رسالة إلى السيد جير أو بيدرسن، المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة، لتصحيح مسار المفاوضات
بواسطة: Loey Felipe
أرسلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم رسالة إلى المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة السيد جير أو بيدرسن، وهدفت الرسالة إلى مشاركة الآمال والمخاوف التي تحملها الشبكة السورية لحقوق الإنسان بشأن مستقبل محادثات جنيف وعملية السلام في سوريا، ومستقبل سوريا أيضاً.
وذكرت الرسالة التي جاءت في ثلاث صفحات أنَّ الأمم المتحدة -من خلال عملية جنيف ومساراتها الثمانية- كانت على نحو ما تدعمه البلدان الصديقة توفِّر وميضَ أمل للشعب السوري وتطلعاته نحو الديمقراطية إلا أنه ووفقاً للرسالة فقد بدأت عملية السلام تنزلق بشكل سريع.
وأكَّدت الرسالة أنَّ الوضع في سوريا من وجهة نظر حقوقية أصبحَ كارثياً، وتدهورت حالة حقوق الإنسان مع استمرار المحادثات. ولم تكن هذه المحادثات قادرة على المضي بالشَّعب السوري خطوة واحدة أقرب إلى أيِّ سلام ذي معنى ومُستدام، حيث لم يتحقق أي اختراق مهما كان طفيفاً، سواء على صعيد توفير مستمر للمساعدات الإنسانية، أو حماية المدنيين، أو التَّوقف عن أعمال القصف الجوي أو التعذيب، أو إطلاق سراح معتقل واحد مشيرة إلى أنَّ هذه الإخفاقات تعود إلى اقتناع النظام السوري بعدم وجود حاجة أو ضغوط حقيقية عليه للموافقة على المشاركة في أية عملية تفاوض.
وجاء في الرسالة أنَّ الأمم المتحدة حاولت إيجاد حلٍّ للحفاظ على عملية جنيف على قيد الحياة بدلاً من إيجاد آليات من شأنها إجبار النظام السوري على الالتزام بقرارات مجلس الأمن، حيث تم تقسيم مسار المفاوضات إلى أربع “سلال” وهي هيئة الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب. وبما أنَّ النظام رفض بشدة مناقشة السلة الرئيسة تحديداً وهي تشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة، تحوَّل التركيز بدلاً من ذلك إلى عملية الدستور والانتخابات.
وأوضحت الرسالة أنَّ قرار مجلس الأمن رقم 2254 له تسلسل منطقي وواضح، فالانتقال السياسي يبدأ بهيئة حكم انتقالي ومرحلة انتقالية يتوقف فيها القتال وتسود فيها بيئة آمنة، تُمهد الطريق لعودة المشردين داخلياً وخارجياً وهم قرابة 12 مليون سوري، وتوقف سطوة ووحشية الأجهزة الأمنية، ومن ثمَّ عملية دستورية قبل إجراء انتخابات جديدة.
وعلى ذلك فقد اعتبرت الرسالة أنَّ خطة “السلال” قد حقَّقت عكس ما يرمي إليه قرار مجلس الأمن رقم 2254، وخالفته بشكل صارخ، فمن منظور خطة التَّنفيذ الخاصة بـ “السلال”، يُمكننا القول إن القرار 2254 هو طريقة أكيدة لإنهاء فكرة حقوق الإنسان في سوريا ومعها أية آفاق لسلام طويل الأمد. وإنَّ الشروع في هذه الخطة قد أدى -ولو عن غير قصد- إلى تخريب عملية الانتقال السياسي في سوريا.
وجاءَ في الرسالة أنَّ روسيا نجحَت في عرقلة بل وقلب مسار العملية السياسية بالكامل من خلال استخدام حقِّ النقض (الفيتو) في 12 مناسبة وتعبئة قواتها العسكرية لدعم النظام السوري. ومن خلال الاستيلاء على بعض المهام المنوطة بالأمم المتحدة، مثل المفاوضات الخاصة بتشكيل اللجنة الدستورية، التي حولتها إلى سوتشي.
وأكَّدت الرسالة أنَّ أية عملية سياسية ناجحة سوف تكون بالتأكيد نتاجاً عن وجود لجنة ذات شرعية تُمثِّل حقاً تطلعات الشعب السوري، تليها عملية انتخابية حرة تتم وفقاً للمعايير الدولية. وفي غياب أي تفويض شرعي بتشكيل الدستور، فإنَّ أية نتيجة دستورية من شأنها إما أن تضفي شرعية على دستور 2012، الذي يحمي إلى حدٍّ كبير الممارسات الوحشية لأجهزة النظام السوري الأمنية، أو ستنشِئ إطاراً جديداً لكنه قمعي ومماثل.
ورأت الرسالة أنَّه من غير الواقعي توقُّع أن تكون هناك أية انتخابات حرة إذا تم تنفيذها في بيئة تُسيطر عليها الأجهزة الأمنية الوحشية بمساندة الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، أو في المناطق التي تُسيطر عليها القوى والميليشيات المتطرفة، لأنَّ بيئات كهذه تفتقر إلى أيَّة مقومات من الممكن أن تُفضي إلى عملية ديمقراطية.
وحذَّرت الرسالة من أنَّ إشراف الأمم المتحدة لن يُلغي رعب وخوف السوريين من توحش وتغوُّل أجهزة النظام الأمنية، أو من العواقب التي سيتحملها الناخبون في أعقاب الانتخابات، بصرف النَّظر عن نتائجها. كما أنَّ ما تتطلبه الانتخابات الديمقراطية ليس فقط الأُطر الشرعية وحرية المشاركة كناخب ومرشح، بل إنَّها تتضمن أيضاً أن تكون النتيجة مقبولة من جميع الأطراف، ومن الشعب السوري بشكل أساسي. وهناك 12 مليون سوري ممن نزحوا داخلياً وخارجياً؛ نتيجة لممارسات النظام السوري وحلفائه بأغلبية ساحقة، لن يكونوا قادرين بشكل مناسب على المشاركة في أية انتخابات من هذا القبيل تحت سلطة النظام السوري. وهذا من شأنه بحسب ما أكَّدت عليه الرسالة أن يجعل دور الأمم المتحدة الإشرافي في أحسن الأحوال سطحياً.
وأقرَّت الرسالة بوجود مشكلات عميقة في الدستور السوري، إلا أنها رفضت التلاعب بعملية المفاوضات وقلب مسارها، مؤكدة أن المشكلة الأساسية الممتدة منذ عهد حافظ الأسد هي تطبيق أحكام الدستور والالتزام بها.
ومن جانب آخر أشارت الرسالة إلى مشاركة المجتمع المدني الديمقراطي في المفاوضات، الذي تركزت مطالبه بشكل أساسي على قضية المحاسبة والإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المختفين، ورفع مستوى المساعدات الإنسانية وتنظيم عمليات توزيعها. وأضحت أنَّ إدراجه حتى الآن في المفاوضات لا يأتي دون عيوب كبيرة، وفي بعض الأحيان يفتقر إلى الشفافية، وفي أحيان أخرى تمت دعوة جهات لا تمثل الفاعلين في المجتمع المدني ولم تكن مستقلة أو حتى ملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان الأساسية.
طالبت الرسالة الأمم المتحدة باستعادة خطوات عملية التفاوض وفقاً للمبادئ المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف، وأنه يجب التخلي نهائياً عن الوصفة الحالية لاستمرار انتهاكات حقوق الإنسان والحرب المفتوحة.
كما أوصت الدول الصديقة أن تُّعزز دعمها للتسلسل المنطقي في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأن تضمن مع الأمم المتحدة عدم ممارسة الضغط على المعارضة السورية والمجتمع المدني للانحراف عن المبادئ الأساسية للقرار.
وشدَّدت الرسالة على أهمية قيام الأمم المتحدة بتفعيل دور المجتمع المدني من خلال إشراك مجموعات وطنية نشطة وتفادي أخطاء دعوة مجموعات غير موجودة لمجرد إعطاء انطباع عن عملية استشارية شاملة. كما ينبغي استبعاد المنظمات والأفراد الذين تورطوا في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا من القيام بأي دور في العملية ونقل توصيات المجتمع المدني سليمة كما هي.
أكَّدت الرسالة في ختامها أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان ستقوم بتقديم الدَّعم والمساعدة في التحقيقات وتقديم أية بيانات مطلوبة على أمل توجيه السفينة السورية إلى برِّ الأمن والسلام.
الطالب يامن دخان مختف قسريا منذ عام 2013
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة، بقضية الطالب “يامن دخان”، من أبناء مدينة تدمر شرق محافظة حمص، طالب معهد فندقي، البالغ من العمر حين اعتقاله 21عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً بتاريخ 16/ شباط/ 2013، إثر مداهمة مكان إقامته في الحي الشمالي في مدينة تدمر من قبل قوى الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للطالب يامن دخان، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
قرابة 191 هجوما كيميائيا في سوريا يجب أن يكونوا على جدول أعمال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد ولايتها الجديدة
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن ما لا يقل عن 191 هجوماً كيميائياً في سوريا يجب أن يكونوا على جدول أعمال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد ولايتها الجديدة.
من المنتظر أن تُباشر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في شباط 2019 ممارسة صلاحيات ولايتها الجديدة في تحديد هوية مرتكبي الهجمات الكيميائية، بعد أن بقيت ولايتها لسنوات طويلة منذ تأسيسها في 29/ نيسان/ 1997 تقتصر على تأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية أو عدمه، ودونَ تحديد هوية المجرم الذي استخدمها ومن وجهة نظر التقرير فإنَّ هناك سببين رئيسين وراء إعادة إحياء النقاش وتوسيع ولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أولهما: الاستخدام الأسلحة الكيميائية الواسع والمتكرر في سوريا من قبل النظام الحاكم ضدَّ أبناء الشعب السوري، ومن قبل تنظيم داعش، وثانيهما بسبب إيقاف روسيا تمديدَ عمل آلية التحقيق الدولية المشتركة في سوريا المنشأة بقرار مجلس الأمن رقم 2235، التي كان من مهامها تحديد هوية مستخدم الأسلحة الكيميائية.
وذكر التقرير الذي جاء في 9 صفحات المساعي الروسية لإفشال ولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الجديدة مُشيراً إلى أن روسيا أرسلت رسالة إلى جميع دول العالم بأنها سوف تستخدم أو تحمي من يستخدم الأسلحة الكيميائية، ولا ترغب أن يكشفَ أحد ذلك، وهذا ما فعلته مع حليفها النظام السوري طيلة السنوات الثمانِ الماضية.
بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عملها في سوريا عقبَ انضمام النظام السوري إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية في أيلول/ 2013، وبحسب التقرير فإنَّ جميع الهجمات، التي سبقت هذا التاريخ لم تكن تدخل إطار عمل المنظمة بما فيها هجوم الغوطتين في آب/ 2013، فضلاً عن ذلك فإنَّ كل الهجمات التي تلت هذا التاريخ، والتي عملت عليها المنظمة بقيت دون تحديد هوية المسؤول عنها.
وفقاً للتقرير فقد وقع ما لا يقل عن 221 هجوماً كيميائياً بين 23/ كانون الأول/ 2012 حتى 31/ كانون الأول/ 2018 وثَّقتهم الشبكة السورية لحقوق الإنسان، النظام السوري نفَّذ ما لا يقل عن 216 هجوماً في حين أن تنظيم داعش نفَّذَ ما لا يقل عن خمس هجمات وقد تسبَّبت جميع الهجمات في مقتل ما لا يقل عن 1461 شخصاً.
وأشار التقرير إلى المنهجية المتبعة في توثيق هذه الهجمات، وأوضحَ أنها استندت على شبكة علاقات واسعة تم بناؤها عبر أيام طويلة، وعلى روايات ناجين وشهود عيان وكذلك أطباء عالجوا مصابين بحوادث استخدام أسلحة كيمائية وعناصر من الدفاع المدني استجابوا مبكراً لإنقاذ مناطق القصف والاستهداف.
وأوردَ التَّقرير نتائج عملية مقاطعة بين الحوادث التي أثبتتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي بلغت 43 هجوماً ضمن تحقيقات تقاريرها، وبين قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وبيَّنت النتائج أنَّ هناك تطابقاً في 30 هجوم، 28 منها شنَّها النظام السوري، وهجومان اثنان قد نفَّذهما تنظيم داعش.
وبناءً على ذلك فقد أشار التقرير إلى وجود 191 هجوماً بالأسلحة الكيميائية في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لم تُحقِّق بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد، وهذه الهجمات موثَّقة بمختلف التفاصيل كالزمان والمكان ونوع الذخائر وحصيلة المصابين والضحايا وغير ذلك.
أكَّد التقرير وجود تحديات أساسيَّة تواجه عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا مُشيراً إلى أن النظام السوري عمدَ إلى عرقلة عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتضليل التَّحقيقات التي تجريها مراراً وتكراراً، إضافة إلى عراقيل تتعلق بمنح تأشيرات لبعض أعضاء المنظمة، وتعمُّد تأخير الرد على رسائلها، وعراقيل أخرى تمثَّلت في إعاقة وصول المفتشين إلى بعض المناطق.
وبحسب التقرير فإنَّ هناك تحديات أساسية إضافية تتجاوز حدود العراقيل اللوجستية، من أبرزها مرور وقت طويل على الهجمات الكيميائية؛ ما يعني صعوبة كبيرة من حيث إمكانية جمع الأدلة، المادية منها على وجه الخصوص، كآثار الغازات في التربة، ومخلفات الصواريخ والأسلحة المستخدمة، لا سيما أنَّ 80% من الهجمات قد وقعت ضمن مناطق قد سيطرت عليها مؤخراً قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
وفي هذا الصدد ذكر التقرير أنَّ التَّهجير الممنهج الذي تعرَّضت له معظم المناطق التي شَهِدَت هجمات كيميائية سابقاً؛ سيصعِّب بشكل كبير مهمة المنظمة في الوصول إلى شهود عيان أو ناجين من الهجمات، أو كوادر طبية ساهمت في علاج المصابين، أو مراجعة سجلات المشافي والمراكز الطبية، التي سبق وساهمت في تقديم العلاج لضحايا الهجمات الكيميائية، كما أنَّ من بقي من الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري لن يتجرأ على الإدلاء بشهادة تخالف رواية النظامين السوري والروسي.
وأشار التقرير إلى تلاعب النظام السوري برفات العديد من ضحايا الهجمات الكيميائية، كما حصل في مقبرة مدينة دوما بريف دمشق، حيث تم نقل رفات جثث الضحايا، وهذا التَّلاعب بمسرح الجريمة وبرفات الجثث يُدين بشكل كبير النظام السوري لكنَّه يُصعب مهمة فريق المنظمة.
