على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تُقصي النِّظام السوري من الأمم المتحدة
لا تزال الجمعيَّة العامة للأمم المتحدة تفتح أبوابها لاستقبال ممثلين عن النِّظام السوري ممثلاً بوزير الخارجية الحالي وليد المعلم، والبعثة المرافقة له، وللسَّنة الثامنة على التوالي وفي شهر أيلول من كل عام تُتاح لهذا الفريق الفرصة للحديث عبر منصَّة الأمم المتحدة، وعقد اجتماعات داخل أروقتها، ويهدف كل ذلك للتَّبرير والدِّفاع عمَّا يقوم به النِّظام السوري من انتهاكات ممنهجة بحقِّ الشَّعب السوري شكَّلت عشرات آلاف الجرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم الحرب، وقد تمَّ توثيق هذه الانتهاكات الفظيعة من قبل أجهزة الأمم المتحدة نفسها، على رأسها جرائم القتل خارج نطاق القانون، والتَّعذيب، والإخفاء القسري، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والحصار، والقصف العشوائي، وقصف المشافي والمدارس، وهنا لا بُدَّ من توضيح نقطتين أساسيتين:
ألف: لقد اتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات وأصدر 18 قراراً فيما يتعلق بالشَّأن السوري، لم يلتزم النِّظام السوري بها بشكل واضح، وبحسب ميثاق الأمم المتحدة فإنَّه يحقُّ للجمعية العامة أن تُعلِّق عضوية الدولة العضو في الأمم المتحدة وتسحب كافة امتيازاتها، وفي حال تكرار تجاوز مثياق الأمم المتحدة، وهو ما فعله النِّظام السوري تماماً عبر ثمانية أعوام متوالية، فإنَّه يحقُّ للجمعية العامة أن تفصل تلك الدولة من الأمم المتحدة بناء على توصية من مجلس الأمن، لكن هذه التوصية لم تتحقق على الرَّغم من كونها واجبة الحدوث على اعتبار أنَّ الجرائم التي مارسها النظام السوري تُهدِّد بشكل واضح السِّلم والأمنَ الدوليين.
باء: إنَّ مبدأ الحفاظ على الأمن الجماعي كما قرَّره ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع يوجب على دول العالم التَّعاون في ظلِّ الأمم المتحدة من أجل اتخاذ تدابير جماعية ضدَّ الدولة، التي تنتهك قواعد القانون الدولي العام، وتدعو الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى حماية عاجلة ومُستدامة للشَّعب السوري من النظام الحاكم الحالي، الذي يستخدم موارد الدَّولة السورية ومقدَّراتها لقتل وإرهاب المجتمع السوري، ونؤكِّد أنَّ هذه مسؤولية جماعية لدول العالم، وليست مسؤولية مجلس الأمن وحده، إنَّ الأزمة السورية قد أثَّرت بشكل كبير على المجتمع الدولي ككل.
واشنطن: الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعقد عدة لقاءات مع الحكومة الأمريكية
واشنطن: 3 – 5/ تشرين الأول/ 2018: عقدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدة اجتماعات ثنائية في مقرِّ الخارجية الأمريكية بحضور مسؤولين كبار من عدة مكاتب عاملة في الحكومة الأمريكية، مثل: لجنة العلاقات الخارجية (SFRC)، ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان (DRL)، ومكتب العدالة الجنائية العالمية (GCJ)، ومكتب علاقات الشرق الأدنى (NEA)، ومكتب المخابرات والبحوث (INR)، ومكتب مراقبة الأسلحة (AVC)، ومكتب السكان واللاجئين والهجرة (PRM)، إضافة إلى ممثلة عن مكتب سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن، ومدير الملف السوري في البيت الأبيض.
