أشمل قاعدة بيانات عن الصراع السوري في العالم
يسرّ مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED) أن يُعلن إطلاقه قاعدة البيانات الأكثر شمولية حول الصِّراع السوري حتى اليوم.
تستند قاعدة البيانات على جهودٍ مشتركة عملت عليها مصادر المعلومات الرئيسة المعنية بالصراع في سوريا، ومنهم الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) وCarter Center، وAirwars، وLiveUaMap، والمركز الدولي للأمن والتنمية (ISDC)، وClingendael Institute، ومنظمة سوريا على طول، وLondon School of Economics Conflict Research Group، المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)، وشبكة شام الإخبارية، وعدد من المصادر الأخرى.
وأضاف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني: “نحن فخورون جداً بمساهمتنا في هذا التحالف. إنَّ تحديد مستوى وحجم الانتهاكات أمرٌ مهمٌ جداً، ويعكسُ أهمية توثيق الحوادث. سنستمرُّ في توثيق ما يحدث في بلدنا الحبيب من أجل جميع العائلات والمتعاونين”.
لمزيد من التفاصيل، يُرجى قراءة المقال.
للاطلاع على البيان كاملاً
منهجية تعاونية للعمل على قاعدة بيانات الصراع السوري: الشبكة السورية لحقوق الإنسان
فضل عبد الغني& Kars de Bruijne
عقدَ كل من مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED) والشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) شراكة بينهما -مع مجموعة كبيرة من مصادر المعلومات-؛ تهدف إلى جمع وحصر المعلومات عن سوريا.
وتضمُّ قائمة مصادر المعلومات الأخرى: Carter Center، وAirwars، وLiveUaMap، والمركز الدولي للأمن والتنمية (ISDC)، وClingendael Institute، ومنظمة سوريا على طول، وLondon School of Economics Conflict Research Group، المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)، وشبكة شام الإخبارية، وعدد من المصادر الأخرى.
توفِّر قاعدة البيانات الناتجة عن هذا التحالف فهماً أفضل لطبيعة النِّزاع في سوريا. وتتضمّن حوادث وُثِقَت في المناطق التي شهدت مستويات أعلى من العنف، وبالتالي تعرَّض المدنيون فيها للنصيب الأكبر من الأذى والضَّرر. وتُقدِّم للمنظمات الإنسانية فرصة الإفادة من هذه البيانات الميدانية؛ لتقدير الاحتياجات في المناطق التي استُهدفت بالألغام والذخائر العنقودية، أو لتتبع حركة النازحين. كما تُقدِّم للصحفيين معلومات حول مئات الميليشيات المقاتلة الموجودة على الأراضي السورية وأشكال العنف التي تمارسها. وتستطيع الحكومات والمنظمات المعنية بعمليات المناصرة -عبر قاعدة البيانات المتاحة- متابعة الانتهاكات وتحديد الجهات المسؤولة عنها. وقد تلعب قاعدة البيانات هذه دوراً حيوياً وفعالاً في المستقبل عند إعادة إعمار سوريا.
نتيجة طول أمد الصِّراع السوري وتوزُّع مناطق السيطرة بين الأطراف المتنازعة؛ ليس هناك أية جهة تملك شبكة معلومات عن كل قرية سورية، وتنحصر مجالات خبرة كل منظّمة في منطقة جغرافية محدّدة، كما لا يوجد منظّمة ترصد حركة الطيران فوق سوريا، إلا أنَّ هناك بعض الجهات التي تتمتّع بالقدرة على تحديد المواقع التي تُلقى عليها قذائف قوات التحالف الدولي والطيران الروسي. كما أنَّه لا توجد على الأرض السورية منظّمة تعمل على تتبُّع حركة القوات البرية، إلا أنَّ هناك جهات تعمل على تتبع المناطق التي ينتزع النظام السوري السيطرة عليها.
وبالنظر إلى كل ما سبق كان لا بُدَّ من تعاون حقيقي يُساهمُ في فهم أعمق وأشمل لما يحدث يومياً في سوريا؛ الأمر الذي دفعَ الشبكة السورية لحقوق الإنسان لمشاركة بياناتها مع ACLED.
ويوضح هذا المقال المساهمة التي شكّلتها قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان في عمل ACLED .
ما لا يقل عن 647 حالة اعتقال تعسفي في سوريا في تموز 2018
%65 منها على يد قوات النظام السوري
أولاً: مقدمة ومنهجية:
يتعرَّض الأشخاص للاعتقال التَّعسفي في سوريا بشكل يومي منذ بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 إما لأنَّهم مارسوا حقَّاً من حقوقهم الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثل الحقِّ في حرية الرأي والتَّعبير، أو لأنَّهم حُرموا من المثول أمام محاكمة عادلة، فاحتجزوا من غير أن تُصدَر هيئة قضائية مستقلة قراراً باحتجازهم أو توجيه تُهم لهم أو تعريضهم لمحاكمة، أو توفير التَّواصل مع محامٍ، أو لأنَّهم احتجزوا بعد انقضاء مدة العقوبة المفروضة عليهم، وغالباً ما يخضع المحتجزون تعسفياً للحبس الانفرادي عدة أشهر وأحياناً سنوات إن لم يكن لأجل غير محدَّد في مراكز الاحتجاز الرَّسمية وغير الرَّسمية. والاحتجاز بحدِّ ذاته لا يُشكِّل انتهاكاً لحقوق الإنسان إلى أن يُصبح تعسُّفياً، كما تنصُّ الصكوك الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 9 منه على أنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفياً” أما المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة فقد نصَّت “لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون”.
لا يكاد يمرُّ يوم من دون أن نُسجِّل حادثة اعتقال تعسفي، وقد كان النِّظام السوري أوّل أطراف النّزاع ممارسة لهذا الانتهاك بشكل ممنهج ضدَّ مختلف أطياف الشّعب السوري، وقد اتَّبع النظام السوري أساليب مافيوية، فمعظم حوادث الاعتقال تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو أثناء عمليات المداهمة، ويتعرّض المعتقل للتّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
يُعتبر النظام السوري مسؤولاً عمَّا لا يقل عن 87 % من حصيلة الاعتقالات التَّعسفية المسجلة لدينا، وغالباً لا تتمكَّن عائلات الضحايا من تحديد الجهة التي قامت بالاعتقال بدقة، لأنه عدا عن أفرع الأمن الأربعة الرئيسة وما يتشعب عنها، تمتلك جميع القوات المتحالفة مع النظام السوري (الميليشيات الإيرانية، حزب الله اللبناني، وغيرها) صلاحية الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري.