دعا التقرير دول العالم الحضارية إلى أن تقف في مواجهة الدول الداعمة لإخفاء حقائق استخدام الأسلحة الكيميائية، وفي مقدمة تلك الدول الأنظمة السوري والإيراني والروسي، ودعاها إلى تقديم كل دعم ممكن لتسهيل عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا، وفضح تلاعب النظام الروسي والسوري بالأدلة، واتخاذ إجراءات جدية في سبيل محاسبة كل من يثبت تورطه في استخدام الأسلحة الكيميائية، ودعم المنظمات الحقوقية الفاعلة في مجال توثيق استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وشدَّد التقرير على وجوب توقف الدول الدائمة العضوية عن استخدام حق النقض (الفيتو) فيما يتعلق بحماية مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية وفي مقدمتها استخدام الأسلحة الكيميائية، كما يتوجب على روسيا التَّوقف عن استخدام دورها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، في سياق دعم الدكتاتوريات البشعة مقابل مصالح مادية وسياسية على حساب قتل وتشريد ملايين البشر.
أوصى التقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتوسُّع في التَّنسيق والتَّعاون مع المنظمات الحقوقية المختصة في توثيق استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وطالب مجلس حقوق الإنسان بتسليط الضوء بشكل أكبر على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية.
أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في كانون الثاني 2019
أولاً: المقدمة والمنهجية:
شهدَت سوريا حجم انتهاكات غير مسبوق منذ انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار 2011، وتأتي عمليات القتل خارج نطاق القانون وعمليات الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري على رأس قائمة الانتهاكات التي تعرَّض لها المواطن السوري، وبدأ النظام السوري والميليشيات التابعة له ممارسةَ تلك الانتهاكات وغيرها واستمرَّ في ذلك كجهة وحيدة قرابة سبعة أشهر، ثم ما لبثت أن دخلت أطراف أخرى في انتهاك حقوق المواطن السوري، واستمرَّت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق ما يتمكن فريقها من التَّحقق منه، وتصاعدت تلك الانتهاكات بشكل كبير جداً في عامي 2012 و2013؛ ما دفعنا إلى تكثيف إصدار تقارير شهرية دورية تُسجِّل وتُبرز استمرار معاناة السوريين، وقد وصلت إلى ثمانية تقارير تصدرُ بداية كل شهر، وتمَّ بناء قاعدة بيانات واسعة تضمُّ مئات آلاف الحوادث التي تنضوي كل واحدة منها على نمط من أنماط الانتهاكات التي تمكنَّا من توثيقها.
مع نهاية عام 2018 ومع انخفاض حجم العنف عما كان عليه سابقاً، قمنا بتغيير في استراتيجيتنا السَّابقة وقمنا بجمع التقارير ضمنَ تقرير شهري واحد، يشمل أبرز الانتهاكات التي وقعت في سوريا، التي تمكنا من توثيقها، ويُركِّز تقريرنا هذا على حالة حقوق الإنسان في سوريا في شهر كانون الثاني 2019، ويستعرض حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع الرئيسة في هذا الشهر، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال والإخفاء القسري، ويُسلِّط التقرير الضوء على الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة غير المشروعة (الذخائر العنقودية، الأسلحة الكيميائية، البراميل المتفجرة، الأسلحة الحارقة) وعلى عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة.
ويتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة هذه الانتهاكات تبعاً للجهات الرئيسة الفاعلة، وهذا يحتاج في بعض الأحيان لمزيد من الوقت والتَّحقيق وخاصة في حال الهجمات المشتركة، وعندما لم نتمكن في بعض الأحيان من إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية وقوات التَّحالف الدولي، فإننا نُشير في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يثبت لدينا أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما.
خلال عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا منذ عام 2011 حتى الآن، يقوم فريقنا عندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك بمحاولات متعددة لمتابعة ما ورَدَ في هذا الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، وفي بعض الأحيان تمكَّن الباحث من زيارة موقع الحدث في أسرع وقت ممكن، لكنَّ هذا نادراً ما يحدث؛ نظراً للمخاطر الأمنية المرتفعة جداً، ولكثرة حوادث الانتهاكات، وأيضاً نتيجة محدودية الإمكانات البشرية والمادية، ولهذا تختلف إمكانية الوصول إلى الأدلة، وبالتالي درجة تصنيفها، وغالباً ما نقوم في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات بالاعتماد على شهادات ناجين تعرَّضوا للانتهاك مباشرة؛ حيث نحاول قدرَ الإمكان الوصول إليهم مباشرة، وبدرجة ثانية مَنْ شاهَدَ أو صوَّر هذا الانتهاك، إضافة إلى تحليل المواد المتوفرة في مصادر مفتوحة كشبكة الإنترنت، ووسائط الإعلام، وثالثاً عبر الحديث مع كوادر طبية قامت بعلاج المصابين وعاينت جثثَ الضحايا وحدَّدت سبب الوفاة.
حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور، التي وثَّقها فريقنا أو التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتتضمَّن تلك الصور والفيديوهات على سبيل المثال: مواقع الهجمات، جثثَ الضحايا والمصابين، حجم الدمار، أسلحة وبقايا ذخائر عنقودية، وذخائر حارقة، كما يمكن أن تعود هذه الصور لضحايا بسبب التعذيب، وضحايا من الكوادر الطبية والإعلامية، الذين قضوا في هجمات شنَّتها أطراف النِّزاع. ونحتفظ بنسخٍ من جميع المقاطع المصوّرة والصوَّر ضمن قاعدة بيانات إلكترونية سرية، ونسخٍ احتياطية على أقراصٍ صلبة، ونحرص دائماً على حفظ جميع هذه البيانات مع المصدر الخاص بها، وعلى الرغم من ذلك لا ندَّعي أننا قُمنا بتوثيق الحالات كافة، ذلك في ظلِّ الحظر والملاحقة من قبل قوات النظام السوري وبعض المجموعات المسلحة الأخرى، نرجو الاطلاع على المنهجية المتَّبعة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق الضحايا وتصنيف المراكز الحيوية المدنيَّة.
ما وردَ في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنَّفسية.
توثيق ما لا يقل عن 567 حالة اعتقال تعسفي في سوريا في كانون الثاني 2019
بينها 219 حالة اختفاء قسري
بواسطة: STILL BURNING/FLICKR
أولاً: مقدمة ومنهجية:
شكَّل الاعتقال التعسفي ومن ثم الإخفاء القسري انتهاكاً واسعاً منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار 2011، ويُعتبر من أوسع الانتهاكات، التي عانى منها المواطن السوري وأشدِّها انتشاراً، فقد طالت مئات آلاف السوريين، ومارستها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري وكذلك الميليشيات التابعة له على نحو مدروس ومخطط، وأحياناً بشكل عشوائي واسع؛ بهدف إثارة الإرهاب والرعب لدى أكبر قطاع ممكن من الشعب السوري، وبعد قرابة ثمانية أشهر من الحراك الشعبي بدأت تظهر أطراف أخرى على الساحة السورية ومارست عمليات خطف واعتقال، وقد كانت وماتزال عملية توثيق حالات الاعتقال وتحوُّل المعتقل إلى عداد المختفين قسرياً أو الإفراج عنه، من أعظم التَّحديات والصعوبات التي واجهت فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان كما هو موضح في منهجيتنا ، وقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات المعتقلين، الذين يقوم فريق العمل بجمع بياناتهم والتَّحقق منها؛ الأمر الذي مكنَّنا بالتالي من توزيع حالات الاعتقال بحسب الجنس ومكان الحادثة، والمحافظة التي ينتمي إليها المعتقل، والجهة التي قامت بعملية الاعتقال، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي اعتقل واختفى النسبة الأعظم من أبنائها.