تحدَّث السيد فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن: أولاً، استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية وعن ردة الفعل الأمريكية بعد هجوم دوما الكيميائي الأخير، وثانياً، عن سيطرة قوات النظام السوري والقوات الروسية على منطقة جنوب سوريا، وثالثاً، عن التغوُّل الإيراني داخل مؤسسات ومفاصل المجتمع والدولة السورية، ورابعاً، عن المسار السياسي وضرورة عودته إلى سياقه الطبيعي بحسب قرار مجلس الأمن رقم 2245، هيئة حكم انتقالي ثم دستور ثم انتخابات، وأخيراً عن ضرورة البدء بتحقيق مشاركة أوسع في الحكم في المناطق التي تخضع لسيطرة قوات التحالف الدولي بالتَّزامن مع عملية تعويض الضحايا وإعمار البنى التحتية والمباني، التي تسبَّبت بها عمليات القصف الجوي والبري لقوات التَّحالف الدولي، وأكَّد عبد الغني أنَّ ذلك أصبح ضرورة مُلِّحة بعد هزيمة تنظيم داعش وتحقيق نوع من الأمن والاستقرار، وقد أكَّد مدير الملف السوري في البيت الأبيض أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بإعادة شرعية النِّظام السوري تحت حكم عائلة الأسد، وسوف تلعب دوراً محورياً في منع الحلفاء والأصدقاء من القيام بذلك، وشدَّد على أنَّ النظام السوري وحلفاءه لن يتمكَّنوا من إعادة إعمار ما قاموا بتدميره في المناطق التي يسيطرون عليها، ولن يكون هناك أي تقدُّم في هذا المجال بدون حلٍّ سياسي يضمن عملية انتقال سياسي ديمقراطي.
تركَّز الاجتماع التالي، الذي خُصِّص للأمور القضائية والملاحقات القانونية حول إمكانية تفعيل الولايات المتحدة الأمريكية لولايتها القضائية العالمية، ومحاسبة أشخاص متورطين في ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضدَّ الإنسانية وموجودين على أراضيها، ودار نقاش عن ضرورة دعم الحكومة الأمريكية إنشاء محكمة دولية خاصة بسوريا، وأخيراً عن أهمية وحيوية قانون قيصر، ودور العقوبات الاقتصادية على الشركات الروسية والإيرانية كشكل من أشكال المحاسبة؛ ما يُعرقل رغبتها في الاستحواذ الواسع على عملية إعادة الإعمار في سوريا، ويضغط عليها للدَّفع لتحقيق مسار سياسي مُتَّسق مع قرارات الأمم المتحدة، وقد قامت المكاتب القانونية والحقوقية بشرح آلية عملها، وتمَّ الاتفاق على تعزيز مشاركة البيانات والتَّنسيق في هذا الجانب.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصدر أساسي ومعتمد في جميع تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بسوريا منذ عام 2012 حتى الآن.
المواطن خالد الأسد مختفٍ قسرياً منذ عام 2013
أطلعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة، بقضية المواطن “خالد الأسد”، من أبناء قرية دورين شمال شرق محافظة اللاذقية، والمقيم في بلدة شبعا شرق محافظة ريف دمشق، موظف قطاع عام، يبلغ من العمر حين اعتقاله 52 عاماً، ودعته للطلب من السلطات السورية الإفراج عنه، حيث تم اعتقاله تعسفياً بتاريخ 1/ تشرين الأول/ 2013، لدى مروره من نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الجوي التابع لقوات النظام السوري في منطقة نقطة المصنع الحدودية مع لبنان أثناء محاولته السفر إلى لبنان، ولا يزال مصيره مجهولاً بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان ولأهله أيضاً.
السلطات السورية تنفي إخفاءها القسري للمواطن خالد الأسد، ولم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من معرفة مصيره حتى الآن، كما عجز أهله عن ذلك أيضاً، وهم يتخوفون من اعتقالهم وتعذيبهم في حال تكرار السؤال عنه كما حصل مع العديد من الحالات المشابهة.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري التدخل لدى السلطات السورية من أجل مطالبتها العاجلة بالإفراج عنه، والإفراج عن آلاف حالات الاختفاء القسري، وضرورة معرفة مصيرهم.
وعلى الرغم من أن الحكومة السورية ليست طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، إلَّا أنَّها في المقابل طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الَلذين ينتهك الاختفاء القسري أحكام كل منهما.