وعلى الرغم من جميع المفاوضات والاتفاقيات وبيانات وقف الأعمال العدائية، التي شهدَها النِّزاع السوري إلَّا أنَّنا نرى أنَّ قضية المعتقلين تكاد تكون المعضلة الوحيدة التي لم يحدث فيها أيُّ تقدُّم يُذكر، وفي هذه القضية تحديداً فإننا نوصي بالتالي:
أولاً: يجب أن تتوقف فوراً عمليات الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري التي مازالت مستمرة حتى الآن بحسب هذا التقرير الشهري للشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويجب الكشف عن مصير جميع المعتقلين والمختفين قسرياً، والسماح لأهلهم بزيارتهم فوراً.
ثانياً: الإفراج دون أي شرط عن جميع المعتقلين الذين تم احتجازهم لمجرد ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، وإطلاق سراح كافة النساء والأطفال، والتوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
ثالثاً: منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلتها الأمم المتحدة بشأن الجمهورية العربية السورية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية كافة، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط.
رابعاً: تشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يُطلب من جميع الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 87 % من مجموع المعتقلين.
خامساً: إيقاف الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية الميدانية ومحاكم قضايا الإرهاب وإلغاؤها لمخالفتها التشريعات المحليَّة والدولية وضمانات المحاكمة العادلة.
منهجية:
يوثِّق التَّقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي من قبل أطراف النِّزاع في تموز، كما يرصد أبرز نقاطَ المداهمة والتَّفتيش، التي نتجَ عنها حجز للحرية، ويستعرض أبرز الحالات الفردية وحوادث الاعتقال التَّعسفي التي حصلت في تموز.
يلتزم فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمعايير دقيقة لتحديد حادثة الاعتقال التَّعسفي، وتجنُّب تسجيل الحوادث المختلفة للحجز والحبس والحرمان من الحرية مُستنداً بذلك إلى أحكام القوانين الدوليَّة ومجموعة المبادئ المتعلقة بالاعتقال التعسُّفي السَّالفة الذكر. ويقوم قسم المعتقلين والمختفين قسراً في الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتسجيل حالات الاعتقال التي يحصل عليها من مصادر مُتعددة مثل: ذوي الضحايا وأعضاء الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المحافظات السورية، ونشطاء محليين متعاونين، ومعتقلين سابقين، ثمَّ يقوم بمحاولات كثيفة للتَّواصل مع عائلات المعتقلين والمختفين، والمقرَّبين منهم، والنَّاجين من الاعتقال؛ بهدف جميع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمعطيات، في ظلِّ عمل ضمن تحديات فوق اعتيادية وغاية في التَّعقيد، كما نسجل روايات الشهود، ونقوم بتتبع حالات الاعتقال وتحديثها بشكل مستمر لمعرفة مصير المعتقل ومكان احتجازه وظروف اعتقاله.
تواجه الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحديات إضافية في عمليات توثيق المعتقلين اليومية والمستمرة منذ عام 2011 حتى الآن، ومن أبرزها خوف كثير من الأهالي من التَّعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم وتوثيقه، حتى لو كان بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يُعرِّضهم لمزيد من الخطر والتَّعذيب، وبدلاً من ذلك تبدأ المفاوضات مع الجهات الأمنية التي غالباً ما تقوم بعملية ابتزاز للأهالي قد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات، وعلى الرَّغم من امتلاك الشبكة السورية لحقوق الإنسان قوائم تتجاوز الـ 140850 شخص بينهم نساء وأطفال، إلا أننا نؤكد أن تقديراتنا تُشير إلى أنَّ أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل.
ومما رسّخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، هو عدم تمكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، (بمن فيهم من انتهت محكومياتهم)، حتى لو كان معتقل رأي، بل إنَّ حالات الإفراج تمَّ معظمها ضمن صفقات تبادل مع المعارضة المسلحة.
لا تشمل حصيلة المعتقلين المدرجة في التقرير المحتجزون على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النِّزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيس بسبب النشاط المعارض لسلطة الحكم، ويعود ارتفاع أعداد المعتقلين إلى عدة أسباب من أبرزها:
• كثير من المعتقلين لم يتم اعتقالهم لجريمة قاموا بارتكابها، بل بسبب نشاط أقربائهم في فصائل المعارضة المسلحة، أو بسبب تقديم مساعدة إنسانية.
• أغلب حالات الاعتقال تتمُّ بشكل عشوائي وبحق أناس لا تربطهم علاقة بالحراك الشعبي أو الإغاثي أو حتى العسكري.
• إن النظام السوري يستمر باحتجاز الآلاف من المعتقلين على الرغم من صدور أوامر قضائية بالإفراج عنهم، رغم كل ما يعانيه القضاء من بيروقراطية وترهل وبطء وفساد.
• سيطرة النظام السوري على المناطق الجغرافية ذات الكثافة السكانية المرتفعة كمراكز المدن الرئيسة وممارسته الممنهجة لعمليات الاعتقال العشوائي بحق المدنيين من سكان هذه المناطق.
• تعدُّد الجهات المخولة بعمليات الاعتقال والتَّابعة للنظام السوري وقيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي دون الرجوع إلى القوات الحكومية أو الجهات القضائية التابعة لها، واحتفاظ هذه الجهات بمعتقلات خاصة بها لا تخضع لأي رقابة قضائية من الجهات الحكومية ولا يُعامل المعتقلون في مراكز الاحتجاز هذه وفق القوانين السورية المنصوص عليها.
• الانتشار الواسع لعمليات الاعتقال بدافع الابتزاز المادي أو بدوافع طائفية، وبشكل خاص في المناطق غير المستقرة أمنياً، التي لا تخضع لسيطرة جهة معينة أو تخضع لسيطرة عدة جهات وتشهد نزاعاً مستمراً، ما أسفر عن نشوء ميليشيات مسلحة محليَّة لا تتبع لجهة محددة يُمكن متابعتها.
مقتل 3 من الكوادر الإعلامية، وإصابة أحدهم، واعتقال آخر في سوريا حصيلة تموز 2018
مقتل 12 من الكوادر الإعلامية على يد قوات النظام السوري في عام 2018
أولاً: مقدمة ومنهجية:
اضطَّهدت الأطراف الفاعلة في النِّزاع السوري على نحو مختلف الصحفيين والمواطنين الصحفيين، ومارست بحقهم جرائم ترقى إلى جرائم حرب، إلا أنَّ النظام السوري تربَّع على عرش مرتكبي الجرائم منذ آذار 2011 بنسبة تصل إلى 83 %، حيث عمدَ بشكل ممنهج إلى محاربة النشاط الإعلامي، وارتكب في سبيل ذلك مئات الانتهاكات بحق الصحفيين والمواطنين الصحفيين من عمليات قتل واعتقال وتعذيب؛ محاولاً بذلك إخفاء ما يتعرَّض له المجتمع السوري من انتهاكات لحقوق الإنسان، وطمس الجرائم المرتكبة بحق المواطنين السوريين.