ونظراً لأهمية وحساسية انتهاك اعتقال مواطن سوري، فإنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان تُصدر منذ عدة سنوات أخباراً دورية عن حوادث الاعتقال، وتقريراً شهرياً يرصد حصيلة حالات الاعتقال أو الاختفاء القسري أو الإفراج، التي شهدها الشهر المنصرم، وتقريراً سنوياً، إضافة إلى عشرات التَّقارير، التي تتحدَّث عن مراكز الاعتقال المختلفة لدى أطراف النزاع، وغير ذلك من التَّقارير الخاصة المرتبطة بشؤون المعتقلين، كما نرسلُ بشكل دوري استمارة خاصة إلى فريق الأم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وإلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب.
إنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
ويُعتبر النظام السوري مسؤولاً عن قرابة 87 % من حصيلة الاعتقالات التَّعسفية المسجلة لدينا، وهو أوّل وأكثر أطراف النّزاع ممارسة لهذا الانتهاك بشكل ممنهج، وغالباً لا تتمكَّن عائلات الضحايا من تحديد الجهة التي قامت بالاعتقال بدقة، لأنه عدا عن أفرع الأمن الأربعة الرئيسة وما يتشعب عنها، تمتلك جميع القوات المتحالفة مع النظام السوري (الميليشيات الإيرانية، حزب الله اللبناني، وغيرها) صلاحية الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري.
تعُتبر قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان، وأخيراً في بيان وقف الأعمال العدائية – شباط 2016، الذي أوردَ “تتعهد جميع الأطراف بالعمل على الإفراج المبكر عن المعتقلين، وخصوصاً النساء والأطفال”، وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015 في البند رقم 12، الذي نصَّ على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين وخصوصاً النساء والأطفال بشكل فوري، ومع ذلك لم يطرأ أيُّ تقدم في ملف المعتقلين في جميع المفاوضات التي رعتها الأطراف الدولية بما يخص النزاع في سوريا. وفي هذه القضية تحديداً فإننا نوصي بالتالي:
أولاً: يجب أن تتوقف فوراً عمليات الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري التي مازالت مستمرة حتى الآن بحسب هذا التقرير الشهري للشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويجب الكشف عن مصير جميع المعتقلين والمختفين قسرياً، والسماح لأهلهم بزيارتهم فوراً.
ثانياً: الإفراج دون أي شرط عن جميع المعتقلين، الذين تم احتجازهم لمجرد ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، وإطلاق سراح النساء والأطفال كافة، والتَّوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
ثالثاً: منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلتها الأمم المتحدة بشأن الجمهورية العربية السورية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية كافة، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط.
رابعاً: تشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يُطلب من جميع الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 87 % من مجموع المعتقلين.
خامساً: إيقاف الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية الميدانية ومحاكم قضايا الإرهاب وإلغاؤها لمخالفتها التشريعات المحليَّة والدولية وضمانات المحاكمة العادلة.
منهجية:
يوثِّق التَّقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي من قبل أطراف النِّزاع في كانون الثاني، كما يرصد أبرز نقاطَ المداهمة والتَّفتيش، التي نتجَ عنها حجز للحرية، ويستعرض أبرز الحالات الفردية وحوادث الاعتقال التَّعسفي، التي وثقها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الشهر المنصرم، وتوزُّع حالات وحوادث الاعتقال تبعاً لمكان وقوع الحادثة.
كما يوثِّق التقرير عمليات الاعتقال التَّعسفي التي تحوَّلت إلى اختفاء قسري، ونعتمد في منهجيتنا مرور 20 يوم على حادثة اعتقال الفرد وعدم تمكن عائلته من الحصول على معلومات من السلطات الرسمية حول اعتقاله أو تحديد مكانه، ورفضِ السلطات التي اعتقلته الاعتراف باحتجازه.
يلتزم فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمعايير دقيقة لتحديد حادثة الاعتقال التَّعسفي، وتجنُّب تسجيل الحوادث المختلفة للحجز والحبس والحرمان من الحرية مُستنداً بذلك إلى أحكام القوانين الدوليَّة ومجموعة المبادئ المتعلقة بالاعتقال التعسُّفي السَّالفة الذكر. ويقوم قسم المعتقلين والمختفين قسراً في الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتسجيل حالات الاعتقال التي يحصل عليها من مصادر مُتعددة مثل: ذوي الضحايا وأعضاء الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المحافظات السورية، ونشطاء محليين متعاونين، ومعتقلين سابقين، ثمَّ يقوم بمحاولات كثيفة للتَّواصل مع عائلات المعتقلين والمختفين، والمقرَّبين منهم، والنَّاجين من الاعتقال؛ بهدف جميع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمعطيات، في ظلِّ عمل ضمن تحديات فوق اعتيادية وغاية في التَّعقيد، كما نُسجِّل روايات الشهود، ونقوم بتتبع حالات الاعتقال وتحديثها بشكل مستمر لمعرفة مصير المعتقل ومكان احتجازه وظروف اعتقاله. وقد أنشأنا على موقعنا الإلكتروني استمارة خاصة لتوثيق معتقل لتسهيل الوصول والاتصال مع عائلات الضحايا.
تواجه الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحديات إضافية في عمليات توثيق المعتقلين اليومية والمستمرة منذ عام 2011 حتى الآن، من أبرزها خوف كثير من الأهالي من التَّعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم وتوثيقه، حتى لو كان بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يُعرِّضهم لمزيد من الخطر والتَّعذيب، وبدلاً من ذلك تبدأ المفاوضات مع الجهات الأمنية التي غالباً ما تقوم بعملية ابتزاز للأهالي قد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات، وعلى الرَّغم من امتلاك الشبكة السورية لحقوق الإنسان قوائم تتجاوز الـ 127 ألف شخص بينهم نساء وأطفال، إلا أننا نؤكد أن تقديراتنا تُشير إلى أنَّ أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل.
ومما رسّخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، هو عدم تمكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، (بمن فيهم من انتهت محكومياتهم)، حتى لو كان معتقل رأي، بل إنَّ حالات الإفراج تمَّ معظمها ضمن صفقات تبادل مع المعارضة المسلحة.
لا تشمل حصيلة المعتقلين المدرجة في التقرير المحتجزين على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النِّزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيس بسبب النشاط المعارض لسلطة الأمر الواقع، وكذلك حالات الاعتقال لقمع حرية الرأي والتعبير.