هيئة تحرير الشام تستغلُّ اتفاق التَّهدئة وتُصعِّدُ من انتهاكاتها
مقتل خمسة مدنيين بينهم طفلان واعتقال ما لا يقل عن 184 شخصاً
أولاً: مقدمة ومنهجية:
في كانون الثاني/ 2017 أعلن عن تشكيل تجمع هيئة تحرير الشام، الذي ضمَّ جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) إضافة إلى بعض فصائل في المعارضة المسلحة وفصيل أنصار الدين أحد التنظيمات الإسلامية المتشددة، وشهد عام 2017 انتهاكات جسيمة نفذتها هيئة تحرير الشام، حيث شنَّت هجمات متعددة في مناطق ريف إدلب الجنوبي والغربي والمناطق الحدودية مع تركيا وتابعت سياستها ونهجها في تطبيق العنف والإكراه في تطبيق الأحكام التي تراها مناسبة، واستمرت محاولاتها في السعي لتوسيع مناطق سيطرتها على حساب المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعتدلة، وقد أصدرنا في خصوص جميع ما سبق عدداً كبيراً من الأخبار وتقريرين موسعين وثَّقنا فيهما أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب.
منذ بداية أيلول/ 2018 رصدنا ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الانتهاكات التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام في منطقة الشمال السوري، حيث أقدمت على اقتحام عدة قرى واعتقال عشرات الأشخاص من بينهم ناشطون محليون وعمال إغاثة وخطباء مساجد، ويبدو لنا أن كل ذلك كان استباقاً على الاتفاق التركي الروسي؛ بهدف تحقيق أكبر مكتسبات ممكنة على أرض الواقع، وبعد دخول الاتفاق التركي الروسي في 17/ أيلول حيِّز التنفيذ استفاد أهالي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري من انخفاض معدلات القصف والقتل في تأمين بعض الاحتياجات الأساسية وبشكل خاص، التي تتطلب تنقلات بين المدن والقرى، وكان المشردون قسرياً، وهم الفئة الأكثر تضرراً في هذه المناطق الأكثر احتياجاً لمثل هذه التحركات، ويُشكِّل المشرَّدون داخلياً نسبة تقارب الـ38 % من مجموع سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في الشمال السوري، لكن انتهاكات هيئة تحرير الشام أدت إلى زعزعة حالة الأمن والاستقرار التي كان المجتمع هناك بأمس الحاجة إليها، وولدت حالة من الذعر في عدد من القرى والمناطق.
وبرزت عدة لافتات يوم الجمعة في المظاهرات التي عادت وتيرتها للظهور والاتساع بعد الاتفاق التركي الروسي الأخير وغياب القصف الجوي العشوائي، وقد تعرض عدد من الهيئات المحلية والنشطاء إلى ملاحقات من قبل عناصر هيئة تحرير الشام إثر تلك اللافتات والكلمات المنددة بممارساتها.
يُسلط التقرير الضوء على انتهاكات هيئة تحرير الشام منذ مطلع أيلول حتى منتصف تشرين الأول/ 2018، وقد اعتمدنا في هذا التقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان طيلة تلك المدة وما سبقها وما بعدها أيضاً، وذلك عبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، إضافة إلى وجود فريقنا في بعض المناطق وتواصلهم مع الأهالي وشهود العيان، وسوف نقوم بعرض شهادتين، لن نذكر الأسماء الحقيقة لأسباب أمنية، ونحتفظ بعناوين الاتصال مع الشهود.
حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون إطلاق هيئة تحرير الشام الرصاص على متظاهرين في قرية كفر حلب.
ما وردَ في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنَّفسية والديمغرافية.
حماية حقوق الملكية السورية
رغم تقارير عن سحب قانون الملكية السوري، تبقى المخاوف قائمة
مجسم صغير بناه السوري محمد قطيش (14 عاما)، يجسد إعادة إعمار حلب كما يتخيلها، حلب، سوريا، 31 أغسطس/آب 2015. © 2015 رويترز
اللغات
متاح بالـ
سارة الكيّالي
باحثة سوريا في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش
في 18/ تشرين الأول، أفاد مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة أن الحكومة السورية قد سحبت قانونها رقم 10 السيئ السمعة. يسمح هذا القانون للسلطات بالاستيلاء على الممتلكات دون اتباع الإجراءات القانونية أو التعويض المناسب.
لم تُصدر الحكومة السورية ولا الروس – الذين ذكرتهم الأمم المتحدة كمصادر لها – إعلاناً رسمياً حول تغيير في وضع القانون، ولم تَرد أي إشارة في هذا الشأن على الموقع الإلكتروني للبرلمان السوري. وحتى 4/ تشرين الأول فقط، واصل المسؤولون المحليون مناقشة مشاريع إعادة الإعمار في هذه المناطق تحت ستار القانون رقم 10.
