بلدة خان الشيح ضحية إضافية للتشريد القسري
رُحِّلوا بصمت
صورة بواسطة: Emad Maslamani
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “رُحِّلوا بصمت” تحدَّثت فيه عن بلدة خان الشيح التي أصبحت ضحية إضافية لجريمة لتشريد القسري.
وجاء في التقرير أن عمليات القصف البري والجوي التي مارسها النظام السوري منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 التي تسببت في حوادث قتل ومجازر ودمار مئات آلاف المنازل؛ كانت سبباً رئيساً في التشريد القسري إضافة إلى ماكينات النظام الثلاثية المكونة من “الاعتقال التعسفي، التعذيب، الإخفاء القسري”، إضافة إلى العنف الجنسي والحصار، وعدة عناصر وانتهاكات أخرى، كل ذلك أدى بحسب التقرير إلى شلل المجتمع وهرب السكان حفاظاً على حياتهم، وحصل تشريد قسري داخلي لما لايقل عن 6 مليون مواطن سوري نزحوا عن أماكن إقامتهم الأصلية، وتشريد قرابة 7 مليون خارج سوريا تحولوا إلى لاجئين في دول الجوار والعالم.
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري وحليفاه الإيراني والروسي يتصدرون ما لايقل عن 85 % من عمليات التشريد القسري في سوريا، يليهم تنظيم داعش (الذي يطلق على نفسه اسم الخلافة الإسلامية)، ثم حزب الاتحاد الديمقراطي فرع حزب العمال الكردستاني وُيشكِّل هذا التشريد وفق التقرير خرقاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، ويرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إذ أنَّ هذه الأطراف لم تَقُم بأية تدابير لتوفير مأوى أو رعاية صحية أو غذاء للمدنيين المشردين، وأوضح التقرير أنه لا يُمكن تبرير معظم عمليات التشريد بأسباب عسكرية أو بهدف حماية المدنيين، لأنَّ هذه الجهات مازالت حتى الآن تمنع عودة من تشردوا، بل إن معظمهم مهددون بخطر الملاحقة والقتل، وذلك خلافاً للقاعدة 132 من القانون الدولي الإنساني العرفي.
وذكر التقرير أن بعض عمليات التشريد القسري التي قام بها النظام السوري حملت صبغة طائفية، أما تنظيم داعش فقد حملت عملياته صبغة طائفية عندما هاجم مناطق مسيحية، وصبغة إثنية عندما قام بتهجير الكُرد، في حين حملت عمليات التشريد التي مارسها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صبغة إثنية تجاه العرب.
ولم ينفي التقرير أن هجمات لفصائل في المعارضة المسلحة قد تسببت بنزوح سُكّان وبالتالي تشرُّدهم في بعض المناطق، كما أدى قصف قوات التحالف الدولي، إلى عمليات تشريد إضافي.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“يُقيم مئات آلاف المشردين داخلياً في مخيمات، وفي بساتين، أو في بلدات ومدن غير مناطق سكنهم، يعتمد معظمهم على المساعدات الإنسانية، لا يستطيعون العودة إلى منازلهم الأصلية، بسبب استمرار عمليات القصف، الخوف من الاعتقال، التعذيب، السحب للتجنيد في صفوف جيش وميليشيات النظام السوري، يُعاني معظمهم من حالات فقر قاسية، كل ذلك أدى إلى تفكك وتخريب شديد في المجتمع وعاداته”.
وأوضح التقرير أن جميع الهدن والمصالحات طُبِّقت على حساب إلغاء القانون الدولي الإنساني، فلو طبقت قواعده لما عُقِدت هدنة أو مصالحة واحدة، جميعها تمَّ تحت القهر والقمع وانتهاك القانون الدولي الإنساني، عبر الحصار والقصف العشوائي والتجويع ومنع دخول وخروج المساعدات والسكان المدنيين، ويبقى خيار القبول بالهدن والمصالحات هو أهون الشرور، وقد شهد عام 2016 تطبيق هذه الهدن في عدة مناطق في ريف دمشق كمدينة داريا وبلدة معضمية الشام، وحي الوعر بحمص، والأحياء الشرقية في مدينة حلب، وأشار التقرير أن تقرير لجنة التحقيق الدولية والذي تم تخصيصه للحديث عن الجزء الشرقي من مدينة حلب ذكر أن التَّهجير الذي تعرَّض له السكان في الأحياء الشرقية لمدينة حلب يرقى إلى جريمة حرب.
استعرض التقرير بشكل أساسي ما تعرَّضت له بلدة خان الشيح من انتهاكات لحقوق الإنسان منذ آذار/ 2011 حتى 28/ تشرين الثاني/ 2016 على يد قوات الحلف السوري الروسي.
وثَّق التقرير مقتل ما لايقل عن 283 مدنياً، بينهم 58 طفلاً، و42 سيدة (أنثى بالغة) في بلدة خان الشيح كما سجل ارتكاب قوات النظام السوري ما لايقل عن7 مجازر، إضافة إلى توثيق ما لايقل عن 29 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية.
وأوردَ التقرير إحصائية استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة حيث ألقى الطيران المروحي التابع له ما لايقل عن 3127 برميلاً متفجراً على بلدة خان الشيح منذ آذار/ 2011 في حين استخدمت قوات الحلف السوري الروسي الأسلحة الحارقة 3 مرات والذخائر العنقودية 6 مرات على الأقل.
وذكر التقرير ما عاناه الحي من تداعيات الحصار من جوع ونقص في الغذاء والدواء؛ وأشار إلى أنَّ 12 مدنياً قضى برصاص قناص تابع لقوات النظام السوري أثناء محاولتهم فك الحصار.
وسجَّل التقرير ما لايقل عن 289 شخصاً، بينهم 4 أطفال، و5 سيدات (أنثى بالغة)، من سكان بلدة خان الشيح، مازالوا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في المدة التي يغطيها.
وأكَّد التقرير أن الانتهاكات المُمنهجة والواسعة النطاق، أوصلت البلدة إلى مرحلة استنزاف كامل، اضطر أهلها لقبول التسوية التي اقترحتها السلطات السورية على فصائل المعارضة المسلحة، وتم توقيع الاتفاق في 26/ تشرين الثاني/ 2016، وقد نصّت بنوده على خروج ما لايقل عن 3500 من مقاتلي المعارضة المسلحة وعائلاتهم إلى محافظة إدلب وإجراء تسوية لمن يرغب من المدنيين البقاءَ في البلدة.
أكَّد التقرير أن القانون الدولي الإنساني يحظر بشكل واضح التشريد القسري، مع استثناءات مشروطة، واعتبر أي انتهاك لأحكامه في هذا الصَّدد يرقى إلى جريمة حرب، وأيضاً النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، (المادتان 8-2-ب-7 و8-2-هـ-8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
وأشار إلى أنَّ التشريد القسري جريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية، وعندما يرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضدّ السكان المدنيين، فإن النقل القسري للسكان يعتبر خرقاً خطيراً لاتفاقيات جنيف. ويمكن اعتبارها أيضاً جرائم ضدّ الإنسانية (المادة 7-1- د من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، إضافة إلى القواعد 129، 130، 131، 132، 133، من القانون الدولي الإنساني العرفي، ويُشكل ما قام به النظام السوري في بلدة خان الشيح في سياق هجوم منظَّم مدروس واسع النطاق عبر استراتيجيات مخطط لها، جريمة ضد الإنسانية، كما أنها ارتكبت في سياق نزاع مسلح داخلي، وتشكل جريمة حرب.
أوصى التقرير مجلس الأمن بإلزام النظام السوري لإيقاف عمليات الاستيطان والإحلال التي يقوم بها في المدن والأحياء التي يُهجّر سكانها وضمان حقِّ العودة للاجئين والنازحين، والحصول على أراضيهم وممتلكاتهم كاملة وإحلال السلم والأمان في سوريا.
وطالب الحكومة السورية بالامتناع ليس فقط عن تنفيذ عمليات الإخلاء القسري، بل أن تمنع حدوثها، وأن توفر الحماية للسكان من هذه العمليات، لا أن تقوم هي بتنفيذها.
كما حثَّ مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بضرورة التَّطرق بشكل أوسع لعملية التشريد القسري ومخاطرها في سوريا، وإدانة ممارسات النظام السوري وجميع المتورطين في ذلك.
المواطن عمار عمار مختف قسرياً منذ عام 2014
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بالأمم المتحدة، بقضية المواطن “عمار عمار”، من مدينة الطبقة بمحافظة الرقة، والبالغ من العمر لدى اعتقاله 33 عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً بتاريخ /1 آب/ 2014، لدى مروره من نقطة تفتيش في مدينة طرطوس، من قبل قوى الأمن العسكري التابع للنظام السوري، وشوهد بتاريخ 15/ أيلول/ 2014، في سجن حمص المركزي بمدينة حمص، ولم تردنا أية معلومة تحدد مصيره أو مكان احتجازه بعد ذلك التاريخ، ومايزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن عمار عمار، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
مقتل المواطن نزار السعيد على يد قوات النظام السوري
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، بقضية المواطن نزار السعيد من محافظة حمص، مدينة تلبيسة، تولد 1984، الذي توفي جراء القصف العشوائي لمدفعية النظام السوري قذائف عدة على حي المشجر الجنوبي جنوبي مدينة تلبيسة، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة في 24/ تموز/ 2013.
السلطات السورية لم تعترف بقتلها المواطن، ولم يتمكن أهله من رفع أية شكوى بسبب تخوفهم من الملاحقة الأمنية نتيجة تواجدهم في منطقة خارج سيطرة قوات النظام السوري.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوفها من عمليات قتل المدنيين منذ عام 2011، ومازال عداد القتلى في تصاعد مستمر.
سكان حي الوعر ينضمون إلى 12 مليون سوري مشرد قسرياً
لا خيار لهم
صورة بواسطة: Hatim al Homsi
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “لاخيار لهم” تحدَّثت فيه عن انضمام الآلاف من سكان حي الوعر بمدينة حمص إلى ما يزيد عن 12 مليون سوري مشرَّد قسرياً.
وجاء في التقرير أن عمليات القصف البري والجوي التي مارسها النظام السوري منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 التي تسببت في حوادث قتل ومجازر ودمار مئات آلاف المنازل؛ كانت سبباً رئيساً في التشريد القسري إضافة إلى ماكينات النظام الثلاثية المكونة من “الاعتقال التعسفي، التعذيب، الإخفاء القسري”، إضافة إلى العنف الجنسي والحصار، وعدة عناصر وانتهاكات أخرى، كل ذلك أدى بحسب التقرير إلى شلل المجتمع وهرب السكان حفاظاً على حياتهم، وحصل تشريد قسري داخلي لما لايقل عن 6 مليون مواطن سوري نزحوا عن أماكن إقامتهم الأصلية، وتشريد قرابة 7 مليون خارج سوريا تحولوا إلى لاجئين في دول الجوار والعالم.
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري وحليفاه الإيراني والروسي يتصدرون ما لايقل عن 85 % من عمليات التشريد القسري في سوريا، يليهم تنظيم داعش (الذي يطلق على نفسه اسم الخلافة الإسلامية)، ثم حزب الاتحاد الديمقراطي فرع حزب العمال الكردستاني وُيشكِّل هذا التشريد وفق التقرير خرقاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، ويرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إذ أنَّ هذه الأطراف لم تَقُم بأية تدابير لتوفير مأوى أو رعاية صحية أو غذاء للمدنيين المشردين، وأوضح التقرير أنه لا يُمكن تبرير معظم عمليات التشريد بأسباب عسكرية أو بهدف حماية المدنيين، لأنَّ هذه الجهات مازالت حتى الآن تمنع عودة من تشردوا، بل إن معظمهم مهددون بخطر الملاحقة والقتل، وذلك خلافاً للقاعدة 132 من القانون الدولي الإنساني العرفي.
وذكر التقرير أن بعض عمليات التشريد القسري التي قام بها النظام السوري حملت صبغة طائفية، أما تنظيم داعش فقد حملت عملياته صبغة طائفية عندما هاجم مناطق مسيحية، وصبغة إثنية عندما قام بتهجير الكُرد، في حين حملت عمليات التشريد التي مارسها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صبغة إثنية تجاه العرب.
ولم ينفي التقرير أن هجمات لفصائل في المعارضة المسلحة قد تسببت بنزوح سُكّان وبالتالي تشرُّدهم في بعض المناطق، كما أدى قصف قوات التحالف الدولي، إلى عمليات تشريد إضافي.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“يُقيم مئات آلاف المشردين داخلياً في مخيمات، وفي بساتين، أو في بلدات ومدن غير مناطق سكنهم، يعتمد معظمهم على المساعدات الإنسانية، لا يستطيعون العودة إلى منازلهم الأصلية، بسبب استمرار عمليات القصف، الخوف من الاعتقال، التعذيب، السحب للتجنيد في صفوف جيش وميليشيات النظام السوري، يُعاني معظمهم من حالات فقر قاسية، كل ذلك أدى إلى تفكك وتخريب شديد في المجتمع وعاداته”.
وأوضح التقرير أن جميع الهدن والمصالحات طُبِّقت على حساب إلغاء القانون الدولي الإنساني، فلو طبقت قواعده لما عُقِدت هدنة أو مصالحة واحدة، جميعها تمَّ تحت القهر والقمع وانتهاك القانون الدولي الإنساني، عبر الحصار والقصف العشوائي والتجويع ومنع دخول وخروج المساعدات والسكان المدنيين، ويبقى خيار القبول بالهدن والمصالحات هو أهون الشرور، وقد شهد عام 2016 تطبيق هذه الهدن في عدة مناطق في ريف دمشق كمدينة داريا وبلدتَي المعضمية وخان الشيخ في ريف دمشق، والأحياء الشرقية في مدينة حلب، وأشار التقرير أن تقرير لجنة التحقيق الدولية والذي تم تخصيصه للحديث عن الجزء الشرقي من مدينة حلب ذكر أن التَّهجير الذي تعرَّض له السكان في الأحياء الشرقية لمدينة حلب يرقى إلى جريمة حرب.
استعرض التقرير بشكل أساسي ما تعرَّض له حي الوعر من انتهاكات لحقوق الإنسان منذ آذار/ 2011 حتى 13/ آذار/ 2017 على يد قوات النظام السوري وحلفائه.
وثَّق التقرير مقتل ما لايقل عن 891 مدنياً، بينهم 58 طفلاً، و56 سيدة (أنثى بالغة) في حي الوعر كما سجل التقرير ارتكاب قوات النظام السوري ما لايقل عن 10 مجازر، إضافة إلى توثيق ما لايقل عن 31 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية.
وأوردَ التقرير إحصائية استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة حيث ألقى الطيران المروحي التابع له ما لايقل عن 152 برميلاً متفجراً على حي الوعر منذ آذار/ 2011 في حين استخدمت قواته القذائف الحارقة مرة واحدة على الأقل.
وذكر التقرير ما عانه الحي من تداعيات الحصار من جوع ونقص في الغذاء والدواء؛ الأمر الذي تسبب في مقتل 16 مدنياً.
وسجَّل التقرير ما لايقل عن 647 شخصاً، بينهم 9 أطفال، و11 سيدة (أنثى بالغة)، من سكان حي الوعر في مدينة حمص، مازالوا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في المدة التي يغطيها.
وأكَّد التقرير أن الانتهاكات المُمنهجة والواسعة النطاق، أوصلت الحي إلى مرحلة استنزاف كامل، اضطر أهله لقبول التسوية التي اقترحتها السلطات السورية بإشراف السلطات الروسية على فصائل المعارضة المسلحة، وتم توقيع الاتفاق في 13/ آذار/ 2017، وقد نصّت بنوده على خروج دفعات من مقاتلي المعارضة المسلحة وعائلاتهم وبعض المدنيين إلى ريف حلب وإدلب وإجراء تسوية لمن يرغب من المدنيين والمقاتلين البقاءَ في الحي في حين تم إلغاء جميع البنود المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين، واكتفى الجانب الروسي بالتَّعهد بعدم اعتقال النظام السوري لأشخاص جدد من حي الوعر بعد تسوية أوضاعهم وعدم اعتقال الذين لديهم صلات قربى مع أفراد في فصائل المعارضة المسلحة.
أكَّد التقرير أن القانون الدولي الإنساني يحظر بشكل واضح التشريد القسري، مع استثناءات مشروطة، واعتبر أي انتهاك لأحكامه في هذا الصَّدد يرقى إلى جريمة حرب، وأيضاً النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، (المادتان 8-2-ب-7 و8-2-هـ-8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
وأشار أنَّ التشريد القسري جريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية، وعندما يرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضدّ السكان المدنيين، فإن النقل القسري للسكان يعتبر خرقاً خطيراً لاتفاقيات جنيف. ويمكن اعتبارها أيضاً جرائم ضدّ الإنسانية (المادة 7-1- د من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، إضافة إلى القواعد 129، 130، 131، 132، 133، من القانون الدولي الإنساني العرفي، ويُشكل ما قام به النظام السوري في حي الوعر في سياق هجوم منظَّم مدروس واسع النطاق عبر استراتيجيات مخطط لها، وهو بالتالي يُشكل جريمة ضد الإنسانية، كما أنها ارتكبت في سياق نزاع مسلح داخلي، وتشكل جريمة حرب.
أوصى التقرير مجلس الأمن بإلزام النظام السوري لإيقاف عمليات الاستيطان والإحلال التي يقوم بها في المدن والأحياء التي يُهجّر سكانها وضمان حقِّ العودة للاجئين والنازحين، والحصول على أراضيهم وممتلكاتهم كاملة وإحلال السلم والأمان في سوريا.
وطالب الحكومة السورية بالامتناع ليس فقط عن تنفيذ عمليات الإخلاء القسري، بل أن تمنع حدوثها، وأن توفر الحماية للسكان من هذه العمليات، لا أن تقوم هي بتنفيذها.
كما حثَّ مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بضرورة التَّطرق بشكل أوسع لعملية التشريد القسري ومخاطرها في سوريا، وإدانة ممارسات النظام السوري وجميع المتورطين في ذلك.
المواطن خلدون عريضة مختفٍ قسرياً منذ عام 2013
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بالأمم المتحدة، بقضية المواطن “خلدون عريضة”، من مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق، البالغ من العمر حين اعتقاله 38 عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً من مكان وجوده في مدينة جرمانا بمحافظة ريف دمشق لدى مروره من نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن العسكري التابع لقوات النظام السوري بتاريخ 26/ حزيران/ 2013، ولم تردنا أية معلومة تحدد مصيره أو مكان احتجازه بعد ذلك التاريخ، ومايزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن خلدون عريضة، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
حصيلة أبرز الانتهاكات المرتكبة في آذار 2017
قوات التحالف الدولي الطرف الأبرز في العديد من الانتهاكات
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ثمانية تقارير في مطلع نيسان 2017، توثِّق أبرز الانتهاكات المرتكبة على يد الأطراف السبع الفاعلة في سوريا خلال شهر آذار، وهي حصيلة الضحايا المدنيين، والوفيات بسبب التعذيب، وحصيلة الاعتقالات التعسفية، وحصيلة أبرز الانتهاكات بحق الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني ومنشآتهم العاملة، وأبرز الانتهاكات بحق الكوادر الإعلامية، وأبرز المجازر، وأبرز حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنية، وحصيلة استخدام البراميل المتفجرة.
هذه التقارير تعتمد على عمليات التوثيق اليومية خلال شهر آذار، حيث تقوم الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر أعضائها المنتشرين في مختلف المحافظات السورية برصد كافة الانتهاكات المرتكبة من قبل جميع الأطراف، وتقوم بنشر أبرز تلك الأخبار، وتُصدِرُ نهاية كل يوم حصيلة أوليَّة للضحايا، ولمزيد من التفاصيل نرجو الاطلاع على منهجية التوثيق والأرشفة.
أوضح تقرير “مقتل 1134 مدنياً في آذار 2017” الذي يوثِّق حصيلة الضحايا المدنيين على يد الأطراف الفاعلة الرئيسة مقتل 260 مدنياً على يد قوات التحالف التحالف الدولي وبذلك تفوَّقت للمرة الأولى منذ تدخله في 23/ أيلول/ 2014 على كل من القوات الروسية وتنظيم داعش في قتل المدنيين.
ما لايقل عن 114 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في آذار 2017
86 منها على يد قوات الحلف السوري الروسي
أولاً: الملخص التنفيذي:
عبر عمليات التوثيق والمتابعة اليومية سجلنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لايقل عن 114 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، في آذار 2017، توزعت حسب الجهة الفاعلة علی النحو التالي:
ألف: قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية): 47
باء: القوات الروسية: 39
تاء: التنظيمات الإسلامية المتشددة:
– تنظيم داعش (يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية): 3
ثاء: فصائل المعارضة المسلحة: 2
جيم: قوات الإدارة الذاتية (بشكل رئيس قوات حزب الاتحاد الديمقراطي – فرع حزب العمال الكردستاني): 2
حاء: قوات التحالف الدولي: 20
خاء: جهات أخرى: 1
– أبرز المنشآت التي تم الاعتداء عليها في آذار 2017:
41 من البنى التحتية، 29 من المراكز الحيوية التربوية، 17 من المراكز الحيوية الدينية، 16 من المراكز الحيوية الطبية، 8 من المربعات السكانية، 1 من الشارات الإنسانية الخاصة، 2 من مخيمات اللاجئين.
نشير إلى أنه وللمرة الأولى ترتكب قوات التحالف الدولي 20 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في شهر واحد منذ تدخلها في سوريا في 23/ أيلول/ 2014، بالتوازي مع تسجيل ارتفاعٍ غير مسبوق في حصيلة الضحايا المدنيين على يد القوات ذاتها في آذار أيضاً، جراء تصعيد حملة قصفها للمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
انتهاكات الحلف السوري الروسي بعد الضربة الأمريكية
انتقام شديد من المدنيين وقتل 98 مدنياً بينهم 24 طفلاً
صورة بواسطة: ROBERT S. PRICE/U.S. NAVY/AP
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “انتهاكات الحلف السوري الروسي بعد الضربة الأمريكية”، وثقت فيه أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الحلف السوري الروسي منذ الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات في محافظة حمص يوم الجمعة 7/ نيسان/ 2017 حتى مساء الثلاثاء 11/ نيسان/ 2017، واستندت فيه على الأرشيف الناتج عن حالات المراقبة والتوثيق اليومية المستمرة في المدة التي يغطيها التقرير.
وذكر التقرير أن النظام السوري شنَّ هجوماً بالأسلحة الكيميائية ضد أهالي مدينة خان شيخون بإدلب، يوم الثلاثاء 4/ نيسان/ 2017، هو الأوسع منذ هجومه على ريف دمشق في آب/ 2013، وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن إطلاق بوارجها 59 صاروخ Tomahawk على مطار الشعيرات شرق محافظة حمص الذي يحوي مخازن للمواد الكيميائية فجر يوم الجمعة 7/ نيسان/ 2017.
أشار التقرير إلى أن مطار الشعيرات يُعدُّ من أهم المطارات العسكرية التي تستخدمها قوات النظام السوري في عملياتها العسكرية، وفي قصفها الأحياء المدنية وارتكابها المجازر، كما يُعتبر القاعدة الجوية الثانية التي تستخدمها القوات الروسية لانطلاق طائراتها، بعد قاعدة حميميم في ريف محافظة اللاذقية.
ووفق التقرير صعَّد الحلف السوري الروسي عملياته العسكرية التي تستهدف مناطق ومراكز مدنية، بشكل واسع في الأيام الخمسة التي تلت الضربة الأمريكية، والبعض منها لم يكن فوضوياً، بل متعمداً، وسجل التقرير ارتفاعاً في معدل استخدام الحلف السوري الروسي للذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والبراميل المتفجرة.
وأضافَ التقرير أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية للمرة الثانية بعد أقل من 72 ساعة على استخدامها في خان شيخون بإدلب في تحدٍ منه للمجتمع الدولي، عبر هجوم شنَّه على حي القابون في العاصمة دمشق، عصرَ الجمعة 7/ نيسان/ 2017.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد فشلت الإدارة الأمريكية السابقة في ردع النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وعن حماية الخط الأحمر الذي رسمته، وهذا أدى إلى تمادٍ كبير للنظام السوري في استخدام الأسلحة الكيميائية وفي الصيد المفتوح لقتل الشعب السوري، وقد علمتنا التجربة مع النظام السوري أنه سوف يستمر في تحدي المجتمع الدولي، وفي اختبار الحدود، كما فعل عندما تدرَّج في استخدامه الأسلحة وصولاً إلى السلاح الكيميائي”.
وثَّق التقرير مقتل 98 مدنياً، قتلت القوات الروسية منهم 56 مدنياً، بينهم 10 أطفال، و8 سيدات فيما قتلت القوات الحكومية 42 مدنياً، بينهم 14 طفلاً، و7 سيدات. وارتكبت القوات الروسية مجزرتين فيما ارتكبت قوات النظام السوري مجزرة واحدة.
كما سجل التقرير 14 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية توزعت مناصفة بين القوات الروسية وقوات النظام السوري، حيث ارتكب كل منهما 7 حوادث اعتداء.
وبحسب التقرير فقد تم توثيق 5 هجمات بالذخائر العنقودية، 4 منها من قبل قوات روسية وواحدة ذكر التقرير أنها مازالت قيد التحقق لتحديد المسؤول عنها (النظام السوري أم الروسي).
كما وثّق التقرير 6 هجمات بأسلحة حارقة استخدمتها قوات روسية، وذكر أنّ هجمتين بالأسلحة ذاتها مازالت قيد التحقيق والمتابعة.
كما وثّق التقرير هجمة واحدة بالأسلحة الكيميائية من قبل قوات النظام السوري، و162 برميلاً متفجراً ألقاها الطيران المروحي التابع لقوات النظام السوري.
أكّد التقرير أن الحلف السوري الروسي خرق بشكل لا يقبل التشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيان بوقف الهجمات العشوائية، وانتهك أيضاً عبر جريمة القتل العمد المادة الثامنة من قانون روما الأساسي، ما يُشكل جرائم حرب.
وأوضح أن القصف قد استهدف أفراداً مدنيين عزل، وبالتالي فإن قوات الحلف السوري الروسي انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة. إضافة إلى أنها ارتكبت في ظل نزاع مسلح غير دولي فهي ترقى إلى جريمة حرب، وقد توفرت فيها الأركان كافة.
وأوصى التقرير بضرورة فتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين وتعويض كافة المراكز والمنشآت المتضررة وإعادة بنائها وتجهيزها من جديد، وتعويض أسر الضحايا والجرحى كافة، الذين قتلهم النظام الروسي الحالي.
كما شملت توصيات التقرير مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد مرور أكثر من عام على القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على “توقف فوراً أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حدِّ ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي”.
وطالب بضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بما فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه بارتكاب جرائم حرب و إحلال الأمن والسلام وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين، لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب وتوسيع العقوبات لتشمل النظام الروسي والنظام الإيراني المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.