المواطن عبد الحميد زحلاوي مختف قسريا منذ عام 2014
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة، بقضية المواطن “عبد الحميد زحلاوي”، من أبناء حي باب السباع في مدينة حمص، بائع أدوات منزلية، يبلغ من العمر حين اعتقاله 24عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث اعتقلته قوى أمن الدولة التابعة لقوات النظام السوري تعسفياً بتاريخ 5/ شباط/ 2014، إثر مداهمة مكان إقامته في حي الكاردينيا في شارع بدر الدين الحامد في مدينة حمص، واقتادته إلى جهة مجهولة، ثمَّ شوهدَ مطلع نيسان 2014 من قبل مفرج عنه في فرع قوى الأمن العسكري الفرع 215 في حي كفرسوسة بمدينة دمشق، وكان مودعَ أمانات لصالح الفرع 291 إدارة المخابرات العامة ، ولم يشاهد بعد ذلك التاريخ في أي فرع أمني أو سجن، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن عبد الحميد زحلاوي، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
تجدد الهجمات ضد الشبكة السورية لحقوق الإنسان من قِبل صحفيين موالين لروسيا ولإخفاء جرائم الحرب
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً توضِّح فيه طبيعة بعض الهجمات التي تعرَّضت لها على مدى السنوات الماضية، بشكل خاص ما تعرَّضت له مؤخراً من حملات منظمة قام بها صحفيون موالون لروسيا يهدفون إلى تبرير ما ترتكبه القوات الروسية وقوات النظام السوري من جرائم حرب، ويشككون بالتقارير والإحصائيات التي توثِّق تلك الجرائم.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ تأسيسها في حزيران/ 2011 قد عملت على توثيق الانتهاكات التي يتعرَّض لها المواطن والدولة السورية، وعبر سنوات من عمليات التوثيق اليومية تراكم لديها قاعدة بيانات واسعة لأنماط متعددة من الانتهاكات، وأشار البيان إلى أنَّ منهجية العمل الواضحة وإمكانية تزويد المنظمات والمؤسسات الدولية ببيانات رئيسة وأدلة أولية تُشكِّل القاعدة الأساسية التي تُبنى عليها التقارير هي من أكسبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصداقية عالية لدى المنظمات الدولية وأجهزة الأمم المتحدة، إضافة إلى عقدها شراكات مع عدد من أبرز مراكز تحليل البيانات في العالم، وأخيراً، انتشاراً واسعاً في وسائل الإعلام المحلية والدولية.
وذكرَ البيان ما تعرَّضت له الشبكة السورية لحقوق الإنسان من عمليات تشويه من قبل وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري بشكل خاص في عامي 2011 و2012 ثم من قوات وحدات حماية الشعب الكردية، إضافة إلى التهديدات التي تعرَّضت لها من قبل عناصر تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، وأضاف البيان أنَّ الموقع الإلكتروني للشبكة السورية لحقوق الإنسان على الشبكة العنكبوتية قد تعرَّض لهجمات إلكترونية، كما تعرَّض حساب الشبكة على منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” لمحاولات اختراق، إضافة إلى هجوم لاذع من وزارة الخارجية الروسية ومن وسائل إعلام موالية لروسيا، ذلك على خلفية إصدار الشبكة ما لا يقل عن 61 تقريراً توثق الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية في سوريا منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015.
وأشار البيان إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت قرابة 18 تقريراً عن انتهاكات قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وعشرات التقارير والأخبار عن انتهاكات قوات المعارضة المسلحة، لكنها لم تتعرض لحملات تشويه وتخوين على غرار ما قام به كل من النظام السوري وروسيا وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وتنظيم القاعدة.
وأوضحَ البيان أنَّ تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الذي صدر مؤخراً والذي كان قد تناول استهداف القوات الجوية الروسية والسورية للمراكز الطبية في شمال غرب سوريا على نحو غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، يبدو أنه قد لعب دوراً أساسياً في الهجمة الإعلامية الروسية التي تتعرَّض لها الشبكة.
ونوَّه البيان إلى التكتيك الذي عادة ما تتَّبعه روسيا في مثل هذه الحملات، عبر نشر تقارير تحتوي كمَّاً سخيفاً من المغالطات والخداع في مواقع صفراء سوداء لا يكاد يعرفها أحد، ثم بالاقتباس منها في مواقع روسية أوسع انتشاراً كموقع روسيا اليوم، ووكالة الأنباء الروسية الرسمية سبوتنيك؛ بهدف تعميم ونشر تلك الأكاذيب على مستوى أكبر.
وأكَّد البيان أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان ماضية في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بحق المواطن السوري بقدر إمكانياتها وقدرة تحملها، وسوف تستمر في فضح وتعرية المجرمين، في ظلِّ المخاطر والتهديدات المتنوعة التي واجهتها ولا تزال تواجهها، واعتبر البيان أنَّ كتابات صحفيين داعمين لإخفاء جرائم النظام السوري وروسيا تُعدُّ أقل خطورة من ملاحقات النظام السوري وتهديدات تنظيم داعش، وفي هذا السياق أكَّد البيان أنَّ ثلاثة من أعضاء الشبكة السورية لحقوق الإنسان لا يزالون حتى الآن مختفين قسرياً لدى النظام السوري.
وأخيراً نوَّه البيان إلى وجود وسائل إعلام ومراكز أبحاث تابعة للنظام السوري وإيران وروسيا تعمل من أجل تبرير الجرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم الحرب، وذلك خدمة لهدف أكبر وهو محاولة تغيير سردية الأحداث، بل ومحاولة تغيير أس الصراع في سوريا والذي هو حراك شعبي في مواجهة نظام حكم العائلة الواحدة، التي تسبَّبت في قتل وتدمير المجتمع والدولة السورية في سبيل البقاء في الحكم مدى الحياة، مُشيراً إلى تلقيها دعماً إيرانياً وروسياً لا محدوداً، خوفاً من تحقيق التغيير نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان والكرامة والحرية.
مقتل ما لا يقل عن 14227 شخصا بسبب التعذيب بينهم 177 طفلا و62 سيدة في سوريا
إن عمليات التعذيب الوحشي المنهجية والواسعة في مراكز احتجاز النظام السوري تشكل جريمة إبادة، ومسؤولية حماية المعتقلين تقع على عاتق الدول المتحضرة
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمناسبة” اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب” تقريراً وثَّقت فيه مقتل ما لا يقل عن 14227 شخصاً بسبب التعذيب بينهم 177 طفلاً و62 سيدة في سوريا.
واعتبر التقرير الذي جاء في 25 صفحة أنَّ عمليات التعذيب الوحشي المنهجية والواسعة في مراكز احتجاز النظام السوري تشكل جريمة إبادة.
وجاء في التقرير أن سوريا صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 2004، كما أن الدستور السوري في الفقرة الثانية من المادة 53 منه يحظر على السلطة الحاكمة ممارسة التعذيب، وأضاف أيضاً أن حظر التعذيب هو بمثابة قاعدة عرفية من غير المسموح للدول المس به أو موازنته مع الحقوق أو القيم الأخرى، ولا حتى في حالة الطوارئ، وانتهاك حظر التعذيب يُعتبر جريمة دولية في القانون الجنائي الدولي ويتحمَّل الأشخاص الذين أصدروا الأوامر بالتعذيب أو ساعدوا في حدوثه المسؤولية الجنائية عن مثل هذه الممارسات.
وأكد التقرير أن جميع أطراف النزاع قد مارست جريمة التعذيب بشكل أو بآخر، لكن النظام السوري المسيطر على أجهزة الجيش والأمن والقضاء قد قام باعتقال ما لا يقل عن 1.2 مليون مواطن سوري تعرضوا بشكل أو آخر لنوع من أنواع التعذيب والمذلة، ولا يزال لديه حتى الآن العدد الأكبر من المعتقلين.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“على الرغم من جميع البيانات التي تؤكد عمليات التعذيب الوحشي التي يمارسها النظام السوري، والتي بلغت حد الإبادة، لم يتدخل أحد لحماية المدنيين وإنقاذ سمعة القانون الدولي، وتُشكل الحالة السورية فشلاً صارخاً لاستجابة مجلس الأمن في حلِّ النزاعات، ويبقى الحل الوحيد عبر تدخل دولي خارج مجلس الأمن لإنقاذ أرواح قرابة 128 ألف مواطن سوري لا يزالون قيد الاعتقال والتعذيب وإهمال الرعاية الصحية؛ ما يجعلهم عرضة للموت بسبب التعذيب”
أُعِدَّ التقرير بناء على عمليات مراقبة ومراجعة مستمرة ودورية، وأوردَ 14 رواية تم الحصول عليها عبر التواصل مع ناجين من التَّعذيب ومع عائلات فقدت أحد أبنائها بسبب التَّعذيب، وأجريت هذه اللقاءات داخل سوريا وخارجها، كما استعرض التقرير أبرز الحوادث والحالات المرتبطة بالتعذيب التي حصلت بين حزيران/ 2018 حتى حزيران/ 2019.
وأشار التقرير إلى معاناة المعتقلين في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري وفي مقدمتها مقرات الأفرع الأمنية الأربعة والسجون العسكرية، حيث تفتقر لأدنى شروط السلامة الصحية وتُعاني من ازدحام شديد ونقص في التهوية والنظافة، مؤكداً أن هذه الظروف الوحشية هي تكتيك متبع من قبل النظام السوري على نحو مقصود وواسع، بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، وبعد ذلك يتم إهمال علاجهم على نحو مقصود أيضاً، وينتهي المطاف بموت المعتقل غالباً، كما أورد التقرير شرحاً عن ظاهرة الفصل وهي إصابة المعتقل نتيجة ظروف الاعتقال والضرب والإذلال وقلة النوم والطعام والماء، بحالة هذيان شديدة يتبعها فقدان للذاكرة أو فقدان الذاكرة الآنية وتذكر الماضي فقط، وتوهم رؤية أشياء أو أشخاص، وبكاء هستيري شديد لتضطرب بعدها العلامات الحيوية للمعتقل ثم يدخل في غيبوبة، وتُشكِّل نسبة المتوفين بسبب هذه الظاهرة قرابة 8 % من مجمل حالات الوفيات بسبب التعذيب وفقاً لما أورده التقرير.
وفي هذا السياق أكَّد التقرير أنَّ المعتقلون لدى النظام السوري يتعرضون لنوعين من الأعمال البربرية وهي أولاً أساليب تعذيب عديدة تُهدد جوهر البشرية والإنسانية والحضارة ولا يمارسها سوى أشخاص ساديون، وثانياً الحرمان من تقديم أي نوع من الرعاية الطبية للمعتقلين المرضى أو المصابين.
وعلى الرغم من إنكار النظام السوري ارتكابه عمليات التَّعذيب في مراكز احتجازه إلا أنه أدان نفسه عندما أصدر بيانات الوفاة لمختفين كانوا محتجزين لديه على أنَّهم ماتوا بسبب أزمات قلبية أو توقُّف تنفُّس مفاجئ، وحمَّل التقرير النظام السوري المسؤولية عن مقتل 14070 شخصاً، بينهم 173 طفلاً، و45 سيدة بسبب التعذيب في سجونه وأشار التقرير إلى تسجيل ما لا يقل عن 916 معتقل كشفَ النظام السوري عن مصيرهم بأنَّهم قد ماتوا جميعاً، لم يذكر سبب الوفاة، ولم يقم بتسليم الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
أكَّد التقرير أنَّ قوات النظام السوري مارست جريمة التَّعذيب بشكل منهجي وواسع النطاق، ووصلت إلى انتهاك حق الحياة وشكلت خرقاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وثبت أنَّ النظام السوري على علم تام بها، وعلى يقين بأن ظروف الاحتجاز اللاإنسانية سوف تؤدي حتماً إلى الوفاة، لكنه لم يقم بفعل أي شيء. وتُشكِّل عمليات القتل بسبب التعذيب جرائم ضدَّ الإنسانية، وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني وترقى إلى جرائم حرب، وقد شكَّلت نمطاً كثيفاً ومتكرراً ووصلت حد الإبادة.
طبقاً للتقرير فقد قتل تنظيم داعش ما لا يقل عن 32 شخصاً، بينهم طفل واحد و14 سيدة بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة له مشيراً إلى تدرَّج أساليب التعذيب، التي طبقها التنظيم على المعتقلين والمختفين لديه تبعاً للتُّهم الموجَّهة إليهم وبحسب مركز الاحتجاز، وبحسب التقرير فقد تعرَّض المعتقلون والمختطفون لدى هيئة تحرير الشام للضرب المبرح والجلد، ومورست عليهم أساليب تعذيب كالصعق والجلد، وقلع الأظافر، والتجويع والحرمان من النوم وتسبَّبت هذه الأساليب في مقتل 24 شخصاً بينهم طفل واحد.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم داعش قام بإجراء محاكمات شكلية للمحتجزين لديه وفقاً لقوانين تنتهي بالحكم على المحتجز بالموت بالتعذيب أو الإعدام الميداني والقتل بطرق وحشية مبتكرة، ولا تراعي أياً من مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، وهذا يُشكِّل جريمة حرب. وقد مارست هيئة تحرير الشام التعذيب ونفي الاعتقال واتخاذ الرهائن وانتهكت بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني.
رصد التقرير ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات استخدام قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية التعذيب في عام 2019 حملت بعض هذه العمليات صبغة عرقية، ولجأت هذه القوات في مراكز احتجازها إلى استخدام الضرب المؤذي والمسبب لكسور في العظام بشكل رئيس وواسع في أثناء التحقيق مع المعتقلين والمختطفين لديها، وطبقاً للتقرير فقد قتل ما لا يقل عن 43 شخصاً بينهم طفل واحد وسيدتان اثنتان بسبب التعذيب.
سجَّل التقرير ارتفاعاً في حصيلة ضحايا التعذيب لدى فصائل في المعارضة المسلحة، مشيراً إلى مقتل 43 شخصاً بينهم طفل واحدة وسيدة واحدة في مراكز الاحتجاز التابعة لها، ما يُشكِّل مخالفة صريحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني حيث مارست فصائل في المعارضة المسلحة التعذيب بحقِّ أحد خصومها في النزاع المسلح غير الدولي؛ ما يجعل هذه الممارسات ترقى إلى جريمة حرب.
أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بحماية المدنيين المعتقلين لدى النظام السوري من التعذيب حتى الموت، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة كما طالب الجمعية العامة للأمم المتحدة بأخذ زمام المبادرة في الحالة السورية واللجوء إلى تطبيق مبدأ اتحاد من أجل السلام، ذلك نظراً للشلل التام في مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي الصيني.
وأوصى جميع الأذرع الإغاثية التابعة للأمم المتحدة البحث عن الأُسر التي فقدت مُعيلها أو أحد أبنائها بسبب التعذيب، وضمان إيصال المعونات إلى مُستحقيها بشكل مستمر، والبدء بعمليات إعادة التأهيل.
وشدَّد التقرير على ضرورة قيام الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب باتخاذ ما يلزم من إجراءات لإقامة ولايتها القضائية على مرتكبي جرائم التعذيب، وبذل كل الجهود المادية والأمنية في سبيل ذلك.
وحثَّ التقرير المجتمع الدولي على حماية المعتقلين الذين أصبحوا بمثابة رهينة في يد النظام السوري يقتل منهم من يشاء تحت التعذيب، وتشكيل تحالف حضاري للتدخل السياسي والعسكري لحماية المدنيين وإنقاذ عشرات آلاف المعتقلين من الموت تحت التعذيب.
وطالب التقرير النظام السوري بالتوقف الفوري عن جميع أساليب التعذيب، واستخدام مقدرات الدولة السورية في تعذيب وإرهاب المجتمع والسماح الفوري بدخول لجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وجميع المنظمات الحقوقية الموضوعية إلى مراكز الاحتجاز، والإفراج الفوري عن المعتقلين كافة، والتوقف عن انتهاك الدستور السوري والقانون الدولي على نحو فظيع ومهين للدستور والدولة السورية.
حثَّ التقرير قوات سوريا الديمقراطية على ضرورة الالتزام بمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتوقف عن استخدام التعذيب بحق الخصوم السياسيين، أو العسكريين، وفتح تحقيقات مع المتورطين في هذه الجرائم، ومحاسبتهم.
أوصى التقرير التنظيمات الإسلامية المتشددة بمراعاة تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق والسجون التي تخضع لسيطرتها، وإيقاف أشكال التعذيب كافة داخل مراكز الاحتجاز.
وطالب فصائل في المعارضة المسلحة بمراعاة أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وإنهاء المحاكمات غير القانونية، وإيقاف جميع عمليات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، ومحاسبة جميع الأفراد المتورطين بعمليات تعذيب، وطردهم بشكل مباشر.
تقرير موجز: الأجهزة الأمنية في السويداء تتحمل مسؤولية اختطاف الناشط السياسي مهند شهاب الدين وإخفائه قسريا
النظام السوري مستمر في سياسة الإخفاء القسري والإرهاب والتعذيب
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن الأجهزة الأمنية في السويداء تتحمل مسؤولية اختطاف الناشط السياسي مهند شهاب الدين وإخفائه قسريا
وذكر التقرير الذي جاء في 7 صفحات أنَّ النظام السوري اعتقل منذ بداية عام 2019 قرابة 1478 شخصاً تحوَّل 764 منهم إلى مختفين قسرياً، مؤكداً على أن النظام السوري لم يلتزم يوماً بالقانون الدولي الإنساني حيث لا تزال قوات الأمن السورية ترتكب أفظع الانتهاكات والملاحقات المستمرة اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، التي تستهدف إرهاب المدنيين وقمع أية محاولة تحرك مدني تطالب مجدداً بتغيير العائلة الحاكمة، كل ذلك بالتزامن مع القصف العنيف الذي شنَّه الطيران الحربي لقوات الحلف السوري الروسي على المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري في شمال غرب سوريا، واستهدف به بشكل متعمد مناطق مأهولة بالسكان ومراكز طبية ومدارس، ذلك منذ بدء حملة التصعيد العسكرية الأخيرة لقوات الحلف السوري الروسي على منطقة خفض التصعيد الرابعة التي بدأت منذ 26/ نيسان المنصرم، وقد سجَّل التقرير منذ بدء الحملة حتى 23/ حزيران/ 2019 قتل تلك القوات ما لا يقل عن 487 مدنياً، بينهم 118 طفلاً، و92 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة 1495 مدنياً آخرين.
وطبقاً للتقرير فقد اعتقلت قوات النظام السوري منذ بداية عام 2019 ما لا يقل عن 1478 مواطناً سورياً بينهم 71 طفلاً و90 سيدة (أنثى بالغة)، وبعد التحقيق والتعذيب أفرج عن 325 منهم، ولا يزال 1153 لدى النظام السوري، وقد تحوَّل 764 من بينهم إلى مختفين قسرياً وقد أنكر النظام السوري وجودهم لديه بحسب التقرير.
وبحسب التقرير فإنَّ معظم حوادث الاعتقال قد تمَّت في محافظات دمشق وريف دمشق وحلب، ووقعت حالات اعتقال كثيفة في المناطق التي أجبرت على التسوية مع النظام السوري كالغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي والجنوب السوري، وأضاف التقرير أنَّ عمليات اعتقال طالت نازحين عادوا إلى تلك المناطق بعد أن تشردوا منها، إضافة إلى وقوع حالات اعتقال بحق لاجئين سوريين قرروا العودة عند المنافذ الحدودية.
وفي هذا السياق ذكر التقرير أن قوات النظام السوري اتبعت في عمليات اعتقالها منذ بداية الحراك الشعبي في آذار/ 2011 تكتيكاً هو أقرب إلى طريقة خطف الضحية، حيث لا تُعلن قوات الأمن أي فرع أمني تتبع ولا تعطي أي معلومات إلى أين تأخذ الضحية، وتهدف بذلك إلى نشر أكبر قدر من الإرهاب والذعر.
وتحدثَّ التقرير عن حادثة اعتقال الناشط مهند شهاب الدين من محافظة السويداء، التي شهدت منذ بداية عام 2018 تصاعداً في عمليات الخطف، حيث سجل التقرير قرابة 208 حوادث خطف لأبناء المحافظة منذ بداية عام 2018 وأشار إلى تورط قوات الأمن السورية في معظم تلك الحوادث؛ بهدف زعزعة الاستقرار في محاولة من النظام السوري لبسط قوته وسيطرته الكاملة على المحافظة.
وجاء في التقرير أن مهند شهاب الدين ناشط سياسي وسلمي، يعمل في مجال النجارة والموبيليا، ولد في عام 1973م، من أبناء مدينة السويداء، متزوج ولديه أربعة أولاد، اختطفته عناصر مسلحة رجَّح التقرير انتماءها إلى قوى الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري في 16/ حزيران/ 2019 من مكان عمله غرب مدينة السويداء ولا يزال مصيره مجهولاً حتى لحظة إعداد التقرير.
أكَّد التقرير أن النظام السوري انتهك عدداً كبيراً من مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان عبر عمليات خطف المواطنين السوريين دون محاكمة، وسياسة الإخفاء القسري، والتعذيب، وقد مارس النظام السوري هذه الانتهاكات منذ عام 2011 على نحو منهجي وواسع النطاق، وبحسب المادة السابعة من قانون روما الأساسي تُشكِّل هذه الانتهاكات جرائم ضدَّ الإنسانية إذا مورست عن علم وعلى نحوٍ واسع النطاق.
وأشار التقرير إلى أن حالة اعتقال الناشط مهند شهاب الدين تُشكل واحدة من مئات آلاف الحالات التي انتهك فيها النظام السوري الدستور السوري نفسه فقد استمرَّ النظام منذ عام 2011 بتوقيف ما لا يقل عن 1.2 مليون مواطن سوري تعرض لتجربة الاعتقال دون إصدار مذكرة اعتقال، ودون توجيه تهم لهم وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، ولا يزال قرابة 128 ألف مواطن سوري معتقل لدى النظام السوري تحول قرابة 82 ألف منهم إلى مختفين قسرياً، ولا يتم إبلاغ عوائلهم بمكان وجودهم وفي حال سؤال العائلة تنكر الأفرع الأمنية والسلطات وجود أبنائها، وربما يتعرض من يقوم بالسؤال لخطر الاعتقال.
وجاء في التقرير أن قوات النظام السوري استهدفت باستراتيجية الإخفاء القسري كل من له علاقة بالحراك الشعبي المناهض لحكم العائلة ويُظهر تحليل البيانات بحسب التقرير انتشار هذه الظاهرة في العديد من المناطق ما يدل على أنها سياسة ومنهج متسق ومدروس وترقى إلى جريمة ضد الإنسانية، كما انتهكت السلطة الحاكمة برئاسة بشار الأسد نصوصاً عدة في الدستور السوري الحالي الذي يجرم الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري؛ ما يعني انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون المحلي على حد سواء.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على النظام السوري، بدءاً من حظر الأسلحة والمقاطعة الدبلوماسية، وصولاً إلى العقوبات العسكرية في حال استمرار ارتكاب الانتهاكات الفظيعة، وحثَّ على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المعتقلين من الموت داخل مراكز الاحتجاز ووضع حدٍّ لوباء الاختفاء القسري المنتشر في سوريا كونه يهدد أمن واستقرار المجتمع.
كما أوصى مجلس الأمن الدولي بمتابعة تطبيق وإلزام النظام السوري وغيره من الأطراف بالقرارات التي قام بإصدراها ومن أبرزها القرار رقم 2024 والقرار رقم 2139 واتباع القرارات النظرية بالأفعال.
وأوصى الجمعية العامة للأمم المتحدة بأخذ زمام المبادرة في الحالة السورية واللجوء إلى تطبيق مبدأ اتحاد من أجل السلام؛ ذلك نظراً للشلل التام في مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي الصيني.
طالب التقرير جميع الأذرع الإغاثية التابعة للأمم المتحدة بالبحث عن الأُسر التي فقدت مُعيلها أو أحد أبنائها بسبب التعذيب، وضمان إيصال المعونات إلى مُستحقيها بشكل مستمر، والبدء بعمليات إعادة التأهيل والضغط على النظام السوري بشكل فعال للسماح للمحتجزين كافة بالاتصال مع أقربائهم ومع المحامين وإيجاد ضمانات ملزمة لمنع تكرار التعذيب حتى الموت داخل مراكز الاحتجاز.
وأكد التقرير أنه على الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإقامة ولايتها القضائية على مرتكبي جرائم التَّعذيب، وبذل كل الجهود المادية والأمنية في سبيل ذلك وفرض مزيد من العقوبات والمقاطعة على النظام السوري والدول الداعمة له، واعتبار كل من يدعم النظام السوري شريكاً متورطاً في ارتكاب الانتهاكات الفظيعة.
كما أشار إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق النظام السوري لردعه عن الاستمرار في إخفاء وقتل المواطنين السوريين بسبب التعذيب، وتقديم مزيد من الأموال والدعم والمنح الكافية للمنظمات المحلية التي تهتم برعاية وإعادة تأهيل ضحايا التعذيب وأُسرهم. وتقديم الدَّعم للنشطاء الأفراد والمنظمات المحلية التي تقوم بتوثيق الانتهاكات دون فرض وصاية أو توجيهات سياسية.
شدَّد التقرير على ضرورة أن تقوم لجنة التحقيق الدولية المستقلة بالنظر في حالة الناشط مهند شهاب الدين وغيرها من الحالات الموثقة لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وطالب النظام السوري بالسماح الفوري بدخول لجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وجميع المنظمات الحقوقية الموضوعية إلى مراكز الاحتجاز والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً وبشكل خاص الأطفال والنساء، وكشف مصير عشرات آلاف المختفين قسرياً والتوقف عن خرق مواد عدة في الدستور السوري.
كما أكَّد على ضرورة متابعة مجلس حقوق الإنسان قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا وتسليط الضوء عليها ضمن الاجتماعات الدورية السنوية وتخصيص جلسة خاصة للنظر في هذا التهديد الرهيب.
ودعا التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان لإعداد تقرير خاص ومفصَّل يُسلط الضوء على كارثة الاعتقال والاختفاء القسري بأبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية كافة ودعم منظمات حقوق الإنسان المحلية.
وأوصى الفريق الخاص المعني بالاختفاء القسري بزيادة عدد العاملين في قضية المختفين قسرياً في مكتب الفريق الخاص المعني بحالات الاختفاء القسري في سوريا؛ نظراً لكثافة وحجم حالات المختفين قسرياً.
النظام السوري يقر بوفاة المواطن نابغ شحادة الطحان، المختفي قسريا لديه
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، بقضية المواطن نابغ شحادة الطحان، من أبناء مدينة النبك في محافظة ريف دمشق، تولد عام 1976، الذي اعتقلته قوات النظام السوري في 12/ كانون الثاني/ 2013 إثر مداهمة منزل ذويه، وشوهد لاحقاً في الفرع (227) والمعروف بفرع المنطقة التابع لقوى الأمن العسكري بمدينة دمشق. في أيار/ 2014 استلم ذووه بيان وفاته لدى مراجعتهم أمانة السجل المدني في مدينة دمشق، وقد ورد فيه أنه توفي في 21/ كانون الثاني/ 2013.
السلطات السورية لم تعترف بقتلها نابغ، وسجلت وفاته في السجل المدني دون علم ذويه، ولم يتمكن أهله من رفع أية شكوى بسبب تخوفهم من الملاحقة الأمنية نتيجة وجودهم في منطقة خاضعة لسيطرة قوات النظام السوري.
رفض النظام السوري دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشكل دليلا قويا ضده
على دول العالم المتحضرة معاقبة النظام السوري سياسيا واقتصاديا وعسكريا لمنعه دخول فريق التحقيق
بواسطة: Agencia EFE
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ رفض النظام السوري دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا يُشكل دليلاً قوياً ضده، وإن على دول العالم المتحضرة معاقبة النظام السوري سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لمنعه دخول فريق التحقيق.
وذكر التقرير الذي جاء في 6 صفحات أن رفض النظام السوري دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا من أجل التحقيق وتحديد هوية مرتكبي هجمات ربما يكون قد استخدم فيها أسلحة كيميائية، يُثبت بدون أدنى شك أن النظام السوري متورط في هذه الهجمات مجدداً، ولا يريد لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تكشف ذلك، مُشيراً إلى تصريحات مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السيد “فرناندو أرياس” يوم الأربعاء الماضي 12/ حزيران -التي نقلتها عنه وكالة رويترز- أن النظام السوري منع فريقه من دخول سوريا، وأنه تلقى رسالتين من نائب وزير الخارجية التابع للنظام السوري أبلغه فيهما بعدم سماح الحكومة السورية لأعضاء الفريق بالاطلاع على أية معلومات سرية تتعلق بالملف الكيميائي السوري.
وأكَّد التقرير أن ممارسات النظام السوري المهينة للمجتمع الدولي وللأمم المتحدة شكَّلت سلسلة متراكمة من الكذب والتضليل، ذلك بسبب ما يحظى به من دعم الدولة الروسية وهي عضو دائم في مجلس الأمن؛ ما جعل النظام السوري نظاماً مارقاً، وفوق القانون والمحاسبة، وتمكن دائماً من عرقلة عمل اللجان الأممية وتكرار استخدام الأسلحة الكيميائية وقتل أبناء الشعب السوري وهو متأكد تماماً من إفلاته من العقاب بسبب الدعم الروسي.
وفي هذا السياق أشار التقرير إلى أن النظام السوري أُجبر على الانضمام إلى اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية في 14/ أيلول/ 2013، ذلك بعد أن استخدم الأسلحة الكيميائية ضد أبناء غوطتي دمشق في 21/ آب/ 2013، لكنه خدع فريق عمل منظمة الأسلحة الكيميائية مراراً، ولم يُسلم كامل أسلحته الكيميائية، والدليل على ذلك أنه أعاد استخدامها 184 مرة منذ أيلول/ 2013 كما قام النظام السوري دائماً بوضع عراقيل أمام فرق عمل المنظمة الدولية عبر التأخير المتعمَّد في إعطاء تأشيرات الدخول، وكذلك التأخر في الرد على رسائل المنظمة، إضافة إلى إعاقة وصول المفتشين إلى عدد من المناطق وأشار التقرير إلى ما قام به النظامان السوري والروسي من خطوات قاسية في سبيل عرقلة التَّحقيقات، وكان أبرزها ما حصل في حادثة الهجوم على مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق نيسان/ 2018.
وجاء في التقرير أنَّ الردود التي أرسلها كل من النظام السوري والحكومة الروسية، التي انتقدا فيها تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير، الذي أثبت استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما، دون أن يحدد من قام بذلك الفعل الجرمي، لأنها لم تكن قد وسعت من ولايتها بعد، تكشف الردود أن النظام السوري وروسيا لا يزالان يتعاملان بالعقلية والنظرة والنهج ذاته في ملف الأسلحة الكيميائية، وتؤكد أنه لا أمل في تغيير تلك العقلية سوى عبر عقوبات جدية تجبر المجرم على الانصياع للقانون الدولي.
ونوَّه التقرير إلى أن هذا الحظر والمنع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يترافق مع آخر هجوم استخدم فيه النظام السوري سلاحاً كيميائياً على قرية الكبينة بريف اللاذقية الشرقي في 19/ أيار الماضي وهو أول هجوم كيميائي موثق لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان بعد هجوم دوما، وكذلك بعد توسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مُشيراً إلى أنه بإمكان المنظمة الآن تحديد أن النظام السوري هو من استخدم الأسلحة الكيميائية وهذا بحسب التقرير ما يخشاه النظام السوري وحليفه الروسي، حيث سيضحد هذا التَّحقيق سلسلة الكذب الطويلة التي مارساها بالتعاون مع عشرات من الصحفيين والإعلاميين الداعمين لهما والمؤيدين بالتالي لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد البشرية.
وأشار التقرير إلى أن دول العالم المتحضرة نجحت وخطت خطوة نحو القانون وتحقيق العدالة في 28/ حزيران/ 2018 عندما صوتت لصالح توسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكنها اليوم تقف عاجزة أمام منع النظام السوري منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من ممارسة مهامها، وفي حال نجح النظام السوري في ذلك دون ضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية فهو دون أدنى شك سوف يكرر استخدام الأسلحة الكيميائية ثم ينكر ذلك ويبرر أنه لا توجد أدلة، وسوف تقوم روسيا بحمايته مجدداً في مجلس الأمن.
طبقاً للتقرير فقد استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية 184 مرة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27/ أيلول/ 2013 فيما نفَّذ 115 هجوماً كيميائياً بعد القرار رقم 2209، وما لا يقل عن 59 هجوماً كيميائياً بعد القرار رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015.
وبحسب التقرير فقد تم توثيق 222 هجوماً كيميائياً منذ 23/ كانون الأول/ 2012 وهو تاريخ أول استخدام موثَّق للسلاح الكيميائي في سوريا حتى 15/ حزيران/ 2019، نفَّذ النظام السوري 217 منها، معظمها في محافظتي ريف دمشق وإدلب، فيما نفذ تنظيم داعش 5 هجمات جميعها في محافظة حلب.
وذكر التقرير أن هذه الهجمات تسبَّبت في مقتل ما لا يقل عن 1461 شخصاً جميعهم قضوا في هجمات شنها النظام السوري بينهم 1397 مدنياً، بينهم 185 طفلاً، و252 سيدة (أنثى بالغة) و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في أحد سجون المعارضة.
أكَّد التَّقرير على أنَّ النِّظام السوري انتهكَ عبر استخدام الأسلحة الكيميائية القانون الدولي الإنساني العرفي و”اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية” وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص القرارات رقم 2118 و2209 و2235، كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وشدَّد على ضرورة عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي والتحرك عاجلاً وإصدار قرار يلزم النظام السوري بدخول فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دون عراقيل والتجول بحرية، ويُهدد باستخدام عقوبات في حال عدم التزام النظام السوري بذلك.
وأوصى التَّقرير أن تُظهرَ الدُّول توحداً أكبر ضدَّ النظام السوري المستخدمِ الأبرز للأسلحة الكيميائية في هذا القرن، وأن تتحرك جديَّـاً وبشكل جماعي لتطبيق عقوبات صارمة ورادعة وحقيقية بشكل فوري، وحثَّها على إيجاد تحالف إنساني يهدف إلى حماية المدنيين السوريين من الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة؛ لأن روسيا سوف تظلُّ تعرقل مجلس الأمن وتستخدم الفيتو آلاف المرات.
كما دعا التقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تطلب من مجلس الأمن التحرك بصورة فورية وإصدار قرار يلزم النظام السوري بإدخال فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفضح النظام السوري وحليفه الروسي أمام منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها كافة وكذلك أمام المؤسسات الإعلامية وتشكيل ضغط جدي يمنع النظام السوري من تكرار عملية حظر دخول المحققين.
أخيرا، مجلس الأمن يصدر قرارا بشأن المفقودين في النزاعات
على الدول التحرك بشأن الأحياء والموتى في سوريا، ومناطق الحروب الأخرى
© 2015 هيومن رايتس ووتش
اللغات
متاح بالـ
لويس شاربونو
مدير قسم الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش
أصدر مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين قراره الأول بشأن المفقودين في النزاعات المسلحة، واغتنم فرصة رئيسية لتعزيز الجهود الرامية إلى كشف مصير المفقودين، ومنح خاتمة مؤكدة لعدد هائل من العائلات.
يدعو القرار أطراف النزاع إلى منع حالات الإخفاء بجدية أكبر في المقام الأول، وعدم الانتظار حتى ينتهي النزاع للبحث عن القبور أو تحديدها.
كان مجلس الأمن بطيئاً في تناول هذه القضية. لا يزال عديد من الأشخاص الذين نجوا من الحرب يعانون من عدم اليقين بشأن مصير أحبائهم. بعضهم حصل على إجابات في نهاية المطاف، بينما يعيش آخرون حياتهم في عذاب عدم اليقين بشأن مصير الذين اختفوا ولم يُسمع عنهم من جديد.
أخبر رئيس “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بيتر مورير أعضاء المجلس اليوم أن عذاب عدم اليقين “يصيب مجتمعات بأكملها، ويستمر لعقود، ويمنع المجتمعات من التصالح”.
سوريا مثال على ذلك، حيث فُقد عشرات الآلاف، إما على يد الحكومة السورية، أو تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، أو الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة. يتفاقم البؤس الذي يعيشه أقارب المفقودين بسبب الصعوبات المحيطة بكشف مصيرهم. أخبرت عائلات من جميع أطراف النزاع السوري هيومن رايتس ووتش بمعاناتها من أجل الحصول على معلومات عن أحبائها. أنفق بعض الأقارب مدخرات حياتهم وساعات لا حصر لها دون أي فائدة. لسوء الحظ، نادراً ما تسفر معظم الجهود عن النجاح. لم تفعل الدول المعنية شيئاً يذكر لتعزيز وتقوية النظم المركزية للكشف عن مصير المفقودين.
يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة إعطاء معنى لقرار اليوم من خلال تطبيقه على سوريا. بعد إصدار القرار الذي صاغته الكويت، رئيسة المجلس الحالية، على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تستخدم سلطتها ونفوذها لضمان حصول العائلات على إجابات عن أحبائها، سواء كان ذلك في سوريا أو غيرها من مناطق النزاع حول العالم.
يفرض القانون الإنساني الدولي على جميع أطراف النزاع التحرك من أجل الذين يتم الإبلاغ عن فقدانهم، وتزويد أفراد عائلاتهم بأي معلومات لديهم عن مصائرهم. تقديم أطراف النزاع المعلومات هو ليس فقط الخطوة الصحيحة، ولكنه مسؤوليتهم القانونية تجاه الضحايا وعائلاتهم. منح مجلس الأمن اليوم صوته لهذا الالتزام.
نشرت المقالة الأصلية على موقع هيومن رايتس ووتش