النظام السوري لم يفرج عما لا يقل عن 3696 طفلاً و144 ممن تجاوزا/أتموا السبعين من عمرهم في مراكز احتجازه ممن شملتهم العديد من مراسيم العفو السابقة
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “مرسوم العفو 36 لعام 2023 يستثني مجمل المعتقلين على خلفية سياسية” وأشارت فيه إلى أن النظام السوري لم يفرج عما لا يقل عن 3696 طفلاً و144 ممن تجاوزا السبعين من عمرهم في مراكز احتجازه ممن شملتهم العديد من مراسيم العفو السابقة.
قال التقرير – الذي جاء في 15 صفحة- إن النظام السوري أصدر ثلاثة وعشرين مرسوم عفوٍ منذ بداية الحراك الشعبي في آذار/ 2011 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023، وعلى الرغم من هذه الكثافة التشريعية المرتفعة في إصدار مراسيم العفو إلا أنها فشلت جميعها في إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسرياً، وأضاف أن كافة مراسيم العفو أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام السوري قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً. ما يشكل نسبة لا تتجاوز 5% من حصيلة إجمالي المعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري طوال قرابة ثلاثة عشر عاماً، في مقابل استمرار تسجيل قيام النظام السوري بعمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري دون توقف.
ذكر التقرير أن النظام السوري أصدر في 16/ تشرين الثاني/ 2023 المرسوم التشريعي رقم (36) لعام 2023 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ إصدار المرسوم، وقد سبق هذا المرسوم إصدار ثلاثة مراسيم عفو في عام 2022، مشيراً إلى المدد الزمنية القصيرة والتي لا تتجاوز أشهراً بين كل مرسوم عفو، وهو ما يؤكد أن النظام السوري يسعى لترويج عملية إصداره للمراسيم المتعاقبة وترسيخ تضليله للرأي العام والمجتمع الدولي عن عمليات إطلاق سراح المعتقلين لديه من جهة وتحقيق أهداف داخلية أخرى مرتبطة بحالة السجون المتهالكة لديه وتخفيف الضغط عليها عبر إطلاق سراح مزيدٍ من المجرمين والإخلال بمبدأ العقوبة المنصوصة بالتشريعات. إذ تسود في العديد من المناطق والمجتمعات حالة استسهال ارتكاب الجرم لعلم الجاني بصدور عفو قريب يشمل عقوبته. وقد رسخت كثافة المراسيم التي أصدرها النظام السوري هذا الانطباع لدى مرتكبي الجرائم خاصةً وأنها تشملهم بشكل أساسي.
قدّم التقرير تحليلاً ركز على سبع نقاط أساسية وردت في نص المرسوم 36 لعام 2023، ووزعها وفق محورين في المواد الخاصة بالعفو عن كامل العقوبة والعفو الجزئي عن العقوبة، وفي المواد الخاصة بالاستثناءات من شمول العفو، والتي لها ارتباط بالمعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري أو التي يعتقد أنها أحد دوافع إصدار المرسوم. وأوضح أنَّ ما لا يقل عن 86 معتقلاً ومختفٍ قسرياً لدى النظام السوري ممن كان عمرهم سبعين عاماً حين اعتقالهم وما لا يقل عن 58 ممن تجاوزا/أتموا السبعين من العمر بعد تاريخ اعتقالهم خلال السنوات الماضية، جميعهم لم يفرج النظام السوري عنهم، على الرغم من تضمين هذه المادة في العديد من مراسيم العفو السابقة حيث وردت في المادة 4 من المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 2021، وفي المادة 3 من المرسوم رقم 6 لعام 2022.
وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من شمول المرسوم 36، العفو عن كامل العقوبة عن جميع تدابير الإصلاح والرعاية للأحداث وعن ثلث العقوبة في جرائم الأحداث إلا أنه يستثني ما لا يقل عن 3696 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري منذ آذار/ 2011 حتى 20/تشرين الثاني/ 2023. لأن النظام السوري انتهك كافة معايير محاكمة الأحداث المنصوص عليها في التشريعات المحلية إذ لا يجوز محاكمة حدث إلا أمام محكمته التي نص عليها القانون رقم 18 لعام 1974 والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم /52/ لعام 2003 و يمنع قانون الأحداث عرض الأطفال الأحداث سواء المتهمين بقضايا جنائية أم سياسية حتى ولو كانت المحكمة تختص بالنظر بهذه الجرائم مثل المحاكم الاستثنائية، وقد أخضع النظام السوري الأطفال للمحاكم الاستثنائية كمحكمة الميدان العسكرية الملغاة ومحكمة قضايا الإرهاب دون تخصيص قاضي/محكمة أحداث خاص بهم باستثناء حالات قليلة معدودة، وصدرت بحقهم العديد من الأحكام القاسية بالسجن لأعوام طويلة وحتى الإعدام.