كما استخدمَ تنظيم داعش وفصائل في المعارضة المسلحة، وقوات الإدارة الذاتية سياسة كمِّ الأفواه في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر عمليات اعتقال واسعة.
بناءً على ذلك قبعت سوريا في المركز 177 (من أصل 180 بلداً) للعام الرابع على التوالي حسب التَّصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2018، الذي نشرَته منظمة مراسلون بلا حدود.
بحسب القانون الدولي الإنساني فإنَّ الصحفي يُعتبر شخصاً مدنياً بغضِّ النظر عن جنسيته، وأيُّ هجوم يستهدفه بشكل مُتعمَّد يرقى إلى جريمة حرب، لكنَّ الإعلامي الذين يقترب من أهداف عسكرية فإنه يفعل ذلك بناء على مسؤوليته الخاصة، لأنَّ استهدافه في هذه الحالة قد يُعتبر من ضمن الآثار الجانبية، كما يفقد الحماية إذا شارك بشكل مباشر في العمليات القتالية.
وينصُّ القانون الدولي الإنساني على حماية الصحفيين، حيث ورد في المادة (79) من البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف 1949 لحماية المدنيين في النزاعات العسكرية أنَّ الصحفيين الذين يؤدون مهماتهم في مناطق النِّزاعات المسلحة يجب احترامهم ومعاملتهم كمدنيين، وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمَّد، شريطة ألَّا يقوموا بأعمال تخالف وضعهم كمدنيين. وحسب القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني جاء في القاعدة 34 “يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية بمناطق نزاع مسلح ما داموا لا يقومون بجهود مباشرة في الأعمال العدائية”.
وكان مجلس الأمن قد أصدر القرار رقم 2222 في 27/ أيار/ 2015، الذي أدانَ فيه الهجمات وأعمال العنف بحقِّ الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بوسائل الإعلام في النِّزاع المسلَّح.
منهجية:
يرصد هذا التَّقرير حصيلة أبرز الانتهاكات بحق الكوادر الإعلامية (الصحفيون والمواطنون الصحفيون) في شهر تموز على يد أطراف النِّزاع الرئيسة.
تُعرِّف الشبكة السورية لحقوق الإنسان المواطن الصحفي بأنَّه كل من لعب دوراً مهماً في نقل ونشر الأخبار، وهو ليس بالضرورة شخصاً حيادياً، كما يُفترض أن يكون عليه حال الصحفي ولكن عندما يحمل المواطن الصحفي السِّلاح ويُشارك بصورة مباشرة في العمليات القتالية الهجومية، تسقط عنه صفة المواطن الصحفي، وتعود إليه إذا اعتزل العمل العسكري تماماً.
استندَ التَّقرير أولاً على عمليات التَّوثيق والرَّصد والمتابعة اليومية التي يقوم بها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بشكل روتيني مستمر، وثانياً على روايات لناجين وشهود عيان ونشطاء إعلاميين محليينَ تحدَّثنا معهم عبر الهاتف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما قُمنا بتحليل عدد كبير من المقاطع المصوَّرة والصور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونحتفظ بنسخٍ من جميع المقاطع المصورة والصور المذكورة في هذا التقرير ضمن قاعدة بيانات إلكترونية سريَّة، ونسخٍ احتياطية على أقراصٍ صلبة، ونحرص دائماً على حفظ جميع هذه البيانات مع المصدر الخاص بها، ورغمَ ذلك لا ندَّعي أننا قمنا بتوثيق الحالات كافة، ذلك في ظلِّ الحظر والملاحقة من قبل قوات النِّظام السوري وبعض المجموعات المسلحة الأخرى.
مقتل 1 من كوادر الدفاع المدني في سوريا و4 حوادث اعتداء على مراكز حيوية طبيَّة في تموز 2018
مقتل 36 من كوادر الدفاع المدني في عام 2018
أولاً: المقدمة:
منذ اندلاع الحراك الشَّعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 تعرَّضت المنشآت الطبيَّة والعاملون فيها إلى انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، الذي أولى حماية خاصة للمنشآت الطبيَّة والعاملين فيها إضافة إلى الحماية العامة المطبَّقة على المدنيين والمنشآت المدنيَّة.
إلَّا أنه على الرَّغم من ذلك فقد قُصفِت المشافي والمستوصفات والعيادات والصيدليات، واعتقلَ مئات من الكوادر الطبيَّة ومنهم من عُذِّبَ حتى الموت، كما استُهدِفَت فِرَقُ الإسعاف وآلياتهم وباتَ إنقاذ الجرحى عملاً خطراً قد يؤدي إلى الموت.
كانَ النِّظام السوري ولا يزال المرتكبَ الرئيس والأبرز لمعظم الجرائم بحق الكوادر الطبيَّة والمراكز العاملة لها، فقد اقتحمت قواته المشافي واختطفت الجرحى، كما استهدفَ المشافي والنِّقاط الطبيَّة بالقذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة، وقصفَ بشكل مُتكرِّر مراكز الدفاع المدني وقتلَ العديد من كوادره. ولم تسلم أيضاً الشارات الإنسانية الخاصة من الاعتداءات على منشآتها وقتل كوادرها على الرغم من حياديتها وعدم انحيازها.
كما رصدنا اتَّباع قوات الحلف السوري الروسي سياسة الضربة المزدوجة -في كثير من الهجمات-، التي غالباً ما يكون ضحاياها مسعفون وعناصر من الدفاع المدني.
وقد وثَّقنا انتهاكات مماثلة ارتكبتها بقيَّة أطراف النِّزاع إلَّا أنَّها كانت على نطاق أضيق وبوتيرة أقل، فقد اقتحمت عناصر تتبع تنظيم داعش مشافٍ ميدانية ومستوصفات، واختطفت جرحى وأطباءَ ومُسعفين، كما منعت بعض الأطباء من مزاولة تخصُّصهم طبقاً لقوانينها التمييزية. واستهدفت قوات الحلف (قوات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية) عدداً من المشافي والنُّقاط الطبية.
لا يقتصر أثر الانتهاكات بحق كل من الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني عليهم فقط، بل يمتد إلى حياة الأشخاص الذين يحتاجون خدمات الرعاية الطبيَّة والاستشفاء والإنقاذ، وهذا يؤدي بالتالي إلى وفاة العديد من الجرحى والعالقين تحت الأنقاض.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إنَّ الهجمات على المراكز الطبيَّة ومراكز الدفاع المدني، وعلى الكوادر الطبية أيضاً وكوادر الدفاع المدني، تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جريمة حرب من خلال الهجوم الفوضوي وفي كثير من الأحيان الـمُـتعمَّد على الأعيان المشمولة بالحماية، لقد تسبَّب كل ذلك في آلام مُضاعفة للجرحى والمصابين، وهو أحد الأسباب الرئيسة لتهجير الشَّعب السوري، عبر رسالة واضحة أنه لا توجد منطقة آمنة، أو خط أحمر، بما في ذلك المشافي، عليكم أن تهاجروا جميعاً أو تَفْنَوا”.
منهجية:
يرصد هذا التقرير حصيلة ضحايا الكوادر الطبيَّة وكوادر الدفاع المدني ومنظمة الهلال الأحمر، الذين قضوا على يد أطراف النّزاع في تموز، كما يوثّق حصيلة حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية العاملة لهم، ويستعرض أبرز تلك الحوادث.
وبحسب منهجية الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّ الكوادر الطبيَّة تشمل (جميع القائمين على العمل الطبي من أطباء ومُمرضين ومُسعفين، وصيادلة، ومخبريين، وإداريين، إضافة إلى العاملين في تشغيل ونقل الوسائط الطبية) في حين أننَّا نقصد بالمراكز الحيويَّة الطبيَّة (المشافي – النقاط الطبية – المستوصفات – المشافي الميدانية – سيارات الإسعاف).
استندَ التقرير أولاً على عمليات التَّوثيق والرَّصد والمتابعة اليومية التي يقوم بها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بشكل روتيني مستمر، وثانياً على روايات لناجين وشهود عيان ونشطاء إعلاميين محليينَ تحدَّثنا معهم عبر الهاتف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما قُمنا بتحليل عدد كبير من المقاطع المصوَّرة والصور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التَّواصل الاجتماعي، وقد أظهرت مقاطع مصوَّرة بثَّها نشطاء محليون دماراً واسعاً في مراكز حيويَّة طبيّة. ونحتفظ بنسخٍ من جميع المقاطع المصوَّرة والصور الواردة في هذا التَّقرير ضمن قاعدة بيانات إلكترونية سرية، ونسخٍ احتياطية على أقراصٍ صلبة، نرجو الاطلاع على المنهجية المتَّبعة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق الضحايا وتصنيف المراكز الحيوية المدنيَّة.
مقتل 547 شخصاً بسبب التعذيب في سوريا في تموز 2018
542 منهم على يد قوات النظام السوري
أولاً: مقدمة ومنهجية:
يحظر القانون الدولي بصورة تامَّة التَّعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المُذلة وهو بمثابة قاعدة عُرفية من غير المسموح للدول المسُّ به أو موازنته مع الحقوق أو القيم الأخرى، ولا حتى في حالة الطوارئ، وإنَّ انتهاك حظر التعذيب يُعتبر جريمة دولية في القانون الجنائي الدولي ويتحمَّل الأشخاص الذين أصدروا الأوامر بالتَّعذيب أو لم يمنعوا حدوثه المسؤولية الجنائية عن مثل هذه الممارسات، وعلى الرغم من ذلك ففي سوريا يستمرُّ نهج التَّعذيب بشكل نمطي آلي وعلى نحو غاية في الوحشية والساديَّة، ويحمل في كثير من الأحيان صبغة طائفية وعنصرية، ولا سيما في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، الذي كان ولا يزال المرتكبَ الأبرز والرئيس لجريمة التَّعذيب. لقد لجأت قوات النِّظام السوري منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 إلى سياسة الاعتقالات التَّعسفية العشوائية والمركَّزة، وبالتَّزامن مع عمليات الاعتقال والإخفاء القسري، بدأنا نُسجِّل حوادث الوفيات بسبب التَّعذيب، بشكل شبه يومي ومارست قوات النظام السوري أساليب غاية في الوحشية بغرض الانتقام والقتل، وكوسيلة للتَّخلص من المعارضين المحتجزين وأعدادهم المتزايدة، ولتركيع وإخضاع الحراك الشعبي وإرهابه وإذلاله وتشريده، وقد رصدنا أبرز هذه الأساليب في دراسة موسَّعة صدرت عام 2014.
ارتكبت الأطراف الأخرى جريمة التَّعذيب وإن كان بشكل أقلَّ من النِّظام السوري إلا أننا رصدنا تزايداً ملحوظاً منذ عام 2015 في وتيرة سقوط الضحايا بسبب التَّعذيب على يد الأطراف الأخرى بشكل خاص تنظيم داعش الذي استطاع تأسيس مراكز احتجاز عدة، وجهازاً خاصاً للاعتقال والتعذيب في المناطق الخاضعة لسيطرته، وكذلك قوات الإدارة الذاتية الكردية التي مارست أساليب تعذيب مُشابهة للنظام السوري خاصة تجاه المتَّهمين بالانتماء إلى فصائل في المعارضة المسلحة وأقربائهم، كما حملت بعض عمليات التَّعذيب صبغة عرقيَّة.
وعلى الرغم من أنَّ ممارسات التعذيب التي نفَّذتها قوات في المعارضة المسلحة لم تصل إلى كونها أعمالاً مُتَّسقة على نطاق واسع ضد المدنيين إلا أننا رصدنا تزايداً في وتيرة هذه الممارسات وفي حصيلة الضحايا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لفصائل في المعارضة المسلحة منذ تشرين الثاني 2016.
لم تميِّز هذه الأطراف جميعها في عمليات القتل بسبب التَّعذيب بين طفل وسيدة وكهل حيث وثَّقنا مئات حالات القتل بحقهم؛ بهدف تركيع فئات الشَّعب كافة وبثِّ الرُّعب بينهم. وقد لجأَ العديد منهم إلى تبليغ ذوي الضحيَّة عن مقتله دون تسليم أيِّ جثمان، كما عمدَ النظام السوري إلى إجبار توقيع ذوي الضحيَّة على أوراق تثبت أن الضحيَّة توفي لأسباب صحيَّة لا علاقة لها بالتَّعذيب دون أن يروا جثمانه.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لا بُدَّ من تطبيق مبدأ “مسؤولية الحماية” بعد فشل الدولة في حماية شعبها، وفشل الجهود الدبلوماسية والسلمية كافة حتى اللحظة، ولا تزال جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب تُرتكب يومياً في سوريا، وبشكل رئيس من قبل أجهزة الدولة نفسها”.
سجَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تموز -للشهر الثاني على التوالي- ارتفاعاً غير مسبوق في حصيلة الضحايا بسبب التعذيب، حيث لا تزال بعض أُسر المختفين قسراً لدى قوات النظام السوري منذ وقت بعيد يصل إلى عدة سنوات، تعلم بوفاة ابنها عبر دوائر السِّجل المدني التابعة للنظام السوري إما أثناء مراجعتها للدائرة لإجراء المعاملات المدنيَّة أو عبر نشر تلك الدوائر قوائم اسميَّة للمختفين الذين توفوا بسبب التَّعذيب دون تحديد سبب الوفاة ومكانها، وقد أصدرنا تقريراً يوثِّق هذه الواقعة وسنقوم بإصدار تحديث له قريباً.
تفوق حصيلة الضحايا بسبب التَّعذيب على يد قوات النظام السوري وحده، التي وثَّقناها في تموز -542 ضحية بسبب التعذيب- ضعفَ حصيلة الضحايا بسبب التعذيب التي وثقناها في عام 2017 كاملاً على يد القوات ذاتها، وبذلك ارتفعت حصيلة الضحايا بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري وحده منذ آذار 2011 حتى آب 2018 إلى قرابة 13692 مواطن سوري.
منهجية:
يرصد التَّقرير حصيلة الضحايا بسبب التَّعذيب على يد الأطراف الخمسة الرئيسة (قوات النظام السوري – التنظيمات الإسلامية المتشددة – قوات الإدارة الذاتية الكردية – فصائل المعارضة المسلحة – جهات لم نتمكن من تحديدها)، التي تمكنّا من توثيقها في تموز، كما يستعرض التَّقرير أبرز هذه الحالات.
استندَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، فعندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك نقوم بمتابعة الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، لم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كحال بقية المنظمات الحقوقية من زيارة مراكز الاعتقال التَّابعة لقوات النظام السوري بسبب الحظر المفروض على أعضائنا، وكذلك هو الحال بالنسبة لمراكز الاعتقال لدى بقية أطراف النِّزاع.
نحصل على المعلومات الخاصَّة بضحايا التَّعذيب في سجون النِّظام السوري من خلال الحديث إما مع معتقلين سابقين أو مع ذوي الضحايا أو أصدقائهم، ومعظمهم يحصلون على المعلومات عن أقربائهم المحتجزين عبر دفع رشوة إلى المسؤولين الحكوميين، ويبقى تأكيد الوفاة بنسبة تامة خاضعاً لعمليات التوثيق والتَّحقق المستمر، وتظلُّ مثل هذه القضايا مفتوحة، ونظراً لما نُعانيه من صعوبات حقيقية في عملية التوثيق فإنَّ ما وردَ ذكره في هذا التَّقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى من الانتهاكات الحقيقية التي تتمُّ ممارستها.
مقتل 886 مدنياً في سوريا في تموز 2018
542 منهم بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري
أولاً: مقدمة ومنهجية:
منذ انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار 2011 أخذت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على عاتقها تسجيل نطاق واسع من الانتهاكات التي ترتكب يومياً بحق الشعب السوري كالقتل، والإخفاء القسري، والاعتقال التعسفي، والدمار، والقصف العشوائي، والتَّعذيب واستعرضت عبر مئات التقارير والأبحاث أبرز ما سجَّلته من انتهاكات ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا.
أَولَت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ تأسيسها أهمية كبيرة لتوثيق الضحايا الذين سقطوا على يد أطراف النزِّاع وأنشأت قاعدة بيانات سجَّلت فيها أسماء الضحايا وجميع ما يتعلق بهم من معلومات تفصيلية كالجنس والعمر والمهنة وطريقة القتل والجهة التي قامت بالقتل ونوع السِّلاح المستخدَم.
مُعظم الضحايا في الأشهر الأولى من الحراك الشَّعبي قضوا بإطلاق نار من قبل قوات النظام السوري التي طبَّقت القوة المفرطة على المتظاهرين السلميين أو بسبب التَّعذيب داخل مراكز الاحتجاز الحكومية، أما الضحايا الذين سقطوا في الأعوام التالية فكان معظمهم نتيجة هجمات عشوائية نفَّذتها الأطراف التي تمتلك سلاح جو، وفي مقدِّمتها النظام السوري ثم القوات الروسية وقوات التَّحالف الدَّولي، إضافة إلى ذلك فهناك مئات الضحايا الذين قتلوا بسبب نقص الغذاء والدواء النَّاتج عن الحصار، ومئات الضحايا نتيجة هجمات كيميائية وعنقودية، وانفجار ألغام أرضية، وآخرون نتيجة البرد أو الغرق في أثناء رحلات النُّزوح، ويتضمَّن أرشيف الشبكة السورية لحقوق الإنسان ضحايا هجمات فصائل في المعارضة المسلحة والتَّنظيمات الإسلامية المتشددة، وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
المنهجية:
يشمل التَّقرير ما استطعنا توثيقه من حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا على يد الجهات السبع الرئيسة الفاعلة في سوريا، وهي:
• قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية).
• القوات الروسية.
• التنظيمات الإسلامية المتشددة.
• فصائل المعارضة المسلحة.
• قوات الإدارة الذاتية (بشكل رئيس قوات حزب الاتحاد الديمقراطي – فرع حزب العمال الكردستاني).
• قوات التحالف الدولي.
• جهات أخرى.
أما بالنسبة للضحايا المسلحين فهناك قسمان:
– الضحايا من المعارضة المسلحة: تواجهنا صعوبات إضافية لأن أعداداً كبيرة تُقتل على جبهات القتال وليس داخل المدن، ولا نتمكَّن من الحصول على تفاصيل من اسم وصورة وغير ذلك، وبسبب تكتُّم قوات في المعارضة المسلحة في بعض الأحيان لأسباب أمنية أو غير ذلك، وبالتالي فإنَّ ما يتم تسجيله هو أقل بكثير مما هو عليه الحال.
– الضحايا من قوات النظام السوري أو التَّنظيمات الإسلامية المتشددة أو قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي: يكاد يكون من شبه المستحيل الوصول إلى معلومات عن هذا النوع من الضحايا ونسبة الخطأ مرتفعة جداً، لعدم وجود منهجية في توثيق مثل هذا النوع؛ لأنَّ هذه الأطراف لا تنشر أو تُصرِّح أو تُسجِّل ضحاياها، ومن وجهة نظرنا تدخلُ الإحصائيات الصادرة عن بعض الجهات لهذا النوع من الضحايا في خانة الإحصائيات الوهمية التي لا يوجد لها داتا حقيقية.
وبناءً على ذلك فإننا سنكتفي بالإشارة إلى الضحايا المدنيين الذين يقتلون من قبل الأطراف كافة، وعقد مقارنات بينهم.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، فعندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك نقوم بمتابعة الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، وفي بعض الأحيان تمكَّن الباحث من زيارة موقع الحدث في أسرع وقت ممكن، لكنَّ هذا نادراً ما يحدث؛ نظراً للمخاطر الأمنية المرتفعة جداً، ولكثرة الحوادث اليومية، وأيضاً الإمكانات البشرية والمادية، ولهذا تختلف إمكانية الوصول إلى الأدلة، وبالتَّالي درجة تصنيفها، وغالباً ما نقوم في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات بالاعتماد على شهادات ناجين تعرَّضوا للانتهاك مباشرة؛ حيث نحاول قدرَ الإمكان الوصول إليهم مباشرة، وبدرجة ثانية مَنْ شاهَدَ أو صوَّر هذا الانتهاك .
مِنَ الضَّروري أن نُشير إلى أنَّ كثيراً من الحوادث التي تتسبَّب في سقوط ضحايا قد لا تُشكِّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، لكنَّها تضمَّنت أضراراً جانبية، فنحن نقوم بتسجيلها وأرشفتها من أجل معرفة ما حدث تاريخياً، وحفاظاً عليها كسجلٍ وطني، لكنَّنا لا نصفُها بأنها ترقى إلى جرائم.
الجنوب السوري بين فكِّ الـتَّـشريد القسري والـتَّـجويع، وفكِّ العودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري
الولايات المتحدة الأمريكية تتخلى عن تعهدها في اتفاق جنوب سوريا
شهدت منطقة جنوب سوريا انهياراً شاملاً لما سُمي “اتفاقات مناطق خفض التَّصعيد” وبكل تأكيد فشلاً إضافياً لمجلس الأمن الدولي، الذي لم يحفظ أيَّ أمن أو سلم في سوريا، ولم يمنع تشريد مئات الآلاف في جنوبها، وهذا الشَّلل مقصود ومفتعل وتكرَّر على مدار سبعة أعوام متواصلة، ويأتي انهيار اتفاق خفض التَّصعيد في جنوب سوريا ضمن سياسة الانتقال من تصفية منطقة إلى أخرى، ذلك بعد أن سحقت القوات الروسية الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، وأنهت المقاومة السورية لفصائل المعارضة المسلحة في ريف حمص الشمالي، لكنَّ المجتمع السوري الرافض لحكم العائلة في سوريا اعتقد أنَّ منطقة جنوب سوريا تتميز عن سابقاتها، فقد خضعت (أجزاء من محافظات درعا والقنيطرة والسويداء) ليس فقط لاتفاق خفض التَّصعيد، الذي أُبرم ضمن محادثات أستانة الرابعة التي ترعاها روسيا بشكل أساسي بل لأنها قد خضعت لاحقاً لاتفاق يُعتبر أكثر أهمية وهو الاتفاق الثنائي الروسي الأمريكي بين الرئيسَين ترامب وبوتين.
خصَّصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان التَّقرير، الذي أصدرته اليوم لتسليط الضوء على الهجمات التي شنَّتها قوات الحلف السوري الروسي على منطقة الجنوب السوري منذ منتصف حزيران حتى 30/ تموز/ 2018، إضافة إلى توثيق الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم داعش في منطقة حوض اليرموك، وأُعدَّ التقرير بناء على شهادات من ناجين أو من أقرباء للضحايا واستعرض 2 منها، إضافة إلى عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار.
وجاء في التَّقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت شريكاً في كارثة الجنوب السوري عبر تخليها المفاجئ عن تعهدها بحفظ الهدوء هناك، مشيراً إلى أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يذكر في اجتماع “هلنسكي” أو ينوِّه مجرَّد تنويه إلى خرق اتفاق الجنوب السوري وكأنَّ الأمر لا يعنيه بتاتاً، وهذا بحسب التقرير يُذكِّر السوريين بالخط الأحمر للرئيس الأمريكي السَّابق، الذي خذل السوريين في قضية الأسلحة الكيميائية.
استعرض التَّقرير السياق الزمني لمعركة الجنوب، وذكر أنَّ قوات النظام السوري اتَّبعت في هجومها على منطقة الجنوب السوري الاستراتيجية ذاتها التي اتَّبعتها في الغوطة الشرقية في شباط/ 2018، عبر تنفيذ غارات جويَّة مُكثَّفة، ثم قصف مدفعي يستهدف الخطوط الخلفية للجبهات، وثالثاً استهداف متعمد للأحياء السكنيَّة والمراكز الطبية، والأسواق بما يشمله ذلك من استهداف للمدنيين الفارين من العمليات العسكرية.
رصدَ التقرير الاتفاقات التي خضعت لها محافظتا درعا والقنيطرة والخروقات التي ارتكبتها قوات النظام السوري في المناطق المشمولة بالاتفاقات، حيث سيطرت قواته على المناطق التي كان من المفترض أن لا تدخلها وقام أيضاً بعمليات اعتقال استهدفت المدنيين وحتى المقاتلين التابعين لفصائل في المعارضة المسلحة ممن أجروا عمليات تسوية، وقد رصد التقرير ما لا يقل عن 86 حادثة اعتقال في محافظة درعا في المناطق التي خضعت مؤخراً لسيطرة النظام السوري، وقد تمَّ الإفراج عن بعض المعتقلين بعد ساعات أو أيام من اعتقالهم، لكنَّ مصير عدد كبير منهم لا يزال مجهولاً ويُعتبرون في عداد المختفين قسرياً، كما سجَّل التَّقرير عمليات نهب للممتلكات والمنازل والمحال نفَّذتها قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها عقب سيطرتها على المناطق الشرقية في محافظة درعا.
استعرض التقرير أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحلف السوري الروسي في منطقة الجنوب حيث وثَّق مقتل ما لا يقل عن 281 مدنياً بينهم 84 طفلاً، و63 سيدة (أنثى بالغة). على يد قوات الحلف السوري الروسي مُشيراً إلى ارتكابها أيضاً ما لا يقل عن 12 مجزرة و25 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية بينها 8 على منشآت طبية.
وذكر التقرير أنَّ الطيران المروحي التابع للنظام السوري قد ألقى ما لا يقل عن 862 برميلاً متفجراً على منطقة الجنوب السوري في المدة التي يُغطيها، مُشيراً إلى أنَّ تلك العمليات العسكرية قد تسبَّبت في نزوح ما لا يقل عن 340 ألف شخص اضطرَّ عدد منهم إلى العودة إلى المناطق التي شملتها الاتفاقيات المحلية بعد أن خُيروا بين الموت جوعاً وعطشاً بسبب ندرة المساعدات، وبين العودة إلى المناطق التي سيطر عليها النظام السوري مؤخراً، وبالتالي الوقوع تحت خطر الاعتقال أو الخطف، وهو ما يشبه العملية الانتحارية في ظلِّ عدم وجود أية ضمانات تحميهم من الاعتقال أو التعذيب، الذي قد ينتظرهم، والذي قد تعرَّض له بعض أبناء المناطق التي شهدت تسويات مماثلة في محافظات حمص وحلب وريف دمشق.
ونوَّه التقرير إلى أنَّ آلاف المواطنين السوريين الذين لم يرغبوا بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري قد اضطروا إلى النزوح مرة ثانية باتجاه مناطق في الريف الغربي لدرعا وبعض قرى ريف القنيطرة والمناطق الحدودية مع الجولان.
سجَّل التقرير ما تعرَّضت له بلدة حيط الواقعة في حوض اليرموك من عمليات قصف مدفعي نفَّذه تنظيم داعش مُشيراً إلى أنَّ ذلك يبدو كأنَّه تنسيق وتناغم مع النظام السوري وحليفه الروسي، وذكر التقرير أنَّ هجمات تنظيم داعش قد تسبَّبت في مقتل 4 مدنيين بينهم طفل في بلدة حيط الواقعة في حوض اليرموك والخاضعة لسيطرة فصائل في المعارضة المسلحة، ونزوح ما لا يقل عن 1220 عائلة إلى بلدات واقعة في الريف الشمالي الغربي لمدينة درعا، وذكر التقرير نزوح ما لا يقل عن 5 آلاف مدني من حوض اليرموك باتجاه السهول الحدودية مع الجولان عقبَ العملية العسكرية الروسية السورية، التي امتدَّت إلى قرى حوض اليرموك في 19/ تموز.
أكَّد التقرير أنَّ قوات الحلف السوري الروسي خرقت اتفاق خفض التَّصعيد والاتفاق الروسي الأمريكي، إضافة إلى قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، وأيضاً انتهكت عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي؛ ما يُشكل جرائم حرب.
كما مارست قوات الحلف السوري الروسي وفقاً للتقرير جريمة التَّشريد في إطار منهجي وواسع النِّطاق، ومنظَّم ضدَّ السكَّان المدنيين، ولم نُسجِّل قيام هذه القوات بأية تدابير لتوفير مأوى أو رعاية صحية أو غذاء للمدنيين المشرَّدين.
وجاء في التَّقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية خرقت الاتفاق الروسي الأمريكي من خلال عدم تدخلها في ردع القوات الروسية عن هجومها على منطقة الجنوب السوري وعدم اتخاذها أية خطوات فعلية في إطار حماية المدنيين في المنطقة الجنوبية.
حثَّ التَّقرير الإدارة الأمريكية على تحمُّل مسؤولياتها تجاه التزامها في اتفاق الجنوب السوري وتحمُّل تبعات ما حصل إثر نقضها الصَّادم للاتفاق وتعويض آلاف الضحايا الذين تضرَّروا بشكل فظيع جراء تخليها عن اتفاق الجنوب السوري.
شدَّد التقرير على ضرورة تحميل الجمعية العامة للأمم المتحدة النِّظامَ السوري الحاكم المسؤوليةَ الكاملة عن تشريد ثلث الشعب السوري، بما في ذلك المسؤولية القانونية والمادية، وضمان نيل الضحايا التَّعويض الكامل عن الخسائر الفادحة التي طالتهم بما في ذلك رد الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها.
دعا التقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، بعد أن تمَّ استنفاذ الخطوات السياسية من اتفاقية الجامعة العربية ثم خطة السيد كوفي عنان وما جاء بعدها من بيانات لوقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانة، وبالتالي لا بدَّ بعد تلك المدة من اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يزال مجلس الأمن يُعرقل حماية المدنيين في سوريا.
وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد، وبالتالي إعلان تحطيم وانتهاء العملية السياسية بالكامل وتحميل مسؤولية ذلك كاملة للحلف الروسي السوري ومكاشفة الشعب السوري بسعي روسيا للسيطرة الكاملة على الأراضي السورية بالقوة ورغبتها العلنية في إعادة تأهيل النظام الحالي؛ ما يعني تشكيلَ حلٍّ سياسي وفق مصالحها.
وأكَّد التقرير على ضرورة قيام لجنة التحقيق الدولية بإعداد تقرير خاص عمَّا حصل من انتهاكات صارخة في منطقة الجنوب السوري على غرار تقرير أحياء حلب الشرقية، والاستفادة مما ورد في هذا التقرير.
إخفاء قسري طويل ثم تعذيب حتى الموت للناشط السياسي السلمي يحيى شربجي
علمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان من خلال تواصلها مع عائلة الضحية يحيى شربجي أنه في 23 تموز الحالي ولدى إجراء ذويه معاملة استخراج بيان قيد عائلي من دائرة السجل المدني في مدينة داريا بمحافظة ريف دمشق تمَّ إخبارهم من قبل الموظف هناك أنَّ ابنهم مسجَّل في السجل المدني على أنه متوفى، صُعقت العائلة لهذ الخبر، وخصوصاً أنه قد كتب أسفل اسم يحيى أنه متوفى في 15/ كانون الثاني/ 2013 دون وجود أيَّة تفاصيل عن مكان الوفاة أو سببها، وحصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على نسخة من بيان القيد العائلي نحتفظ به ضمن سجلاتنا، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية لم تتمكن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثَّته، لأنَّ النظام السوري يرفض تسليم الجثث بشكل قاطع، ولا تعلم الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصير مئات آلاف الجثث ولا طريقة إخفائها.
وأخبرت عائلة يحيى الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ عناصر من فرع المخابرات الجوية قامت باعتقال محمد شقيق يحيى -علمت العائلة بوفاة محمد في 13/ كانون الأول/ 2013 عبر دائرة السجل المدني أيضاً-، وأجبرته على الاتصال به، وإخباره أنه مصاب في منطقة صحنايا بمحافظة ريف دمشق، وأنَّ عليه القدوم لإسعافه، ولدى ذهاب يحيى إلى المكان الذي حدَّده له شقيقه، تبيَّن له أنه كمين وقامت المخابرات الجوية باعتقاله، وكان برفقته الناشط غياث مطر، ذلك منذ 6/ أيلول/ 2011، أما غياث مطر فقد قتله النظام السوري وسلَّم جثته وعليها آثار تعذيب بربري إلى عائلته بعد أربعة أيام فقط، فيما ظلَّ مصير يحيى شربجي مجهولاً منذ ذلك التاريخ.
القوات الروسية مستمرة في ارتكاب المجازر الوحشية وقتلت 6187 مدنياً، بينهم 1771 طفلاً منذ تدخلها في سوريا
القوات الروسية قتلت 52 مدنياً بينهم 10 أطفال في مجزرة مروِّعة بحق أهالي قرية زردنا بريف إدلب الشمالي الشرقي
بواسطة: KEYSTONE / AP Syrian Civil Defense White Helmets
أولاً: المقدمة:
منذ دخول اتفاق خفض التَّصعيد حيِّز التَّنفيذ واكبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على نحو دقيق الحالة الحقوقية ومستوى ارتكاب الانتهاكات من قبل أطراف موقِّعة على الاتفاق وأصدرت في هذا الصَّدد تسعة تقارير، وقد أثبتت الوقائع وعمليات الرَّصد أنَّ قوات الحلف السوري الروسي كانت المرتكب الأبرز والرئيس لمعظم الانتهاكات، وصحيح أننا لمسنا انخفاضاً ملحوظاً في وتيرة القتل والقصف والتَّدمير في الأشهر الأربعة الأولى إلا أنَّ تصاعداً مُخيفاً في الأعمال القتالية بدأ في محافظة إدلب في أيلول/ 2017، وامتدَّ إلى بقية المناطق المشمولة بالاتفاق إلى أن انهار الاتفاق بشكل كامل في كل من الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، ومنذ منتصف حزيران الماضي امتدَّ الانهيار ليشمل منطقة الجنوب السوري أيضاً.
وكنَّا قد أصدرنا في الثالث عشر من حزيران تقريراً وثَّقنا فيه أبرز انتهاكات قوات الحلف السوري الروسي في محافظة إدلب في غضون عام منذ دخول اتفاق خفض التَّصعيد حيِّز التَّنفيذ أي منذ أيار/ 2017 -تاريخ بداية اتفاق خفض التَّصعيد- حتى أيار/ 2018، وخلُصَ التَّقرير إلى أنَّ محافظة إدلب وحدها شهدت 32 مجزرة ارتكبتها قوات الحلف السوري الروسي، و223 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة في المدة التي غطَّاها التقرير بحسب الحوادث التي تمكنَّا من توثيقها.
في هذا التَّقرير نستعرض تفاصيل مجزرة نفَّذتها قوات نعتقد أنها روسية على قرية زردنا بريف إدلب الشمالي الشرقي، أسفرت عن مقتل 52 مدنياً بحسب ما تمكنَّا من تسجيله، وفي هذه المذبحة تعمَّدت القوات الروسية تنفيذ هجومين جويين مُتتاليين بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الأهالي بينهم أعضاء في فريق الدفاع المدني كانوا يحاولون انتشال وإنقاذ مصابين وقتلى إثرَ الهجوم الأوَّل.
ولقد عمدت قوات النظام السوري عدة مرات إلى تكرار استراتيجية الهجوم المزدوج على نحو مقصود، وهذا سوف يؤدي بالتأكيد إلى استهداف المسعفين وعمال الإنقاذ والنَّاجين من الهجوم الأول، وهو أحد أهداف هذا النوع من الهجمات البربرية، ومنذ تدخل القوات الروسية في أيلول/ 2015 رصدنا اتباعها نمط الهجمات المتكررة ذاته عشرات المرات في مناطق متعددة، ويقوم فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بإعداد دراسة خاصة عن هذا النَّمط من الهجمات تشمل المحافظات السورية كافة، والحوادث التي تمكنَّا من توثيقها في قاعدة بياناتنا.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“يؤكِّد نمط قصف المدنيين مرة ثانية في المنطقة ذاتها، التي تعرضوا فيها للقصف الأول على درجة عظمى من اللامبالاة بأي شكل من أشكال الملاحقة والمحاسبة، فغالباً ما يحاول المجرم إخفاء جريمته عبر القصف والفرار، لكنَّنا نشهد في الكارثة السورية انحداراً في القيم القانونية والإنسانية لم تعهده البشرية في العصر الحديث، إنَّ التَّنديد وفضح هذا النَّمط البربري من الضربات هو مسؤولية مشتركة لجميع الشعوب ولمدافعي حقوق الإنسان حول العالم”
لقد دأبت القوات الروسية في الأشهر الثلاثة الأولى من تدخلها العسكري في سوريا على إعلان مواقع تنفيذ هجماتها على الأراضي السورية، وقد استفدنا من تلك التَّصريحات لأنها مكَّنت فريقنا من مقاطعتها مع روايات الشهود وعمال الإشارة المركزية التي حصلنا عليها، وأعطانا ذلك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بمسؤولية القوات الروسية عن هجمات بعينها، لكنَّ القوات الروسية لم تعد تنشر أي تصريح بعد ذلك، فيما يبدو أنَّه قد لفت انتباهها أنَّ عدداً من المنظمات الحقوقية ومن بينها نحن قد استخدمنا تلك التصريحات ضدَّها، ومنذ ذلك الحين وهي تتبع سياسة الإنكار، وبشكل خاص مع الهجمات التي تُسفر عن وقوع عدد كبير من الضحايا، وبنفي أكثر شدة في مناطق خفض التَّصعيد في الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق ومحافظتي إدلب وحمص، وأخيراً في محافظة درعا، إضافة إلى ذلك فقد قامت روسيا بتبرير عدد كبير من الهجمات وقتل المدنيين بذريعة وجود إرهابيين ومسلحين مُتشدِّدين، وعلى سبيل المثال وبحسب ما تمكنَّا من رصده فمن ضمن سبع مجازر ضخمة نفَت القوات الروسية مسؤوليتها عنها تمكَّن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر تحقيقات موسَّعة من إثبات تورُّطها في ستِّ منها، من بينها مجزرة قرية زردنا الواردة في هذا التَّقرير.