الخميس 26/ أيلول/ 2024، نظَّمت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان فعالية على هامش الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقام برعاية الفعالية كلٌّ من: الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وهولندا، وألمانيا، وقطر، والمملكة المتحدة، وكندا، وكانت تحت عنوان “الواقع القاتم في سوريا: التعذيب الممنهج وفرص العدالة والمحاسبة”، وبمشاركة د. دافنا إتش. راند، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، الولايات المتحدة الأمريكية، وبيث فان شاك، السفيرة المتجوّلة عن مكتب العدالة الجنائية العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية، وناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، الولايات المتحدة الأمريكية، وإيزابيل روم، سفيرة متجوّلة لشؤون حقوق الإنسان، فرنسا، وغوشيه كورثالس ألتز، مديرة شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط، هولندا، ولويس آمتسبيرغ، مفوّضة الحكومة الفيدرالية لسياسات حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، ألمانيا، وفيصل بن عبد الله آل حنزاب، المبعوث الخاص لوزير الخارجية، قطر، وستيفن هيكي، مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المملكة المتحدة، ود. مارتن لاروز، المدير العام لمكتب الشرق الأوسط، وزارة الشؤون الخارجية، كندا، وثيو بوتروش، رئيس وحدة سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مكتب سوريا، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومريم كم ألماز، ابنة المواطن الأمريكي المختفي قسرياً والمقتول مجد كم ألماز، ود. محمود أسود، المدير التنفيذي، محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، وفضل عبد الغني، المدير التنفيذي، الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان. وأدارت الجلسة إيما بيلز، خبيرة في الشأن السوري ومستشارة مستقلة في السلام والسياسة الخارجية. كما تمَّ بث الفعالية عبر منصة زوم وصفحات التواصل الاجتماعي للشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بالإنكليزية والعربية.
ناقشت الفعالية الاستخدام الممنهج للتعذيب في سوريا، وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم جهود العدالة ومحاسبة المرتكبين. كما ناقشت كيف يمكن إحراز تقدم في قضية المختفين قسراً في ظل تأسيس المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة لتأثير استخدام التعذيب على اللاجئين والنازحين العائدين سواء داخل مناطق سيطرة النظام السوري أو خارجها، وكذلك الأدوات المتاحة لمحاسبة النظام السوري على ما ارتكبه من تعذيب وغير ذلك من انتهاكات واتجاه جهود العدالة والمحاسبة خصوصاً مع المساعي المتنامية لإعادة بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري في الآونة الأخيرة.
لاهاي – قالت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 206 حالة احتجاز تعسفي بينهم 9 أطفال، و17 سيدة، قد تمَّ توثيقها في أيلول/ 2024، وأشارت إلى أنَّ النظام السوري اعتقل 9 أشخاص من المعادين قسرياً من لبنان.
أوضح التَّقرير -الذي جاء في 20 صفحة- أنَّ استمرار عمليات الاعتقال التعسفي سبب ارتفاعاً في حالات اختفاء أعداد هائلة من المواطنين السوريين والذي أصبح بمثابة ظاهرة، لتكون سوريا من بين البلدان الأسوأ على مستوى العالم في إخفاء مواطنيها. وقال إنَّ النظام السوري يتفوق على كثير من الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية بأنَّه صاحب سلطة مطلقة على السلطتين التشريعية والقضائية، مما مكَّنه من إصدار ترسانة من القوانين والمراسيم التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان كما تنتهك مبادئ القانون ومحددات الاعتقال والتحقيق في التشريعات المحلية ودستور عام 2012 الحالي. وأضاف التقرير أنَّ النظام السوري شرعن جريمة التعذيب فعلى الرغم من أنَّ الدستور السوري الحالي، يحظر الاعتقال التعسفي والتعذيب بحسب المادة 53، كما أنَّ قانون العقوبات العام وفقاً للمادة 391 ينصُّ على الحبس من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات على كل من استخدم الشدة في أثناء التحقيق في الجرائم، ويُحظر التعذيب في أثناء التحقيق وفقاً للمادة 391، لكن هناك نصوص قانونية تعارض بشكل صريح المواد الدستورية الماضية، والمادة 391، وتُشرعن الإفلات من العقاب، بما فيها القانون رقم /16/ لعام 2022 لتجريم التعذيب.
يستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز وعمليات الإفراج عن المعتقلين/المحتجزين من مراكز الاحتجاز التي سجلها في أيلول/ 2024 على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ولا يشتمل على حالات الخطف التي لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها، كما لا تشمل حصيلة المعتقلين (الأشخاص المحتجزين) بسبب ارتكابهم جرائم ذات طابع جنائي كالقتل والسرقة والمخدرات وغيرها من الجرائم التي لا تحمل طابعاً سياسياً، أو ذات الصلة بالنزاع المسلَّح والنشاط المعارض للسلطة وعلى خلفية حرية الرأي والتعبير. ويتضمن التقرير إشارةً إلى القوانين والمراسيم التي أصدرتها أطراف النزاع، والتي ترتبط بقضايا الاعتقال والاختفاء القسري في الفترة المشمولة بالتقرير، مستنداً في العديد من النقاط على المنهج الوصفي والتحليلي.
سجَّل التقرير في أيلول ما لا يقل عن 206 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز، بينها 9 أطفال و17 سيدة (أنثى بالغة)، وقد تحوَّل 158 منها إلى حالات اختفاء قسري. كانت 128 منها على يد قوات النظام السوري، بينهم 4 أطفال و16 سيدة، و38 منهم على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، بينهم 2 طفل و1 سيدة، بالإضافة إلى 21 على يد قوات سوريا الديمقراطية، بينهم 3 أطفال، و19 على يد هيئة تحرير الشام.
واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز في أيلول حسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى للاعتقال كانت من نصيب محافظة حلب، تليها دمشق تليها محافظة ريف دمشق، تليها محافظتي حماة وإدلب، ثم حمص، ثم درعا، ثم دير الزور. كما استعرض مقارنة بين حصيلة حالات الاحتجاز التعسفي وحالات الإفراج من مراكز الاحتجاز لدى أطراف النزاع في أيلول، وقال إنَّ حالات الاحتجاز التعسفي تفوق حالات الإفراج من مراكز الاحتجاز، إذ لا تتجاوز نسبة عمليات الإفراج 30% وسطياً من عمليات الاحتجاز المسجلة، وتفوق عمليات الاحتجاز بما لا يقل عن مرة أو مرتين عمليات الإفراج وبشكل أساسي لدى النظام السوري، مما يؤكد أنَّ عمليات الاعتقال والاحتجاز هي نهج مكرَّس وأنَّ عمليات الإفراج محدودة، لدى جميع أطراف النزاع، وبشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري.
أشار التقرير إلى رصد عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت اللاجئين العائدين من لبنان هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية المتصاعدة التي استهدفت لبنان منذ 23/ أيلول، وجرت عمليات الاعتقال عند المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا الرسمية والغير رسمية، واقتيد معظمهم إلى مراكز الاحتجاز الأمنية والعسكرية في محافظتي حمص ودمشق. وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الانسان اعتقال ما لا يقل عن 9 أشخاص من اللاجئين معظمهم من أبناء محافظة ريف دمشق، وعلى خلفية التجنيد الإلزامي والاحتياطي.
ذكر التقرير أنَّ عمليات اعتقال/ احتجاز قامت بها عناصر قوات النظام السوري استهدفت عدداً من النشطاء في مدينة اللاذقية، وذلك على خلفية انتقادهم لسياسات النظام السوري الأمنية والاقتصادية، وتم اقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز التابعة لها في مدينة اللاذقية. وسجَّلنا عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لم تستثنِ النساء والأطفال منهم أثناء محاولتهم العودة من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام إلى أماكن إقامتهم الأصلية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام السوري، وتركزت هذه الاعتقالات عند نقاط التفتيش على مداخل مدينة دمشق، ثم سجلنا الإفراج عن معظمهم بعد عدة أيام من احتجازهم داخل الأفرع الأمنية في مدينة دمشق.
كما سجل التقرير عمليات اعتقال/ احتجاز موسَّعة قامت بها عناصر قوات النظام السوري، استهدفت مدنيين في محافظات ريف دمشق ودمشق وحماة وحلب، بذريعة التخلُّف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، وعلى نقاط التفتيش، ومن بينهم أشخاص أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام السوري، ومعظم هذه الاعتقالات جرت بهدف الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية.
وأضاف التقرير أنَّ النظام السوري يستمر بانتهاك قرار محكمة العدل الدولية الصادر في تشرين الثاني/ 2023، بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات، أو العقوبات القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة من خلال قيامه بعمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.
من جهةٍ أخرى سجَّل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، بعض هذه الحملات جرت بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي، كما رصدنا عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع الجيش الوطني، كما سجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظة حلب. بالإضافة إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
طبقاً للتقرير فقد شهدَ أيلول عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام بحقِّ مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وبعض المناطق في ريف محافظة حلب الواقعة تحت سيطرتها وشملت نشطاء إعلاميين وسياسيين ووجهاء محليين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات، أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، وسجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، أو على نقاط تفتيش تابعة لها في محافظة إدلب، استهدفت أشخاصاً على خلفية مشاركتهم في المظاهرات المناهضة للهيئة، وتركزت معظم هذه الاعتقالات في مدينة إدلب، كما سجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت أشخاصاً على خلفية انتمائهم لحزب التحرير الإسلامي المناهض للهيئة، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة إدلب.
مـن جهتهـا قامـت جميع فصائل المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي بعمليات اعتقال/ احتجاز تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء منهم، معظمها حدثت بشكل جماعي، استهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ورصدنا حالات اعتقال/ احتجاز جرت على خلفية عرقية، وتركَّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة، وهو الجهة الإدارية المخوَّلة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة، وسجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز شنَّتها عناصر في الجيش الوطني، استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، وتركزت هذه الاعتقالات في عدد من القرى التابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب، وسجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز قامت بها عناصر الجيش الوطني، استهدفت عدداً من الأشخاص النازحين بعد عودتهم إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني، وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة عفرين، وسجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز قامت بها عناصر فرقة السلطان سليمان شاه التابعة للجيش الوطني، استهدفت عدداً من المدنيين على خلفية رفضهم دفع المبلغ المالي (أتاوة) الذي فرضته عليهم عناصر فرقة السلطان سليمان شاه على أشجار الزيتون التي يملكونها، وتركزت هذه الاعتقالات/ الاحتجازات في قرية كاخرة التابعة لمدينة عفرين شمال محافظة حلب.