توثيق مقتل 197 مدنياً بينهم 2 من الكوادر الطبية في سوريا في كانون الثاني 2019
سجلنا 5 مجازر و14 شخصا قتلوا بسبب التعذيب
أولاً: مقدمة ومنهجية:
تُعتبر عملية تسجيل الضحايا الذين يقتلون في سوريا من أبرز مهام الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار 2011 حتى الآن؛ ذلك أنَّ القتل هو أعظم أنماط الانتهاكات، ولأنَّ الشعب السوري يتأثر بها على النحو الأكبر، ففقدان الأب أو الأم أو الأخ أو الصديق ونحو ذلك يُشكَّل صدمة مرعبة وفقدان لا يُمكن تعويضه، وبشكل خاص بعد أن أصبح نمط القتل واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، عبر استخدام الدبابات والمدفعية ثم الطيران الحربي وإلقاء البراميل المتفجرة وصواريخ سكود، والأسلحة الكيميائية، والأمر الذي زاد من أهمية وتعقيد عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا هو دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، الذين يقوم فريق العمل بجمع بياناتهم والتَّحقق منها؛ الأمر الذي مكَّننا بالتالي من توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي ينتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها.
وقد ارتأينا منذ عام 2011 أن نُسلط الضوء على حصيلة القتلى من النساء والأطفال أيضاً؛ نظراً لحساسية هذه الفئات في المجتمع ولكونها تعطي مؤشراً عن نسبة استهداف المدنيين، وقُمنا لاحقاً بإضافة فئات أخرى لها دور أساسي في الحراك الشعبي، ولاحقاً في النزاع المسلح مثل الكوادر الإعلامية والطبية والإغاثية وكوادر الدفاع المدني.
ونظراً لأهمية وحساسية انتهاك قتل مواطن سوري، فإنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان لم تتوقف منذ قرابة ثمانِ سنوات عن إصدار حصيلة يومية للضحايا، وتُصدر تقريراً شهرياً يرصد حصيلة الضحايا الذين فقدتهم سوريا في كل شهر، وكذلك تقريراً سنوياً، إضافةً إلى عشرات التَّقارير التي توثق المجازر التي ارتكبت على الأرض السورية. كما نُرسل بشكل دوري استمارة خاصة لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات القتل خارج نطاق القانون.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الأمم المتحدة اعتمدت في جميع إحصائياتها الصَّادرة عنها في تحليل ضحايا النِّزاع، على الشبكة السورية لحقوق الإنسان كأحد أبرز المصادر، إضافة إلى اعتماد الشبكة السورية لحقوق الإنسان لدى عدد واسع من وكالات الأنباء العربية والعالمية، والعديد من المنظمات الحقوقية الدولية.
منهجية:
يرصد هذا التَّقرير حصيلة الضحايا الذين قتلتهم أطراف النِّزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا في كانون الثاني 2019، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، والكوادر الإعلامية والطبية، كما يُركِّز على المجازر، التي ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة طيلة الشهر المنصرم، وتمكَّن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان من توثيقها، وهنا نُشير إلى أننا نُطلق وصفَ مجزرة على الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة، كما يتضمَّن التَّقرير استعراضاً لأبرز الحوادث، وأخيراً فإنَّنا نحتفظ بتفاصيل الحوادث الكاملة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يوزِّع التقرير حصيلة الضحايا بحسب الجهات الرئيسة الفاعلة في النزاع السوري، وهذا يحتاج في بعض الأحيان لمزيد من الوقت والتَّحقيق وخاصة في حال الهجمات المشتركة، وعندما لم نتمكن في بعض الأحيان من إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية وقوات التَّحالف الدولي، فإننا نُشير في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يثبت لدينا أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما.
أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا هي:
• قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية).
• القوات الروسية.
• التنظيمات الإسلامية المتشددة.
• فصائل المعارضة المسلحة.
• قوات الإدارة الذاتية (بشكل رئيس قوات حزب الاتحاد الديمقراطي – فرع حزب العمال الكردستاني).
• قوات التحالف الدولي.
• جهات أخرى.
وبحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإننا نستطيع توزيع الضحايا بحسب المحافظة التي قتلوا فيها، وبحسب المحافظة التي ينتمون إليها أيضاً، وإنَّ توزيع الضحايا تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها يهدف إلى إظهار حجم الخسارة البشرية، التي تعرَّض لها أبناء تلك المحافظة؛ الأمر الذي يُساهم لاحقاً في تقييم مسار العدالة الانتقالية، ويوزِّع هذا التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.
فيما يتعلق بالضحايا المسلحين فهي قسمان رئيسان:
– الضحايا من المعارضة المسلحة: تواجهنا صعوبات إضافية لأن أعداداً كبيرة تُقتل على جبهات القتال وليس داخل المدن، ولا نتمكَّن من الحصول على تفاصيل من اسم وصورة وغير ذلك، وبسبب تكتُّم قوات في المعارضة المسلحة في بعض الأحيان لأسباب أمنية أو غير ذلك، وبالتالي فإنَّ ما يتم تسجيله هو أقل بكثير مما هو عليه الحال.
– الضحايا من قوات النظام السوري أو التَّنظيمات الإسلامية المتشددة أو قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي: يكاد يكون من شبه المستحيل الوصول إلى معلومات عن هذا النوع من الضحايا ونسبة الخطأ مرتفعة جداً، لعدم وجود منهجية في توثيق مثل هذا النوع؛ لأنَّ هذه الأطراف لا تنشر أو تُصرِّح أو تُسجِّل ضحاياها، ومن وجهة نظرنا تدخلُ الإحصاءات الصادرة عن بعض الجهات لهذا النوع من الضحايا في خانة الإحصاءات الوهمية التي لا يوجد لها داتا حقيقية.
في هذا التقرير نقوم بتسجيل حصيلة الضحايا المدنيين فقط –باستثناء حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب التعذيب التي تشمل المدنيين والمسلحين-، الذين تمكنَّا في الشهر المنصرم من توثيق مقتلهم، بعض الضحايا قد يكونون قد قتلوا قبل أشهر أو ربما سنوات عدة، كما في بعض حالات الوفيات بسبب التعذيب، لكنَّنا لم نتمكن من توثيق ذلك في وقتها، وبالتالي فإننا ندرجُ تاريخين، التاريخ الذي تمكنَّا فيه من توثيق حادثة القتل، والتاريخ الذي نعتقد أنَّ الحادثة قد وقعت فيه. نرجو الاطلاع على المنهجية المتَّبعة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق الضحايا
يعتمد هذا التقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا منذ عام 2011 حتى الآن، يقوم فريقنا عندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك بمحاولات متعددة لمتابعة ما ورَدَ في هذا الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، وفي بعض الأحيان تمكَّن الباحث من زيارة موقع الحدث في أسرع وقت ممكن، لكنَّ هذا نادراً ما يحدث؛ نظراً للمخاطر الأمنية المرتفعة جداً، ولكثرة حوادث الانتهاكات، وأيضاً نتيجة محدودية الإمكانات البشرية والمادية، ولهذا تختلف إمكانية الوصول إلى الأدلة، وبالتالي درجة تصنيفها، وغالباً ما نقوم في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات بالاعتماد على شهادات ناجين تعرَّضوا للانتهاك مباشرة؛ حيث نحاول قدرَ الإمكان الوصول إليهم مباشرة، وبدرجة ثانية مَنْ شاهَدَ أو صوَّر هذا الانتهاك، إضافة إلى تحليل المواد المتوفرة في مصادر مفتوحة كشبكة الإنترنت، ووسائط الإعلام، وثالثاً عبر الحديث مع كوادر طبية قامت بعلاج المصابين وعاينت جثث الضحايا وحدَّدت سبب الوفاة.
حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي وثَّقها فريقنا أو التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتتضمَّن تلك الصور والفيديوهات على سبيل المثال: مواقع الهجمات، جثث الضحايا، والمصابين، كما يمكن أن تعود هذه الصور لضحايا بسبب التعذيب، وضحايا من الكوادر الطبية والإعلامية، الذين قضوا في هجمات شنَّتها أطراف النِّزاع. ونحتفظ بنسخٍ من جميع المقاطع المصوّرة والصوَّر، التي وردت في تلك التقارير والتي يستعرضها هذا التقرير أيضاً ضمن قاعدة بيانات إلكترونية سرية، ونسخٍ احتياطية على أقراصٍ صلبة، ونحرص دائماً على حفظ جميع هذه البيانات مع المصدر الخاص بها وبالرغم من ذلك لا ندَّعي أننا قُمنا بتوثيق الحالات كافة، وذلك في ظلِّ الحظر والملاحقة من قبل قوات النظام السوري وبعض المجموعات المسلحة الأخرى.
جميع الهجمات الواردة في هذا التقرير، التي ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا استهدفت مناطق مدنية ولم نوثِّق أي وجود عسكري أو مخازن أسلحة في أثناء الهجمات أو حتى قبلها، ولم يتم توجيه أي تحذير من قبل القوات المعتدية للمدنيين قُبيل الهجمات كما يشترط القانون الدولي الإنساني.
يتفاوت كمُّ ونوعية الأدلة بين حادثة وأخرى، ونظراً لكثرة ما وردَ سابقاً من تحديات، فكثير من الحوادث يتغيَّر توصيفها القانوني؛ نظراً لحصولنا على أدلة أو قرائن جديدة لم تكن بحوزتنا عندما قمنا بنشرها في التَّقرير، حيث نقوم بإضافة تلك الأدلة والقرائن إلى أرشيف قاعدة البيانات، ومن ناحية أخرى، فكثير من الحوادث قد لا يكون فيها انتهاك للقانون الدولي الإنساني، لكنَّها تضمَّنت أضراراً جانبية، فنحن نقوم بتسجيلها وأرشفتها من أجل معرفة ما حدث تاريخياً، وحفاظاً عليها كسجلٍ وطني، لكننا لا نصفُها بأنَّها ترقى إلى جرائم.
ما وردَ في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنَّفسية.
النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السَّفر كتمويل للحرب وإذلال للمعارضين
رابع أسوأ جواز سفر وأعلى كلفة مادية في العالم
بواسطة: JOSEPH EID/AFP
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم أنَّ النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السَّفر كتمويل للحرب وإذلال لمعارضيه، وسجَّل التقرير الانتهاكات التي يتعرَّض لها المواطن السوري في أثناء محاولته استخراج جواز سفر، وكشفَ عن الكلفة المادية المرتفعة وغير المنطقية مقارنة بجميع بلدان العالم.
وذكر التقرير الذي جاء في 10 صفحات أنَّ النظام السوري وظَّف مختلفَ أجهزة الدولة السورية في سبيل إيقاف وقمع الحراك الشعبي الذي اندلع في آذار/ 2011، ولم يكتفي في سبيل البقاء في السلطة بجهاز الأمن والجيش بل استخدَم مؤسسات الدولة بمختلف أشكالها، ولم يستثنِ مؤسسة الهجرة والجوازات، التي تضخَّم دورها على غرار عدد كبير من المؤسسات وأصبحت تلعب دوراً أمنياً وسياسياً، وباتت ممارسات كل تلك المؤسسات تدور في فلك دوامة ابتزاز ونهب أموال المجتمع السوري بهدف إضعافه وإذلاله. وبحسب التقرير فقد استخدام النظام السوري تلك الأموال في استمرار الحرب المفتوحة ضدَّ كل من طالب بعملية انتقال سياسي حقيقي وتغيير نحو الديمقراطية.
وأشار التقرير إلى أنَّ استمرار واتساع حجم وكمِّ الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري ولَّد حاجة ماسَّة لدى المجتمع السوري للسَّفر خوفاً على حياته وأمنه؛ ما دفع الملايين من المواطنين السوريين داخل سوريا لاستصدار جوازات سفر، ومن ناحية أخرى فإنَّ المواطنين السوريين خارج الدولة بحاجة مستمرة دورية لتجديد جوازات سفرهم.
وأوضح التقرير أنَّ إصدار جواز السَّفر في سوريا مرَّ عبر مرحلتين، وقد تحكَّمت فيها المافيات واستغلها النظام السوري لزيادة موارده المالية، وذكر التقرير أنَّ المرحلة الأولى امتدت منذ بداية الحراك الشعبي حتى نيسان/ 2015 واتَّبع النظام السوري فيها سياسة مزدوجة، فقام من ناحية بفرض الحصول على ورقة موافقة من الأفرع الأمنية لكلِّ من يرغب بالحصول على جواز سفر داخل أو خارج سوريا، وحُرِمَ بالتالي جميع من لاحقته الأجهزة الأمنية إثرَ مشاركته في الحراك الشعبي، وجميع المعارضين في الخارج من الحصول على جواز سفر، إلا أنَّه من ناحية أخرى فتح لهم فرصة الحصول على جواز سفر عن طريق شبكات مافيوية مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى 5 آلاف دولار أمريكي.
وأضافَ التقرير أنَّ المرحلة الثانية كانت عقبَ إصدار النظام السوري المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2015 الذي سُمِحَ بموجبه بإصدار جوازات سفر لجميع السوريين داخل وخارج البلاد، ودون تمييز بين معارض للنظام أو موالٍ له، كما شملَ الذين غادروا البلاد بصورة غير شرعية، ثم طرأت عليه تعديلات فرضها المرسوم رقم 18 لعام 2017 وحدَّد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم الموجودين خارج الجمهورية العربية السورية بشكل فوري ومستعجل -أي في غضون ثلاثة أيام عمل- بمبلغ /800/ دولار أمريكي. ووفقاً لنظام الدور -أي في غضون 10 إلى 21 يوم عمل- بـمبلغ 300 دولار، وبحسب التقرير فإنَّ هذه الكلفة المادية المرتفعة التي فرضها النظام السوري على إصدار جواز السفر وتجديده مرتفعة جداً وهي الأعلى في العالم. ونوَّه التقرير إلى أنَّ أقصى مدة صلاحية لجواز السفر لمعارضي النظام السوري وبالتالي المطلوبين أمنياً لا تتجاوز عامَين اثنين، وأنَّ كثيراً من الدول وشركات الطيران تشترط مدة صلاحية ستة أشهر على الأقل للسماح بالسفر، أي أنَّ مدة جواز السفر عملياً هي عام ونصف، كما أن عدداً كبيراً من السوريين يُقيم في مدن أو دول ليسَ فيها قنصليات سورية؛ الأمر الذي يضطر المواطنَ إلى السفر وحجز رحلة طيران وإقامة فندقية، ويضطرُّ أيضاً للجوء إلى الحصول على الجواز المستعجل أي أنَّه يدفع 800 دولار أمريكي، إضافة إلى المصاريف الأخرى ليحصل في النهاية على جواز سفر تم تصنيفه من قبل موقع ”passport index” على أنه رابع أسوأ جواز سفر عالمياً.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد وظَّف النظام السوري العائدات المادية التي حصل عليها نتيجة طباعته جوازات سفر بمبالغ مادية طائلة في حربه ضدَّ معارضيه من الشَّعب السوري، واستمرَّ في دفع رواتب الميليشيات الموالية له، وفي شراء وصيانة الذخائر والأسلحة لقصف مناطق ومدن سوريَّة، والاستمرار في ارتكاب مزيد من جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية، ولم يلقَ طلب النظام السوري ثمناً لجواز السفر 800 دولار أي إدانة دولية تُذكر، كما لم تُتخذ أيَّة إجراءات فعلية من قبل المجتمع الدولي تُعطي المواطن السوري بديلاً عن ابتزاز النظام السوري الفظيع أو تضغط عليه لتحصيل سعر منطقي على غرار بقية دول العالم”.