إذا صحّت هذه التقارير، فعلى الحكومة السورية تقديم دليل على سحبها القانون ووقف أي عمليات استيلاء تتم في إطار القانون 10.
إلغاء القانون سيكون خطوة أولى مهمة لحماية حقوق ملكية آلاف السوريين. غير أن القانون رقم 10 هو واحد من العديد من الأدوات التشريعية التي تستخدمها الحكومة السورية لمصادرة الملكية بدون وجه حق. وهي تشمل المرسوم 66 الذي سبق القانون رقم 10، والذي استُخدم لاستهداف سكان المناطق التي كانت مناهضة للحكومة سابقاً وطردهم، والمرسوم 63 الذي يخول وزارة المالية الاستيلاء على أصول الأفراد الذين ينطبق عليهم قانون مكافحة الإرهاب لعام 2012 – هذا القانون فضفاض لدرجة خطيرة، حيث يجرم بشكل غير عادل شريحة كبيرة من السكان دون الحق في الإجراءات القانونية الواجبة أو المحاكمة العادلة.
حتى في حال إلغاء القانون رقم 10، فإن حلفاء الحكومة والدول المجاورة والأمم المتحدة بحاجة إلى مواصلة الضغط على الحكومة السورية لإنهاء ممارسات الاستيلاء والتهجير غير القانونية. ولا يزال سكان المناطق التي استعادت الحكومة سيطرتها عليها يواجهون قيوداً تعسفية وغير مفهومة على العودة إلى ديارهم وبلداتهم، وتستمر الحكومة في هدم ممتلكاتهم. في عالم تهمّ فيه الأفعال أكثر من الكلمات، ينبغي أن يظل هذا الأمر مصدر قلق كبير للكثير من الأطراف المعنيين، ولا سيما الدول والمانحين الذين يريدون أن تبدأ عودة اللاجئين وإعادة الإعمار.
إذا سُحب القانون بالفعل، فإن الحكومة السورية بحاجة إلى العمل بشكل وثيق مع المجتمعات المتضررة والخبراء المستقلين لحقوق الملكية لضمان عدم حرمان أي سوري من منزله بدون وجه حق، وأن يكون لديه ما يعود إليه بكرامة وأمان.
نشرت المقالة الأصلية على موقع هيومن رايتس ووتش
الهجمات الوحشية على محافظة السويداء بين إرهاب النِّظام السوري وتنظيم داعش
مقتل 154 مدنياً بينهم 15 طفلاً
أولاً: مقدمة ومنهجية:
تقع محافظة السويداء في الطرف الجنوبي من الدولة السورية، وتبعد عن العاصمة دمشق قرابة 128كم وقد بلغ عدد سكانها عام 2010 قرابة 370 ألف نسمة، أغلب سكانها من طائفة الدروز الموحدين. نظراً لعدم تعرضها لهجمات وقصف جوي ومدفعي عنيف وبالتالي هدوئها النسبي؛ فقد نزح إليها قرابة 100 ألف مواطن من مناطق مجاورة مثل ريف دمشق ودرعا.
مع استمرار واتساع العمليات العسكرية التي شنَّها النظام السوري ضدَّ المناطق التي طالبت بتغيير حكم العائلة إلى حكم ديمقراطي، ازدادت حاجة النِّظام السوري إلى تجنيد مزيد من المواطنين السوريين ضمن صفوف قواته المسلحة، وهذا دفع مئات آلاف الشباب السوريين إلى الهجرة ومغادرة البلاد خوفاً من الالتحاق بقوات النظام السوري وقتال سوريين آخرين، كما امتنع قسم آخر عن اللحاق بقوات النظام السوري، وبقي في حدود محافظة السويداء بعد أن تسلَّمت ما يسمى باللجان الشعبية السيطرة عليها ولم يعد للنظام السوري هناك سوى السيطرة الشكلية.
