الطيران الروسي يرتكب ثلاث مجازر متتالية في مدينة إدلب
يوم دامٍ في إدلب على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار
أولاً: المقدمة:
خضعت مدينة إدلب لسيطرة مشتركة بين فصائل المعارضة المسلحة وتنظيم جبهة فتح الشام منذ 28/ آذار/ 2015، ويقطن فيها حالياً ما لايقل عن 320 ألف نسمة.
في 24 أيلول/ 2015 خضعت المدينة لشروط هدنة أبرمت بشكل رئيس بين فصيل أحرار الشام –أحد الفصائل المشاركة في جيش الفتح– والنظام السوري، تنصُّ الاتفاقية على وقف كامل العمليات العسكرية والقصف الجوي على مدينة إدلب وبعض القرى التابعة لها مقابل عدة شروط من بينها السماح بإدخال المواد الغذائية إلى قرى الفوعة وكفريا ذات الأغلبية الموالية للنظام السوري، تمَّ خرق هذه الهدنة عدة مرات وقد استعرضنا أحد أبرز المجازر في تقرير “القوات الروسية تخرق قرار مجلس الأمن 2254 وتقتل أهالي مدينة إدلب”
في 11/ حزيران/ 2016 تم الاتفاق على تمديد العمل بهذا الاتفاق ستة أشهر، لكن قوات النظام السوري خرقت في اليوم التالي الهدنة مجدداً واستهدفت سوق الخضار في المدينة؛ ما تسبب بمجزرة استعرضنا تفاصيلها في تقرير “النظام السوري يغدر حتى بالهدن المحلية التي يعقدها” وعادت القوات الروسية لاستهدافها السوق ذاته وخرقت الهدنة مجدداً في 10/ أيلول/ 2016 واستعرضنا ذلك في تقرير “القوات الروسية تخرق هدنة مدينة إدلب”.
تخضع المدينة حالياً لسيطرة مشتركة بين عدد من فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام (تجمع مكوَّن من تنظيم جبهة فتح الشام، وفصيل أنصار الدين، و3 فصائل من المعارضة المسلحة -لواء الحق، وجيش السنة، وكتائب نور الدين الزنكي-).
في هذا التقرير نوثِّق ارتكاب طيران ثابت الجناح نعتقد أنه روسي 3 مجازر متتالية في مدينة إدلب حيث قام فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتواصل مع عدد من أهالي المدينة وشهود العيان وناجين من الحوادث، ومع نشطاء إعلاميين محليين، ونعرض في هذا التقرير 3 شهادات، وقد شرحنا للشهود الهدف من المقابلات، وحصلنا على موافقتهم على استخدام المعلومات التي يقدمونها في هذا التقرير دون أن نقدم أو نعرض لهم أية حوافز كما حاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تجنيبهم معاناة تذكر الانتهاك، وتم منح ضمان بعدم كشف هوية كل من أبدى رغبته في استخدام اسم مستعار.
كما راجعنا الصور والفيديوهات الواردة إلينا وتحقَّقنا من صدقيتها، حيث أظهرت آثار الدمار الكبير الذي تسبب به القصف، إضافة إلى صور تظهر ضحايا من الأطفال ونحتفظ بنسخٍ من جميع مقاطع الفيديو والصور المذكورة في هذا التقرير ضمن قاعدة بيانات إلكترونية سرية، ونسخٍ احتياطية على أقراصٍ صلبة، ولمزيد من التفاصيل نرجو الاطلاع على منهجية عملنا العامة.
أثبتت التحقيقات الواردة في هذا التقرير أن المناطق المستهدفة كانت عبارة عن مناطق مدنية ولايوجد فيها أي مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة لفصائل المعارضة المسلحة أو التنظيمات الإسلامية المتشددة أثناء الهجوم أو حتى قبله.
ماورد في هذا التقرير يُمثل الحد الأدنى الذي تمكنا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
مقتل المواطن مسعود صويص على يد قوات النظام السوري
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، بقضية المواطن خالد مسعود صويص من محافظة حمص، مدينة تلبيسة، تولد 1955، الذي توفي جراء قصف طيران ثابت الجناح تابع لقوات النظام السوري صواريخ عدة على مدينة تلبيسة، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، في 23/ تشرين الأول/ 2015.
السلطات السورية لم تعترف بقتلها المواطن، ولم يتمكن أهله من رفع أية شكوى بسبب تخوفهم من الملاحقة الأمنية نتيجة وجودهم في منطقة خارج سيطرة قوات النظام السوري ولكون الضحية موظف متقاعد في إحدى المؤسسات الحكومية التابعة للنظام السوري.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوفها من عمليات قتل المدنيين منذ عام 2011، ومازال عداد القتلى في تصاعد مستمر.
مقتل 948 مدنياً بين جولتي مفاوضات جنيف، 62% منهم على يد الحلف السوري – الإيراني – الروسي
تصدَّر عمليات القتل الحلف السوري – الإيراني – الروسي، تلاهُ تنظيم داعش، تلاهُ التحالف الدولي
ما تُخبرنا به الوقائع والأدلة عبر عمليات التوثيق التراكمية اليومية التي يقوم بها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يُشير بشكل لايقبل الشك أننا لم نصل بعد إلى مرحلة انحسار وتقلُّص الأزمة، فلم يتخذ المجتمع الدولي، -تحديداً الدول الراعية لعملية التفاوض- أية خطوات تهدف إلى الحدِّ من آثارها القاتلة، بهدف الانتقال إلى مرحلة التفاوض، ويتحمَّل الحلفُ السوري – الإيراني – الروسي المسؤولية الأعظم ويتصدر الانتهاكات بفارق شاسع عن بقية أطراف النزاع، لم يتوقف الطيران الحربي يوماً واحداً عن قصف الأحياء المدنية، كما قُصِفَت العشرات من المراكز الحيوية المدنية، ونورد في هذا البيان المشافي والمدارس والأسواق فقط، وأصبح الحديث عن الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار أمراً ترفياً، وبدون مراقبة الأمم المتحدة بالتعاون مع شركاء محليين لوقف إطلاق النار، ومحاسبة منتهكيه فلن يكون هناك تهدئة، ولن يكون هناك أيُّ مسارٍ تفاوضي.
سنسلِّطُ الضوء على عمليات القتل والاعتقال وحوادث الاعتداء على بعض المراكز الحيوية المدنية، وثَّق فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المدة الفاصلة بين بدء جولتي مفاوضات جنيف الرابعة والخامسة أي منذ الإثنين 20/ شباط/ 2017 حتى الخميس 23/ آذار/ 2017 مايلي:
أولاً: القتل خارج نطاق القانون:
مقتل 948 مدنياً، بينهم 192 طفلاً، و91 سيدة (أنثى بالغة) على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة، يتوزعون إلى:
– قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية): 383 مدنياً، بينهم 62 طفلاً، و39 سيدة
– القوات الروسية: 203 مدنياً، بينهم 64 طفلاً، و23 سيدة
– قوات الإدارة الذاتية (بشكل رئيس قوات حزب الاتحاد الديمقراطي – فرع حزب العمال الكردستاني): 10 مدنياً، بينهم 4 أطفال وسيدتان
– التنظيمات الإسلامية المتشددة:
• تنظيم داعش (يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية): 251 مدنياً، بينهم 25 طفلاً، و8 سيدات
• تنظيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً): 5 مدنياً
– فصائل المعارضة المسلحة: 13 مدنياً، بينهم 4 أطفال، و4 سيدات
– قوات التحالف الدولي: 83 مدنياً، بينهم 33 طفلاً، و15 سيدة
القوات الروسية تتفوَّق على النظام السوري في استخدام الذخائر العنقودية
ما لايقل عن 121 هجمة في عام واحد، و175 هجمة منذ التدخل الروسي
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الثاني عن استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية في سوريا منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015، وجاء في التقرير المكوَّن من 42 صفحة أن القوات الروسية شنَّت مئات الهجمات غير المشروعة، مرتكبة جرائم ترقى لأن تكون جرائم حرب، مستخدمة أنواعاً مختلفة من الأسلحة، من أخطرها الذخائر العنقودية.
وأشار التقرير أنه في المدة الواقعة بين 5 – 7/ أيلول/ 2016 تم عقد الاجتماع الدولي للمعاهدة الدولية لحظر الذخائر العنقودية في جنيف، والذي أدان استخدام الذخائر العنقودية في سوريا. في أثناء تلك المدة فقط سجل التقرير 3 هجمات روسية بذخائر عنقودية، كما وردت للشبكة السورية لحقوق الإنسان أنباء عن تنفيذ قوات سورية/ روسية ما لايقل عن 6 هجمات بالذخائر العنقودية مازالت هذه الهجمات بحسب التقرير قيد التحقيق والمتابعة.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إنَّ مما يحزُّ في نفوسنا العجزُ الصارخ للأمم المتحدة عن ردع النظام السوري عن استخدام الذخائر العنقودية على الرغم من إدانة معظم دول العالم له وبشكل متكرر عبر الجمعية العامة، فكيف بإمكانها ردع دولة عظمى مثل روسيا”.
اعتمد التقرير على روايات شهود شاهدوا طائرات روسية وعلى معلومات من مراصد تتبع للمعارضة المسلحة والتي تستطيع إلى حدٍّ جيِّد تمييز الطيران الذي يقلع من قاعدة حميميم الجوية والتي تُعتبر مركزاً عسكرياً روسياً، وقد استعرض التقرير 11 شهادة. كما تمت مراجعة الصور والفيديوهات، والتي أظهرت ذخائر صغيرة غير منفجرة وبقايا حواضن مُحمَّلة بذخائر عنقودية.
وثَّق التقرير ما لايقل عن121 هجمة بالذخائر العنقودية منذ 27/ شباط/ 2016 حتى27 / شباط/ 2017 وبإضافة هذه الهجمات إلى ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السابق “القوات الروسية تفرش الأراضي السورية بالذخائر العنقودية” يصبح عدد الهجمات الكلي ما لايقل عن175 هجمة بالذخائر العنقودية منذ بداية تدخل القوات الروسية في 30/ أيلول/ 2015.
ووفقَ التقرير فقد تسببت تلك الهجمات في مقتل 93 مدنياً، بينهم 24 طفلاً، و13 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة ما لايقل عن 417 شخصاً آخرين.
بحسب التقرير فإن محافظة حلب نالت النَّصيب الأكبر من الهجمات العنقودية بـ 89 هجمة ثم محافظة إدلب بـ 68، ثم محافظة حمص بـ 9 هجمات، و3 لكلٍّ من محافظتي حماة ودرعا. كما تم تسجيل 3 هجمات في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش اثنتان منها في دير الزور، وواحدة في الرقة.
وذكر التقرير أنه تم تسجيل ما لايقل عن 6 هجمات بالذخائر العنقودية نفذَّتها قوات سورية/ روسية جميعها في محافظة ريف دمشق ماتزال قيد التحقيق والمتابعة لتحديد الجهة الفاعلة، وفي حال تم التَّحقق من مسؤولية القوات الروسية عن هذه الهجمات يصبح العدد الكلي ما لايقل عن 181 هجمة منذ 30/ أيلول/ 2015.
ووصف التقرير استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية بأنه انتهاك لكلٍ من مبدأ التمييز، ومبدأ التناسب في القانون الدولي الإنساني، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب، وخاصة أن الأدلة تُشير إلى استخدامها ضد أهداف مدنية، ولم توجه إلى أغراض عسكرية محددة.
وأوصى التقرير الحكومة الروسية بالتوقف الفوري عن إنتاج الذخائر العنقودية واستخدامها في سوريا، والبدء بتدمير مخزونها والانضمام إلى معاهدة حظر استخدام الذخائر العنقودية، إضافة إلى التحقيق في جميع الانتهاكات الواردة فيه.
وطالب التقرير الحكومة الروسية بضرورة نشر خرائط تفصيلية بالمواقع التي شنَّت فيها هجمات بالذخائر العنقودية، وتزويد الأمم المتحدة وإطلاع المجتمع السوري عليها، حتى يُيسر ذلك عمليات إزالة المخلفات التي لم تنفجر بعد، وتعويض المجتمع السوري وبشكل خاص الضحايا وأُسرهم عن جميع ما تسببت به تلك الهجمات من أضرار مادية ومعنوية.
وشملت توصيات التقرير مطالبة مجلس الأمن بإصدار قرار خاص يحظر استخدام الذخائر العنقودية في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وأن تتم مساءلة روسيا على انتهاكاتها بالرغم من كونها أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وشدَّد التقرير على ضرورة قيام دول أصدقاء الشعب السوري بإدانة استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية والضغط عليها لوقف اعتداءاتها المتكررة والمستمرة، الذي يدلُّ على أنها سياسة الدولة الروسية.
وأكد التقرير على أهمية إصدار بيان يُدين استخدام الحكومة الروسية للذخائر العنقودية من قبل مجلس حقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية والاهتمام بإعداد دراسات واسعة حول المواقع التي استخدمت فيها القوات الروسية القنابل العنقودية من أجل تحذير أهالي تلك المناطق والإسراع في عمليات إزالة المتفجرات التي لم تنفجر.
المواطن عبد الفتاح الخطيب مختفٍ قسرياً منذ عام 2012
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بالأمم المتحدة، بقضية المواطن “عبد الفتاح الخطيب”، من مدينة كفر نبل بريف محافظة إدلب، البالغ من العمر حين اعتقاله 31 عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً أثناء وجوده في مبنى دائرة الهجرة والجوازات في مدينة إدلب بتاريخ 1/ آب/ 2012 من قبل عناصر قوى الأمن السياسي التابع للقوات الحكومية، واقتادوه إلى جهة مجهولة، ومايزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن عبد الفتاح الخطيب، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان تُقدِّم عرضاً عن قضية المعتقلين في مجلس حقوق الإنسان
اللغات
متاح بالـ
اللغات
متاح بالـ
بدعوة من رئيس مجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، شاركت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتاريخ 14/ آذار/ 2017 عبرَ المنصَّة الرئيسة لمجلس حقوق الإنسان، في الجلسة 34 وبحضور رئيس مجلس حقوق الإنسان، ورئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ورئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة للجمهورية العربية السورية، والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان.
وتركَّز حديث مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في أربع نقاط رئيسة:
النقطة الأولى: عرَض حجم الكارثة استناداً إلى الداتا المسجلة لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان والتي بلغت قرابة 106 آلاف شخص مازالوا قيد الاعتقال، تحوَّل 80 % منهم إلى مختفين قسرياً.
النقطة الثانية: أشار إلى أنَّ النظام السوري يتصدَّر جميع الأطراف البقية باعتقاله 87 % من العدد الإجمالي، وأكَّد أن هذه هي الماكينة الأولى، تليها ماكينة التعذيب، والتي تصل الجرائم المرتكبة عبرها حدَّ جريمة الإبادة، وتليها ثالثاً ماكينة الاختفاء القسري.
ونوَّه إلى إن بقية الأطراف (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، المعارضة المسلحة، التنظيمات الإسلامية المتشددة) استلهمت من النظام السوري هذه الماكينات الثلاث وطبَّقتها بنسبٍ متفاوتة.
النقطة الثالثة: أكَّد على أن قضية المعتقلين هي جزء من كُل، فهي جزء من كارثة سورية شاملة، كانت حراكاً شعبياً نحو الديمقراطية، جُوبِهَ بالاعتقال والتعذيب والرصاص، وتُرك وحيداً، أو تمَّ التَّلاعب به، ثم تراكمت الأزمة، وتشابكت وتعقَّدت، وذكر أنَّ تحقيق اختراق في قضية جزئية كالمعتقلين، أو اللاجئين، أو حتى وقف إطلاق النار، هو أمر معقد، فلا بدَّ من تقديم رؤية شاملة لحلِّ الكارثة السورية.
وحمَّل المسؤولية على عاتق السياسيين، والدول التي لم تساند الشعب السوري، ومجلس الأمن.
مقتل 207 آلاف مدني، بينهم 24 ألف طفلاً و23 ألف أنثى، 94% من الضحايا قتلوا على يد الحلف السوري – الإيراني – الروسي
الذكرى السادسة لانطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، ومقتل أول مدنيين
أولاً: مقدمة:
تُصادف هذه الأيام الذكرى السنوية السادسة لانطلاق الحراك الشعبي في سوريا المُطالب بالحرية والعدالة والكرامة، عبر تغيير نظام الحكم الاستبدادي القمعي لعائلة الأسد، إلى نظام منتخب بشكل ديمقراطي، يُمثل بشكل حقيقي الشعب السوري، وُيعطي الحق في تشكيل الأحزاب السياسية، ويحمي حقوق الإنسان الأساسية، وكان هذا واضحاً، ومكرراً في الشعارات الشعبية التي رفعت، وهتف بها المتظاهرون.
منذ الأيام الأولى جابه النظام السوري ذلك الحراك الشعبي بالرصاص الحي مباشرة، دون أي تمهيد، وشنَّ عمليات اعتقال طالت العشرات، وفي ظلِّ الصمت الدولي، تمكَّن النظام السوري من رفع وتيرة عملياته الوحشية، حتى وصلت إلى الذَّبح بالسلاح الأبيض للأطفال والنساء كما سجلنا ذلك في العديد من المجازر، وقام بعمليات تعذيب عنيفة للمعتقلين أدَّت إلى كمٍّ هائل من الوفيات، كما سجل ذلك التقرير الأول الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة في 23/ تشرين الثاني/ 2011، ووصف مختلف الجرائم التي قام بها النظام السوري على أنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية كونها ممنهجة واسعة النظاق.
وهنا نقول لو تدخَّل المجتمع الدولي، وقام بحماية المدنيين لما ظهر في سوريا: التنظيمات الشيعية الموالية للنظام الإيراني في نهاية عام 2011، ولا تنظيم القاعدة في كانون الثاني 2012، ولاتنظيم داعش في نيسان 2013، ولا تحالف دولي للقضاء عليه في أيلول 2014، ولا قوات روسية لمساندة النظام السوري في أيلول 2015، لكنَّ الحقيقة التي بات الشعب السوري يعلمها تماماً هي أنه ومنذ اللحظة الأولى كان مُخططاً لسوريا أن تتحول لما هي عليه الآن، وأن لا يتمَّ مناصرة ودعم الحراك الشعبي والوصول إلى نظام تعددي ديمقراطي يُرسِّخ الازدهار والعدالة والاستقرار، لقد تُركَ الشعب السوري وحيداً في مواجهة واحد من أعتى الأنظمة القمعية الموجودة على سطح الكرة الأرضية.
مقتل الطفل عقبة كاشور على يد قوات النظام السوري
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقرر الخاص بحالات القتل خارج إطار القانون بالأمم المتحدة، بقضية الطفل عقبة مازن كاشور من محافظة إدلب، مدينة معرة مصرين، تولد 2008، الذي توفي جراء قصف طيران ثابت الجناح تابع لقوات النظام السوري بالصواريخ المباني السكنية في مدينة معرة مصرين الخاضعة لسيطرة مشتركة بين فصائل المعارضة المسلحة وجبهة فتح الشام، في 6/ كانون الأول/ 2016.
السلطات السورية لم تعترف بقتلها الطفل، ولم يتمكن أهله من رفع أية شكوى بسبب تخوفهم من الملاحقة الأمنية نتيجة وجودهم في منطقة خارج سيطرة قوات النظام السوري.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوفها من عمليات قتل المدنيين منذ عام 2011، ومازال عداد القتلى في تصاعد مستمر.
المواطن سميح كرنبة مختفٍ قسرياً منذ عام 2012
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بالأمم المتحدة، بقضية المواطن “سميح كرنبة”، من مدينة عربين بمحافظة ريف دمشق، البالغ من العمر حين اعتقاله 35 عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً لدى مروره من نقطة تفتيش تابعة لقوات النظام السوري في منطقة المتحلق الجنوبي بمدينة دمشق بتاريخ 12/ تشرين الأول/ 2012 من قبل عناصر قوى الأمن الجوي التابع لقوات النظام السوري، واقتادوه إلى جهة مجهولة، ومايزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن سميح كرنبة، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
لا ينبغي أن تمول أوروبا خطط الحكومة السورية لإعادة الإعمار حتى تبدأ عملية الانتقال السياسي: في الذكرى السادسة للثورة، يطالب المجتمع المدني العالمي القادة الأوروبيين بأخذ زمام القيادة في الازمة السورية
صورة بواسطة: EURACTIV
بروكسل/لندن/باريس، 13 مارس – قبيل الذكرى السادسة لاندلاع الثورة – التي تحل في 15 مارس/اذار – طالب تحالف يضم منظمات مجتمع مدني دولية اليوم، بألا تذهب أموال دافعي الضرائب الأوروبيين إلى الحكومة السورية للمساهمة في إعادة الإعمار، حتى تبدأ عملية انتقال دائم وشامل للجميع.
يأتي هذا النداء قبل انعقاد مؤتمر مهم في بروكسل يومي 4 ، و 5 أبريل، سوف تتم خلاله مناقشة التمويل الأوروبي لجهود إعادة الإعمار.
وقد طالب التحالف القادة الأوروبيين بالإصرار على ألا يصل سنتا واحداً إلى الحكومة السورية حتى:
• يُشرع في تحول سياسي يشمل الجميع وتتوافر له ضمانات ذات مصداقية؛
• توقف حكومة الأسد وحلفاؤها كل الهجمات على المدنيين وتحترم وقف إطلاق نار مع المعارضة المعتدلة؛
• تنتهي عمليات الحصار، مع توفير النفاذ الكامل وغير المعوق للمساعدات الإنسانية، والتنقل الآمن للمدنيين.
• السماح للمراقبين المستقلين بالوصول إلى أماكن الاحتجاز دونما إعاقة؛
• الرفع الفعلي لتجريم المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني، والاعتراف بمساهمتها الضرورية في مستقبل سوريا.
وقد صرح السيد ديمترس كريستوبولس رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الشريكة في التحالف، بأنه “بدون وعد ذي مصداقية بالديمقراطية، ووقف الهجمات على المدنيين، والحصار الحربي، والتعذيب ،وتجريم المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، لن يكون هناك انتقال حقيقي في سوريا. إذا تجاهل القادة الأوروبيون هذه الشروط، فإن ذلك سيعني أنهم يدعمون ماليًا استمرار عدم الاستقرار وارتكاب المزيد من جرائم الحرب.”