ذكر التقرير أنَّ المواطن السوري يواجه انتهاكات إضافية في أثناء معاملات استخراج جواز السَّفر، إضافة إلى الكلفة المادية المرتفعة، حيث لا تزال أجهزة الأمن تشترط حصوله على موافقة أمنية، ويخضع كل مُتقدِّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين وهم بشكل أساسي جميع من ساهم في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية. وإضافة إلى الموافقة الأمنية، لا بدَّ لكل شاب من الفئة العمرية (20 – 42 عاماً) وغير معفى من الخدمة الإلزامية ، من الحصول على موافقة من شعبة التجنيد التابع لها، وهذا بحسب التقرير يُشكّل عائقاً أمام مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري، الذين تخلَّفوا عن الالتحاق بمؤسسة الجيش إثرَ تجنيد النظام السوري الحالي هذه المؤسسة للقيام بانتهاكات تُشكِّل جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية، وتقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري.
ووفق قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكرَ التقرير أنَّ النظام السوري اعتقل ما لا يقل عن 1249 شخصاً بينهم ثمانية أطفال، و138 سيدة (أنثى بالغة) منذ آذار/ 2011 حتى كانون الثاني 2019، ذلك أثناء وجودهم لإجراء معاملاتهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية، منهم قرابة 703 حالات تم اعتقالها من داخل دائرة الهجرة والجوازات في مدينة دمشق وحدها. واستعرض التقرير أبرز هذه الحالات.
وأضافَ التقرير أنَّ المواطنين السوريين خارج سوريا أيضاً يعانون من أنماط عدة من الانتهاكات، حيث استغلَّ النظام السوري عدم وجود أي بديل عن جواز السفر الصَّادر عنه، وعمل على ابتزاز السوريينَ لتحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال ومن الشرعية السياسية، وتحقيق أكبر قدر ممكن من ممارسات الإذلال وانتهاك كرامة المواطنين، واستعرض التقرير نماذج على ذلك في دول عدة.
اعتبر التَّقرير أن استغلال النظام السوري حاجة المواطنين لإصدار جوازات سفر ومن ثم نهب أموالهم عبر المطالبة بأسعار مرتفعة جداً، ثم إهانة كرامتهم الإنسانية في أثناء إجراءات معاملة الحصول على جواز السفر يُعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، ولا تكاد توجد دولة في هذا العصر الحديث ترتكب هذا النَّمط من الانتهاكات الفاضحة، ولهذا تأتي الجمهورية العربية السورية بقيادة هذا النظام في مؤخرة المؤشرات العالمية في الحقوق وفي الحريات وفي الديمقراطية.
أوصى التقرير النظام السوري بالتَّوقف عن نهب أموال المواطن السوري ووضع سعر منطقي لجواز السفر لا يتجاوز 20 دولار أمريكي على غرار بقية دول العالم. وعدم استخدام مؤسسات الدولة الخدمية ومواردها في تمويل الحرب ضدَّ المجتمع السوري المطالب بالتغيير السياسي الديمقراطي.
كما أوصى المجتمع الدولي بالضَّغط على النظام السوري وحلفائه من أجل تخفيض أسعار جواز السفر السوري. واعتبرَ أنَّ أية محاولة تأهيل أو إعادة أي شكل من أشكال العلاقات السياسية أو الاقتصادية دعماً واضحاً ومباشراً لنظام ديكتاتوري قمعي يستغل أبسط حقوق مواطنيه.
المواطن حسام رمضان مختفٍ قسرياً منذ عام 2015
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة، بقضية المواطن “حسام رمضان”، من أبناء مدينة تدمر شرق محافظة حمص، البالغ من العمر حين اعتقاله 24عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً بتاريخ27 / نيسان/ 2015، إثر مداهمة مكان إقامته في حي الجمعية الغربية في مدينة تدمر من قبل قوى الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن حسام رمضان، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
الـتقـريـر السـنـوي عن أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في عام 2018
تهشيم المجتمع وتفكك الدولة
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السَّنوي الخاص بعام 2018، الذي حمل عنوان “تهشيم المجتمع وتفكك الدولة” رصدت فيه أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا في العام المنصرم.
واستعرَض التَّقرير الذي جاء في 80 صفحة تأريخ وقائع مهمة وقعت في عام 2018، كما سرد أبرز الأحداث السياسية والعسكرية التي شهدتها السَّاحة السورية في العام الماضي، وتطرَّق إلى أبرز الاتفاقيات المحلية التي أدت إلى تشريد آلاف السكان من مدنهم وقراهم، كما أوردَ مقارنة بين أبرز أنماط انتهاكات حقوق الإنسان في عامي 2017 و2018، وأشار إلى انعكاس تداعيات النِّزاع على تغيُّر توزع السيطرة في عام 2018، الذي شهدَ تقدُّماً واسعاً لقوات الحلف السوري الروسي الإيراني على حساب فصائل في المعارضة المسلحة.
وأشارَ التقرير إلى أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت في عام 2018 قرابة 137 تقريراً تناولت فيها أنماطاً متعددة لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان واستندت هذه التقارير على ما يقارب 310 شهادات لـمُصابين أو ناجين من الهجمات، أو مسعفين، أو عمال إشارة مركزية أو ذوي ضحايا، وجميع هذه الشهادات قد تمَّ الحصول عليها عبر حديث مباشر مع الشهود، وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد كان ومازال استخدام النظام السوري منذ عام 2011 لمختلف أنواع العنف الوحشي ضدَّ المجتمع بما في ذلك اعتقال وتعذيب عشرات الآلاف وقتل مئات آلاف أخرى، وتشريد نصف الشعب السوري، هدفاً مقصوداً ومدروساً من قبل هذه السلطة الحاكمة من أجل تهشيم المجتمع وتأديبه وإخضاعه لحكم العائلة إلى الأبد، وبالتالي إنهاء تام لأية فرصة أو مجرد فكرة حراك شعبي جديد نظراً للكلفة العالية التي دفعها المجتمع المطالب بالحرية والكرامة والانتقال السياسي التعددي، ولم يكترث حكم العائلة بأي تكلفة مادية أو بشرية في سبيل تحقيق هذا الهدف المتوحش حتى لو تسبَّب ذلك بتفكيك الدولة السورية كلها”.
بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان وردَ في التَّقرير أنَّ عام 2018 شهِدَ مقتل 6964 مدنياً، بينهم 1436 طفلاً، و923 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا، منهم 4162 مدنياً، بينهم 713 طفلاً، و562 سيدة قتلوا على يد قوات النظام السوري، فيما قتلت القوات الروسية 467 مدنياً، بينهم 169 طفلاً، و51 سيدة، وقتلت قوات التحالف الدولي 417 مدنياً، بينهم 175 طفلاً، و90 سيدة.
