الشبكة السورية لحقوق الإنسان تساهم إلى جانب 30 مؤسسة | منظمة في تأسيس التحالف العالمي بشأن الحرب والنزاعات والصحة
باريس – بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
انضمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى جانب أزيد من 30 منظمة من مختلف دول العالم، منها مؤسسات أكاديمية ومنظمات حقوقية ومراكز أبحاث وتحالفات منظمات مجتمع مدني للعمل على تأسيس التحالف العالمي بشأن الحرب والنزاعات والصحة، وسيتم إطلاق منصة التحالف الإلكترونية في أيلول/ 2021 خلال فعالية عالية المستوى سيتم الإعلان عن تفاصيلها لاحقاً.
التحالف عبارة عن هيئة تعاونية من شأنها تعزيز التنسيق والتعاون في مجال الصحة والعمل الإنساني ودعم الأصوات الجماعية المنادية بإنهاء الحروب والعنف الجماعي والنزاع المسلح، التي تشكل تهديدات أساسية للصحة والنظم الصحية، وذلك عبر استخدام البيانات والأدلة لإشراك صناع القرار والعاملين في المجالات ذات الصلة للحد من الآثار الصحية للحرب والنزاع المسلح على المجتمع وتخفيفها. ويسعى التحالف إلى معالجة العديد من الثغرات الحرجة أثناء العمل الإنساني ضمن الحرب/النزاعات، وبشكل خاص في حالات الافتقار إلى القيادة العالمية الجادة، وعند نقص تمثيل المجتمعات المتضررة، كما يسعى التحالف جاهداً لدعم أولئك الذين يعملون في البلدان التي تعاني من عبء الحرب المعاش، وتعزيز العدالة والمساءلة كأساس للسلام، وتتمثل رؤية التحالف في عالم خالٍ من الحرب، حيث تتم حماية الصحة وإقرار العدالة وتعزيز السلام.
وتتجسَّد الأنشطة الرئيسة للتحالف في أربعة نقاط محورية:
– إنشاء “مرصد عالمي لرصد تأثير الحرب والنزاعات والصحة” ووضع مؤشرات تظهر جوانب التقدم، وتحديد مجالات المناصرة والعمل المركزة.
– إصدار “تقرير الحالة العالمي عن الحرب والنزاعات والصحة”، والذي نسعى أن يكون بمثابة المرجع الأساسي عن الوضع الميداني للحرب/النزاع.
– عقد “مؤتمر عالمي حول الحرب والنزاعات والصحة” كل سنتين لتحقيق أهداف رئيسة تتمثل في الجمع بين المشاركين المتنوعين وتسهيل عمل مجتمعي من الممارسة وتبادل المعرفة والخبرات، وربط الجسور بين الأبحاث والسياسات والممارسات.
– إصدار خريطة للعالم للجهات الفاعلة والمبادرات والمانحين في مجال الحرب والنزاعات والصحة.
وقد عملت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على مدى قرابة عشر سنوات في رصد وتوثيق أبرز انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق العاملين في المجال الصحي والمجال الإنساني، والمراكز الحيوية المدنية ذات الصلة بهذين المجالين، ولدينا قاعدة بيانات تضم عشرات آلاف حوادث الاستهداف لتلك الكوادر بعمليات القتل أو الاعتقال من قبل مختلف أطراف النزاع في سوريا، وقد قمنا بنشر العديد من التقارير إضافة إلى مئات الأخبار التي تتضمن حوادث انتهاكات مورست ضدَّ العاملين في المجال الصحي والمجال الإنساني.
إدانة لإيقاف هيئة تحرير الشام عمل قناة أورينت في شمال غرب سوريا
باريس – بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
أبلغت هيئة العلاقات الإعلامية التابعة لهيئة تحرير الشام، مراسلي قناة أورينت، عبر تطبيق الواتساب في 24 آب 2021، قرارها بإيقاف عمل القناة داخل المناطق “المحررة” الخاضعة لسيطرتها في منطقة إدلب، نظراً لتحيّزها واتباعها سياسة مُعادية للفصائل المعارضة المسلحة. جاء ذلك على خلفية تقارير عدة وبرامج إعلامية نشرتها القناة، تنتقد فيها المُمارسات التي تقوم بها “هيئة تحرير الشام وفصائل في المعارضة المسلحة” شمال غرب سوريا، ووصفتهم فيها بـ “الميليشيات”.
تُشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هيئة تحرير الشام تعتمد سياسة التضييق على الجهات الإعلامية وكوادرها في مناطق سيطرتها، ممّن تشعر أنهم يُشكِّلون تهديداً لفِكرها ونهجها المُتطرف؛ ما تسبَّب في الآونة الأخيرة في اعتزال أو نزوح عدد كبير منهم.
