قبل ثلاثة أشهر، في 29 أيّار/مايو 2020، اعتمدَت الجمعية العامّة للأمم المتّحدة بالإجماع قرارًا أعلنت فيه التاسع من أيلول/سبتمبر يومًا دوليًا لحماية التعليم من الهجمات. يهدف هذا اليوم الدولي إلى تسليط الضوء على “المحنة التي يمرّ بها أكثر من 75 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين سنّ 3 و18 عامًا في 35 دولة من الدول المتضرّرة بالأزمات”، والتشديد على “حاجتهم الماسّة للدعم في مجال التعليم”، والتعبير عن الاستياء “من تصعيد الهجمات على المؤسّسات التعليمية وعلى الطلّاب والموظّفين فيها، في انتهاكٍ للقانون الدولي الإنساني”.
وفي اليوم الدولي الأوّل لحماية التعليم من الهجمات، تنضمّ المنظّمات الموقّعة أدناه، التي تُشكِّل مشروع “أنقذوا المدارس السورية” لإدانة الهجمات العديدة التي كانت وما زالت تتعرّض لها المدارس في سوريا، ولمطالبة جميع أطراف النزاع بوقف تلك الهجمات فورًا، والبدء يإعادة بناء وإصلاح المدارس والنظام التعليمي في جميع أنحاء سوريا، ومعالجة الثغرات الكبيرة التي نشأت في قطاع التعليم جرّاء تداعيات النزاع.
على مدار أكثر من تسع سنوات من الحرب في سوريا، استهدف النظام السوري المؤسّسات التعليمية عمدًا وشن هجمات واسعة ومنهجية عليها، بالإضافة إلى تعرضها لضربات من أطراف النزاع الأخرى. وكما جاءَ في تقريرنا الصادر في أيلول/سبتمبر 2018، تحت عنوان “لم نتوقّع أبدًا أن نُقصَف: الإحاطةُ بآثار الهجمات على المدارس في سوريا”، استُخدِمَت القنابل العنقودية والأسلحة الحارقة المحظورة في الكثير من دول العالم، كما استُعمِلَت أسلحة أخرى، كالبراميل المتفجّرة، التي تُعتبَر عشوائيةً بطبيعتها بسبب حجم المعاناة التي يُحتمَل أن تُسبّبها. وكما أشارَت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخّرًا، استخدمت القوّات السورية ما لا يقلّ عن 81916 برميلًا متفجّرًا بين تمّوز/يوليو 2012 وآذار/مارس 2020. ونالَت المدارس نصيبها من هذه الضربات، حيث سُجِّل 140 هجومًا على المدارس، وقعَ 73 منها بعد اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2139 (2014) الذي طالبَ جميع الأطراف المسلحة بوقف الهجمات ضدّ المدنيين وصنَّفَ البراميل المتفجّرة باعتبارها أسلحةً عشوائية بطبيعتها إذ يُحتمَل أن “تتسبّب في إصابات زائدة عن الحدّ أو معاناة لا داعي لها”.
ارتكبَ النظام السوري وأطراف النزاع الأخرى هذه الفظائع على الرغم من الخسائر المؤكّدة في الأرواح وبدون أيّ مراعاة للتداعيات المستقبلية التي قد تنجم عن تدمير المرافق المدنية مثل المؤسّسات التعليمية. ومع أنَّ الرقم الإجمالي غير معروف بالضبط، لكنَّنا استطعنا توثيق 1292 مدرسة تعرّضت للهجوم بين 2011 و2017، وهو تقديرٌ متواضع جدًا على الأرجح. وبعد هذا التاريخ، زادَ العدد بشكلٍ ملحوظ. ففي الفترة الممتدّة بين كانون الثاني/يناير ونهاية حزيران/يونيو 2019 فقط، تحقّقت الأمم المتّحدة من 74 هجومًا على المدارس. وكما وردَ في تقرير “أنقذوا المدارس السورية”، أسفرت الهجمات عن تبدُّلٍ نهائي في حياة أطفال كثيرين نتيجة الاعتداءات على المدارس، وفقدان الأحبّة، وسلب الطفولة والرعاية وفرص التعليم والحماية الأساسية للأطفال. والأسوأ من ذلك، لم تتغيّر حياة الأفراد فحسب، بل أدّت الهجمات الواسعة على المدارس خلال النزاع الوحشي الذي شهدته البلاد إلى تمزيق الأُسَر، تاركةً وراءها هياكل لمجتمعات كانت نابضة بالحياة في السابق، وتغيّرَ معها مستقبل المجتمع السوري.
وتستمرّ حتّى اليوم هذه الهجمات مع ما ينتج عنها من وفيات وإصابات في صفوف الأطفال والمعلّمين والموظّفين، على الرغم من التنديدات المتكرّرة التي أبداها المجتمع الدولي والمجتمع المدني. في الشهرَيْن الأوّلَيْن فقط من العام 2020، أفادَت الأنباء عن تعرُّض 22 مدرسة للهجوم – بما في ذلك عشر مدارس في يومٍ واحد في شمال غرب سوريا – ما أسفرَ عن مقتل ما لا يقلّ عن 14 شخصًا وإصابة العشرات. ومؤخّرًا، تمّ توثيق هجمات على مدرستَيْن في تمّوز/يوليو.