68 جهة تنفيذية وقضائية أصدرت قرارات توزعت بين قرارات خاصة في تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة، قرارات حجز تنفيذي، قرارات حجز احتياطي، قرارات منع التصرف، وقرارات في وضع إشارة حجز وتجريد، مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة.

قال التقرير إنه ما زال قرابة 135638 ألف مواطن سوري قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري منذ آذار/2011 وحتى آب/2023، أحيل جزء منهم إلى المحاكم الاستثنائية وصدرت بحقهم أحكام بمصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة معظمها كانت كأحكام مضافة لعقوبتهم الأصلية بالسجن أو الإعدام، واعتقد التقرير أن النظام السوري قد أصدر أحكاماً سريةً ضد الغالبية العظمى الآخرين لذلك فإن المعتقلين والمختفين قسرياً عامةً هم من أوائل الضحايا الذين سيجردهم القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم من حقوقهم في ملكياتهم وأموالهم بشكل وحشي ونهائي. واستعرض التقرير البيانات المسجلة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول محكمتي قضايا الإرهاب ومحكمة الميدان العسكرية الملغاة.

استنتج التقرير أن سياسة التشريع في سوريا جُردت من كافة المعايير الضابطة للتشريعات وخاصةً المرتبطة بالنزاع وانتهكت القواعد الدستورية والقانونية في كثير من التشريعات وتفتقر السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب للاستقلالية ويتحكم بها بشكل كامل السلطة التنفيذية حتى على صعيد اختيار أعضائها فضلاً عن التحكم في القوانين الصادرة عنها. وأضاف أن القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة ينتهك بموجب حكم قضائي مبرم التشريعات المحلية والدولية ويطلق يد النظام السوري في تجريد الضحايا من حقوقهم في الملكية وحرمانهم منها بشكل نهائي. كما استنتج أن القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم يرسخ سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها النظام السوري ضد الشعب كافة ويرمي به نحو مزيد من الفقر وانعدام كافة أشكال الحماية القانونية.

أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بالإسراع في تطبيق الحل السياسي في سوريا استناداً إلى بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2118، و2254، مما يساهم في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإيقاف التعذيب وإنهاء المحاكم الاستثنائية الأمنية. وإدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث، وفضح ممارساته في وضع قوانين ينهب من خلالها ممتلكات النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين.

كما طالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإصدار بيان إدانة لتلاعب النظام السوري بملف المعتقلين السياسيين وممتلكاتهم، واستمرار احتجازه لعشرات الآلاف من المواطنين السوريين دون أية محاكمة عادلة أو أدلة حقيقية.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية..

للاطلاع على التقرير كاملاً

المواطن علي جمعة الحصرم مختف قسرياً منذ عام 2012

متاح بالـ

 

لاهاي – أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة بقضية المواطن “علي جمعة الحصرم” الذي كان يعمل سائقاً لسيارة نقل قبيل اعتقاله، وهو من أبناء قرية معرشمارين في ناحية معرة النعمان بريف محافظة إدلب الجنوبي، من مواليد 1961، اعتقلته عناصر من قوى الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري في 25/ أيار/ 2012،  لدى مروره على نقطة تفتيش مؤقتة تابعة لهم في مدينة النبك شمال محافظة ريف دمشق على طريق دمشق الدولي أثناء توجهه إلى محافظة إدلب، واقتادته مع سيارته إلى فرع الأمن العسكري في مدينة النبك ثم تم تحويله فور ذلك إلى فرع أمن الدولة (فرع الخطيب) في شارع بغداد في مدينة دمشق، ومنذ ذلك التاريخ أخفي قسرياً، وما يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان وأهله أيضاً.

كما قامت الشبكة السورية لحقوق باطلاع المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بقضية المواطن “علي جمعة الحصرم”.

السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن “علي جمعة الحصرم”، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.

طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، طالبتهم بالتدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.

الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لكنها على الرغم من ذلك طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، اللذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.

كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفها من عمليات التعذيب وربما الموت بسبب التعذيب بحق المختفين قسرياً منذ عام 2011 وما يزال عداد الاختفاء القسري في تصاعد مستمر.

أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في تشرين الثاني 2023

محكمة العدل الدولية تصدر قرارا بفرض تدابير مؤقتة ضد النظام السوري تطالب بإيقاف التعذيب

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الثاني 2023، وأشارت إلى إصدار محكمة العدل الدولية قراراً بفرض تدابير مؤقتة ضد النظام السوري يطالب بإيقاف التعذيب.

استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 26 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في تشرين الثاني 2023، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافةً إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.

اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.

سجَّل التقرير في تشرين الثاني مقتل 72 مدنياً، بينهم 14 طفلاً و7 سيدات (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد قوات النظام السوري، من بين الضحايا 1 من الكوادر الطبية و1 من الكوادر الإعلامية. وسجل مقتل 9 أشخاص بسبب التعذيب، ووقوع ما لا يقل عن 1 مجزرة.

ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 221 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 19 طفلاً، و14 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الثاني، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فحلب ثم دمشق.

وبحسب التقرير فقد شهد تشرين الثاني ما لا يقل عن 3 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 2 من هذه الهجمات كانت على يد قوات النظام السوري، و1 على يد قوات سوريا الديمقراطية. من بين هذه الهجمات وثق التقرير 1 حادثة اعتداء على منشأة تعليمية، و1 على مكان عبادة.

سجل التقرير في تشرين الثاني استمرار هجمات قوات النظام السوري الأرضية على شمال غرب سوريا، والتي شهدت انخفاضاً ملحوظاً عما كانت عليه في الشهرين السابقين وخاصةً تشرين الأول، تركزت الهجمات على مناطق في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي وسهل الغاب بريف حماة الغربي، القريبة من خطوط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة. طبقاً للتقرير فإن العديد من هجمات قوات النظام السوري الأرضية على شمال غرب سوريا استهدفت مدنيين أثناء عملهم على جني موسم الزيتون من أراضيهم الزراعية، والتي تسببت في مقتل وإصابة العشرات منهم. كما سجل التقرير تراجعاً في وتيرة الهجمات الجوية من القوات الروسية على شمال غرب سوريا عما كانت عليه في تشرين الأول المنصرم، التي تركزت على مناطق قريبة من خطوط التماس بريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية واقتصرت على أضرار مادية دون تسجيل خسائر بشرية. ورصد التقرير استمرار خروج احتجاجات مدنية سلمية للشهر الرابع على التوالي في محافظة السويداء جنوب سوريا والخاضعة لسيطرة النظام السوري، وكانت المظاهرات تجدد الإشارة إلى مسؤولية بشار الأسد عن تردي الأوضاع في البلاد، وتطالب بتغيير النظام السوري.

سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية قتلها للعديد من المدنيين في شمال شرق سوريا، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرتها أو في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري. ورصد مقتل 3 مدنيين، بينهم 1 طفلاً و1 سيدة، إثر انفجار ألغام أرضية، وقد بلغت حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023، 104 مدنياً بينهم 26 طفلاً و9 سيدات. وسجل التقرير استمرار عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، تركزت في محافظات السويداء ودرعا ودير الزور.

وفقاً للتقرير، استمر الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني في تشرين الثاني بالتدهور على كافة المستويات في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، حيث شهدت هذه المناطق حالة تدهور حاد في الوضع الخدمي، وارتفاعات مستمرة في كافة الأسعار، وبشكل خاص أسعار المواد الغذائية والخضراوات واللحوم الحمراء، وأشار التقرير إلى معاناة المواطنين السوريين المقيمين في مناطق خضعت لعمليات عسكرية عنيفة من تصدع الأبنية التي يقطنونها ومع عدم توفر الإمكانات المادية لإعادة ترميمها، تغدو عُرضةً لخطر الانهيار فوق رؤوسهم.

وفي شمال غرب سوريا، لا يزال المدنيون يعانون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية، كل ذلك في ظل نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين، وتدهور سعر صرف الليرة التركية وهي العملة المتداولة في شمال غرب سوريا، إضافةً إلى انخفاض أجرة اليد العاملة، وعلى صعيد الخدمات شهدت عدة مناطق نقصاً في وصول المياه، نتيجة ضعف شبكة المياه الرئيسية، وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر، كما شهدت منطقة الشهباء شمال محافظة حلب والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية قيام نقاط التفتيش التابعة لقوات النظام السوري المنتشرة في محيط المنطقة بمنع دخول المحروقات والمواد الغذائية منذ 20/ تشرين الثاني وما زالت مستمرة حتى لحظة إعداد التقرير، الأمر الذي تسبب في توقف عمل بعض أفران الخبز وزاد من معاناة سكان المنطقة.

أضاف التقرير أن الوضع المعيشي والأمني في شمال شرق سوريا استمر بالتدهور، حيث لا تزال المنطقة تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، نتيجة عدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق، وزاد الأمر سوءاً في مناطق شرق محافظة دير الزور عقب الاشتباكات التي شهدتها في أيلول المنصرم والتي استمرت بشكل متقطع خلال تشرين الأول وتشرين الثاني حيث عانى المدنيون في هذه المناطق من صعوبة تأمين المياه والمستلزمات اليومية من الغذاء والدواء.

وبحسب التقرير استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، ووصول الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، إضافةً إلى الارتفاع المستمر في الأسعار وخصوصاً أسعار المواد الغذائية، وانتشار البطالة ضمن المخيمات وانعدام القدرة الشرائية.

ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.

وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.

وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.

طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.

وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.

كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.

دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.

طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.

كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.

كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.

وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.

وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية…

للاطلاع على التقرير كاملاً

توثيق ما لا يقل عن 221 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي في تشرين الثاني 2023 بينهم 19 طفلا و14 سيدة

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمكنت من رفع حصيلة المعتقلين والمختفين قسريا في سوريا في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 15/ تشرين الثاني/ 2023 إلى 135 ألفا

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 221 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي بينهم 19 طفلاً و14 سيدة، قد تمَّ توثيقها في تشرين الثاني 2023، وأشارت إلى أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمكنت من رفع حصيلة المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 15/ تشرين الثاني/ 2023 إلى 135 ألفاً.

أوضحَ التَّقرير -الذي جاء في 27 صفحة- أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.

يستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز وعمليات الإفراج عن المعتقلين/المحتجزين من مراكز الاحتجاز التي سجلها في تشرين الثاني/ 2023 على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ويستعرض أبرز الحالات الفردية وحوادث الاعتقال التَّعسفي والاحتجاز، التي وثقها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المدة ذاتها، وتوزُّع حالات وحوادث الاعتقال تبعاً لمكان وقوع الحادثة. ولا يشتمل على حالات الخطف التي لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها. كما سجَّل التقرير عمليات الاعتقال التعسفي التي تحولت إلى اختفاء قسري.

ووفقاً للتقرير فإنَّ القوانين والنصوص الخاصة بالتعذيب في الدستور والقانون السوري الحالي لم توقِف أو تُخفف من وتيرة عمليات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، وأشار إلى أنَّ الدولة تُسيطر بشكل مركزي على مراكز الاحتجاز التابعة لها، ولذا فإنه من المستبعد أن تجري وفيات بسبب التعذيب دون علم النظام الحاكم في الدولة، وقال إنَّ النظام السوري مسؤول عن إثبات أنَّ حالات الوفيات التي وقعت لم تكن بسبب التعذيب، وأضاف أنَّ العديد من أجهزة النظام السوري منخرطة في التعذيب وفي الوفيات بسبب التعذيب، فهذا يتطلب اشتراك مؤسسات عدة في الدولة من أبرزها: وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، الأجهزة الأمنية، السجون المدنية، المشافي العسكرية، المؤسسة القضائية، وزارة الأوقاف، مكتب دفن الموتى، وهذا يُشير إلى عملية تناغم وتنسيق عالٍ بين هذه المؤسسات، وهذا لا يتم إلا بإدارة مستويات عليا في النظام السوري تتحكم بجميع هذه المؤسسات.

وفي سياق متصل أشار التقرير إلى القانون رقم 16 لعام 2022 لتجريم التعذيب الذي أصدره رئيس النظام السوري في 30/ آذار/ 2022، الذي اعتبر فيه جريمة التعذيب جناية تستوجب عقوبةً شديدةً لمرتكبها أو لمن شارك فيها أو لمن حرَّض عليها أيضاً، وأورد التقرير عدداً من النقاط تعبر عن خلل على مستوى منظومة التعذيب والتشريع لدى النظام السوري، إضافةً إلى خلل في نص “القانون” نفسه، ورأى أنه سيبقى حبراً على ورق ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب ما دامت بقية القوانين القمعية سارية وهي التي يقوم عليها النظام، ومنها، النصوص التي تمنح الحصانة لأفراد الأجهزة الأمنية من الملاحقة القضائية والمتعارضة مع العديد من مواد قانون العقوبات العام والدستور الحالي، إضافةً إلى بقاء المحاكم الجزائية الاستثنائية (الميدان العسكرية، وقضايا الإرهاب) في دمشق، وتخويل الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق مع المواطنين لمدة تتجاوز الشهرين في كثير من الأحيان، وعدم إصلاح منظمة السجون وإخضاعها للإشراف القضائي، إضافة إلى تغول السلطة التنفيذية على القضاء.

وبين التقرير أن النظام السوري يصدر قوانين تنتهك مبادئ القانون ويخالف محددات الاعتقال والتحقيق وفق التشريعات المحلية، إذ يعتبر قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات العام، وقانون العقوبات العسكري من أبرز القوانين التي يحاكم بموجبها المعتقلون وفي معظم الأحيان توجه المحاكم الاستثنائية التي يخضع لها المعتقلون مجموعة من التهم الرئيسة وتعممها على قضايا المعتقلين، وبذلك لا يواجه المعتقل تهمة واحدة، بل جملة من التهم، والتي لا تستند إلى أدلة أو وقائع حقيقية. وقد أكّد دستور عام 2012 أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وأن كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة، وأن العقوبة شخصية فلا يجوز أن يؤخذ أفراد أسرة مرتكب أفعال جرمية كزوجته وأصوله وفروعه بجريرته وتحتجز حريتهم كرهائن لحين القبض عليه، ونهى الدستور عن تفتيش أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن القضاء المختص، وأوجب حين القبض على شخص أن يُبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ونهى أيضاً عن الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من القضاء المختص، وكذلك كان قانون أصول المحاكمات الجزائية موضحاً في المادة 17/ 1 أن النائب العام هو الجهة الوحيدة المكلفة استقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها، وليس أحداً من الأجهزة الأمنية، وأن المرسوم التشريعي رقم /55/ تاريخ 21/ نيسان/2011 الذي سمح للضابطة العدلية أو المفوضون بمهامها (الأجهزة الأمنية) التحفظ على المشتبه بهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام على ألا يزيد هذه المدة عن ستين يوماً، لم تتقيد به أجهزة الأمن نهائياً، ما يؤكد أن مبدأ سيادة القانون الدستوري بقي شكلياً بدون أي قيمة فعلية، وجرى تقويضه تماماً بفعل مؤسسات حكومية رسمية وقضاء عاجز عن الرقابة والمحاسبة بسبب فقدان استقلاله وتغوّل السلطة التنفيذية والتشريعية عليه.

وأشار التقرير إلى أن كافة مراسيم العفو أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام السوري قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً. وأنَّ مراسيم العفو لا تفرج إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع وما زال النظام السوري مستمراً في عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بصرف النظر عن مراسيم العفو التي يصدرها.

جاء في التقرير أنَّ قوات النظام السوري لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي؛ الأمر الذي يُثبت مجدداً حقيقة أنه لا يمكن لأي مواطن سوري أن يشعر بالأمان من الاعتقالات؛ لأنها تتم دون أي ارتكاز للقانون أو قضاء مستقل، وتقوم بها الأجهزة الأمنية بعيداً عن القضاء وغالباً ما يتحول المعتقل إلى مختفٍ قسرياً وبالتالي فإن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري لا يمكن أن تشكِّل ملاذاً آمناً للمقيمين فيها، وهي من باب أولى ليست ملاذاً آمناً لإعادة اللاجئين أو النازحين، وأكَّد التقرير على أنه لن يكون هناك أي استقرار أو أمان في ظلِّ بقاء الأجهزة الأمنية ذاتها، التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية منذ عام 2011 وما زالت مستمرة حتى الآن.

وفي هذا السياق أوردَ نقاطاً من خلفيات الاعتقال/ الاحتجاز التي سجلها في تشرين الثاني، وقال إنَّ قوات النظام السوري استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام السوري، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظتي ريف دمشق ودرعا، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش. كما أشار إلى عمليات عمليات اعتقال نفَّذها فرع الأمن الجنائي في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص، استهدفت عدداً من المدنيين والموظفين الحكوميين على خلفية انتقادهم للفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة النظام السوري وتم توجيه تهم عامة لهم مُرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، والذي يقوم النظام السوري بموجبه باعتقال المواطنين والعاملين في مؤسساته على خلفية انتقادهم الفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرته. وسجل عمليات اعتقال قامت بها عناصر قوات النظام السوري في محافظة حلب، استهدفت عشرات المدنيين ولم تستثنِ النساء منهم لدى مرورهم على نقاط تفتيش تابعة لها أثناء توجههم من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها. كما سجل عمليات اعتقال قامت بها عناصر الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري وعناصر تنتمي لميليشيات/ قوات غير رسمية تتبع لقوات النظام السوري، استهدفت عدداً من المدنيين أثناء محاولتهم الدخول إلى منطقة الحجر الأسود بمدينة دمشق، لتفقد منازلهم التي نزحوا عنها في وقتٍ سابق. وأشار التقرير إلى أن النظام السوري يفرض على سكان منطقة الحجر الأسود الحصول على موافقة للسماح لهم بتفقد ممتلكاتهم أو العودة إليها عبر تقديم طلبات رسمية تثبت ملكيتهم إلى مجلس محافظة دمشق أو مفرزة الأمن العسكري في المنطقة. ورصد التقرير عمليات اعتقال عشوائية قامت بها عناصر قوات النظام السوري بحق مواطنين في محافظات حماة ودمشق وحمص وريف دمشق، بذريعة حملهم هواتف محمولة غير مجمركة وذلك بهدف ابتزازهم مادياً. كما رصد عمليات اعتقال استهدفت مدنيين تم اعتقالهم بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية في معظم المحافظات السورية.

من جهةٍ أخرى سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، وارتفاعاً في حصيلة حالات الاحتجاز والاختفاء القسري لديها، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، بعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي، كما رصد عمليات احتجاز استهدفت مدنيين بذريعة مشاركتهم في المعارك الدائرة بينها وبين قوات العشائر العربية بمحافظة دير الزور، ورافقت عمليات الاعتقال/ الاحتجاز سرقة محتويات بعض منازل المحتجزين، كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة منبج وقراها بمحافظة حلب. وسجل التقرير استمرار قيام قوات سوريا الديمقراطية باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.

طبقاً للتقرير فقد شهدَ تشرين الثاني عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام بحق مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وشملت نشطاء إعلاميين وسياسيين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين على خلفية انتقادهم هيئة تحرير الشام على مواقع التواصل الاجتماعي. مـن جهتهـا قامـت جميع فصائل المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي بعمليات احتجاز تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء والأطفال، معظمها حدث بشكل جماعي، استهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ورصد التقرير حالات احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركَّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة وهو الجهة الإدارية المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة، كما سجل عمليات دهم واحتجاز شنَّتها عناصر في الجيش الوطني استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، كما سجل عمليات اعتقال قامت بها عناصر في الجيش الوطني استهدفت عدداً من المدنيين على خلفية مطالبتهم باستعادة منازلهم التي استولت عليها بعض الفصائل التابعة للجيش الوطني.

على صعيد الإفراجات، ذكر التقرير أن النظام السوري أصدر في 16/ تشرين الثاني/ 2023 المرسوم التشريعي رقم (36) لعام 2023 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ إصدار المرسوم، والذي استثنى كافة المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية الرأي والنزاع المسلح، ولم يتم رصد أية عمليات إفراج استهدفت المعتقلين السياسيين أو على خلفية النزاع بموجب المرسوم رقم 36. وسجل التقرير إخلاء قوات النظام السوري سبيل 7 أشخاص من محافظتي دير الزور ودمشق، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، ولم يرتبط الإفراج عنهم بقانون العفو رقم 7/ 2022، أو مرسوم العفو 36/ 2023، وكانوا قد قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مدة وسطية تتراوح ما بين عام واحد حتى ثلاثة أعوام. كما سجل الإفراج عن 16 شخصاً، بعد مضي أيام قليلة أو أشهر على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، وكان معظمهم من أبناء محافظات اللاذقية وطرطوس وحلب، أمضى جميع المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية. ولم يسجل التقرير أية إفراجات مرتبطة بمرسوم العفو الذي أصدره النظام السوري في 21/ كانون الأول/ 2022 المرسوم التشريعي رقم (24) لعام 2022.

ووفقاً للتقرير فقد أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن 21 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى الشهرين، وكان معظمهم من أبناء محافظة دير الزور، معظمهم أفرج عنهم بعد وساطات عشائرية أو بعد انتهاء أحكامهم التعسفية. كما أفرجت هيئة تحرير الشام من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب عن 4 مدنيين، بعد احتجازهم مدة تتراوح لأيام عدة دون توجيه تهم واضحة لهم. وأفرجت فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في تشرين الثاني عن12 مدنياً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، بعد احتجازهم ما بين أيام عدة حتى ثلاثة شهور دون توجيه تهم واضحة لهم أو إخضاعهم لمحاكمات، وتم الإفراج عن معظمهم بعد ابتزاز عائلاتهم من أجل دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم.

سجَّل التقرير في تشرين الثاني ما لا يقل عن 221 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 19 طفلاً و14 سيدة (أنثى بالغة)، وقد تحوَّل 187 منها إلى حالات اختفاء قسري. كانت 91 منها على يد قوات النظام السوري، بينهم 1 طفل و13 سيدة، و76 بينهم 16 طفلاً على يد قوات سوريا الديمقراطية. فيما سجَّل التقرير 13 حالة على يد هيئة تحرير الشام، و41 حالة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني بينهم 2 طفل، و1 سيدة.

واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز في تشرين الثاني حسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى لحالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز كانت من نصيب محافظة حلب تليها دير الزور تليها ريف دمشق، ثم دمشق ثم إدلب، ثم الرقة، ثم الحسكة وحمص.

ذكر التقرير أن الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت يوم الأربعاء 15/ تشرين الثاني/ 2023 على مسودة القرار A/C.3/78/L.43 الذي أدان استمرار ارتكاب النظام السوري للانتهاكات الجسيمة المنهجية والواسعة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد مرَّ القرار بأغلبية 86 دولة، ومعارضة 15، وامتناع 73 عن التصويت. وأضاف التقرير أن القرار اعتمد على بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الكثير من الإحصائيات والمعلومات، وأشار إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تتعاون مع العديد من هيئات الأمم المتحدة في سوريا منذ قرابة ثلاثة عشر عاماً، بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولجنة التحقيق الدولية، والآلية الدولية المستقلة، واليونيسيف، والعديد من المقررين الخواص.

ووفقاً للتقرير فإنَّ المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا، وضمن أي نشاط كان سياسي، حقوقي، إعلامي، إغاثي، ومن يشابههم، فإن الأفرع الأمنية توجِّه إلى الغالبية العظمى من هؤلاء وتنتزع منهم تهماً متعددة تحت الإكراه والترهيب والتعذيب ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية. ولا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني.

اعتبر التقرير أن قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان، وفي بيان وقف الأعمال العدائية في شباط 2016 وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015.

أكَّد التقرير أنَّ النظام السوري لم يفِ بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمرَّ في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل قرابة 68 % من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً.

وأشار التقرير إلى أنَّ الأطراف الأخرى (قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني) جميعها ملزمة بتطبيق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ارتكبت انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري.

طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 و2043، و2139.

وأكَّد التقرير على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سوريا، 85 % منهم لدى النظام السوري والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بُدَّ منَ التَّصريح عن أماكن احتجازهم والسَّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصَّليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.

وشدَّد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنِّساء والتَّوقف عن اتخاذ الأُسَر والأصدقاء رهائنَ حرب.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

للاطلاع على التقرير كاملاً

توثيق مقتل 72 مدنيا بينهم 14 طفلا و7 سيدات و9 أشخاص بينهم 1 سيدة بسبب التعذيب في سوريا في تشرين الثاني 2023

قوات النظام السوري ترتكب مجزرة في قرية قوقفين بريف إدلب، تتسبب في قتل 10 مدنيين من عائلة واحدة بينهم 7 أطفال و1 سيدة

متاح بالـ

 

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ 72 مدنياً قد قتلوا في سوريا في تشرين الثاني 2023 بينهم 14 طفلاً و7 سيدات و9 أشخاص بينهم 1 سيدة بسبب التعذيب، وأشارت إلى أن قوات النظام السوري ارتكبت مجزرة في قرية قوقفين بريف إدلب، وتسببت في مقتل 10 مدنيين من عائلة واحدة بينهم 7 أطفال و1 سيدة.

رصد التقرير -الذي جاء في 25 صفحة- حصيلة الضحايا في تشرين الثاني، وسلَّط الضوء بشكل خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، وحصيلة المجازر التي تم توثيقها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في الشهر المنصرم، وتضمَّن استعراضاً لأبرز الحوادث. كما تطرَّق إلى أبرز المهام التي تقوم بها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف القتل خارج نطاق القانون.

وقد اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.

ذكر التقرير أنَّ النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني وأنه تحكم بشكل متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواء على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية. وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسم كبير من ذوي الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.

وأضاف التقرير أن وزير العدل في الحكومة التابعة للنظام السوري أصدر التعميم رقم 22 في 10/ آب/ 2022 القاضي بتحديد إجراءات حول سير الدعاوي الخاصة بتثبيت الوفاة ضمن المحاكم الشرعية، وتضمن التعميم 5 أدلة يجب التأكد من توفرها من قبل القضاة ذوي الاختصاص في الدعاوى الخاصة بتثبيت الوفاة، كما أوجب على جميع المحاكم ذات الاختصاص بقضايا تثبيت الوفاة التقيد بما ورد في التعميم. وقد تضمن التعميم فرض الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوى الوفاة؛ الأمر الذي يزيد من تغول الأجهزة الأمنية.

سجَّل التقرير مقتل 72 مدنياً بينهم 14 طفلاً و7 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الثاني/ 2023، قتل منهم النظام السوري 32 مدنياً بينهم 10 أطفال و 4سيدات، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 12 مدنياً بينهم 2 طفل. وبحسب التقرير قُتِل 28 مدنياً بينهم 2 أطفال و3 سيدة على يد جهات أخرى. وسجل مقتل 1 من الكوادر الطبية و1 من الكوادر الإعلامية على يد قوات النظام السوري. كما وثق التقرير في تشرين الثاني وقوع 1 مجزرة على يد قوات النظام السوري، وبلغت حصيلة ضحايا المجزرة الموثقة في تشرين الثاني 10 مدنيين بينهم 7 أطفال و1 سيدة.

وبحسب التقرير فإنَّ تحليل البيانات أظهر أنَّ محافظة دير الزور تصدرت بقية المحافظات بنسبة 25 % من حصيلة الضحايا الكلية الموثقة في تشرين الثاني، تلتها محافظة إدلب بنسبة تقارب 22 % جُلَّ ضحاياها قضوا على يد قوات النظام السوري، تلتها محافظة درعا بنسبة تقارب 19 % من حصيلة الضحايا الكلية.

وفقاً للتقرير فقد شهدَ تشرين الثاني استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، حيث وثق مقتل 3 مدنيين، بينهم 1 طفل، و1 سيدة، لتصبح حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023، 104 مدنياً بينهم 26 طفلاً و9 سيدات.

ووفقَ التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تشرين الثاني مقتل 9 أشخاص بسبب التعذيب بينهم 1 سيدة على يد كل من قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، وأضاف التقرير أن تشرين الثاني شهد ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد ضحايا التعذيب حيث بلغت نسبته ما يقارب 20% جلّهم قضوا على يد قوات النظام السوري بينهم 1 سيدة، وكان شهر آب قد شهد الحصيلة الأعلى للضحايا بسبب التعذيب في عام 2023 حيث بلغت نسبة ضحاياه 22 % مقارنةً بالمجموع الكلي لضحايا التعذيب.

بحسب التقرير فإنَّ الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.

أكد التقرير أن استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يعبر عن عقلية إجرامية ونية مبيتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).

طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.

ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاد الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.

وأوصى التقرير لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.

وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.

كما أوصى التقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.

إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

للاطلاع على التقرير كاملاً

بيان مطلب إنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيميائية

متاح بالـ

 

نحن مجموعة من مؤسسات حقوقية وإنسانية ومدنية سورية، ومن روابط ومجموعات الضحايا وذويهم، والشهود والناجين والناجيات من الهجمات الكيميائية في سوريا،

انطلاقاً من:

  1. تَعَرُّضِنا بشكل مباشر لهذه الأسلحة الفتاكة، والتي تسبب آلاماً وأضراراً شديدة وطويلة الأمد، وتعامُلنا الدائم مع تبعاتها سواء عند وقوع هذه الهجمات، أو في المحافل الدولية والمحاكم من خلال جهود الاستجابة والتوثيق والمناصرة والتقاضي ودعم التعافي في الحالات الممكنة.
  2. وإيماناً منا أن حالة الإفلات من العقاب السّائدة تضعف قوّة الاستجابة لجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، وتنهي الحظر المطلق لهذه الأسلحة ممّا يزيد من احتمال استخدامها في المستقبل، ويضعف مكانة ومصداقية المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بحفظ الأمن والسلام والاستقرار.

وبناءً على النقاط التالية:

  1. وجود حظر دولي تام لاستخدام الأسلحة الكيميائية مصان في الاتفاقيات والأعراف الدولية.
  2. وقوع انتهاكات متكررة لهذه القاعدة العالميّة بطريقة غير مسبوقة في النّزاع السوري.
  3. تكدس الأدلّة الدامغة التي قامت منظّمة حظر الأسلحة الكيميائية بجمعها، والتي تشير إلى مسؤولية السلطات السورية عن تسع ضربات منها، وتنظيم الدولة الإسلامية عن ضربتين.
  4. قيام الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي أنشأها المجتمع الدولي بالبناء على مثل هذه الأدلة دون وجود محكمة دولية جنائية تستطيع سماعها والبت فيها.
  5. عدم قدرة المحكمة الجنائية الدولية البت في هذا الانتهاك الصارخ لأن سوريا لم توقع على قانون إنشاء المحكمة، ولأن محاولة إحالة الملف من قبل مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية قوبل بالفيتو في عام ٢٠١٤.
  6. قدرة الدول ضمن حقوقها السيادية على المحاسبة بشكل جماعي ووجود النصوص الدولية ذات الصلة التي تدعم وتشجع السير بعملية المحاسبة.
  7. صرامة القرارات الدولية من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في سياق محاسبة جميع الأفراد والجهات والحكومات على استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة قرارات مجلس الأمن ٢١١٨، ٢٢٠٩، ٢٢٣٥، ٢٣١٤، ٢٣١٩ وقرارات الجمعية العامة ١٨٢\٦٨ (٢٠١٣)، ٤١\٧٠ (٢٠١٥)، ٦٩\٧١ (٢٠١٦)، ٤٣\٧٢ (٢٠١٧)، ١٨٢\٧٣ (٢٠١٨)، ٤٠\٧٤ (٢٠١٩)، ١٦٩\٧٤ (٢٠١٩)، ٢٢٨\٧٦ (٢٠٢١)

قامت مجموعات وأفراد منا، منذ استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري، وبشكل مكثف في الآونة الأخيرة بالخطوات التالية:

  1. المناصرة تجاه محاسبة جميع الأفراد أو الجهات المتورطة باستخدام الأسلحة الكيمائية.
  2. رغم الصعوبات القانونية والإدارية والنفسية التي يعانيها ضحايا الهجمات الكيماوية، إلا أن جهوداً مكثفةً من قبلنا بذلت في مجال التقاضي والمحاسبة أمام المحاكم المحلية في الدول التي وصل لها اللاجئون السوريون، ومن بينهم من نجا من الهجمات الكيماوية، بالاستعانة بمبدأ الولاية القضائية العالمية، أو غيرها من القوانين المحلية التي تدعم مكافحة الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومنها الهجمات بالأسلحة الكيماوية، والتي أفضت في واحدة منها إلى صدور مذكرات توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر وضابطين آخرين، أمام المحاكم الفرنسية، ما يعدّ سابقة قضائية تاريخية تستحق الإشادة بجهود وشجاعة الضحايا والشهود.
  3. بدء دراسات ونقاشات معمقة لما يمكن فعله للتعامل مع حالة الإفلات من العقاب على المستوى الدولي، ومحاولة طرح الحلول القانونية التي تسعى لتجاوز هذه الحالة.
  4. وضع مسودة مقترح لإنشاء محكمة دولية، بهدف المحاسبة الجنائية عن الحالات المثبتة لاستخدام الأسلحة الكيماوية، والتي لا يوجد لها منفذ قضائي جنائي دولي، وهو ما ينطبق على الحالة السورية.
  5. إجراء مشاورات مكثفة على مستوى خبراء قانونيين وممثلي حكومات على المستوى التقني والسياسي عالي المستوى، ومؤسسات دولية معنية حول هذا المقترح للتأكد من وجود أساس قانوني وسياساتي داعم له.

و بناء على كل ما ذكر، فإننا، في 30/ تشرين الثاني/ 2023، يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية العالمي:

نطالب الدول بإنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيميائية، لمحاكمة مستخدمي الأسلحة الكيميائية دولياً في الحالات التي لا يمكن اللجوء فيها إلى المحافل الجنائية القضائية الدولية القائمة، كما هو الحال في سوريا.

للمزيد من التفاصيل، الرجاء زيارة الموقع: www.cwtribunal.org