نُدين الإجراء الذي اتخذته هيئة تحرير الشام ضد “قناة أورينت”، كما نُدين كافة الانتهاكات التي تقع بحق الكوادر الإعلامية والمراكز الإعلامية، والتي تسعى نحو تكميم الأفواه وإيقاف نقل وقائع الأحداث الميدانية، ونُشدّد على ضرورة تعزيز حمايتهم؛ نظراً لدورهم الحيوي في نشر المعلومات، والسماح لهم بالعمل بحرية، والتوقف عن سياسة التهديد والملاحقة والحَجْب. ونُطالب هيئة تحرير الشام باحترام حرية العمل الإعلامي المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والسماح بدخول كافة وسائل الإعلام، والتوقف عن التحكّم بعمل الصحفيين وفقاً لمدى موالاتهم للجهة المسيطرة، وإبطال جميع “القرارات الأمنية” التي تقمع حرية الرأي والتعبير.
الضابط إبراهيم عبد الظاهر مختفٍ قسريا منذ عام 2011
باريس – أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة بقضية الضابط “إبراهيم عبد الظاهر”، وهو من أبناء مدينة دير الزور، والذي كان ضابط منشق برتبة مساعد أول لدى قوات النظام السوري قبيل اعتقاله، من مواليد عام 1972، اعتقلته عناصر قوات النظام السوري يوم الجمعة 22/ نيسان/ 2011، وذلك بعد استدراجه بالقرب من قلعة الرحبة في مدينة الميادين بريف محافظة دير الزور الشرقي، واقتادته إلى جهة مجهولة، ومنذ ذلك التاريخ أخفي قسرياً، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
كما قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بإطلاع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بقضية الضابط “إبراهيم”.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للضابط إبراهيم عبد الظاهر، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، طالبتهم بالتدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لكنها على الرغم من ذلك طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الَلذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفها من عمليات التعذيب وربما الموت بسبب التعذيب بحق المختفين قسرياً منذ عام 2011 ولا يزال عداد الاختفاء القسري في تصاعد مستمر.
منظمات مجتمع مدني وحقوق إنسان سورية تدعو الحكومة البريطانية إلى التراجع عن قرارها بشطب اسم رجل الأعمال السوري “طريف الأخرس” من قائمة العقوبات لديها
بواسطة: lazyllama, Adobe Stock
بتاريخ 12 آب/ آغسطس 2021 قامت وزارة الخزانة البريطانية برفع اسم رجل الأعمال السوري طريف أخرس عن قائمة العقوبات لديها، والتي تستهدف تبييض الأموال، أو الأشخاص الذين يقومون بدعم نظام بشار الأسد، دون تبيان للأسباب.
إن المنظمات والتجمعات الموقعة على هذا البيان، ترى بأن قرار وزارة الخزانة البريطانية لا يساعد على دعم الجهود الدولية الهادفة إلى معاقبة الأشخاص أو الكيانات التي تساعد نظام بشار الأسد في عمليات القمع التي تمارسها ضد الشعب السوري، بل تؤكد بأن قرار وزارة الخزانة إزالة اسم طريف أخرس من قائمة العقوبات، ورفع الحجز عن أمواله، يرسل رسالة خاطئة إلى الشعب السوري، بأن من يدعم الأسد مالياً أو اقتصادياً، لن يحاسب على أعماله، ويشجع رجال الأعمال والاقتصاديين في سوريا على زيادة تعاونهم مع حكومة الأسد وأجهزتها القمعية، ودعمها مالياً بالشكل الذي يساهم باستمرار الانتهاكات الممنهجة التي ترتكب بحق السوريين.
لقد سبق للعديد من الدول، بما فيها بريطانيا، أن اعتبرت بأن علاقة طريف أخرس القريبة من عائلة الأسد، وقيامه بدعم الحكومة السورية، وبالتحديد قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية، عبر توفيره لحافلات النقل للجنود السوريين، وكذلك عربات نقل الدبابات والمجنزرات، إنما يصب في خانة الممارسات التي تستوجب إيقاع العقوبات، لأنها تساعد الحكومة السورية على تنفيذ انتهاكاتها الجسيمة بحق المواطنين السوريين، ولذلك فقد تمت معاقبة طريف أخرس بتاريخ 05 آيلول/ سبتمبر 2011، ومنذ ذلك الحين والأخرس يعتبر من أهم الداعمين الماليين للحكومة السورية، ولم يطرأ أي تغيير على ذلك، لذلك فإننا نعتبر أن لا أسباب حقيقية لرفع اسم الأخرس عن قائمة العقوبات، حيث أن الأخير لم يغيّر من مواقفه أو أفعاله الداعمة للأسد وعائلته، ولحكومته التي تمارس الانتهاكات الممنهجة بحق السوريين؛ بل إن طلبه برفع العقوبات عنه قوبل بالرفض أمام محكمة العدل الأوروبية في 07 نيسان/ أبريل 2016 والتي أصرت على أن الأخرس فشل في نفي موقعه المتصدر للمشهد الاقتصادي السوري وارتباطه بنظام بشار الأسد. بريطانيا كانت حينها جزءاً من الاتحاد الأوروبي.
إن رفع العقوبات عن الأخرس يمثل تناقضاً مع التزامات الحكومة البريطانية بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في سورية، والتي أتت في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول، ليس آخرها تأكيد النائب كيفين فوستر، وكيل وزارة الداخلية في مجلس العموم، “أن وزارة الداخلية والشرطة والنيابة العامة ستحاسب جميع الأفراد المتورطين في أي نشاط إجرامي داعم لنظام الأسد، بالإضافة إلى منعهم من تحريك أموالهم عبر البنوك البريطانية، أو الاستفادة من اقتصاد المملكة المتحدة”، إلا إذا كانت وزارة الخزانة البريطانية لا توافق على ما صرح به النائب فوستر. علماً أن أفعال طريف أخرس تندرج تحت البند 6.(3)(a) من قانون العقوبات البريطاني الخاص بسوريا لعام 2019، والذي نصه “إن أي إشارة في هذا التشريع إلى الانخراط في واحدة أو أكثر من الأنشطة المذكورة في الفقرة (2)(a) تشمل أيضاً الانخراط بأي طريقة وأي فعل يشكل جزءاً من هذه الأنشطة، ويشمل بالأخص (a) أن يكون شخصاً ذا أهمية يدير أعمالاً أو يتحكم بها في سوريا.”
يطالب الموقعون على البيان، الحكومة البريطانية بمراجعة قرارها والعودة عنه بالسرعة الممكنة، واستمرار الالتزام بمعاقبة جميع شركاء نظام الأسد، لاسيما رجال الأعمال والاقتصاديين منهم، دعماً لجهود تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.
المنظمات الموقعة:
1- اتحاد المكاتب الثورية
2- اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية (أوسم) الدولي
3- الحركة السياسية النسوية السورية
4- الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)
5- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
6- اللوبي النسوي السوري
7- المجلس السوري الأمريكي
8- المجلس السوري البريطاني
9- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)
10- المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
11- المركز الصحفي السوري
12- انماء الفرات
13- تجمع أحرار حوران
14- حركة عائلات من أجل الحرية
15- رابطة عائلات قيصر
16- شبكة المرأة السورية – شمس
17- شبكة “نحن”
18- كش ملك
19- لا تخنقوا الحقيقة
20- مؤسسة فراترنيتي لحقوق الإنسان-FFHR
21- مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية
22- مركز عدل لحقوق الإنسان
23- مركز وصول لحقوق الانسان – لبنان
24- منتدى تل أبيض للمجتمع المدني
25- منظمة بيتنا
26- نقطة بداية
27- نوفوتوزون
28- نيكسوس أكشن
الذكرى السنوية الثامنة لأضخم هجوم للنظام السوري بالأسلحة الكيميائية على المواطنين السوريين في غوطتي دمشق وما زال دون محاسبة
أبرز الأفراد المتورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية في النظام السوري تمهيدا لفضحهم ووضعهم على قوائم العقوبات الدولية
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “الذكرى السنوية الثامنة لأضخم هجوم للنظام السوري بالأسلحة الكيميائية على المواطنين السوريين في غوطتي دمشق وما زال دون محاسبة”، قالت فيه إن هجمات النظام السوري بالأسلحة الكيميائية قد أسفرت عن مقتل نحو 1500 مواطن سوري وإصابة قرابة 11080 آخرين، وأشارت إلى أبرز الأفراد المتورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية في النظام السوري تمهيداً لفضحهم ووضعهم على قوائم العقوبات الدولية.
جاء في التقرير -الذي جاء في 15 صفحة- أنَّ هجوم النظام السوري بالسلاح الكيميائي ضدَّ أهالي غوطتي دمشق الشرقية والغربية في 21/ آب/ 2013، يعدُّ أضخم هجوم عرفه العالم بالأسلحة الكيميائية بعد اعتماد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وقال إن هذا الهجوم قد شكَّل صدمة للإنسانية والحضارة. وما زالت أسر الضحايا التي فقدت أبناءها وأحبَّتها تنتظر أن يفيَ المجتمع الدولي بوعوده وخطه الأحمر القاضي بمعاقبة النظام السوري، ولكن للأسف الشديد لم يتحقق أيُّ شكل فعال من أشكال المحاسبة حتى الآن، وأضافَ أنَّ هذا الهجوم قد مثَّل من خلال عدد الذخائر المحملة بالغازات التي استخدمت وحصيلة الضحايا المرتفعة صدمة للعالم أجمع، وقد تأمل المجتمع السوري أن يكون هناك رد فعل حاسم وحقيقي على خرق النظام السوري للخطوط الحمر التي رسمتها له عدة دول كبرى في العالم؛ مما يساهم بالتالي في إحقاق حقوق الضحايا الذين قتلوا أو أصيبوا، ويحقق نوعاً من العقاب الذي يستحقه النظام السوري على ممارساته العديدة المتوحشة ضدَّ المواطنين السوريين. لكن الأسوأ من الهجوم ذاته كان التَّخلي عن معاقبة النظام السوري الذي قام بالهجوم؛ مما شجَّعه على تكرار الهجمات الكيميائية عشرات المرات بعد ذلك، وساهم في فقدان غالبية السوريين الأمل بالعدالة والقانون الدولي.
استعرض التقرير تفاصيل هجوم الغوطتين وأكَّد وجود نية وتخطيط دقيق لدى النظام السوري يهدف إلى إبادة أكبر قدر ممكن من الشعب السوري وذلك من خلال استخدام النظام السوري كميات كبيرة من غاز السارين في وقت متأخر من الليل حيث يكون الأهالي نيام؛ الأمر الذي يُـخفِّض من فرص النجاة، مشيراً إلى أن مؤشرات درجات الحرارة تلك الليلة كانت تُشيرُ إلى انخفاضها بين السَّاعة الثانية والخامسة فجراً؛ ما يؤدي إلى سكون الهواء، وبالتالي عدم تطاير الغازات السَّامة الثقيلة.
وبحسب التقرير فقد قتل في ذلك اليوم 1144 شخصاً اختناقاً بينهم 1119 مدنياً بينهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة) و25 من مقاتلي المعارضة المسلحة، كما أصيب 5935 شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق، وطبقاً للتقرير فإن هذه الحصيلة تشكل قرابة 76 % من إجمالي الضحايا الذين قتلوا بسبب الهجمات الكيميائية التي شنَّها النظام السوري منذ كانون الأول/ 2012 حتى آخر هجوم موثَّق في الكبينة بريف اللاذقية في أيار/ 2019.
سجَّل التقرير 222 هجوماً كيميائياً على سوريا منذ أول استخدام موثَّق في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لاستخدام الأسلحة الكيميائية في 23/ كانون الأول/ 2012 حتى 20/ آب/ 2021، كانت قرابة 98 % منها على يد قوات النظام السوري، وقرابة 2 % على يد تنظيم داعش، واستعرض التقرير توزع هذه الهجمات تبعاً للأعوام وبحسب المحافظات أيضاً.
وطبقاً للتقرير فإن هجمات النظام السوري تسبَّبت في مقتل 1510 أشخاص يتوزعون إلى 1409 مدنياً بينهم 205 طفلاً و260 سيدة (أنثى بالغة) و94 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة. كما تسبَّبت في إصابة 11080 شخصاً بينهم 5 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
في حين نفّذ تنظيم داعش 5 هجمات كيميائية منذ تأسيسه في 9/ نيسان/ 2013 حتى 20/ آب/ 2021 كانت جميعها في محافظة حلب وتسبَّبت في إصابة 132 شخصاً.
وأورد التقرير توزع حصيلة الهجمات الكيميائية بحسب قرارات مجلس الأمن حيث توزعت الهجمات التي نفذها النظام السوري إلى: 33 هجوماً قبل قرار مجلس الأمن رقم 2118، و184 بعده، في حين بلغت 115 هجوماً بعد قرار مجلس الأمن رقم 2209، و59 هجوماً بعد تشكيل آلية الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2235. أما الهجمات الخمس التي نفذها تنظيم داعش فهي تشكل بحسب التقرير خرقاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2118، و2209، و2235.
حمَّل التقرير مسؤولية تحريك الأسلحة الكيميائية واستخدامها إلى رأس النظام السوري بشار الأسد، الذي يتولى قيادة الجيش والقوات المسلحة، وأكد أنه لا يمكن القيام بمهام أقل من ذلك بكثير دون علمه وموافقته، مشيراً إلى أن القانون الدولي الإنساني يأخذ في الاعتبار الطبيعة الهرمية للقوات المسلحة والانضباط الذي يفرضه القادة، ويحمل القادة المسؤولية الجنائية على المستوى الشخصي لا عن أفعال وتجاوزات ارتكبوها بل أيضاً عن أفعال ارتكبها مرؤوسوهم. وأضافَ أن علاقة رأس النظام وقياداته وسلسلة القيادة الشديدة الصرامة والمركزية، كل ذلك يجعل رأس النظام السوري بشار الأسد والقيادات العليا جميعها متورطة بشكل مباشر عبر استخدام أسلحة الدمار الشامل الكيميائية في ارتكاب انتهاكات تصل إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بحق الشعب السوري. وأوضح أنه فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية يتحمل بالدرجة الأولى كل من القائد العام للجيش والقوات المسلحة ونائبه ومدير القوى الجوية وإدارة المخابرات الجوية وقادة المطارات العسكرية ومدراء السرب والألوية التابعة للحرس الجمهوري، إضافة إلى مدراء وحدات البحوث العلمية المسؤولية الأكبر عن استخدام هذا السلاح، ولفت التقرير إلى أن أن قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان تضمُّ بيانات لما لا يقل عن 387 شخصاً من أبرز ضباط الجيش وأجهزة الأمن والعاملين المدنيين والعسكريين في مراكز البحوث والدراسات العلمية المتخصصة بتوفير وتجهيز المواد الكيميائية المستخدمة عسكرياً في سوريا، المتهمون بإصدار أوامر لشنِّ هجمات بالأسلحة الكيميائية أو تنفيذها في سوريا، وأوردَ عينة عن أبرز هؤلاء المتورطين.