كما أن المرسوم 36 منح العفو عن كامل العقوبة في الجرائم المنصوص عليها في المادتين /285/ و/ 286/ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته إذا كان الجرم مقترفاً من سوري ويعتبر هذين الجرمين من التهم التي عادة لا توجهان بمفردهما للمعتقلين، بل مع تهم وجرائم أخرى غير مشمولة بالمرسوم، وكذلك عادة ما يتم تضمينهما بجميع مراسيم العفو وبالتالي ليس لهما أثرا على المعتقلين والمختفين قسريا لدى النظام السوري نظرا لكونها قد شملتهم بالمراسيم الصادرة سابقا ولم تؤد للأفراج عنهم لذات السبب الموضح.
قال التقرير إن المرسوم 36 لعام 2023 استثنى كافة الجرائم التي وُجهت إلى المعتقلين والمختفين قسرياً سواء تلك التي وجهت على نحو واسع أو محدد في تماشٍ واضح مع أهداف المرسوم الموجه نحو مرتكبي مختلف الجنح والجنايات ذات الطبيعة الجرمية وليست السياسية، واستنتج أن النظام مستمر في نهجه المتبع بمراسيم العفو الصادرة عنه، إذ أنها لا تحمل أحكاماً تُعزز من آمال المعتقلين وعائلاتهم، بل تأتي مليئةً بالثغرات والاستثناءات والاشتراطات التي تفرغه من محتواه، وتشكل خطراً جسيماً على من يفكر في تسليم نفسه خلال المدة القانونية التي منحها المرسوم للاستفادة من العفو. وتساهم في سوق مزيد من الشبان لأداء الخدمة العسكرية وتوريطهم في النزاع.
استنتج التقرير أن المرسوم رقم 36 لعام 2023 صُمم لإطلاق سراح متعاطي المخدرات والفارين من خدمة العلم والعسكريين ومرتكبي الجنح والمخالفات بشكل خاص، واستثنى كافة المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية الرأي والنزاع المسلح، ولذلك يبقى بلا جدوى أو انعكاس حقيقي على عمليات الإفراج عن المعتقلين والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري. كما استنتج أن كثافة وتكرار المراسيم التي يصدرها النظام السوري والتي لا تستهدف المعتقلين السياسيين تسببت في الضرر في السياسة العقابية التي تنتهجها الدولة في مكافحة الجريمة عبر إطلاق سراح الآلاف من مرتكبي الجرائم. كما أدت عمليات إصدار المراسيم بهذه الوتيرة إلى خلل في عمل إجراءات المحاكم بمختلف اختصاصاتها، وساهمت في اعتياد القضاة على تأجيل إصدار الأحكام في طيف واسع من القضايا التي ينظرون بها لشيوع عادة إصدار المراسيم وتشميلها بها.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بعدم الانخداع بمراسيم العفو التي يصدرها النظام السوري لأنها فاقدة للمصداقية في الشكل والتطبيق، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين لأن اعتقالهم مبني على أسس باطلة دون أي أدلة، وبسبب المطالبة بحقوقهم في التغيير السياسي والتعبير عن الرأي.
أوصى التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتقديم صورة واضحة عن مدى عبثية مراسيم العفو التي أصدرها النظام السوري إلى مجلس الأمن ومختلف دول العالم. كما أوصى النظام السوري بإلغاء المحكمة الجزائية الاستثنائية “محكمة قضايا الإرهاب”، وإلغاء الأحكام الصادرة عن محكمة الميدان العسكرية، لافتقارها لأسس العدالة وتعويض المتضررين منهما وردِّ اعتبارهم القانوني والشخصي.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية..