توثيق مقتل 78 مدنيا بينهم 1 من الكوادر الإعلامية في سوريا في نيسان 2020
سجلنا مجزرة واحدة و10 أشخاص قتلوا بسبب التعذيب بينهم طفل
بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 78 مدنياً بينهم واحد من الكوادر الإعلامية تمَّ توثيق مقتلهم في سوريا في نيسان 2020 على يد أطراف النزاع الفاعلة، إضافة إلى 10 أشخاص قضوا بسبب التعذيب.
وذكر التقرير الذي جاء في 18 صفحة أنَّ جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وأوضح التقرير أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 قامت ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، ليصبح بالإمكان توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي تنتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها. كما وزَّع التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمكان الذي قتلوا فيه وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.
ويرصد التَّقرير حصيلة الضحايا الذين تم توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا في نيسان 2020، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب، والكوادر الإعلامية والطبية وكوادر الدفاع المدني، كما يُركِّز على المجازر، التي ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة طيلة الشهر المنصرم.
وتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الفاعلة، مُشيراً إلى أنه في حال الهجمات المشتركة، التي تعذَّر معها إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية وقوات التَّحالف الدولي، تتم الإشارة في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يتم إثبات أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما. وفي الحالات التي لم يتسنى إسناد عملية القتل فيها لأحد الطرفين المتصارعين؛ نظراً لقرب المنطقة من خطوط الاشتباكات أو استخدام أسلحة متشابهة أو لأسباب أخرى يتم تصنيف الحادثة ضمن جهات أخرى ريثما يتم التوصل إلى أدلة كافية لإسناد الانتهاك إلى أحد الطرفين.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
واعتبر التقرير النظام السوري المسؤول الرئيس عن وفيات المواطنين السوريين بسبب جائحة كوفيد – 19، مُشيراً إلى أنه وحليفه الروسي متَّهمان بشكل أساسي بقصف معظم المراكز الطبية في سوريا وتدميرها، وبقتل المئات من الكوادر الطبية وإخفاء العشرات منهم قسرياً بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وكذلك ما زال العشرات منهم في عداد المختفين قسرياً. وأوضح التقرير أنه لا يشتمل على حالات الوفيات بما فيها التي تتسبَّب بها جائحة كوفيد -19، حيث يوثِّق عمليات القتل خارج نطاق القانون بشكل أساسي.
سجَّل التقرير في نيسان المنصرم مقتل 78 مدنياً بينهم 14 طفلاً و7 سيدة (أنثى بالغة)، منهم 11 مدنياً قتلوا على يد قوات النظام السوري بينهم طفل واحد. فيما وثق التقرير مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل واحد على يد تنظيم داعش. كما سجل مقتل سبعة مدنيين على يد هيئة تحرير الشام. ومدني واحد على يد فصائل في المعارضة المسلحة، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية مدنيين اثنين. وسجل التقرير مقتل 54 مدنياً، بينهم 12 طفلاً، و7 سيدات على يد جهات أخرى.
وذكر التقرير أنَّ من بين الضحايا واحد من الكوادر الإعلامية قضى بسبب التعذيب في أحد مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري.
ووفق التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في نيسان مقتل 10 أشخاص بسبب التعذيب، كانت قوات النظام السوري مسؤولة عن مقتل 7 منهم، فيما قضى 1 على يد هيئة تحرير الشام وآخر على يد قوات سوريا الديمقراطية وطفل واحد على يد القوات اللبنانية.
وجاء في التَّقرير أنَّ مجزرة واحدة تم توثيقها في نيسان على يد مسلحين مجهولين. واعتمد التقرير في توصيف لفظ مجزرة على أنه الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة.
بحسب التقرير فإن الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أن هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
أكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي كافة، وبشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
ولم يُسجِّل التقرير توجيه قوات النظام السوري أو الروسي أي تحذير قبل أية هجمة من الهجمات بحسب اشتراطات القانون الدولي الإنساني، وهذا لم يحصل مطلقاً منذ بداية الحراك الشعبي، ويدلُّ بشكل صارخ على استهتار تام بحياة المدنيين في سوريا.
وبحسب التقرير فإن التنظيمات الإسلامية المتشددة انتهكت القانون الدولي الإنساني بقتلها المدنيين. كما شنَّت قوات الحلف “قوات التحالف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية” هجمات تعتبر بمثابة انتهاك للقانون الإنساني الدولي العرفي، متسببة في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم بصورة عرضية.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI، والآلية الدولية المحايدة المستقلة IIIM، بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل.
وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
وشدَّد التقرير على وجوب فتح النظام الروسي تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين، وطالب النظام الروسي باعتباره طرف ضامن في محادثات أستانا بالتَّوقف عن إفشال اتفاقات خفض التَّصعيد.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره، ما لم توقف قوات سوريا الديمقراطية جميع انتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنساني والقانون الدولي الإنساني.
وأوصى فصائل المعارضة المسلحة بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الهجمات التي تسبَّبت في سقوط ضحايا مدنيين، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً.
لجنة التحقيق المستقلة الدولية بشأن سوريا تدعو الأفراد والمجموعات والمنظمات والدول الأعضاء إلى تقديم المعلومات والوثائق المتصلة بولاية اللجنة
تدعو لجنة التحقيق المستقلة الدولية بشأن الجمهورية العربية السورية الأفراد والمجموعات والمنظمات والدول الأعضاء إلى تقديم المعلومات والوثائق المتصلة بولاية اللجنة، من خلال البريد الإلكتروني أو عنوان البريد أدناه. وترحب اللجنة بشكل خاص بما يلي:
• معلومات بشأن الوقائع والظروف المتصلة بمزاعم بشأن انتهاكات واعتداءات محددة؛
• معلومات بشأن هوية الأفراد والوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة المسؤولة عن مثل تلك الانتهاكات؛ وكذا
• الآراء بشأن التوصيات المحددة الموجهة للأطراف المسؤولة والمتنازعة النشطة داخل الجمهورية العربية السورية، بهدف تعزيز حماية حقوق الإنسان والنهوض بالمساءلة.
الإجراءات الخاصة بالمساهمات المتصلة بالتقارير الدورية المطلوبة:
تُوجه لجنة التحقيق الدولية بشأن الجمهورية العربية السورية سنويًا ثلاثة تقارير لمجلس حقوق الإنسان، تشمل تقارير كتابية يتم رفعها إلى دورَتَي المجلس خلال أيلول/سبتمبر وآذار/مارس، بالإضافة إلى إحاطة شفهية خلال دورة حزيران/يونيو. ويقوم التقرير المطلوبُ عرضه خلال أيلول/سبتمبر بتغطية الفترة ما بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو، بينما يُركز التقرير المطلوب عرضه في آذار/مارس على الفترة ما بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر.
يُرجى إرسال المساهمات الخاصة بتقرير أيلول/سبتمبر (في ما يخص الأحداث في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو) في موعد أقصاه الأول من حزيران/يونيو.
ويُرجى إرسال المساهمات الخاصة بتقرير آذار/مارس (في ما يخص الأحداث في الفترة ما بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر) في موعد أقصاه الأول من كانون الأول/ديسمبر.
مقتل المواطن ماهر خالد حجازي، المختفي قسريا لدى النظام السوري
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، بقضية المواطن ماهر خالد حجازي، من أبناء محافظة ريف دمشق، مدينة دوما، من مواليد عام 1983، الذي اعتقلته قوات النظام السوري في 31/ تموز/ 2014 إثر مداهمتها منزله في حي مساكن برزة شمال شرق مدينة دمشق. في كانون الأول/ 2014 علم ذووه بوفاته بسبب التعذيب داخل فرع المداهمة 295 التابع لأمن الدولة –المعروف بسجن نجها- بمحافظة ريف دمشق، بعد تواصلهم مع أحد المعتقلين المفرج عنهم.
العقوبات مرتبطة باستمرار الانتهاكات ولا تشمل المواد الطبية والغذائية، والتي لا يجب أن تكون عبر النظام السوري
على روسيا وإيران والدول الداعمة للنظام السوري تزويده بالمواد الطبية لمكافحة فيروس كورونا بدلاً من تزويده بالسلاح والقوات والمرتزقة
بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بعنوان “العقوبات مرتبطة باستمرار الانتهاكات ولا تشمل المواد الطبية والغذائية، والتي لا يجب أن تكون عبر النظام السوري” إن على روسيا وإيران والدول الداعمة للنظام السوري تزويده بالمواد الطبية لمكافحة فيروس كورونا بدلاً من تزويده بالسلاح والقوات والمرتزقة.
وذكر التقرير الذي جاء في 16 صفحة أن دولاً شمولية كروسيا والصين وكوبا وإيران تقود حملة تطالب برفع أو تخفيف العقوبات عن النظام السوري في حين أن النظام السوري لم يقدم على أية خطوات فعلية لصالح الشعب السوري، كإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً ومعتقلي الرأي، أو التوقف عن نهب محتويات المنازل في المناطق التي سيطر عليها مؤخراً، أو إلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية التي تُشرعن عملية سرقة الممتلكات، وأشار التقرير إلى أن الميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله اللبناني والمرتزقة الروس (شركة فاغنر) الداعمين للنظام السوري لا تزال منتشرة في محافظات سورية متعددة، ولم يتمكن 95 % على الأقل من المشردين قسرياً من العودة إلى منازلهم بسبب الدمار الرهيب الذي تسبَّبت به هجمات قوات النظام السوري، وبسبب عمليات النهب والحرق التي طالت الممتلكات بعد أن فرَّ أهلها خوفاً من الإعدام والاعتقال والتجنيد الإجباري والغالبية العظمى منهم يقطنون الآن في مخيمات عشوائية ومعرضون لانتشار وباء كوفيد-19.
وأوردَ التقرير حصيلة أبرز انتهاكات النظام السوري في شهري آذار ونيسان 2020، مذكِّراً أنَّ هذين الشهرين شهدا توسعاً في انتشار وباء كوفيد-19، وتعالت فيه أصوات تلك الدول مع بعض منظمات المجتمع المدني، -التي أنشأها النظام السوري وحلفاؤه- مطالبة بتخفيف العقوبات؛ الأمر الذي يؤكد بحسب التقرير أن النظام السوري مستمر في ارتكاب الجرائم ويرغب في الوقت نفسه أن ترفع عنه العقوبات.
طبقاً للتقرير فقد قتل النظام السوري 44مدنياً بينهم 6 أطفال في آذار ونيسان 2020، واعتقلت قواته 156 شخصاً، كما ارتكبت قواته ما لا يقل عن 4 حوادث اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 2 على مدارس.
وأشار التقرير إلى أن المعتقلين داخل مراكز احتجاز النظام السوري هم الفئة الأكثر تعرضاً لخطر انتشار وباء كوفيد-19، وعلى الرغم من مطالبة الأمم المتحدة وعشرات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي والموقوفين احتياطاً والذين تتجاوز أعمارهم الستين عاماً، وقيام عدد من دول العالم بذلك، ومن بينها إيران وهي دولة قدوة وحليفة للنظام السوري، إلا أنَّ النظام السوري لم يطلق سراح المعتقلين بل قام بحسب التقرير بعمليات اعتقال تعسفي إضافية، ورفع من حصيلة المعتقلين الإجمالية في مراكز الاحتجاز التابعة له، وقد تجاوزت تلك الحصيلة الـ 130000 مواطن سوري.
أكد التقرير أن روسيا متهمة بشكل واضح بالمشاركة في تجويع عشرات آلاف المدنيين السوريين، واستعرض نموذجين من الأدلة التي تثبت ذلك، الأول هو عرقلة تمديد قرار إدخال المساعدات العابرة للحدود حيث عارضت روسيا والصين في مجلس الأمن في كانون الأول/ 2019 مشروع قرار ينصُّ على تمديد العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2165 الذي يتيح للأمم المتحدة إدخال المساعدات عبر الحدود، وبعد جدال واسع، وافقت كلا الدولتين على تمديد القرار في 10/ كانون الثاني/ 2020 ولكن لمدة ستة أشهر فقط، ومن معبرين حدوديين فقط، بدلاً عن أربعة معابر وقد تسبب هجوم قوات النظام السوري وحليفه الروسي على إدلب وما حولها منذ منتصف كانون الأول/ 2019 حتى نيسان/ 2020 في تشريد ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص من منازلهم، وأضاف التقرير أنه في ظل انتشار وباء كوفيد-19 حول العالم وبشكل خاص ابتداءاً من شهر آذار/ 2020، فإنه من المرعب تصور حجم الضرر الذي كان سوف يلحق بملايين السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال سوريا لو نجحت روسيا في عرقلة تمديد قرار إدخال المساعدات عبر الحدود في كانون الثاني/ 2020، موضحاً أنَّ روسيا ما تزال تهدد بعرقلة تمديد القرار عند مناقشة ذلك في حزيران القادم.
وبحسب التقرير فإن الدليل الثاني على التورط الروسي هو المشاركة المباشرة في حصار عدد كبير من المناطق وتجويع أهلها حيث ساندت القوات الروسية النظام السوري في معظم انتهاكاته، وتحديداً فيما يتعلق بعرقلة إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، فقد قصفت القوات الروسية أحياء حلب الشرقية المحاصرة، وكذلك شاركت في حصار الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، وريف مدينة حمص الشمالي، وقد ساهم القصف الروسي بشكل محوري في سيطرة النظام السوري على هذه المناطق وبالتالي تشريد الغالبية العظمى من أهلها، والنازحون هم عرضة بشكل إضافي لانتشار وباء كوفيد-19.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن النظام الروسي متورط في ارتكاب جرائم حرب في سوريا لسببين اثنين: الأول: دعم النظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب والتبرير له، وقد ساهم الدعم الروسي في ارتكاب النظام السوري مزيداً من الجرائم وتوسُّعه بها، والثاني: هو ارتكاب القوات الروسية بنفسها جرائم حرب عبر عمليات القتل والقصف العشوائي أو المتعمَّد للمراكز المدنية، ويتوجب على روسيا التوقف عن دعم النظام السوري، وعن ارتكاب الجرائم، ودعم انتقال سياسي نحو الديمقراطية والاستقرار، ثم بعد ذلك يمكنها المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية.”
وذكر التقرير أن الدولة الروسية أنفقت مبالغ ضخمة جراء عملياتها العسكرية وتسبَّبت في تشريد مئات آلاف المدنيين، وتدمير العشرات من المنشآت الحيوية، لكنها على المقلب الآخر لم تقدم مساعدات مادية تساهم في إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الروسية نفسها، أو مساعدة المشردين، أو تقديم مساعدات طبية لدعم حليفها النظام السوري في مواجهة فيروس كورونا المستجد، بل إنها تطلب من دول أخرى تقديم المساعدات الطبية والإنسانية وإعادة الإعمار ويرى التقرير أنه من الأجدى أن تقوم كل من روسيا والصين بالوقوف إلى جانب حليفهما النظام السوري إغاثياً كما وقفت إلى جانبه عسكرياً.
وأورد التقرير خمسة عناصر أساسية تفرغ المساعدات الإنسانية من مضمونها بشكل كبير جداً في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري أولها استهداف عمال الإغاثة والدفاع المدني بالاعتقال والقصف والقتل وذكر التقرير أنه منذ آذار/ 2011 حتى نهاية نيسان/ 2020 قتلت قوات النظام السوري 893 عاملاً في المجال الإنساني بينهم 669 من الكوادر الطبية، و165 من عناصر الدفاع المدني بالإضافة إلى وجود ما لا يقل عن 3327 شخصاً بينهم 182 سيدة، من الكوادر الطبية وعمال الإغاثة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، حتى نهاية نيسان 2020، وأشار التقرير إلى وقوع ما لا يقل عن 24 حادثة اعتداء على منشآت طبية، و23 حادثة على مراكز حيوية تابعة للدفاع المدني منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على إدلب وما حولها منذ مطلع كانون الأول/ 2019 حتى نهاية نيسان/ 2020 ارتكبتها قوات الحلف الروسي السوري.
كما أشار التقرير إلى سياسة النظام السوري في حصار مناطق وعرقلة إدخال المساعدات والتحكم بكمياتها، وابتزاز الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في سبيل إدخال المساعدات، وذكر أن الشركاء المحليون وهم المنظمات الانسانية التي تشرف على توزيع المساعدات في مناطق سيطرة النظام السوري إما تابعون للنظام السوري أو مراقَبون بأدق التفاصيل من قِبَلِ أجهزة الأمن التي تغولت ضمن مفاصل المجتمع والدولة كافة بما في ذلك المساعدات الإنسانية، وأكَّد التقرير على أن النظام السوري وفقاً لطرق توزيع المساعدات الحالية مستفيد بالغالبية العظمى من إجمالي المساعدات على حساب المناطق الأكثر تضرراً.
أكد التقرير أنَّ النظام السوري هو المسؤول الأول والأساسي عن وضع الاقتصاد السوري الحالي بسبب تسخير معظم موارد الدولة السورية للحفاظ على حكم السلطة والعائلة الحاكمة، وهذه الأسباب هي عوامل رئيسة في انهيار الاقتصاد السوري، ويضاف إليها شبكة الفساد والمصالح المرتبطة بالنظام السوري، التي تقوم بعمليات نهب واسعة من مقدرات الدولة السورية.
وأشار إلى أن النظام السوري وحلفاءه مسؤولون عن تدهور القطاع الطبي عبر عمليات استهداف واسعة طالت المراكز الطبية، وكذلك عبر قتل واعتقال آلاف الكوادر الطبية من المواطنين السوريين.
وبحسب التقرير فإنه لا يمكن رفع العقوبات طالما استمرت الانتهاكات ولم يحصل تقدم جدي على صعيد حقوق الإنسان الأساسية، والبدء بعملية انتقال سياسي نحو الديمقراطية تضمن الاستقرار والعودة الآمنة والطوعية للنازحين واللاجئين، ويرى التقرير أن العقوبات تُشكِّل ورقة ضغط جدية وفاعلة على الأنظمة القمعية، ويجب أن يتم تصعيدها وأن تكون مترافقة مع عقوبات عسكرية؛ نظراً لانتهاك النظام السوري اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وقرار مجلس الأمن رقم 2118.
وذكر التقرير أن النظام السوري قد حكم الدولة السورية منذ عام 1970، وتغلغل في مفاصل الدولة ومؤسساتها، بحيث أصبح من الصعوبة الفصل بينه وبين أجهزة الدولة ومؤسساتها، وقد خلق بيئة من القوانين والسياسيات جعلت عمل المنظمات الإغاثية في سوريا يمر من خلاله بشكل أساسي، ومن الصعوبة تجاوزه أو العمل خارجه؛ ما أدى بحسب التقرير إلى انتهاك المنظمات بانتهاك مفهومي الحياد، والاستقلالية، وهما مبدآن أساسيان من مبادئ العمل الإنساني وأكد التقرير أن بقاء عمل المنظمات الإنسانية داخل الإطار المرسوم من قبل النظام السوري قد ساهم خلال السنوات التسع الماضية في وقوع قسم كبير من عوائد المساعدات في يد النظام السوري؛ مما خفَّف من فعالية العقوبات المفروضة عليه أولاً، وساعده في الاستمرار بارتكاب الانتهاكات ثانياً.
طالب التقرير الحكومة الروسية والصينية والكوبية والإيرانية وحكومات الدول الداعمة للنظام السوري بتقديم الدعم الطبي والإغاثي للنظام السوري للمساهمة في مكافحة وباء كوفيد-19، عوضاً عن الدعم العسكري والقوات البرية والميليشيات والمرتزقة لتوقف عن كافة أشكال الدعم للنظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتوقف القوات الروسية عن ارتكاب مثل هذه الجرائم قبل المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، والسماح بتمديد قرار مجلس الأمن الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وإعادة تضمينه لمعبر اليعربية مع العراق ومعبر نصيب مع الأردن، بحيث تستفيد منه منطقة الجزيرة السورية، وجنوب سوريا.
كما أوصى التقرير منظمة الشؤون الإنسانية والمنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة النظام السوري بإيجاد آلية موحدة لتنسيق الدعم الإغاثي تُفاوِض النظام السوري بشكل جدي وحقيقي وأن لا تقبل أن تكون شريكاً مع منظمات مرتبطة بالأفرع الأمنية أو وزارة الداخلية، أو منشأة من قبل شخصيات تابعة للنظام السوري، وتجنب أي نوع من الأعمال مع المنظمات المنشأة من قِبَل الأجهزة الأمنية أو الخاضعة لها؛ لأن ذلك يعزز من قدرة هذه الأجهزة على الاستمرار في تمويل نشاطاتها وارتكاب المزيد من الانتهاكات.
وحثَّ التقرير الدول التي فرضت عقوبات على النظام السوري بدعم إنشاء آلية التنسيق السابق ذكرها، وتشكيل مجلس استشاري لمراقبة فعالية عملها وأن تترافق العقوبات الاقتصادية مع إدارة سياسية وتحرك جدي ضمن خطة زمنية صارمة في مسار العملية السياسية، يهدف إلى تحقيق الانتقال السياسي وتقييم العقوبات بشكل دوري، وإضافة الأفراد والشركات التي لا تزال مستمرة في دعم النظام السوري ووضعها على قوائم العقوبات.
وأكَّد التقرير على ضرورة زيادة الدعم المادي للمنظمات الإغاثية المحلية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، وتقديم الدعم لها بشكل مباشر بعيداً عن بيروقراطية منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى مساعدة المنظمات الإنسانية العاملة والتي لا تتمكن وحدها من مفاوضة النظام السوري وترضخ لأغلب شروطه، وذلك عن طريق إيجاد أساليب للضغط على النظام السوري لرفع الإطار الأمني الذي وضعه بهدف السيطرة على النسبة العظمى من المساعدات وتوظيفها لصالحه.
أوصى التقرير الأمم المتحدة بفرض عقوبات أممية على النظام السوري في حال استمرار ارتكابه للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، إضافة إلى ضرورة عدم التعامل مع الأفراد والشركات والهيئات المتورطين في ارتكاب الانتهاكات، ويمكن هنا الاستعانة ببيانات لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وآلية التحقيق الدولية المستقلة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وهي جميعاً هيئات صادرة عن الأمم المتحدة وعدم إخضاع قضية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لحق النقض.
بانتظار “كورونا” بين أنقاض إدلب
يجب حماية المدنيين مع انتشار الإصابات في سوريا
غرفة جراحة متضررة بفعل غارة جوية على مستشفى في بلدة أريحا في محافظة إدلب، سوريا، 30 يناير/كانون الثاني 2020. © 2020 أسوشيتد برس/غيث السيد
اللغات
متاح بالـ
ريتشارد وير
باحث في قسم الأزمات والنزاعات، هيومن رايتس ووتش
بعد قرابة عقد على بدء النزاع، ومع تسجيل إصابات جديدة بفيروس “كورونا” في مختلف أنحاء البلاد، ينتظر أربعة ملايين شخص على الأقل، يسكن ربعهم في مخيمات النزوح، الكارثة التالية في شمال غرب سوريا.
بينما كان معظم الناس حول العالم يتطلعون إلى مستشفياتهم بحثاً عن الأمان من فيروس كورونا، أجبر في العام الماضي السكان والأطباء في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها القوات المناهضة للحكومة إلى حد كبير، على الفرار من المستشفيات. خلال هجوم استمر عاماً تقريباً، بدأ في نيسان/ 2019، هاجم التحالف العسكري السوري-الروسي مراراً وتكراراً البنية التحتية المدنية الحيوية في إدلب، بما فيها المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، ما تسبب بأضرار مدنية لا تحصى، وأجبر تقريباً مليون شخص على الفرار في غضون بضعة أشهر فقط.
يعيش العديد من النازحين الآن في مخيمات في شمال إدلب وعلى طول الحدود التركية، وبالكاد يحصلون على الاحتياجات الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية والمياه والغذاء، ما يجعل التباعد الاجتماعي والنظافة الصحية من شبه المستحيل.
مع استمرار سريان وقف إطلاق النار الذي أبرم بين تركيا وروسيا في آذار، عاد أكثر من 100 ألف من السكان في الأسابيع الأخيرة إلى مناطق في إدلب لم تستعد الحكومة السورية سيطرتها عليها، لكن لا يمكن ضمان سلامتهم.
تضررت المستشفيات في ربع المجتمعات المحلية بمجملها في شمال غرب سوريا، وفقاً لتقرير لـ “الأمم المتحدة” صدر الأسبوع الماضي. فر العديد من الموظفين الطبيين وشُلت القدرة على تقديم المساعدة لإنقاذ الأرواح. المنطقة غير مستعدة بتاتاً لمواجهة وباء “كوفيد-19” العالمي، الذي قد يكون على مقربة منها.
بينما لا توجد حالياً إصابات معروفة في شمال غرب سوريا، أُبلغ عن أول إصابة مؤكدة بالفيروس في شمال شرق سوريا الأسبوع الماضي.
أي استئناف للضربات التي تستهدف البنية التحتية المدنية من شأنه أن يزيد قسوة وهول الوضع، ويمعن في تدمير ما تبقى من نظام الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من سنوات من الهجمات والتحقيقات المتعددة، لم يكن هناك مساءلة. حتى هيئة التقصي المستقلة التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، المؤلفة للتحقيق في الهجمات على المستشفيات، لم تكلف نفسها حتى التوصية بمحاسبة سوريا وروسيا، ناهيك عن تسمية روسيا باعتبارها شريكة بالمسؤولية.
إذا لم يأتِ هذا الوباء بشيء آخر، فقد كشف عن التقاعس المستمر للمجتمع الدولي في محاسبة سوريا وروسيا – والخسائر البشرية الفادحة جراء استمرار الإفلات من العقاب على جرائم الحرب المحتملة.
نشرت المقالة الأصلية على موقع هيومن رايتس ووتش