على صعيد الإفراجات، سجَّل التقرير إفراج النظام السوري عن 23 شخصاً، بينهم 4 أطفال و14 سيدة، حالة واحدة منها كانت مرتبطة بقانون العفو 7/2022 الصادر عن النظام السوري، كما سجَّل إخلاء النظام السوري سبيل 3 أشخاص، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء حكمهم التعسفي، ولم يرتبط الإفراج عنهم بمراسيم العفو الصادرة خلال السنوات الماضية، وكانوا قد قضوا قرابة عامين في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، وكذلك 19 شخصاً بينهم 4 أطفالٍ و14 سيدة، بعد مضي أيام قليلة على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، وكان معظمهم من أبناء محافظات ريف دمشق وحلب ودرعا، أمضى معظم المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية.
ووفقاً للتقرير فقد أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن قرابة 29 شخصاً من مراكز الاحتجاز التابعة لها، حيث أفرجت عن 26 شخصاً، ضمن قانون العفو رقم /10/ لعام 2024، والذي أصدرته قوات سوريا الديمقراطية في 17/ تموز/ 2024، والذي يمنح العفو العام عن الجرائم المرتكبة من قبل السوريين قبل تاريخ 17/ تموز/ 2024، وقد تراوحت مدة احتجازهم ما بين ثلاثة أشهر حتى عام واحد، وكان معظمهم من أبناء محافظتي دير الزور والحسكة.
كما أفرجت هيئة تحرير الشام عن 7 أشخاص، من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى ثلاثة أشهر، دون توجيه تهم واضحة لهم.
وأفرجت فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني عن 24 شخصاً، بينهم 1 طفل، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى عدة أشهر، دون توجيه تهم واضحة لهم أو إخضاعهم لمحاكمات، وتم الإفراج عن معظمهم بعد تعريض ذويهم لعمليات ابتزاز مادية مقابل الإفراج عنهم.
ذكر التقرير أنَّ بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أصبحت ذات موثوقية عالية ومصدر أساسي للعديد من هيئات الأمم المتحدة والبيانات والقرارات الصادرة عنها، كان آخرها مشروع قرار حالة حقوق الإنسان في سوريا A/C.3/78/L.43 والذي صوتت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة عليه يوم الأربعاء 15/ تشرين الثاني/ 2023، والذي أدان استمرار ارتكاب النظام السوري للانتهاكات الجسيمة المنهجية والواسعة للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأكَّد أنَّ حصيلة المعتقلين تعسفياً في سوريا في ارتفاع مستمر، وأنَّها بلغت أكثر من 135000 معتقل، ومسؤولية النظام السوري عن الاستخدام المنهجي للاختفاء القسري، وأنَّه يشكل جريمةً ضد الإنسانية.
اعتبر التقرير أنَّ قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان، وفي بيان وقف الأعمال العدائية في شباط/ 2016، وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول/ 2015.
أكَّد التقرير أنَّ النظام السوري لم يفِ بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمرَّ في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل قرابة 68% من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وأضاف التقرير أنَّه وفقاً لحالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري الموثَّقة لدينا في سوريا من قبل قوات النظام السوري، فلا يوجد لدينا أي مؤشر ينفي استمرار النظام السوري في عمليات التعذيب، أو قيامه بأدنى الإجراءات كاستجابة لقرار التدابير المؤقتة الصادر عن محكمة العدل منذ صدوره في 16/ تشرين الثاني/ 2023، فضلاً عن استمرار احتجازه لما لا يقل عن 136614 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، ويعانون من التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة له، ما يؤكد استمرار انتهاك النظام السوري بشكل واضح لبنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004، ولم يفِ بالتزاماته بموجب الاتفاقية.
وأشار التقرير إلى أنَّ الأطراف الأخرى (قوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، والمعارضة المسلَّحة/ الجيش الوطني) جميعها ملزمة بتطبيق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ارتكبت انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 و2043، و2139.
وأكَّد التقرير على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 112 ألف مختفٍ في سوريا، 85% منهم لدى النظام السوري، والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بُدَّ منَ التَّصريح عن أماكن احتجازهم، والسَّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصَّليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.
وشدَّد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنِّساء وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى وكبار السن، والتَّوقف عن اتخاذ أيٍّ من المعتقلين كرهائن حرب.
لاهاي – قالت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ 50 مدنياً قد قتلوا في سوريا في أيلول/ 2024، بينهم 13 طفلاً و6 سيدات، و10 ضحايا بسبب التعذيب. كما وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 96 لاجئاً سورياً في لبنان، بينهم 36 طفلاً و19 سيدة، منذ 23/ أيلول/ 2024 حتى 30/ أيلول/ 2024.
رصد التقرير -الذي جاء في 22 صفحة- حصيلة الضحايا في شهر أيلول/ 2024، وسلَّط الضوء بشكل خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، وحصيلة المجازر التي تم توثيقها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيلول/ 2024، وتضمَّن استعراضاً لأبرز الحوادث. كما تطرَّق إلى أبرز المهام التي تقوم بها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف القتل خارج نطاق القانون، وسلَّط الضوء على حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية في الفترة ذاتها.
وقد اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار، وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
ذكر التقرير أنَّ النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار/ 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني، وأنَّه تحكَّم بشكل متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواء على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية. وأشار إلى أنَّ الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنَّه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أنَّ قسم كبير من ذوي الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.
وأضاف التقرير أنَّ وزير العدل في الحكومة التابعة للنظام السوري أصدر التعميم رقم /22/ في 10/ آب/ 2022، القاضي بتحديد إجراءات حول سير الدعاوي الخاصة بتثبيت الوفاة ضمن المحاكم الشرعية، وتضمَّن التعميم 5 أدلة يجب التأكد من توفرها من قبل القضاة ذوي الاختصاص في الدعاوى الخاصة بتثبيت الوفاة، كما أوجب على جميع المحاكم ذات الاختصاص بقضايا تثبيت الوفاة التقيُّد بما ورد في التعميم. وقد تضمَّن التعميم فرض الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوى الوفاة؛ الأمر الذي يزيد من تغوُّل الأجهزة الأمنية.
سجَّل التقرير مقتل 50 مدنياً، بينهم 13 طفلاً، و6 سيدات (أنثى بالغة)، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيلول/ 2024، قتل منهم النظام السوري 18 مدنياً، بينهم 3 أطفالٍ و2 سيدة، فيما قتلت فصائل من المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 2 مدني، وقد قتلت قوات سوريا الديمقراطية 1 مدني، بينما قتل 29 مدنياً، بينهم 10 أطفالٍ و4 سيدات، على يد جهات أخرى.
وأشار التقرير إلى أنَّ نسبة ضحايا محافظتي إدلب وحلب بلغت 24% من حصيلة الضحايا الكلية الموثَّقة في أيلول وهي النسبة الأعلى بين المحافظات، قضى في هاتين المحافظتين 11 ضحية منها على يد قوات النظام السوري، تلتهما محافظة درعا بنسبة تقارب 22% حيث قضى 9 ضحايا منها على يد جهات أخرى.
كما وثَّق التقرير مقتل 10 أشخاص تحت التعذيب في أيلول، 9 منهم على يد قوات النظام السوري، بينهم 1 طفل، و1 على يد جهات أخرى. ومقتل 1 من الكوادر الطبية على يد قوات النظام السوري في أيلول.
وقال التقرير إنَّ عمليات القصف الجوي التي تشنها طائرات ثابتة الجناح تابعة للقوات الإسرائيلية على مناطق مدنية عديدة في لبنان أدت إلى مقتل المئات من المدنيين، ومن ضمنهم ما لا يقل عن 96 لاجئاً سورياً بينهم 36 طفلاً، و19 سيدة، إثر غارات جوية إسرائيلية استهدفت عدة مناطق في لبنان، وذلك منذ تاريخ 23/ أيلول/ 2024 حتى 30/ أيلول/ 2024.
وبحسب التقرير فقد سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في أيلول/ 2024، ما لا يقل عن 10 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، 9 منها على يد قوات النظام السوري و1 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.
بحسب التقرير فإنَّ الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنيَّة، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
كما أكَّد التقرير أنَّ استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يعبر عن عقلية إجرامية، ونية مبيَّتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).
وأشار التقرير إلى أنَّنا لم نُسجِّل قيام قوات النظام السوري أو الروسي أو التحالف الدولي بتوجيه تحذير قبل أية هجمة بحسب اشتراطات القانون الدولي الإنساني، وهذا لم يحصل مطلقاً منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا، ويدلُّ بشكل صارخ على استهتار تام بحياة المدنيين في سوريا.
وأضاف التقرير أنَّ حجم الانتهاكات وطبيعتها المتكررة، ومستوى القوة المفرطة المستخدمة فيها، والطابع العشوائي للقصف والطبيعة المنسَّقة للهجمات، لا يمكن أن يكون ذلك إلا بتوجيهات عليا وهي سياسة دولة.
وذكر التقرير أنَّ جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني خرقت قرار مجلس الأمن رقم /2139/ عبر هجمات تعتبر بمثابة انتهاكٍ للقانون الإنساني الدولي العرفي، متسببةً في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم بصورة عرضية.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم /2254/، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيدٍ من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً، ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاد الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يُسهِّل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.
وأوصى التقرير لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات موسَّعة في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي، واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق، وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أوصى التَّقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنيَّة أو القريبة من التجمعات السكنية.
لاهاي – أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها السنوي التاسع عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، مشيرةً فيه إلى مقتل 6969 مدنياً 44% منهم أطفال ونساء و1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد القوات الروسية.
وأشار التقرير -الذي جاء في 33 صفحة- إلى أنَّه منذ إعلان روسيا عن تدخلها العسكري في سوريا وبالتالي أصبحت طرفاً في النزاع المسلح في سوريا، قامت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان على مدى السنوات الماضية بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها القوات الروسية، وكان موقف روسيا واضحاً من الحراك الشعبي في سوريا في آذار/ 2011، والذي طالب بتغيير سياسي ينهي السيطرة المطلقة لعائلة الأسد على حكم سوريا منذ عام 1970، فقد وقفت بكامل قوتها السياسية إلى جانب النظام السوري، وقدمت استشارات عسكرية، وصولاً إلى مرحلة التدخل العسكري المباشر، والذي ناقشنا في تقارير عدة أنَّه تدخل غير شرعي لأنَّه يستند إلى موافقة نظام وصل إلى الحكم بالقوة العسكرية بعيداً عن أية دستور أو انتخابات ديمقراطية، كما أنَّنا أثبتنا أنَّ هذا التدخل العسكري قد مارس شتى أنواع انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك القتل، والتدمير الواسع النطاق، والتشريد القسري، واستخدام الذخائر العنقودية، وقصف المراكز الحيويَّة المدنيَّة.
يقول فضل عبد الغني مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان:
“على الرغم من آلاف الانتهاكات التي قامت بها روسيا في سوريا، فإنَّها لم تفتح تحقيقاً واحداً بانتهاك قواتها، ومحاسبة أي قائد عن قصف المشافي والأسواق والمدارس، بل إنَّها تنكر كافة التقارير الموثَّقة، وتتهمها بالتزوير والتضليل، وتنحدر بذلك إلى مستوى يماثل النظام السوري. يجب على روسيا تحمل مسؤولياتها القانونية، وفتح تحقيقات جدية، والبدء بتعويض الضحايا”
تحدَّث التقرير عن مساهمة التدخل العسكري الروسي باستعادة النظام السوري السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية بعد أن كانت قد خرجت عن سيطرته في الفترة بين 2011 – 2015، إضافة إلى أنَّ الدعم الروسي للنظام السوري لم يتوقف بل امتدَّ هذا الدعم ليشملَ مختلف المجالات، بما في ذلك تبرير استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، والتشكيك في تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، واستغلال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، وتسخير وسائل الإعلام في البروبوغندا لصالح النظام السوري، وتحسين صورة انتهاكاتها، كما تجسد دعمها السياسي في الوقوف ضد أي إدانة دولية للنظام السوري في مجلس الأمن، حيث عملت روسيا على شلل مجلس الأمن تجاه مساءلة النظام السوري عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، وذلك مِن خلال استخدام الفيتو 18 مرة، منها 4 مرات استُخدمت قبل التدخل العسكري، و14 مرة استُخدمت بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015، مما يشير إلى تورطها في ارتكاب انتهاكات واسعة إلى جانب النظام السوري، ورغبتها في حماية نفسها من أية إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى تصويتها في جميع دورات مجلس حقوق الإنسان أي 21 مرة، ضد كافة القرارات التي من شأنها أن تدين العنف والوحشية التي يتعامل بها النظام السوري مع مخالفيه، بل وحشدت الدول الحليفة لها مثل: الجزائر وفنزويلا وكوبا وغيرها للتصويت لصالح النظام السوري.
ذكر التقرير بناء الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لقاعدة بيانات ضخمة تُشكِّل دليل إدانة قوي على انتهاكات ارتكبتها القوات الروسية خلال هجمات غير مشروعة في سوريا، والتي شكَّل الكثير منها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، والذي رافقه إصدار الأخبار عن أبرز حوادث هجمات القوات الروسية التي يتم توثيقها، وإعداد التقارير والتحقيقات عن الهجمات التي تتسبب بمجازر أو دمار مرافق مدنية خدمية أساسية كالمشافي والمدارس أو هجمات استخدمت فيها القوات الروسية أسلحة محرمة دولياً كالذخائر العنقودية، إضافة إلى التقرير السنوي الدوري الذي يتم العمل على إصداره في 30/ أيلول من كل عام، إضافة إلى عملها على فضح ممارسات روسيا الداعمة للنظام السوري وجرائمه على الصعيد الاقتصادي والسياسي والدولي والإعلامي منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار/ 2011.
استعرض التقرير تحديثاً لحصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2024، واعتمد التقرير في إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى القوات الروسية على تقاطع عدد كبير من المعلومات وتصريحات لمسؤولين روس، إضافة إلى عدد كبير من الروايات.
أورد التقرير أنَّه بالاستناد إلى قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد تسببت القوات الروسية بمقتل 6969 مدنياً بينهم 2055 طفلاً و983 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 362 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أنَّ العام الأول للتدخل الروسي (2015-2016) شهد أعلى معدل للضحايا، حيث بلغ العدد الإجمالي 3564 مدنياً، وهو ما يمثل حوالي 51% من إجمالي الضحايا خلال السنوات التسع. فيما سجلت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 41%) بين المحافظات السورية، تلتها إدلب (قرابة 38%).
كما وثَّق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة إدلب (31 ضحية)، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.
وطبقاً للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30/ أيلول/ 2024 ما لا يقل عن 1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 224 مدرسة، و209 منشأة طبية، و61 سوقاً، وبحسب الرسوم البيانية التي أوردها التقرير فقد شهد العام الأول للتدخل الروسي 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية. كما شهدت محافظة إدلب الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتداء بـ 633 حادثة، أي ما نسبته 51% من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 237 هجوماً بذخائر عنقودية، إضافةً إلى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.
وجاء في التقرير أنَّ حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.9 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.
استنتج التقرير أنَّ النظام الروسي تورَّط في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضدَّ الإنسانية بحقِّ الشعب السوري، عبر تزويده بالسلاح والخبرات العسكرية، وعبر التدخل العسكري المباشر إلى جانبه، وأوضح التقرير أنَّ روسيا استخدمت الفيتو مرات عدة على الرغم من أنَّها طرف في النزاع السوري، وهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة، كما أنَّ هذه الاستخدامات قد وظَّفها النظام للإفلات من العقاب. كما أكد أنَّ السلطات الروسية لم تَقم بأية تحقيقات جدية عن أيٍ من الهجمات الواردة فيه أو في تقارير سابقة، وحمل التقرير القيادة الروسية سواء العسكرية منها أو السياسية المسؤولية عن هذه الهجمات استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الدولي الإنساني.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وأوصى المجتمع الدولي بزيادة جرعات الدعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي. والسَّعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين. ودعم عملية الانتقال السياسي والضغط لإلزام الأطراف بتطبيق الانتقال السياسي ضمن مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر.
كما أوصى لجنة التحقيق الدولية (COI) بالقيام بتحقيقات موسَّعة في الحوادث الواردة في التَّقرير، وتحميل المسؤولية للقوات الروسية بشكل واضح في حال التوصل إلى أدلة كافية عن تورطها. وأوصى الاتحاد الأوروبي بتطبيق عقوبات اقتصادية على روسيا نظيراً لما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا.
الخميس 19/ أيلول/ 2024: شاركت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في ندوة عبر الإنترنت بعنوان “عبء مزدوج: استكشاف التقاطع بين النزوح وأزمات الرعاية الصحية في سوريا”، نظَّمها التحالف العالمي بشأن الحرب والصراع والصحة (GAWCH) بالشراكة مع الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان.
وناقشت الندوة أثر الهجمات المنهجية على المرافق الطبيَّة في سوريا على جودة الرعاية الصحية وتوافرها للنازحين منذ عام 2011، والتحديات الصحية المحددة التي يواجهها الأطفال بين السكان النازحين نتيجةً لهذه الهجمات، بالإضافة للحديث عمَّا يمكن القيام به لتحسين عملية جمع البيانات المتعلقة بالهجمات على المرافق الطبيَّة، والتحقق منها ونشرها لتحسين قرارات السياسات والمساعدات، وما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي للاستجابة بشكل أكثر فعالية ومنع الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية في مناطق النزاع، والآثار المترتبة على الصحة العامة على المدى الطويل للهجمات المستمرة على أنظمة الرعاية الصحية للسكان النازحين في سوريا، وكيف يمكن التخفيف منها.
وشارك في الجلسة الدكتورة آني سبارو، زميلة في الكلية الملكية الأسترالية للأطباء، والأستاذ فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشَّبكة السورية لحقوق الإنسان.
تحدث الأستاذ فضل عبد الغني في كلمته عن العلاقة بين أزمات الرعاية الصحية والنزوح الداخلي مركِّزاً على حالة المرافق الطبية المستهدفة في سوريا، وأشار إلى أنَّ الاستهداف المنهجي للمرافق الطبية خلال النزاع السوري أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير من خلال المساهمة في النزوح الداخلي الجماعي، والنقص الحاد في الرعاية الصحية، والتدهور العام في صحة السكان، مما يؤكِّد الحاجة الملحَّة إلى تعزيز الأطر القانونية الدولية لحماية الرعاية الصحية في مناطق الصراع.
وأوضح عبد الغني أنَّ حجم وأنماط الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في سوريا لم يسبق لها مثيل، وتشكل استراتيجية حرب متعمَّدة، كما ساهم تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية بشكل مباشر في النزوح الجماعي للمدنيين، الذين أجبروا على الفرار بحثاً عن الخدمات الطبيَّة الأساسية والأمن. وأدى تآكل إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية إلى نشوء فجوات خطيرة في الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات، وعودة ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها. وذكر أنَّه على الرغم من أهمية استجابة المجتمع الدولي، إلا أنَّها لم تكن كافية لمنع الهجمات وضمان المساءلة، مما يسلِّط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ تدابير قانونية ودبلوماسية أكثر قوة.
وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 897 حادثة اعتداء على منشآت طبية على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2024، كما وثَّقت مقتل ما لا يقل عن 879 من الكوادر الطبية، واعتقال تعسفي/إخفاء قسري لـ 3428 آخرين بينهم 286 امرأة. كما تشير أرقام المفوضية السامية للاجئين إلى وجود قرابة 6.8 مليون نازح داخلياً في سوريا.
وأشار عبد الغني، في الختام إلى أهمية اتخاذ تدابير لتحسين مراقبة الهجمات على الرعاية الصحية والإبلاغ عنها، فضلاً عن استخدام العقوبات المستهدفة وغيرها من التدابير للضغط على النظام السوري وبقية أطراف النزاع للامتثال لالتزاماتها.
بالإضافة إلى تعزيز تنفيذ وإنفاذ أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الحالية المتعلقة بحماية الرعاية الصحية في حالات النزاع. ويشمل ذلك تشجيع الدول على التصديق العالمي والتنفيذ المحلي للمعاهدات ذات الصلة، مثل اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، فضلاً عن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ويشمل ذلك التعامل مع الجماعات المسلَّحة لتعزيز فهمها واحترامها للقواعد التي تحكم حماية الرعاية الصحية في حالات النزاع، وكذلك لضمان التزامها بالامتناع عن مهاجمة مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها.
كما يجب العمل على تعزيز الحماية القانونية عبر التنفيذ المحلي للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. في حين صدَّقت معظم الدول على اتفاقيات جنيف وغيرها من المعاهدات ذات الصلة، إلا أنَّ العديد منها لم تدمج هذه الالتزامات بشكل كامل في أطرها القانونية المحلية. كما أنَّ هناك حاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجمات على الرعاية الصحية في أماكن النزاع المسلَّح، بما في ذلك تسيس وعسكرة الرعاية الصحية.
وكذلك العمل على حشد إرادة سياسية أكبر وموارد أكبر لحماية الرعاية الصحية في ظل النزاع المسلح في سوريا. ويشمل ذلك الدعوة إلى إعطاء الأولوية لهذه القضية على جدول الأعمال الدولي، بما في ذلك من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمنتديات الأخرى ذات الصلة.
وأوضح أنَّ تعزيز الحماية القانونية للعاملين في مجال الرعاية الصحية ومرافقها، بالإضافة إلى آليات التحقيق في الانتهاكات وملاحقتها قضائياً، يعد أمراً ضرورياً لضمان سلامة وأمن العاملين في مجال الرعاية الصحية في البيئات المتضررة من النزاع، ولمحاسبة أولئك الذين يرتكبون الهجمات على الرعاية الصحية وردع مثل هذه الهجمات في المستقبل. وبدون الحماية القانونية الفعَّالة وتدابير المساءلة، ستستمر الهجمات على الرعاية الصحية في تقويض تقديم الخدمات الطبية الأساسية، وتفاقم معاناة السكان المدنيين، وتوليد مزيدٍ من النازحين، وإدامة دورات العنف وعدم الاستقرار.
تدعوكم الشبكة السورية لحقوق الإنسان لحضور فعالية دولية بعنوان “الواقع المظلم في سوريا: التعذيب الممنهج وفرص العدالة والمحاسبة“، برعاية مشتركة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وهولندا وألمانيا وقطر والمملكة المتحدة، وكندا، والتي ستُعقد يوم الخميس 26 أيلول 2024، من الساعة 13:00-14:30 بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأمريكية (20:00 إلى 21:30 بتوقيت سوريا/ 19:00 إلى 20:30 بتوقيت وسط أوروبا) في فندق هيلتون ميدتاون في نيويورك، وسيتم بثها عبر الإنترنت أيضاً.
مرّ 13 عاماً منذ أن كسر السوريون قيود الخوف وخرجوا في مظاهراتٍ سلميةٍ طالبوا فيها بالحريَّة، وبالإصلاح السياسي، وبحكومةٍ تحترم حقوق الإنسان. إلا أنَّ النظام السوري ردّ على هذه المطالب بالقمع الوحشي المستمر بلا توقّف حتى اليوم. ومن ذلك، كان التعذيب أحد الطرق التي انتهجها النظام السوري لإيقاع الألم والتمسّك بالسلطة. وبحسب تقديرات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، قضى 15334 شخصاً على الأقل نتيجةً للتعذيب في سوريا، منهم 199 طفلاً و115 امرأة، وكان النظام مسؤولاً عن وفاة الغالبية العظمى من هؤلاء الضحايا. ولم يقم النظام، في السواد الأعظم من هذه الحالات، بإشعار ذوي الضحايا بموت أقاربهم، وهو ما ولّد المزيد من المعاناة مع المحاولات المستمرة للعائلات لمعرفة مصير ومكان أحبائهم. وثّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية التابعة للأمم المتحدة وقوع أنماطٍ واسعةٍ وممنهجةٍ للتعذيب والمعاملة القاسية غير الإنسانية أو القاسية على يد النظام، أو العقاب، وتضمّن ذلك تصرّفاتٍ كان منها الاختفاء القسري والاحتجازات التعسّفية في مراكز الاحتجاز في سوريا.
تعرّض معظم المعتقلين في سوريا إلى طريقةٍ أو أكثر من طرق التعذيب التي بلغ عددها 83 طريقةً في مراكز احتجاز النظام. لقد قام النظام السوري بقتل وتعذيب منتقديه، سواءً منتقديه الفعليين أو من ألصق بهم النظام تهمة انتقاده، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والعاملين في المجال الطبي. كما أنَّ هناك من اللاجئين العائدين إلى سوريا من تعرّضوا للاعتقال التعسفي فور عودتهم إلى سوريا، ومن ثم تعرّض هؤلاء اللاجئون إلى التعذيب؛ لمحاولة انتزاع الاعترافات منهم. كان الفاعلون الآخرون من غير الدول في سوريا مسؤولون أيضاً عن ارتكاب صور المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، أو العقاب، وكذلك الاعتداء الجسدي والعنف الجنسي ضد المدنيين، ولو أنَّ النظام السوري يبقى المسؤول عن الغالبية العظمى من الانتهاكات في سوريا. ولا شكّ بأنَّ السوريين لا يزالون يتعرّضون لانتهاكاتٍ فظيعةٍ لحقوق الإنسان ارتكبها النظام السوري وغيره من أطراف النزاع منذ عام 2011. لا يمكن القبول باستمرار الحصانة ضد الفظائع في سوريا، ولا بدَّ من تحقيق المحاسبة لإرساء أسس الاستقرار والسلام الذي يحتاجه السوريون ويستحقونه.
تناقش هذه الفعالية الاستخدام الممنهج للتعذيب في سوريا، وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم جهود العدالة ومحاسبة المرتكبين.
ستتمحور الفعالية حول المواضيع والأسئلة التالية:
• الأنماط: ما هي أنماط التعذيب التي يتعرّض لها السوريون منذ 13 عاماً من النزاع؟
• الأشخاص المفقودون: ما هو تأثير استخدام التعذيب على المعتقلين تعسّفياً والمختفين قسرياً في سوريا؟ كيف يُستخدم التعذيب ضد ذويي المعتقلين الذين يبحثون عن أحبائهم المفقودين؟ كيف يمكن إحراز تقدّمٍ في هذه القضية في ظلّ تأسيس المؤسّسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا التابعة للأمم المتحدة؟
• الآثار الجندرية: كيف يُستخدم العنف الجنسي كسلاح حرب في سوريا؟ ما هي التحدّيات الفريدة التي تواجهها النساء والفتيات في سياق التعذيب؟
• المهجّرون: ما هو تأثير استخدام التعذيب على اللاجئين والنازحين العائدين، سواءً داخل مناطق سيطرة النظام أو خارجها؟
• المحاسبة: ما هي الأدوات المتاحة لمحاسبة النظام السوري على ما ارتكبه من تعذيب وغير ذلك من الانتهاكات؟ إلى أين تتجه جهود العدالة والمحاسبة، خصوصاً مع المساعي المتنامية لإحياء العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري في الآونة الأخيرة؟
المتحدّثون
د. دافنا إتش. راند، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، الولايات المتحدة الأمريكية.
بيث فان شاك، السفيرة المتجوّلة عن مكتب العدالة الجنائية العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية.
ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، الولايات المتحدة الأمريكية.
إيزابيل روم، سفيرة متجوّلة لشؤون حقوق الإنسان، فرنسا.
غوشيه كورثالس ألتز، مديرة شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط، هولندا.
لويس آمتسبيرغ، مفوّضة الحكومة الفيدرالية لسياسات حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، ألمانيا.
فيصل بن عبد الله آل حنزاب، المبعوث الخاص لوزير الخارجية، قطر.
ستيفن هيكي، مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المملكة المتحدة.
د. مارتن لاروز، المدير العام لمكتب الشرق الأوسط، وزارة الشؤون الخارجية، كندا.
ثيو بوتروش، رئيس وحدة سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مكتب سوريا، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
فضل عبد الغني، المدير التنفيذي، الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
د. محمود أسود، المدير التنفيذي، محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان.
مريم كم الماز، ابنة المواطن الأمريكي المختفي قسرياً والمقتول مجد كم الماز.
مديرة الجلسة
إيما بيلز، خبيرة في الشأن السوري ومستشارة مستقلة في السلام والسياسة الخارجية.
الموقع: فندق هيلتون ميدتاون في نيويورك وعبر الإنترنت
سيكون هذا الحدث مزدوجاً، حيث يُرحب بالمشاركين إما شخصيًا أو عبر Zoom.
إذا كنتم ترغبون بالحضور شخصيًا، فيرجى ملء الاستمارة عبر الرابط.
إذا كنتم ترغبون بالحضور عبر Zoom، فيرجى ملء النموذج عبر الرابط.
سيتم إجراء هذا الحدث باللغة الإنجليزية، مع توفر الترجمة إلى العربية.
يمكنكم أيضًا مشاهدة الحدث مباشرة على قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بالشبكة السورية لحقوق الإنسان:
في يوم الجمعة 13/ أيلول/ 2024، نشرت الوكالة الوطنية للإعلام التابعة لوازرة الإعلام في الجمهورية اللبنانية تصريحاً منسوباً لمساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR روفيندريني مينيكديويلا التي تولت مهام عملها في كانون الثاني/ 2024، خلال لقاءٍ لها مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب على رأس وفد من المفوضية، لبحث ملف اللاجئين السوريين في لبنان، قالت مينيكديويلا: “إنَّ المفوضية لمست تغيّراً إيجابياً في طريقة تعاطي الحكومة السورية مع مسألة النازحين، وإنَّ هناك زخماً يمكن البناء عليه للعمل على مسألة التعافي المبكر لتسهيل عودة النازحين”. وكشفت أنَّ “المفوضية تعمل على إعادة 30 ألف نازحٍ سوري بصورة طوعية من لبنان إلى سوريا خلال الفترة المقبلة”
إنَّ هذا التصريح يتناقض مع الانتهاكات التي ما زال يمارسها النظام السوري بما فيها الانتهاكات الفظيعة كالتعذيب والإخفاء القسري، والتي ما زلنا في الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان نوثقها على نحو دوري وننشر أخباراً وتقارير شهرية عنها، ويتعارض مع تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن سوريا بما في ذلك تقريرها الصادر في 9/ أيلول الجاري، وتقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان (في 13/ شباط/ 2024 أصدرت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تقريراً أكدت فيه أنَّ العديد من السوريين الذين فروا من الحرب يواجهون انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان عند عودتهم إلى سوريا)، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، والتي يبدو أنَّ السيدة مينيكديويلا غير مطلعة على الغالبية العظمى منها كي يصدر عنها مثل هكذا تصريح مريب.
• في 8 حزيران/ يونيو 2023، قدَّمت كندا وهولندا طلباً مشتركاً إلى محكمة العدل الدولية لمباشرة إجراءات ضد الجمهورية العربية السورية. يتعلق الطلب بمسؤولية سوريا الدولية عن “إخفاقها الجسيم والمنهجيّ” في الوفاء بالتزاماتها بحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة (سوء المعاملة) بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
• طلبت هولندا وكندا من المحكمة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة. وتشمل هذه التدابير، من بين أمور أخرى، الوقف الفوري للتعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز التعسفي، وإتاحة الوصول إلى مرافق الاحتجاز، وتحسين ظروف الاحتجاز، وحظر إتلاف الأدلَّة، والكشف عن مواقع الدفن. وعلاوة على ذلك، طلَبَتا أن تقوم سوريا بتقديم تقارير منتظمة إلى المحكمة عن جميع التدابير المتَّخذة لتنفيذ التدابير المؤقتة، بدءاً من أجلٍ لا يتجاوز ستة أشهر من صدورها، وفي كلّ ستة أشهر بعد ذلك، ريثما يُحلَّ النزاع.
• في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، أصدرت محكمة العدل الدولية أمرها الذي يشير إلى اثنين من التدابير المؤقتة. ينصُّ التدبيرُ الأوّل على أن تتَّخذ سوريا كل ما في وسعها من تدابير لمنع أعمال التعذيب وسوء المعاملة وضمان عدم ارتكاب موظَّفيها وأيّ مؤسسات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها لأيّ أعمال من هذا القبيل. في حين ينصّ الثاني على أن تتَّخذ سوريا جميع التدابير لمنع إتلاف الأدلة وضمان الحفاظ عليها. وفي التوصّل إلى قرارها، نظرت محكمة العدل الدولية في مختلف التقارير التي أعدَّتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، والتي خلصت إلى وجود “أسباب معقولة للاعتقاد بأن الحكومة السورية استمرَّت في ارتكاب أعمال التعذيب وسوء المعاملة”.
• وفي حين رحَّبت مجموعات الضحايا بالأمر بشكل صريح، واعتبرته “مؤشّراً قاطعاً على فظاعة أعمال التعذيب التي ترتكبها الحكومة السورية”، إلَّا أنها أعربت عن قلقها إزاء محدوديته الواضحة في معالجة خطورة الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب.[1] ويرجع ذلك أساساً إلى أنَّ أمر التدابير المؤقتة يفتقر إلى الدقة في تحديد التدابير المحددة التي يتعيَّن على الحكومة السورية تنفيذها لمنع التعذيب والحفاظ على الأدلة.
ثانياً: استمرار التعذيب على الرغم من قضية محكمة العدل الدولية وأمر التدابير المؤقتة
• استمر التعذيب في سوريا بعد رفع قضية محكمة العدل الدولية. منذ 8 حزيران/ يونيو 2023، وهو التاريخ الذي رفعت فيه هولندا وكندا القضية وطلبت اتخاذ تدابير مؤقتة، حتى جلسة الاستماع العلنية في 10 /تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جرى توثيق ما لا يقلّ عن 15 حالة وفاة بسبب التعذيب من قِبَل السلطات السورية.[2]
• أيضاً بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية أمرها بشأن التدابير المؤقتة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، استمرّ التعذيب في سوريا. في شباط/ فبراير 2024، نشرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقريراً يشرح بالتفصيل انتهاكات حقوق الإنسان التي يواجهها السوريون عند عودتهم إلى سوريا بعد فرارهم من البلاد. وخلص التقرير إلى أنَّ الكثير من العائدين السوريين يتعرَّضون لانتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز التعسّفي والتعذيب والقيود المفروضة على حرية التنقّل والسكن غير اللائق وانتهاكات حقوق الملكية. وحصلت المفوضية السامية لحقوق الإنسان على عدّة شهادات من العائدين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة الذين أفادوا بتعرّضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، واحتجازهم حتى اختفاء الجروح الظاهرة وآثار الأذى الجسدي قبل عرضِهم على قاضٍ أو الإفراج عنهم.[3] على سبيل المثال، وثَّق هذا التقرير حالةً تتعلّق بعائدٍ محتجَز في منشأة موالية للحكومة في دمشق. وكشف أنّ المحتجَز تعرَّض للضرب المبرح أثناء الاحتجاز. ولم يُسمح له بالمثول أمام قاضٍ (وكان قاضٍ عسكري في هذه الحالة) إلا بعد تلقِّيه جرعةً مكثَّفة لعدة أسابيع من الكورتيزون وأدوية أخرى لعلاج الكدمات وغيرها من أدلّة التعذيب.[4]
• ويؤكّد التقرير الأخير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا في 9 شباط/ فبراير 2024، ويغطّي الفترة من 1 تموز/ يوليو إلى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، استمرار الحكومة في ممارسة الاحتجاز التعسُّفي والاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، فضلاً عن حالات الوفاة في الحجز الحكومي، بما في ذلك تلك التي وقعت في سجن صيدنايا العسكري سيّئ السمعة، ما يؤكّد استمرار أنماط الجرائم ضد الإنسانية.[5] على سبيل المثال، وثّقت لجنة التحقيق الدولية حالة رجلٍ عاد إلى سوريا في إطار مبادرة “مصالحة” أقرَّتها الحكومة. ووفقاً للتقرير، شوهد الرجل آخر مرَّة على قيد الحياة، ولكنه كان أشبَهَ “بجثَّةٍ هامدة” في سجن صيدنايا العسكري من قِبَل عائلته في أواخر عام 2023. وفي وقتٍ لاحق، أبلغ أحد الوسطاءِ الأسرةَ بوفاته، ومع ذلك، لم تتمكن أُسرَتُه من الحصول على أيّ تأكيد رسمي بشأن وفاة الرجل أو موقعه الحالي.[6] وبالمثل، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في 22 شباط/ فبراير 2024 بياناً وثَّقت فيه مقتل ما لا يقلّ عن 16 شخصاً تحت التعذيب منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية.[7] وهذا يسلّط الضوء على الاستخدام المستمرّ والمنهجي للتعذيب في سوريا على الرَّغم من قضية محكمة العدل الدولية وصدور أمر المحكمة بشأن التدابير المؤقتة.
• علاوةً على ذلك، يستمرّ الاختفاء القسري سواءً كجريمةً قائمةً بذاتها أوكشكل من أشكال التعذيب الذي يتعرّض له الأفراد المختفون وعائلاتهم. طوال النزاع السوري، تعرَّض الآلاف للاختفاء القسري، ولا سيّما من قِبَل الحكومة. وقد ّوثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حتى تاريخ 18 نيسان/أبريل 2024، 112 ألف حالة لسوريين مختفين قسرياً، لا تزال مصائرهم وأماكن وجودهم مجهولةً، تاركين أفراد عائلاتهم في حالة من الترقّب وعدم اليقين تصل إلى حدِّ التعذيب الذي استمرّ بعد صدور الأمر.[8] ومنذ صدور أمر المحكمة، لم تبذل الحكومة السورية جهوداً فعَّالة للتحقيق في مصير المفقودين وتوضيح مصائرهم وأماكن وجودهم، وهو ما يؤكده رفض الحكومة السورية التعامل مع المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا التي أنشأتها الأمم المتحدة مؤخراً. إضافة لذلك ، فقد أظهرت الحكومة السورية أيضاً بشكلٍ حثيثٍ نمطاً متعمّداً في مفاقمة معاناة العائلات من خلال إخفاء المعلومات عنهم، بما في ذلك إصدار شهادات وفاة للمحتجزين، وتقديم معلومات خاطئة لعائلاتهم عن سبب الوفاة، وإتلاف الأدلة والتلاعب بمواقع المقابر الجماعية، مما جعل العائلات غير قادرة على استعادة الجثث لتنظيم مراسم الجنائز. يؤكد أحدث تقرير صادر عن لجنة التحقيق، نُشر في شباط/ فبراير 2024، استمرار هذه الممارسة.[9]
• من الأمثلة الأخيرة على تدمير الحكومة السورية للأدلة المرتبطة بالتعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء، تدميرُ موقعِ مقبرةٍ جماعيةٍ في القطيفة الواقعة في ضواحي دمشق. في كانون الثاني/ يناير 2024، أفادت رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا أنَّ الحكومة السورية أجرت في كانون الثاني/ يناير 2023 عمليات جرف وتسوية موقع المقبرة الجماعية في القطيفة التي يُعتقد أنها تضم رفات العديد من المعتقلين السياسيين الذين أُعدِموا أو قُتِلوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز.[10] من خلال التلاعب بالمقبرة الجماعية وعدم الحفاظ عليها، أثَّرت الحكومة السورية سلباً على احتمالات استخراج الجثث المدفونة والتعرف عليها بنحوٍ فعّال، مما يتسبَّب في نهاية المطاف بإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بحقّ العائلات في معرفة الحقيقة ويفاقَم معاناتِهم. على رغم أنَّ هذه الواقعة حدثت قبل صدور أمر محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة، إلا أنها واحدة من حوادث كثيرة توضّح تدمير الحكومة السورية الحثيث للأدلّة، وإخفاءها للمعلومات من خلال تدمير المقابر الجماعية. ولا يزال هذا الأمر يُعرقل حق عائلات الضحايا في معرفة الحقيقة، إذ لم تتخذ الحكومة أيّ إجراء للحفاظ على مواقع المقابر الجماعية بعد صدور التدابير المؤقتة.
• وبالتالي فإنّ العائلات لا تتعرَّض للتعذيب نتيجة الاختفاء القسري فحسب، بل أيضاً بسبب إخفاق الدولة في إعمال حقّ هذه العائلات في معرفة الحقيقة. ويؤدي رفضُ تقديمِ المعلومات وإخفاؤها إلى تفاقُم الصدمة التي تعاني منها العائلات، ما يتسبب بمعاناة كبيرة تصل في حدّ ذاتها إلى مستوى التعذيب.
ثالثاً: الإصلاحات التشريعية المزعومة المتعلقة بالتعذيب في سوريا
• قبل إصدار أمر التدابير الموقتة، أصدرت الحكومة السورية تشريعين محدَّدَين: قانون تجريم التعذيب، والتشريع المتعلق بإلغاء محاكم الميدان العسكرية. وفي حين أنَّ إجراء تقييمٍ تحليلي لهذه القوانين قد يبدو خارج نطاق هذه الورقة، إلّا أننا نعتقد أنّ هذه القوانين مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقضية محكمة العدل الدولية وبمسألة ما إذا كانت التشريعات الحالية للحكومة السورية تُمكّنها من تنفيذ التدابير المؤقتة بفعالية وفقاً للمعايير التي تنصّ عليها اتفاقية مناهضة التعذيب. وقد عرضَت الحكومة السورية هذه التشريعات بشكل صريح في تقريرها المقدّم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان خلال المراجعة الدورية الرابعة في كانون الثاني/ يناير 2024 كجزء من إطار قانوني لحماية حقوق الإنسان في سوريا.[11]
• سُنّ قانون تجريم التعذيب رقم 16 الصادر في 29 آذار/ مارس 2022، على رغم ادّعاءات الحكومة السورية المستمرة بأنَّ التشريعات المحلية القائمة تُجرّم التعذيب بشكل كافٍ. وقد صدر هذا القانون بينما كانت المفاوضات الرسمية بين هولندا وكندا من جهة، وسوريا من جهة أخرى، عملاً بالمادة 30 (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب، جارية. وقد روَّجت الحكومة السورية لهذا القانون كأداة لحماية حقوق الإنسان في سوريا. وقد يبدو للوهلة الأولى أنّ هذا القانون يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب، إذ يُقدّم تعريفاً شاملاً للتعذيب يعكس تعريف اتفاقية مناهضة التعذيب، كما أنّه يعاقب مرتكبي هذه الجريمة بعقوبات مشددة. ومع ذلك، رغم صدوره، لا يزال ضحايا التعذيب الذين يسعون إلى تحقيق العدالة وجبر الضرر يواجهون عقبات كبيرة بسبب الحصانة الممنوحة لمسؤولي الدولة بموجب القانون السوري. وهذا ما يجعل القانون غير قابِلٍ للتنفيذ عملياً، مما يُشكّل أهمَّ عائق أمام منع التعذيب، بما في ذلك الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب ضد عائلات المختفين.[12]
• علاوة على ذلك، فإنّ القانون غير كافٍ لمعالجة الاستخدام الواسع النطاق والمنهجي للتعذيب في سوريا. وبالنظر إلى أنَّ سوريا لم تصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأنَّ قانون العقوبات فيها لا يعترف بالتعذيب كجريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب، فإن ذلك يضيف المزيد من التحديات أمام منع التعذيب في سوريا وتنفيذ التدبير المؤقت الأول. وفي هذا الصدد، من المهم الإشارة إلى أنَّ اللجنة المعنيَّة بحقوق الإنسان قد طلبت معلومات من الحكومة السورية بشأن التدابير المتخذة فيما يتعلق بقانون تجريم التعذيب رقم 16 وتطبيقه لمنع التعذيب وضمان إجراء التحقيقات والملاحقات القضائية وتعويض الضحايا. إلّا أن الحكومة السورية لم تقدم رداً واضحاً، بل اكتفت بسرد مواد هذا القانون مِن دون التطرق إلى الإجراءات الملموسة المتخذة للتصدي للاستخدام المنهجي للتعذيب وسوء المعاملة في سوريا.[13]
• وبالتالي، فإن هذا القانون وحده لا يكفي لمنع التعذيب في سوريا. إذا كانت الحكومة السورية تنوي بصِدقٍ منعَ التعذيب، فيجب أن يترافق هذا الإجراء التشريعي مع إجراءات ملموسة. وتشمل هذه الإجراءات السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى مراكز الاحتجاز، والإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً، وتوفير معلومات عن مصير الأشخاص المختفين للتخفيف من معاناة أُسَرِهم، وإلغاء جميع أحكام الحصانة التي تمنع محاكمة موظفي الدولة المسؤولين عن التعذيب، وتنفيذ إصلاحات مؤسسية وأمنية شاملة. إلّا أن الحكومة أخفقت في اتخاذ أي إجراءاتٍ من هذا القبيل. لذلك، هناك مخاوف مشروعة من استخدام هذا القانون كجزء من دعاية الحكومة، وتصويرها على أنها أجرَت إصلاحاً تشريعيّاً يهدِف إلى منع التعذيب في سوريا.
• علاوة على ذلك، أصدرت الحكومة السورية في 3 أيلول/ سبتمبر 2023 المرسوم رقم 32 القاضي بإلغاء المرسوم رقم 109 لعام 1968 وتعديلاته اللاحقة المتعلقة بإنشاء محاكم الميدان العسكرية في سوريا. في حين أنّ إلغاء هذه المحاكم قد يبدو أمراً إيجابياً بسبب تاريخها في قمع المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، إلّا أن هناك مخاوف بشأن احتمال تكريس الإفلات من العقاب وفقدان الأدلة الحاسمة. اتسمت المحاكمات التي جرت أمام هذه المحاكم بالتعسّف والسريّة وتجاهُل الحق في المحاكمة العادلة، والاعتماد على الاعترافات التي انتُزِعَـت تحت طريق التعذيب. وغالباً ما كان الأفراد الذين حوكموا أمام هذه المحاكم يتعرَّضون للاختفاء القسري ويُحكَم عليهم بالإعدام في نهاية المطاف. ومما له أهمية خاصة بالنسبة إلى قضية محكمة العدل الدولية أنَّ المرسوم 32 ينصُّ على إحالة القضايا الجارية إلى القضاء العسكري للمحاكمة، تاركاً القضايا السابقة وسجلات المحكمة وأرشيفها مِن دون حل أو متابعة. إن عدم الوضوح فيما يتعلق بمصير السجلات والأرشيف يمكن أن يؤدّي إلى إتلاف الأدلة المتعلقة بتورط هذه المحاكم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء القسري. وهذا قد يعوق تنفيذ التدبير المؤقت الثاني، الذي يهدف إلى منع إتلاف الأدلة وبالتالي سيؤثر على حق العائلات في معرفة الحقيقة.
• باختصار، لا تتوقع هذه الورقة أن تتناول المقرِّرة الخاصة هذين التشريعين من وجهة نظرٍ تحليلية أو تقييم مدى توافقُهِما مع التزامات سوريا الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. يمكن معالجة أوجه القصور فيهما من خلال رسالةٍ منفصلة من المقرِّرة الخاصة. إلّا أننا نعتقد اعتقاداً راسخاً أنَّ لهذين القانونين صلة كبيرة بتنفيذ التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة، وبالتالي لا يمكن تجاهلها عند مناقشة تنفيذ هذه التدابير.
رابعاً: الحاجة إلى جهود موحَّدة لمراقبة تنفيذ التدابير المؤقتة
• يؤكِّد أمرُ التدابير المؤقتة الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الأهمية الحاسمة للقانون الدولي في منع التعذيب وحماية ضحايا هذه الجريمة الخطيرة، ويبعث برسالة واضحةٍ مفادُها أنَّ المجتمعَ الدوليّ لن يتسامح مع استمرار الحكومة السورية في الاستخدام المنهجي للتعذيب وسوء المعاملة. ومع ذلك، وعلى رغم انقضاء ستة أشهر منذ صدور أمر التدابير المؤقتة، إلّا أن الحكومة السورية تواصِلُ استخدامَ التعذيب على نطاقٍ واسع، وآلاف الأرواح في مراكز الاحتجاز الحكومية على المحك. بالإضافة إلى ذلك، بإلغاء محاكم الميدان العسكرية مِن دون توضيح مصير القضايا السابقة وسجلات وأرشيف هذه المحاكم، من المحتمل أن تكون الحكومة السورية قد أتلفت الأدلة المرتبطة بالتعذيب والاختفاء القسري. وبالتالي فإنّ الحكومة لا تتقاعس فقط عن العمل على منع التعذيب والحفاظ على الأدلة، بل إنها تتمادى في استخدام التعذيب وإتلاف الأدلة.
• في هذا الصدد، تلعب المقررة الخاصة المعنيّة التعذيب دوراً هاماً في تقديم توجيهات وتوصيات للحكومة السورية. نظراً للصفة الرسمية للمقرٍّرة الخاصة كونها خبيرةً للأمم المتحدة في قضية التعذيب، فإنّ خبرتها وتوجيهاتها يمكن أن تُساعدا بشكل كبير في تيسير امتثال الحكومة السورية لأوامر محكمة العدل الدولية والالتزامات القانونية الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. ويكتسب هذا الأمر أهميةً خاصة بسبب غياب التحديد والوضوح في أمر محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بأمثلةٍ ملموسة للتدابير التي يجب على الحكومة السورية اتخاذها لمنع التعذيب والحفاظ على الأدلة. قد تشمل هذه التوصيات، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
1. يجب على الحكومة السورية أن تقدِّم معلومات شاملة ومفصَّلة تُوضّح التدابير المحددة التي اتُّخِذت منذ صدور أمر التدابير المؤقتة لمنع التعذيب الذي يرتكبه مسؤولوها والحفاظ على الأدلة.
2. يجب على الحكومة السورية تقديم خطة شاملة تُحدِّد كيفية التنفيذ الفعال لقانون تجريم التعذيب رقم 16 لعام 2022 لمنع التعذيب. وينبغي أن تتناول هذه الخطة على وجه التحديد الاستخدام طويل الأمد والمنهجي للتعذيب، الذي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والحصانة المستمرة ضد مسؤولي الدولة الذين يُحتمل أن يكونوا مسؤولين عن التعذيب. وينبغي أن تشمل تدابير لضمان المساءلة عن الانتهاكات السابقة، ومنع الانتهاكات في المستقبل، وتوفير سبل الانتصاف للضحايا.
3. يجب على الحكومة السورية الكشف علناً عن سجلّات وأرشيف محاكم الميدان العسكرية الملغاة، حيث تُشكّل جزءاً مهماً من الأدلة المتعلقة بالتعذيب والاختفاء القسري ولا غنى عنها لضمان المساءلة وإنصاف الضحايا وإيصال الحقيقة إلى الأسر المتضررة.
4. يجب على الحكومة السورية منع الاختفاء القسري والتحقيق فيه وتوضيح مصير المختفين وأماكن وجودهم ونتائج التحقيقات ذات الصلة. وينبغي أن يشمل ذلك تحديد مواقع المقابر الجماعية والحفاظ عليها، والكشف عن المعلومات المتعلقة بأسباب وفاة المحتجزين، وإجراء فحوصات الطب الشرعي للرُّفات البشرية ومواقع الدفن، وتوفير المعلومات المتعلقة بإعادة الرُّفات إلى العائلات في حال الوفاة وضمان شفافية هذه النتائج. وفي هذا الصدد، يجب على الحكومة السورية التعاون مع مؤسسة الأمم المتحدة المستقلة المعنية بالأشخاص المفقودين في سوريا وتسهيل عملها لتحديد مصير ومكان وجود جميع المفقودين في البلاد، وهذا أمر ضروري لمنع المزيد من التعذيب الذي تتعرض له عائلات المفقودين.
5. يجب على الحكومة السورية تحسين ظروف الاحتجاز، والإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسُّفياً، وإغلاق مراكز الاحتجاز السرية والمراكز التابعة لأجهزة الأمن، وحصر الاحتجاز في مراكز نظامية خاضعة للإشراف القضائي. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة أن تضمن الوصول الفوري لمراقبة مستقلة في جميع أماكن الاحتجاز، وخاصة في مرافق مثل سجن صيدنايا وتلك الخاضعة لسيطرة أجهزة الأمن.
6. يجب على الحكومة السورية تقديم إحصاءات عن الأفراد المحرومين من الحرية، مصنَّفةً بحسب العمر والجنس والجنسية. وينبغي أن تشمل هذه البيانات عدد الأفراد المحتجزين رهن المحاكمة، وحالات الوفاة في مرافق الاحتجاز، وأسباب الوفاة، ونتائج أي تحقيقات في هذه الوفيات.
7. يجب على الحكومة السورية تقديم بيانات تفصيليّة حول التدابير المتخذة لتسهيل شكاوى أسر الضحايا، وإجراء التحقيقات، ومتابعة الملاحقات القضائية، وفرض العقوبات. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن توضِّح جهودَها لملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات وضمان توفير سبل انتصافٍ ناجعةٍ لأسر الضحايا.
المنظمات المرسلة:
1. البرنامج السوري للتطوير القانوني
2. المجلس السوري البريطاني
3. دولتي
4. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
5. الشبكة السورية لحقوق الإنسان
6. اليوم التالي
7. العدالة من أجل الحياة
8. عائلات من أجل الحقيقة والعدالة
9. مركز أمل للشفاء والمناصرة
10. بيتُنا لدعم المجتمع المدني
11. ميثاق الحقيقة والعدالة
12. رابطة عائلات قيصر
13. ريليزمي
14. عائلات من أجل الحرية
15. تعافي
16. جمعية تآزُر من أجل الضحايا
17. تحالف عوائل الأشخاص المختطفين من قِبَل داعش (مسار)
[2] مداخلة هولندا وكندا (المحضر الحرفي) خلال الجلسة العلنية التي عُقِدت يوم الثلاثاء 10 تشرين الأول/أكتوبر 2023، في قضية هولندا وكندا ضد سوريا، ص. 28، الفقرة 14.
[3] المفوضية السامية لحقوق الإنسان ،”لم نخشَ الموت، بل الحياة هناك”، ( شباط/ فبراير 2024).
[8] الشبكة السورية لحقوق الإنسان (18 نيسان/أبريل 2024)، (آخر دخول في 18 نيسان/أبريل 2024).
[9] تقرير لجنة التحقيق A/HRC/55/64، (شباط/فبراير 2024)، الفقرة 56-66.
[10] رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، “صور الأقمار الصناعية الأخيرة تكشف عن تعديلات أرضية في المقبرة الجماعية في القطيفة في سوريا،” كانون الثاني/ يناير 2024 (آخر دخول في 5 أيار/ مايو 2024)، متاح على: https://www.admsp.org/en/demolition-of-evidence/
[11] ردود الجمهورية العربية السورية على قائمة المسائل المتعلقة بتقريرها الدوري الرابع، CCPR/C/SYR/RQ/4، الفقرة. 4
[12] للاطلاع على تحليل متعمّق لهذا القانون، انظر تقرير البرنامج السوري للتطوير القانوني ومركز دياكونيا للقانون الدولي الإنساني “لا عدالة للتعذيب في سوريا: تحليل لقانون تجريم التعذيب لعام 2022 من خلال منظور حقوق الضحايا” (تشرين الثاني/نوفمبر 2023)، متاح علىhttps://sldp.ngo/ar/blog/1551
في 14/ آب/ 2024، سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قيام عناصر تتبع لفرع الأمن العسكري التابع لقوات النظام السوري في مدينة اللاذقية باعتقال الطبيب زهير إبراهيم خير بيك، المتخصص في الأمراض النسائية والتوليد، ومن أبناء مدينة اللاذقية، تولد عام 1955، مع ابن عمه إياد سهيل خير بيك، وهو تاجر في قطع السيارات، وهما من أبناء الطائفة العلوية، وجرى اعتقالهما أثناء توجههما من مدينة اللاذقية إلى بلدة كسب في ريف محافظة اللاذقية، وتم اقتيادهما إلى فرع الأمن العسكري في مدينة اللاذقية.
وفي سياق متصل بحادثة اعتقالهما، سجلنا في 9/ أيلول/ 2024 قيام عناصر من ذات الفرع باعتقال الطبيب أحمد مظهر الصوفي، المتخصص في طب الأطفال والتجميل، ومالك مشفى الصوفي في مدينة اللاذقية، ومن أبناء مدينة اللاذقية، والبالغ من العمر 80 عاماً. وتمت عملية الاعتقال التعسفي كما هي سائر عمليات الاعتقال التي يقوم بها النظام السوري دون أي مذكرة قضائية في عملية تهميش وغياب تام للسلطة القضائية، ودون تمكين المعتقلين من التواصل مع ذويهم أو محامين، أو معرفة التهم الموجهة إليهم.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان من مصادر مقربة من الضحايا، فإنَّ قوات النظام السوري قد فرضت تعتيماً كاملاً على وضع المعتقلين الثلاثة، ومنعت بشكل قاطع أي تواصل معهم أو حتى مع ذويهم بما في ذلك المحامين أو الحقوقيين. كما رفضت قوات النظام جميع المحاولات التي بذلتها العائلات وجهات مقربة من المعتقلين لمعرفة أسباب اعتقالهم أو تقديم أي معلومات حول حالتهم الصحية أو القانونية.
يعتبر الطبيبان “زهير خير بيك” و” أحمد مظهر الصوفي” من الشخصيات المعروفة في مدينة اللاذقية، وعرفا بانتقادهما المستمر لسياسات النظام السوري الأمنية والاقتصادية، ونشير إلى أنَّ الطبيب زهير خير بيك شغل سابقاً منصب نقيب الأطباء في محافظة اللاذقية، وقد تعرَّض لضغوطات قضائية في محاولة لإجباره على التنازل عن معمله المتخصص بتغليف الحمضيات والخضار لصالح أحد أقارب بشار الأسد.
على الرغم من الوساطات العديدة التي تم تقديمها من شخصيات اجتماعية بارزة في مدينة اللاذقية في محاولةٍ للإفراج عنهم أو توضيح التهم الموجهة إليهم، إلا أنَّ النظام السوري لم يستجب لأي منها. في ظل هذا التعتيم، تتزايد المخاوف من احتمالية نقلهم إلى أحد الأفرع الأمنية الرئيسة في العاصمة دمشق، حيث يتم عادةً احتجاز المعتقلين في ظروف شديدة القسوة، ويتحول معظمهم لمختفين قسرياً.
تأتي هذه الاعتقالات في إطار السياسة المستمرة التي يتبعها النظام السوري لقمع الأصوات المنتقدة لسياساته في المناطق الخاضعة لسيطرته، والتي تهدف إلى قمع الأصوات المعارضة له مهما كانت انتماءاتها الطائفية أو العرقية. ولدينا خشية حقيقية من تعرض المعتقلين الثلاثة للاختفاء القسري، وهو ممارسة شائعة في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، حيث يُحتجز الأشخاص دون محاكمات أو اتهامات واضحة، وغالباً ما يخضعون لعمليات تعذيب ممنهجة بهدف انتزاع اعترافات أو لمعاقبتهم على آرائهم أو أنشطتهم.
تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ النظام السوري من خلال قيامه بعملية الاحتجاز التعسفي للعاملين في قطاع الرعاية الصحية، والشخصيات المعروفة بانتقاداتها العلنية للنظام، قد انتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأيضا قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الصادر في تاريخ 16/ تشرين الثاني/ 2023، بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات، أو العقوبات القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة ضد النظام السوري. وهذا يظهر تحدياً واضحاً للالتزامات الدولية للنظام السوري، خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والامتناع عن التعذيب والاحتجاز التعسفي.
تُدين الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان جميع ممارسات الاعتقال التي تقوم بها قوات النظام السوري، وبشكلٍ خاص هذه الحادثة، وتطالب بضرورة الإفراج الفوري عنهم، وتعويضهم مادياً ومعنوياً عن الضرر الذي أُلحق بهم، كما تدين كافة الانتهاكات الواقعة بحقِّ الكوادر الطبيَّة، وتطالب النظام السوري بإيقاف كافة عمليات الاحتجاز/ الاعتقال التعسفية والتعذيب التي تهدف إلى نشر الرعب بين أبناء المجتمع السوري بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية، وتؤكد على أهمية فتح تحقيقات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
يدعوكم التحالف العالمي بشأن الحرب والصراع والصحة (GAWCH) بالشراكة مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان لحضور ندوة عبر الإنترنت بعنوان “عبء مزدوج: استكشاف التقاطع بين النزوح وأزمات الرعاية الصحية في سوريا” يوم الخميس 19 أيلول 2024، من الساعة 17:00 حتى الساعة 18:00 بتوقيت سوريا (من الساعة 14:00 حتى الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش – الساعة 07:00 حتى الساعة 08:00 بتوقيت غرب الولايات المتحدة الأمريكية).
ستناقش الندوة أثر الهجمات المنهجية على المرافق الطبية في سوريا على جودة الرعاية الصحية وتوافرها للنازحين منذ عام 2011، والتحديات الصحية المحددة التي يواجهها الأطفال بين السكان النازحين نتيجة لهذه الهجمات، بالإضافة للحديث عما يمكن القيام به لتحسين عملية جمع البيانات المتعلقة بالهجمات على المرافق الطبية والتحقق منها ونشرها لتحسين قرارات السياسات والمساعدات، وما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي للاستجابة بشكل أكثر فعالية ومنع الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية في مناطق النزاع، والآثار المترتبة على الصحة العامة على المدى الطويل للهجمات المستمرة على أنظمة الرعاية الصحية للسكان النازحين في سوريا، وكيف يمكن التخفيف منها.
المشاركون:
مديرة الجلسة:
الدكتورة آني سبارو، زميلة في الكلية الملكية الأسترالية للأطباء.
المتحدث:
الأستاذ فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ستعقد الفعالية باللغة الإنكليزية، وستتوفر الترجمة إلى اللغة العربية
لحضور الفعالية عبر زووم يرجى التسجيل باستخدام الرابط التالي.
لاهاي ـــ أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “النظام السوري قصف محافظة درعا بقرابة 11 ألف برميل متفجر قتلت 1177 مدنياً 40% منهم أطفال ونساء”، مشيرة إلى أنَّ استخدام البراميل المتفجرة من قبل النظام السوري تسبَّب في تشريد مئات الآلاف، وسهل عملية السيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم.
تحدَّث التقرير عن استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة كسلاح ابتداءً من تموز/ 2012، وكيف عمل على تصنيعها في ورشات عمل مخصصة لهذه المهمة، واستهدف بها المناطق التي خرجت عن سيطرته، مقدماً شرحاً عن آلية صناعتها وعملها. وأورد التقرير دلائل تثبت أنَّ البراميل المتفجرة هي سلاح عشوائي ومن المستحيل إصابة هدف محدد ودقيق باستخدامها، وبالتالي فهي لا تميز بين الأهداف المدنيَّة والعسكرية، ويُشكِّل استخدامها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
استعرض التقرير عمل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان الكثيف على توثيق استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة، التي رافقها إصدار مئات الأخبار عن أبرز الحوادث التي يتم توثيقها، إضافةً إلى عشرات التقارير التي أصبحت مرجعية للعديد من الجهات والحكومات، وبشكل خاص بعد أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم /2139/ الذي أدان بشكل واضح استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة، وطلب من الأمين العام إعداد تقارير دورية عن مدى التزام النظام السوري بعدم استخدامها. وقد سجَّل التقرير إلقاء طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً على مختلف المحافظات السورية منذ تموز/ 2012 حتى آذار/ 2020، وهو آخر تاريخ موثَّق ضمن قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عن استخدام البراميل المتفجرة في عموم سوريا، وقد تسبَّبت هذه الهجمات بالبراميل المتفجرة في مقتل ما لا يقل عن 11087 مدنياً، بينهم 1821 طفلاً، و1780 سيدة (أنثى بالغة)، إضافةً إلى تسببها بما لا يقل عن 728 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 104 اعتداءات على منشآت طبية، و188 على مدارس، و205 على مساجد، و57 على أسواق، إضافةً إلى تنفيذ قوات النظام السوري 93 هجوماً ببراميل متفجرة محملة بغازات سامَّة، و4 هجمات نفذتها ببراميل متفجرة محملة بمواد حارقة على مناطق مدنية.
وقد أتى هذا التقرير استكمالاً لجهود الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف توثيق البراميل المتفجرة، إذ تم تخصيصه للحديث عن استخدام هذا السلاح العشوائي في محافظة درعا التي تُعدُّ من أولى المناطق في سوريا التي تم فيها استخدام سلاح البراميل المتفجرة من قبل النظام السوري لاستهداف التجمعات السكنية، والمرافق الحيوية المدنية، والخطوط الخلفية البعيدة عن جبهات القتال في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام السوري في المحافظة، حيث سجَّلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وقوع عشرات المجازر بحقِّ المدنيين ودمار واسع في هذه المناطق، إضافةً إلى حالات الذعر والخوف التي تصيب السكان المدنيين من تبعات انفجار هذه البراميل.
وقد وثَّق التقرير إلقاء طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح قرابة 11153 برميلاً متفجراً على محافظة درعا جنوب سوريا منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، وأضاف التقرير أنَّ الحصيلة الأعلى لإلقاء البراميل المتفجرة على محافظة درعا كانت في عام 2015 تلاه عامي 2017 و2014، حيث شهدت هذه الأعوام الثلاثة إلقاء سلاح الطيران التابع للنظام السوري نحو 75% من الحصيلة الإجمالية للبراميل المتفجرة التي تم إلقاؤها على المحافظة.
سجَّل التقرير مقتل 1177 مدنياً، بينهم 272 طفلاً، و193 سيدة (أنثى بالغة)، جراء استخدام النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة في محافظة درعا منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، مشيراً إلى أنَّ حصيلة الضحايا من الأطفال والنساء بلغت قرابة 40% من حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا جراء استخدام النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة في محافظة درعا، وهي نسبة مرتفعة جداً، وتؤكد أنَّ الهجمات استهدفت المدنيين. كما ذكر التقرير أنَّ البراميل المتفجرة تسبَّبت منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، بما لا يقل عن 39 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في محافظة درعا، بينها 11 على منشآت طبيَّة، و6 على مدارس، و6 على أماكن عبادة، و4 على أسواق، وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان.
كذلك نوَّه التقرير إلى اتباع النظام السوري بدعم من روسيا وإيران سياسة “الأرض المحروقة” ضد المناطق الخارجة عن سيطرته في محافظة درعا، عبر تنفيذه لأعمال عسكرية مع حملة من القصف الأرضي والجوي المكثَّف والهمجي، الذي استخدم فيه البراميل المتفجرة، لإجبار سكان هذه المناطق على قبول اتفاقات تسوية قسرية بشروطه مقابل منحهم الحقَّ بالعيش بعيداً عن وطأة القصف والعمليات العسكرية.
أكَّد التقرير على أنَّ النظام السوري لم يكترث لقرار مجلس الأمن رقم /2139/، الذي صدر في 22/ شباط/ 2014، وانتهكه قرابة 9428 مرة في محافظة درعا، حيث استمر استخدامه المكثَّف للبراميل المتفجرة في هجماته على محافظة درعا ولم يتوقف عن قصفها بهذا السلاح حتى آب/ 2018 بعد أن أعلن سيطرته على كامل المحافظة، إذ لم تسجل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عودة استخدامه لهذا السلاح في درعا منذ ذلك التاريخ وحتى لحظة إعداد هذا التقرير.
خلص التقرير إلى نتائج عدة من أبرزها إثبات أنَّ هدف النظام السوري من استخدام البراميل المتفجرة هو إلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والأضرار المادية الممكنة في المناطق العمرانية التي خرجت عن سيطرته والمأهولة بالسكان المعارضين له، وأنَّ الدمار بحد ذاته هو غاية للنظام السوري، ويهدف من تدمير أكبر قدر ممكن تشريد أكبر عدد من أهالي محافظة درعا التي عارضت النظام السوري، واستغلال ذلك لاحقاً في عملية إعادة الإعمار التي ستكون له اليد الطولى فيها من خلال ترسانة من القوانين والتشريعات التي وضعها بهدف السيطرة على ممتلكات المختفين والمشردين قسرياً. وأكدت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ استهداف المناطق السكنية بهذا السلاح العشوائي يرقى لمستوى جريمة حرب، كما أنَّ قتل المدنيين بهذا الشكل يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وأنَّ عدم وجود رد فعل رادع من قبل مجلس الأمن والمجتمع الدولي، شجَّع النظام السوري على الاستمرار باستخدام هذا السلاح البدائي والهمجي.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بإدانة فشل النظام السوري في الالتزام بالقرار 2139 وتحميله كافة المسؤوليات عن الدمار والتشريد وما يتبعه من نهب للأراضي والممتلكات، كما أوصى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتوثيق الانتهاكات في محافظة درعا وبشكل خاص انتهاكات السكن والملكية التي نتجت عن تدمير النظام السوري عشرات آلاف المباني فيها. وطالب التقرير المجتمع الدولي بعدم إعادة أي شكل من أشكال العلاقات مع النظام السوري الذي استخدم سلاح البراميل البدائي ضد شعبه وقتل ودمر وشرَّد ملايين السوريين.
قرار حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام بمنع إقامة أي فعالية دون الحصول على موافقة من المديرية العامة للشؤون السياسية يرسخ سياسية التضييق التي تمارسها على المنظمات الإنسانية
في 26/ آب من العام الحالي، نظمت منظمة[1] “بنفسج – Violet Organization” دورة للألعاب البارالمبية[2] بمشاركة 333 لاعب من ذوي الاحتياجات الخاصة، في الملعب البلدي في مدينة إدلب، تأتي هذه الفعالية بالتوازي مع دورة باريس للألعاب البارالمبية، تبدأ في 26/ آب وتستمر حتى 12/ أيلول/ 2024، وفق برنامج معدٍّ مسبقاً لجميع الفعاليات يتضمن ثلاث مراحل، متفق عليها بكافة تفاصيلها، وذلك ضمن عقود موقَّعة بين المنظمة وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في مدينة إدلب، وقد تم التحضير والتدريب على هذه الفعاليات على مدار عدة أشهر سابقة، وتهدف إلى تسليط الضوء على فئة ضعيفة ومهمَّشة في المجتمع، وهي ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعرضوا لإصابات أدت إلى إعاقات لهم ناتجة عن عمليات القصف الجوي التي قام بها بشكل أساسي النظام السوري وحلفاؤه على مدى سنوات، وإعاقات ناجمة عن زلزال شباط/ 2023.
تضمن الجزء الأول من الفعالية التي أقيمت في 26/ آب إشعال شعلة البداية، وفق ترتيبات وأماكن تم الاتفاق عليها مع حكومة الإنقاذ، حيث تم تحديد مسار مرور الشعلة وصولاً إلى الملعب البلدي، بالإضافة إلى أماكن التصوير والشخصيات المشاركة وكافة تفاصيل الفعالية، وصولاً لحفل الافتتاح ودخول الشعلة إلى الملعب وإشعال المرجل الكبير بالنار في الملعب، وفي هذه الأثناء انحنى حامل الشعلة للجمهور لتحيتهم أمام المرجل الكبير الذي كان خلفه، مما أدى إلى بدء انتقادات واسعة في اليوم التالي، من قبل عدد من الشرعيين منهم من المحسوبين على هيئة تحرير الشام وآخرين، هاجموا فيها الفعاليات واعتبروها مخالفة للشريعة الإسلامية وتشبه بالغرب والكفار، لاسيما فعالية إضاءة الشعلة وقالوا إنَّها ترمز لـ “معتقدات وثنية”، ومنهم مَن دعا لإعادة تفعيل “جهاز الحسبة” في إدلب. (هناك بعض الشرعيين اعتبروها عادة وتقليداً لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية).
في 28/ آب/ 2024، استدعى مكتب تنسيق العمل الإنساني التابع لحكومة الإنقاذ مسؤول العلاقات في منظمة بنفسج إلى مقرهم في مدينة إدلب، وطلب المكتب من المنظمة نشر بيان اعتذار عن تحية الشاب الرياضي ونشره على معرفاتها، لكن المنظمة أكدت على أنَّ جميع الأنشطة تمت وفق الاتفاقيات الموقَّعة. لاحقاً، فوجئت المنظمة بتصريح من حكومة الإنقاذ قالت فيه إنَّ ما حصل في الفعالية مخالف للثقافة والعادات والتقاليد، وجاء التصريح على لسان مدير العلاقات العامة في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية، طارق العلي، وقال فيه إنَّ منظمة “بنفسج” تقدمت بمشروع إقامة “أنشطة رياضية لذوي الإعاقة”، وأخذت الموافقة عليه أصولا ًكفعالية رياضية. وأضاف أنَّه خلال تنفيذ المشروع، قامت المنظمة بتنفيذ مهرجان احتفالي خارج تخصصها يتطلب إجراءات خاصة، وإحالة إلى الجهة المختصة في إدارة الشؤون السياسية، ما سبب وقوع العديد من التجاوزات في النشاط المذكور، والتي “تخالف ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا“.
[1] منظمة مجتمع مدني إغاثية وتنموية تعمل في شمال غرب سوريا.
[2] الألعاب البارالمبية هي ألعاب رياضية يشارك فيها الرياضيون الذين يعانون من إعاقات مختلفة ومتفاوتة.