سجَّل التَّقرير قتلَ قوات الإدارة الذاتية الكردية 285 مدنياً، بينهم 29 طفلاً، و26 سيدة، فيما قتلت التنظيمات الإسلامية المتشدِّدة 478 مدنياً، قتل منهم تنظيم داعش 446 مدنياً، بينهم 82 طفلاً، و41 سيدة، في حين قتلت هيئة تحرير الشام 32 مدنياً، بينهم 7 طفلاً، و1 سيدة.
وأشار التَّقرير إلى أنَّ إحصائية الضحايا المدنيين على يد فصائل في المعارضة المسلحة بلغت 48 مدنياً، في عام 2018، بينهم 14 طفلاً، و7 سيدة، قتلوا عبر عمليات الإعدام أو القصف العشوائي أو التَّعذيب. وسجَّل التَّقرير مقتل 1107 مدنياً في هجمات لم يتم تحديد مرتكبيها أو في هجمات شنَّتها قوات حرس الحدود التَّابعة لدول الجوار، لبنان والأردن، وتركيا.
بحسب التَّقرير فقد بلغت حصيلة حالات الاعتقال التَّعسفي في عام 2018 قرابة 7706 حالة بينها 504 طفلاً و699 سيدة (أنثى بالغة)، كان النِّظام السوري مسؤولاً عن اعتقال قرابة 5607 شخصاً، بينهم 355 طفلاً، و596 سيدة، أما التنظيمات الإسلامية المتشددة فقد اعتقلت ما لا يقل عن 755 شخصاً، منهم 338 على يد تنظيم داعش بينهم 28 طفلاً، و13 سيدة. و417 شخصاً على يد هيئة تحرير الشام بينهم 15 طفلاً، و3 سيدة. أما حصيلة حالات الاعتقال في سجون بعض فصائل المعارضة المسلحة فقد بلغت قرابة 379 شخصاً، بينهم 23 طفلاً، و13 سيدة، فيما اعتقلت قوات الإدارة الذاتية الكردية 965 شخصاً، بينهم 83 طفلاً، و74 سيدة.
وجاء في التَّقرير أنَّ ما لا يقل عن 976 شخصاً قضوا بسبب التَّعذيب في عام 2018، بينهم 951 شخصاً في سجون قوات النِّظام السوري، و10 على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية، و9 في مراكز احتجاز تتبع فصائل في المعارضة المسلحة في حين قتلت سيدة واحدة بسبب التعذيب على يد تنظيم داعش.
واستعرضَ التَّقرير أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النِّزاع بحق الكوادر الطبيَّة من عمليات قتل واستهداف للمنشآت الطبية العاملة لها في عام 2018، حيث سجَّل مقتل 53 من الكوادر الطبية، و108 حوادث اعتداء على منشآت ونقاط طبية. كانت قوات الحلف السوري الروسي المسؤول عن الكمِّ الأكبر من الانتهاكات، حيث قتلت ما لا يقل عن 38 من الكوادر الطبيَّة، ونفَّذت قواته ما لا يقل عن 85 حادثة اعتداء على منشآتٍ ونقاط طبيَّة.
وأوردَ التَّقرير إحصائية استهداف الكوادر الإعلامية في سوريا في عام 2018، حيث سجَّل مقتل ما لا يقل عن 24 من الكوادر الإعلامية، قرابة 63% منهم على يد قوات النظام السوري وحليفته روسيا.
وجاءَ في التَّقرير أنَّ النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية في عام 2018 في 6 هجمات في محافظتي إدلب وريف دمشق، فيما بلغت حصيلة الهجمات الموثَّقة باستخدام الذخائر العنقودية 13 هجمة، نفَّذت 7 منها قوات النظام السوري، فيما نفَّذت القوات الروسية 6 هجمات. وبحسب التقرير فقد استخدمت الأسلحة الحارقة في 28 هجوماً على الأرض السورية في العام المنصرم، 11 منها شنَّتها قوات النظام السوري، و14 للقوات الروسية، فيما استخدمت قوات التحالف الدولي الأسلحة الحارقة في 3 هجمات، وأضاف التقرير أنَّ ما لا يقل عن 3601 برميلاً متفجراً ألقاها النظام السوري في عام 2018.
وبحسب التقرير فقد كان عام 2018 عاماً حافلاً بموجات ضخمة لنازحين أُجبروا على ترك منازلهم وأرضهم بفعل عمليات عسكرية شنَّتها أطراف النزاع ولا سيما قوات الحلف السوري الروسي، التي كانت المسؤول الأكبر عن عمليات النزوح وذكر التقرير أنَّ ما يقارب 670 ألف شخص تعرَّض للتَّشريد القسري في عام 2018، بينهم 134 ألف جرى تشريدهم قسرياً نتيجة اتفاقات وهدن تُخالف القانون الدولي الإنساني.
أكَّد التَّقرير أنَّ على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على “توقف فوراً أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها”. وعلى ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وحثَّ التقرير مجلس الأمن على ضمان أمن وسلامة ملايين اللاجئين السوريين وخاصة النساء والأطفال. الذين تشردوا في دول العالم، وكفالة سلامتهم من الاعتقال أو التَّعذيب أو الإخفاء القسري في حال رغبتهم في العودة إلى المناطق التي سيطر عليها النظام السوري.
وأوصى وكالات الأمم المتحدة المختصة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
أكَّد التَّقرير على أهمية أن تُقدِّم المفوضة السامية تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان وغيره من هيئات الأمم المتحدة عن الحوادث الواردة في التَّقرير، باعتبارها نُفِّذت من قبل أطراف النِّزاع.
وأوضح التقرير أنَّ على المبعوث الدولي إلى سوريا إدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
حثَّ التَّقرير المجتمع الدولي على التَّحرك على المستوى الوطني والإقليمي لإقامة تحالفات لدعم الشعب السوري، وحمايته من عمليات القتل اليومي ورفع الحصار، وزيادة جرعات الدعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر اتفاقية الجامعة العربية ثم خطة السيد كوفي عنان وما جاء بعدها من بيانات لوقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، وبالتالي لا بدَّ بعد تلك المدة من اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يزال مجلس الأمن يُعرقل حماية المدنيين في سوريا.
طالب التقرير النظام السوري بالتوقف عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز، والكشف عن مصير قرابة 82 ألف مواطن سوري اعتقلتهم الأجهزة الأمنية وأخفت مصيرهم حتى الآن والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
وشدَّد التَّقرير على وجوب فتحِ النظام الروسي تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين، وتعويض المراكز والمنشآت المتضررة كافة وإعادة بنائها وتجهيزها من جديد، وتعويض أُسر الضحايا والجرحى كافة، الذين قتَلهم النِّظام الروسي الحالي.
وأكَّد التَّقرير على أنَّ على النظام الروسي باعتباره طرف ضامن في محادثات أستانا التَّوقف عن إفشال اتفاقات خفض التَّصعيد، والضغط على النظام السوري لوقف الهجمات العشوائية كافة، والبدء في تحقيق اختراق في قضية المعتقلين عبر الكشف عن مصير 82 ألف مختفٍ لدى النظام السوري.
أوصى التقرير قوات التَّحالف الدولي أن تعترف بشكل صريح بأنّ بعض عمليات القصف خلَّفت قتلى مدنيين أبرياء وطالبها بفتح تحقيقات جديَّة، والإسراع في عمليات تعويض الضحايا والمتضررين، والاعتذار منهم.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره.