النظام السوري يصدر مزيدا من “القوانين” التي تعارض جوهر القانون وهي أقرب إلى نصوص أمنية تهدف إلى شرعنة انتهاك حقوق المواطنين
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي:
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في نيسان 2022، وأشارت إلى أن النظام السوري يصدر مزيداً من “القوانين” التي تعارض جوهر القانون وهي أقرب إلى نصوص أمنية تهدف إلى شرعنة انتهاك حقوق المواطنين.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 23 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر نيسان 2022، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في نيسان مقتل 101 مدنياً، بينهم 17 طفلاً و14 سيدة (أنثى بالغة)، و1 من الكوادر الطبية، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 6 أشخاص بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 194 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 6 طفلاً، و3 سيدة (أنثى بالغة) قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في نيسان، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدمشق تليها الرقة.
وبحسب التقرير فقد شهد نيسان ما لا يقل عن 10 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 4 منها على يد قوات سوريا الديمقراطية و1 على يد القوات الروسية، و1 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني و4 على يد جهات أخرى. ومن بين هذه الهجمات كانت 2 على منشآت تعليمية، و2 على منشآت طبية.
جاء في التقرير أن نيسان شهد ازدياداً ملحوظاً في وتيرة القصف المدفعي الذي نفذته قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا مقارنة بأشهر سابقة في هذا العام. وقد تركز القصف على قرى وبلدات في جبل الزاوية، كما طال بلدات ريف حلب الغربي وريفي إدلب الشمالي والشرقي، كما رصد التقرير ارتفاعاً في وتيرة الطلعات والهجمات الجوية الروسية على شمال غرب سوريا مقارنة بشهر آذار. وشنت قوات الحلف السوري الروسي في نيسان عشرات الغارات الجوية على البادية السورية مستهدفةً آليات ومناطق يتحصن فيها عناصر تابعة لتنظيم داعش.
وبحسب التقرير استمرت قوات سوريا الديمقراطية في شنِّ هجمات أرضية على مناطق في ريف حلب الشمالي الغربي والشرقي.
فيما شهدت مناطق سيطرة قوات الجيش الوطني في منطقة عفرين وريفي حلب الشمالي والشرقي تصاعداً في حدة الاشتباكات بين مكونات الجيش الوطني مقارنة بشهورٍ سابقة.
وعلى صعيد التفجيرات، سجل التقرير انفجار عبوات ناسفة في محافظات درعا والحسكة وحلب. كما سجل استمراراً في مقتل وإصابة مدنيين بسبب الألغام ومخلفات الذخائر في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، تركزت في محافظات درعا ودير الزور والحسكة وإدلب وحماة، وقد بلغت حصيلة ضحايا الألغام في نيسان 13 مدنياً بينهم 4 طفلاً وسيدتين. ورصد التقرير عمليات اغتيال لمدنيين بينهم أطفال وسيدات على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم في محافظات عدة، كان معظمها في محافظتي درعا والحسكة، كما شهدت محافظة دير الزور وفقاً للتقرير ارتفاعاً في عمليات القتل على يد مسلحين نعتقد أنهم يتبعون لتنظيم داعش.
وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي في نيسان في عموم مناطق سوريا، وقد شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري استمراراً في ازدياد أسعار معظم المواد التموينية والغذائية، وشُحاً في الخدمات خصوصاً في قطاع الكهرباء والماء.
وأشار التقرير إلى توقف توزيع الخبز في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، منذ 5/ نيسان، وذلك بعد نفاد كمية الطحين المخزنة في المستودعات، إثر الحصار الذي فرضته قوات تابعة للنظام السوري على مداخل الحيين منذ 13/ آذار المنصرم ومنعها دخول الطحين والأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات بشكل كامل.
شهدت مدينتا الحسكة والقامشلي اشتباكات بين قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية في الخامس من نيسان، وفرضت قوات سوريا الديمقراطية حصاراً على كل المراكز الأمنية التابعة لقوات النظام السوري في كلا المدينتين رداً على الحصار الذي فرضته قوات النظام السوري على حيي الشيخ مقصود وحي الأشرفية بمدينة حلب.
وفي شمال غرب سوريا، قال التقرير استمرت معاناة المدنيين من غلاء أسعار المواد الاستهلاكية؛ نظراً لهيمنة هيئة تحرير الشام على تجارة هذه المواد وتحديد أسعارها من قبل تجار موالين لها، إضافة إلى انخفاض قيمة الليرة التركية -المستخدمة للتداول هناك- أمام الدولار، في ظل شبه انعدام للقوة الشرائية لدى القاطنين في المنطقة بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر. وبحسب التقرير لا يختلف الوضع الاقتصادي في شمال شرق سوريا عن بقية المناطق السورية، وقد شهدت الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الاستهلاكية بالتزامن مع شهر رمضان بلغ قرابة 100 %.
على صعيد اللجوء والنزوح والتشريد القسري استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا، وعلى وجه الخصوص في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية تزامناً مع شهر رمضان. وفي مخيم الركبان، على الحدود السورية الأردنية، تستمر معاناة قاطنيه جراء الحصار المفروض على المخيم ومنع دخول المساعدات الإنسانية؛ ما أجبر بعض العائلات على الذهاب إلى مناطق سيطرة قوات النظام السوري. أما في مخيمات شمال شرق سوريا، فما زالت الأوضاع كارثية، لا سيما في مخيم الهول بريف الحسكة.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…