طبقاً للتقرير فإن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أثبتت مسؤولية النظام السوري عن استخدام السلاح الكيميائي في أربع هجمات، كما أثبتت آلية التحقيق المشتركة التي أنشأها قرار مجلس الأمن رقم 2235 مسؤوليته عن خمس هجمات أخرى، وتأسيساً على ذلك، يجب الاستناد على الأدلة والبيانات التي تمتلكها منظمة حظر الأسلحة من أجل محاسبة النظام السوري على استخدام أسلحة الدمار الشامل قضائياً، والأهم من ذلك محاسبته سياسياً عبر عدم القبول بعودته إلى حظيرة المجتمع الدولي، واعتباره نظاماً مارقاً خارجاً عن القانون الدولي، وقال التقرير إنه يجب على كافة دول العالم محاربته وردعه؛ نظراً لاستخدامه أسلحة دمار شامل، والإسراع في الضغط الجدي لتحقيق انتقال سياسي يُفضي إلى نظام ديمقراطي يحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان.
طالب التقرير الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على النظام السوري في ذكرى استخدامه الأسلحة الكيميائية ضدَّ الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق، كشكل من أشكال التعويض المعنوي لأسر الضحايا. وملاحقة الأفراد الواردين في التقرير والتحقق في مدى تورطهم في استخدام الأسلحة الكيميائية ووضعهم على قوائم العقوبات والإرهاب.
ورأى التقرير أنه بعد فشل مجلس الأمن الدولي على مدى عشر سنوات في إيقاف الجرائم ضد الإنسانية أو إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة التدخل استناداً إلى القرار رقم 377 لعام 1950 (قرار الاتحاد من أجل السلام)، والعمل على إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة المتورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المواطنين السوريين.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…
إدانة لاستيلاء قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها على عشرات المنازل في محافظة درعا
باريس – بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
قامت الفرق العسكرية (الرابعة والخامسة والتاسعة والخامسة عشر) التابعة لقوات النظام السوري بالإضافة لميليشيات مدعومة من إيران، قامت منذ 27 تموز 2021 بالاستيلاء
على عشرات منازل المدنيين في مناطق غرز والشياح والنخلة في المزارع الجنوبية والشرقية لمدينة درعا، ومنطقة الضاحية وحي المنشية بمدينة درعا. وذلك بعد فرار المدنيين منها؛ إثر دخول هذه القوات إلى مناطقهم، وتحوّلها لخطوط اشتباك بين قوات النظام السوري وميليشياته من طرف، ومقاتلين من المنطقة من طرف آخر. تمركزت هذه القوات في تلك المنازل، وحوّلتها إلى نقاط ومقرات عسكرية ومراكز لانطلاق الهجمات التي تستهدف المنطقة المحاصرة (منطقة درعا البلد وحيّي طريق السد ومخيم درعا)، وجعلت من هذه المقرات طوقاً حول المنطقة المحاصرة يُحيطها من جهة الشرق والغرب والجنوب.
وفي يومي 16 و17/ آب/ 2021 قامت قوات النظام السوري وميليشياته بالاستيلاء أيضاً على عدد من منازل المدنيين على أطراف قرية الطيرة بريف درعا الغربي وحوّلتها إلى نقاط عسكرية، واستقدمت إليها آليات عسكرية.
تُشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن اقتحام قوات النظام السوري وميليشياته تلك المناطق تسبّب بتشريد آلاف المدنيين الذين توجّهوا إلى مناطق أكثر أمناً في منطقتَي درعا المحطة ودرعا البلد في مدينة درعا، كما قامت بنهب محتويات المنازل التي استولت عليها ونقلتها إلى مقراتهم في منطقة الضاحية بمدينة درعا.
نُدين في الشبكة السورية لحقوق الإنسان الاستيلاء القسري لقوات النظام السوري وميليشياته على منازل المدني وتحويلها لنقاط ومقرات عسكرية. ونؤكد أن عمليات الاستيلاء على الممتلكات ونهبها هي استراتيجية منهجية من قبل هذه القوات، ويتم تطبيقها في كافة المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات.
يجب على المجتمع الدولي توفير عودة فورية للمُشردين قسرياً من منازلهم، ووقف الأسباب التي تؤدي إلى مزيد من التشريد، واتخاذ خطوات فعالة تَضْمن عودة المشردين إلى منازلهم، وذلك بتسريع عملية انتقال سياسي وفق جدول زمني صارم لا يتجاوز ستة أشهر.
صورة التقطها ناشطون بتاريخ 9 آب 2021، تُظهر استيلاء قوات النظام السوري على أحد المنازل في مزارع مدينة درعا الجنوبية.
المواطن عمر حاج خلف مختفٍ قسريا منذ عام 2011
باريس – أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة بقضية المواطن “عمر حاج خلف”، الذي كان يعمل سائق تكسي قبيل اعتقاله، وهو من أبناء مدينة كفرلاها شمال محافظة حمص، من مواليد عام 1976، الخميس 14/ تموز/ 2011، اعتقلته عناصر تابعة لقوات النظام السوري يوم الخميس 14/ تموز/ 2011، وذلك بعد أن داهمت منزله في مدينة كفرلاها، واقتادته إلى جهة مجهولة، ومنذ ذلك التاريخ أخفي قسرياً، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
كما قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بإطلاع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بقضية المواطن “عمر”.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن عمر حاج خلف، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان بالتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، طالبتهم بالتدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لكنها على الرغم من ذلك طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الَلذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفها من عمليات التعذيب وربما الموت بسبب التعذيب بحق المختفين قسرياً منذ عام 2011 ولا يزال عداد الاختفاء القسري في تصاعد مستمر.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان توقع اتفاقية تفاهم مع منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان وتبدأ مشاركة البيانات
باريس – بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
وقَّعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مذكرة تفاهم مع منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR)، تنصُّ على بناء آلية تنسيق وتعاون؛ من أجل مشاركة معلومات وبيانات وثَّقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان بحق معتقلين من الكوادر الطبية.
تتمحور مذكرة التَّفاهم حول مشاركة البيانات والأدلة عن انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بقضية المعتقلين والمحتجزين من الكوادر الطبية التي وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقوعها بين آذار/ 2011 حتى كانون الأول/ 2012؛ وقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مطلع آب الجاري بمشاركة هذه البيانات، والتي نهدف من خلالها إلى المساهمة في المشروع البحثي الذي يسعى إلى تطوير فهم كيفية استهداف الكوادر الطبية بالاعتقال والملاحقة في المراحل الأولى من النزاع في سوريا، بشكل خاص من قبل النظام السوري، ثم العمل على تحليل أثر ذلك على جوانب متعددة وبشكل خاص الجرحى إثر استهداف قوات النظام السوري للمظاهرات السلمية، وإظهار أن الاستهداف الواسع والمدروس للكوادر الطبية قد دفع بالمئات منهم إلى الفرار خارج سوريا، كما أن المشروع يتحدث عن قضية المعتقلين والمفقودين بشكل عام في سوريا.
أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR)، هي منظمة غير حكومية وغير ربحية، مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، تستخدم الطب والعلوم لتوثيق ومناصرة الفظائع الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وقد تعاونت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان مرات عديدة خلال السنوات العشر الماضية، ونؤكد على دعمنا لجهود منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في هذا المشروع البحثي المهم، ويأتي هذا البحث في إطار الجهود التي نبذلها معاً كمساهمة في مسار المساءلة والعدالة، وفضح ممارسات النظام السوري التي تعتبر من أفظع إن لم تكن الأفظع في العالم كله في ملاحقة واعتقال وتعذيب الكوادر الطبية.
مذكرات تفاهم متعددة:
وتضاف هذه المذكرة الجديدة إلى عدد من مذكرات التفاهم التي وقعتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع عدة جهات من أبرزها: هيئات في الأمم المتحدة، مثل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 2011 (IIIM)، وقد تم تسليم الآلية عدد واسع من البيانات المستخرجة من قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما وقَّعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في كانون الثاني/ 2020 وثيقة مبادئ التعاون مع فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات – Investigation and Identification Team (IIT) في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، من أجل المساهمة في التحقيقات في الحوادث التي يقوم بها الفريق؛ وذلك كونها تمتلك قاعدة بيانات واسعة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ أول استخدام موثق لدينا لهذا السلاح في كانون الأول/ 2012.
وفي تشرين الأول من عام 2019 قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تنصُّ على بناء آلية تنسيق وتعاون من أجل مشاركة المعلومات والبيانات التي وثَّقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وعن المتورطين في تلك الانتهاكات؛ بهدف الاشتراك في عمليات التَّحقيق التي تقوم بها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في بعض من تلك الانتهاكات، ووضع أكبر قدر من المتورطين فيها على قوائم العقوبات الاقتصادية والسياسية؛ ما يُشكِّل إعاقة كبيرة لأي تأهيل للنظام السوري بمختلف أركانه، وشكلاً مهماً من أشكال المحاسبة المتاحة حالياً.
وحشية بلا حدود – 15 ألف شخص تقريباً قتلوا تحت التعذيب في سوريا
فضل عبد الغني
تعرض عشرات آلاف السوريين لعمليات اعتقال تعسفي من قبل أجهزة الأمن السوري بشكل أساسي وذلك على خلفية الحراك الشعبي الذي بدأ في آذار/ 2011، جميعهم خضعوا لشكل أو عدة أشكال معاً من أشكال التعذيب.
تُشير قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى مقتل ما لا يقل عن 14506 شخصاً قضوا بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011، من بينهم 180 طفلاً و92 سيدة (أثنى بالغة).
يحظر القانون الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المذلة بصورة تامة (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 4) وهو بمثابة قاعدة عرفية من غير المسموح للدول المسُّ به أو موازنته مع الحقوق أو القيم الأخرى، ولا حتى في حالة الطوارئ، وتُشكِّل عمليات التعذيب الواسعة والمنهجية جرائم ضد الإنسانية (نظام روما الأساسي، المادة 7(1-و)، وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني (اتفاقية جينيف الرابعة، المادة 32) وترقى إلى جرائم حرب (نظام روما الأساسي، المادة 8 (2-أ(2)).
أربعة محاور رئيسة تميز قضية التعذيب في سوريا طيلة السنوات العشر الماضية وهي:
النظام السوري مسؤول عن الغالبية العظمى من الوفيات بسبب التعذيب:
إن جريمة التعذيب مورست بشكل أو بآخر من قبل جميع أطراف النزاع إلا أنَّ النظام السوري المسيطر على أجهزة الجيش والأمن والقضاء قد مارست قواته التعذيب في مراكز الاحتجاز بشكل منهجي وواسع النطاق؛ مما شكل جرائم ضد الإنسانية بحسب عدة تقارير للجنة التحقيق الدولية المستقلة، ومن أبرزها التقرير الخاص عن عمليات التعذيب في مراكز احتجاز النظام السوري.
وقد هدف النظام السوري من وراء ذلك إلى نشر حالة من الرعب في صفوف المعتقلين وأهلهم والمجتمع المعارض له من أجل تحطيم إرداتهم وجعلهم عبرة لكل من يتجرأ على معارضته بأي شكل من الأشكال.
يعتبر النظام السوري مسؤولاً عن قرابة 98% من إجمالي حصيلة حالات الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى الآن بحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهو يسيطر بشكل تام على على مراكز الاحتجاز التابعة له، ولذا فإنه من المستبعد أن يجري تعذيب ووفيات بسبب التعذيب دون علمه.
وعلى الرغم من كافة التقارير الأممية، والانتشار الواسع لصور قيصر، وآلاف الأخبار عن التعذيب والوفيات في مراكز الاحتجاز التابعة له، لم يجرِ تحقيقاً واحداً خلال السنوات العشر الماضية يثبت فيه أن الشخص الذي توفي لم يكن بسبب التعذيب، مما يؤكد اشتراك النظام السوري بمؤسساته المتعددة وليس فقط الأجهزة الأمنية في جريمة التعذيب وفي التستر عليها، لأن هذا يحتاج إلى هيئات أخرى، مثل: وزارة الداخلية، المشافي العسكرية، المؤسسة القضائية، وزارة الأوقاف، مكتب دفن الموتى، وهذا يؤكد أن التعذيب في سوريا هو سياسة دولة.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك نصوص شرعها النظام السوري تخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتشرعن بشكل محلي عملية التعذيب.
على سبيل المثال:
1- المرسوم التشريعي رقم /14/ بتاريخ 25/ كانون الثاني/ 1969
2- المادة / 74 / من المرسوم التشريعي رقم / 549 / تاريخ 25/ أيار/ 1969
3- لمرسوم التشريعي رقم 69 الصادر عام 2008، المادة 1(أ-ب)
4- المرسوم رقم 55 الصادر في 21 نيسان/ 2011 والمتعلق بمكافحة الإرهاب، المادة 1
هذا يعني أن النظام السوري لم يكتفِ بممارسة التعذيب بطريقة وحشية، بل إنه وضع نصوصاً “أمنية” تكفل حصانة له ولأفراد الأمن من أية ملاحقة قضائية وفقاً للقانون المحلي، إنها جريمة مضاعفة.
وتقوم بقية أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا مثل قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة، وفصائل المعارضة المسلحة بمختلف تشكيلاتها، باستراتيجيات وممارسات مشابهة لما يقوم به النظام السوري وإن كان بوتيرة ومنهجية أقل، وتتشابه أساليب التعذيب التي مارستها مع أساليب التعذيب التي مارسها النظام السوري في مراكز الاحتجاز التابعة له.
الغالبية العظمى من الوفيات نتيجة التعذيب ناجمة عن انتشار الأمراض بين المحتجزين، نتيجة للاكتظاظ وانعدام الرعاية الصحية والرعاية الطبية:
يتزامن الاعتقال في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مع الإهمال الصحي المتعمَّد والتجويع، كما أن ظروف الاحتجاز غير صحية من انعدام لشروط النظافة والتهوية، وتكديس المعتقلين المقصود في زنزانات ضيقة لا تستوعب أعدادهم الكبيرة والمتزايدة، وتفتقر لأدنى شروط السلامة الصحية، حيث يحتجز المعتقلون ضمن زنزانات بمساحات مختلفة يبلغ متوسط مساحة الزنزانة الواحدة منها 4 * 6 م2، وقد تضمُّ قرابة 50 معتقل، أي بالكاد يحصل المعتقل على مساحة 70 سم2 من أجل الجلوس والنوم، وعادة ما يتناوب المعتقلون على استخدام هذه المساحة عندما تفوق أعدادهم القدرة الاستيعابية للزنزانة.
إن تلك الممارسات هي تكتيك متبَّع من قبل النظام السوري على نحوٍ مقصود وواسع، بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، ثم يُهمل علاجهم بعدها على نحو مقصود أيضاً، وبالتالي يتألم المعتقل ويتعذب إلى أن يموت.
لقد سجَّل تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان 72 أسلوباً للتعذيب الجسدي والنفسي والجنسي من أبرز أساليب التعذيب التي استخدمتها قوات النظام في مراكز الاحتجاز والمشافي العسكرية التابعة له، لكن تبقى وفاة المعتقل بسبب إهمال الرعاية الصحية هي أسلوب التعذيب الأكثر تسبباً في وفاة المعتقلين، إضافة إلى كونه أسلوباً متوحشاً لا تقتصر معاناته على المعتقل وحده بل على جميع زملائه في غرفة الاحتجاز، الذين يشاهدونه يتألم وهم عاجزون عن تقديم أي شيء لإنقاذ حياته.
استخدام النظام السوري للتعذيب كوسيلة لانتزاع اعترافات مطلوبة لإدانة المحتجزين:
يجبر قسم كبير جداً من المعتقلين على الاعتراف بأفعال لم يرتكبوها بسبب تعرضهم للتعذيب الشديد، تقوم الأفرع الأمنية بتحويل هذه الملفات إلى النيابة العامة، وترتكز عليها النيابة العامة في توجيه تهم إلى المعتقلين، وهذا يؤكد على مدى هيمنة النظام السوري على السلطة القضائية وتحكمه بها، لا يجرؤ النائب العام على رفض الملفات التي أحيلت إليه من الأفرع الأمنية، والإحالة تتم إلى محاكم استثنائية أنشأها النظام السوري للقضاء على خصومه السياسيين، وهي بشكل رئيس: محكمة الإرهاب، محكمة الميدان العسكرية، فمنذ عام 2012، لم يعد هناك أية إحالة إلى المحاكم العادية.
النظام السوري لا يبلغ عائلات المحتجزين “بمصير أحبائهم”، حتى بعد الموت، ولا يسلّم جثثهم:
لا يبلغ النظام السوري أهل المعتقل بعد وفاته بسبب التعذيب، وهذا أمر مقصود لزيادة إذلال الأهالي وقهر المجتمع، ومن جانب آخر فهو يستفيد مادياً عبر شبكات الاحتيال التي أسسها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، حيث تقوم بابتزاز الأهالي مادياً مقابل تزويدهم ببعض المعلومات عن ذويهم، وقد تبيَّن أن هذه المعلومات غالباً ما تكون غير صحيحة.
في مطلع عام 2018 أعلن النظام السوري عن مقتل المئات من المختفين قسرياً لديه، وذلك عبر دوائر السجل المدني، وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 968 حالة كشفَ النظام السوري عن مصيرهم بأنَّهم قد ماتوا جميعاً بينهم 9 طفلاً و2 سيدة، لم يسلم الأهالي الجثث، وكان من الملاحظ من وثائق السجل المدني أن غالبيتهم قد توفي قبل بضع سنوات، وقد كتب أنهم ماتوا بسبب أزمة قلبية، علماً أن جميع الأهالي أكدوا أن أبناءهم كانوا قد اعتقلوا بحالة صحية جيدة، مما يؤكد وفاتهم بسبب التعذيب، لم يفتح النظام السوري تحقيقاً واحداً.
ينتظر عشرات الآلاف الذين لا يزالون محتجزين عند النظام السوري مصيرًا مماثلًا لمصير الضحايا التي ظهرت صورها بين صور قيصر:
صدم العالم أجمع بصور المعتقلين السوريين الذين سربهم المصور الذي كان يعمل لدى النظام السوري على تصوير المعتقلين بعد وفاتهم، وأظهرت الصور مدى بشاعة ووحشية أساليب التعذيب التي يتبعها النظام السوري، وتشير قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن ما لا يقل عن 131 ألف معتقل ما زال معتقلاً أو مختفياً قسرياً لدى النظام السوري، ولا يوجد سبب واحد يدعو للاعتقاد بأن النظام السوري قد توقف عن استخدام ماكينة التعذيب.
القانون الدولي واضح في تحميل القادة مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم بناءً على أوامرهم (القاعدة 152 من القانون العرفي الدولي)، أو إذا علموا، أو كان بوسعهم معرفة أن مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوا أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها أو لمعاقبة الأشخاص المسؤولين عنها إذا ارتكبت مثل هذه الجرائم (القاعدة 153 من القانون العرفي الدولي)، ويوسِّع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عناصر هذه المسؤولية لتشمل القادة المدنيين، والجرائم ضدَّ الإنسانية، التي ترتكب وقت السلم أو الحرب (المادة 28).
إن التعذيب في سوريا وبشكل خاص من قبل النظام السوري لا يكاد يماثل أية دولة في العالم، وإن المبادرة الهولندية في أيلول الماضي لمحاسبة سوريا على جريمة التعذيب أمام محكمة العدل الدولية وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب هي خطوة أولى. وتبعتها كندا في الاتجاه ذاته، ويمثل هذا الجهد خطوة في الاتجاه الصحيح نحو محاسبة النظام السوري وفضحه أمام محكمة الأمم المتحدة، وهذه إحدى أدوات المحاسبة، لكنني لا أعتقد أن النظام السوري سوف يتوقف عن تعذيب المعتقلين لديه، لأنه متورط بجميع أركانه في هذه الجريمة وسوف يستمر في ممارستها حتى الوصول إلى تسوية سياسية معه، فالمعتقلون هم رهينة وورقة تفاوضية في يده وعلى المجتمع الدولي تسريع عملية الانتقال السياسي قبل مقتل المزيد من السوريين تحت التعذيب.
نشرت المقالة الأصلية على موقع مدونة Voelkerrechtsblog باللغة الإنكليزية
نشرت الترجمة إلى العربية على موقع مركز حرمون للدراسات.