تأسَّست في عام 2012 حركة رجال الكرامة، وهي تجمع مسلح أسَّسه أحد شيوخ الطائفة الدرزية “وحيد البلعوس”، وكان أحد أهداف هذا التَّجمع حماية المحافظة من أي تدخل عسكري سواء من النظام السوري أو حتى من فصائل في المعارضة المسلحة، واستمر على مدى سنوات تالية توسُّع عمليات التسليح الداخلي داخل محافظة السويداء، حيث تشكَّلت لجان شعبية فرضت سيطرتها على كامل المحافظة، واعتمدت اللجان الشعبية في تسلُّحها على عدة مصادر كالتبرعات الفردية من أشخاص ينتمون إلى الطائفة الدرزية في لبنان وفلسطين والأردن، أو على أحزاب موالية للنظام السوري كحزب البعث أو الحزب القومي الاجتماعي السوري، واعتمدت بعض اللجان في تسليحها على أفرع الأمن التابعة للنظام السوري كفرع الأمن العسكري بحسب ما أخبرنا بذلك بعض الأهالي في محافظة السويداء.
تعرَّض أهالي محافظة السويداء لهجمات عدة في 25/ تموز/ 2018؛ خلَّفت عدداً كبيراً من الضحايا والمصابين، وحاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان توثيق تلك الحوادث وما تخللها من انتهاكات للقانون الدولي، ولقد تحدثنا مع عدد من شهود العيان وناشطين إعلامين محليين ومع ذوي ضحايا ونعرض في هذا التقرير روايتين، وجميع الروايات قد حصلنا عليها عبر حديث مباشر مع الشهود، وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة، وقد شرحنا للشهود الهدف من المقابلات، وحصلنا على موافقتهم على استخدام المعلومات التي يُقدِّمونها في هذا التقرير دونَ أن نُقدِّم أو نعرض عليهم أية حوافز.
حاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تجنيبَ الشهود معاناة تذكُّر الانتهاك، وتمَّ منحُ ضمانٍ بعدم كشف هوية كل من أبدى رغبته في استخدام اسم مستعار.
كما حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون دماراً في سوق الخضار وبعض السيارات، إضافة إلى مقابلات مع أهالي المختطفين وأظهرت مقاطع مصورة يزعم أنها لتنظيم داعش عمليات إعدام بحق اثنين من الرهائن.
وخضع هذا التَّقرير لنمط من تحديات إضافية تمثَّلت بشكل رئيس في كون الشبكة السورية لحقوق الإنسان لا تملك قاعدة اتصالات واسعة في محافظة السويداء نظراً؛ لعدم تعرُّضها لكم كبير من الانتهاكات على غرار المحافظات الأخرى، حيث تقوم الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتوسيع وبناء العلاقات بالتوازي مع حدوث الانتهاكات؛ ولهذا السبب تحديداً فقد استغرقت التحقيقات في هذا التقرير وقتاً إضافياً، وهنا لا بُدَّ من شكر الأهالي داخل وخارج محافظة السويداء على تعاونهم في هذا التحقيق، وأخيراً لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذا هو الحد الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه في ظلِّ صعوبات استثنائية وتخوُّف العديد من الأهالي من عمليات انتقامية من تنظيم داعش أو النظام السوري في حال الإدلاء بشهاداتهم.
نيويورك: على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشبكة السورية لحقوق الإنسان تشارك في حدث جانبي عن قضية شهادات وفيات مختفين قسرياً
نيويورك 27/ أيلول/ 2018: شاركت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حدث جانبي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن قضية إقرار النظام السوري بأنَّ مئات من المواطنين السوريين المختفين قسرياً قد توفوا، وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت تقريرين عن هذا الموضوع الخطير، كما قامت 41 دولة من دول العالم بتوجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الخصوص، ويأتي هذا الحدث كمتابعة واهتمام دوليين ونتيجة تنسيق وتعاون مع مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارجية الأمريكية، وبرعاية كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية، والجمهورية الفرنسية، وبحضور عدة ممثلين من دول العالم، إضافة إلى منظمات دولية مختصة.
افتتح الحدث سعادة السفير “مايكل جي كوزاك” كبير مسؤولي مكتب شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية، ونقل الحديث إلى المنظمات السورية المشاركة، بدأ مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان السيد “فضل عبد الغني” كلمته بأنَّ النظام السوري ولأول مرة منذ بداية الحراك الشعبي يُقرُّ بمصير عشرات من المختفين قسرياً لديه، على أنهم أموات، وقد بلغت الحصيلة التي تمكنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تسجيلها 836 حالة بحسب التقرير الذي تم توزيعه على الحاضرين، ونوَّه عبد الغني إلى سؤال عن كيفية تمكُّن النظام السوري من معرفة مصير هؤلاء وهو الذي لطالما أنكر وجود مواطنين سوريين مختفين قسرياً لديه، ولماذا يكشف عن مصير هؤلاء الآن؟ وأشار إلى فرضيتين: أولهما: أنَّ النظام السوري يُريد أن يُظهر أنه قد انتصر ميدانياً والآن يُنهي ملف المعتقلين كي يعود الأهالي والمجتمع راضخين مرة أخرى ويقبلوا أن يكون هذا خيارهم الوحيد، وثانيهما أنَّ النظام الروسي هو من طالبه بذلك؛ بهدف إنهاء الملف الذي يُعرقل لملمة الكارثة السورية من وجهة النَّظر الروسية.
أكَّد عبد الغني أنَّ النظام السوري قد استخدم الاختفاء القسري كسلاح حرب، وهذا خلَّف حالة من الذعر والرعب في أوساط المجتمع السوري، حيث يتحول 85 % من المحتجزين لدى النظام السوري إلى مختفين قسراً، وقد بلغت حصيلة المختفين قسراً لديه منذ آذار 2011 قرابة 82 ألف مواطن سوري بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وأوضحَ عبد الغني أنَّ قرابة 14 ألف ضحية قد قضوا بسبب التَّعذيب في مراكز احتجاز تابعة للنظام السوري.
ثمَّ نوَّه أخيراً إلى أنَّ إقرار النظام السوري أنَّ عدداً من المختفين قسرياً قد توفي دونَ الكشف عن كيفية الوفاة، ودون تسليم الجثث، لا يُعتبر كشفاً حقيقياً بموجب القانون الدولي، وبالتالي فإنَّ مصير هؤلاء لا يزال مجهولاً ويتحمل النظام السوري مسؤولية إخفائهم قسرياً.
نيويورك: مشاركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حدث دولي في مقرِّ الأمم المتحدة عن قضية المحاسبة في سوريا
نيويورك 27/ أيلول/ 2018: شاركت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مقرِّ الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك بإلقاء كلمة عن المحاسبة ضمن فعالية حملت عنوان: “من أجل تحقيق العدالة في سوريا”، وقد ترأسَ الجلسة سعادة الشيخ “محمد بن عبد الرحمن آل ثاني” وزير خارجية قطر، وسعادة السيدة “أوريلا فريك” وزيرة خارجية ليشتنشتاين، وبمشاركة المفوضة السَّامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان السيدة “ميشيل باشليت”، ورئيسة آلية التَّحقيق الدولية المستقلة السيدة “كاثرين ماركي – أوهيل”.
وقد حضرَ الاجتماع عدد كبير من وزراء الخارجية وسفراء دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبشكل أساسي الدول الدَّاعمة لآلية التَّحقيق الدولية ولمسار المحاسبة في سوريا.
أكَّد وزير خارجية قطر على دعم بلاده المستدام لآلية التحقيق الدولية المستقلة، ذلك في ظلِّ فشل مجلس الأمن عن تحقيق أية مساءلة للمجرمين في سوريا، وشدَّد على ضرورة تعاون الآلية مع منظمات المجتمع المدني المحلية في سوريا، ثم تحدثت وزيرة خارجية ليشتنشتاين عن تأسيس الآلية الدولية وعن ضرورة دعم الدول لها وتزويدها ومشاركتها بالبيانات، وأكَّدت أن الآلية قد مهَّدت الطريق أمام محاسبة المجرمين في سوريا، وخاصَّة أنَّ النظام السوري قد بدأ بإصدار شهادات الوفاة التي استوجبت تدخلاً فورياً من عدة دول في العالم، ثم تحدَّثت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن حجم الانتهاكات الفظيعة التي تعرَّض لها الشَّعب السوري بما فيها استخدام النظام السوري وتنظيم داعش للأسلحة الكيميائية، وعن عدم قيام أي طرف من الأطراف المتورطة في النزاع بمحاسبة أي شخص متورط في الانتهاكات، ثم تحدَّثت رئيسة آلية التَّحقيق الدولية المستقلة عن الصعوبات والإنجازات التي حققتها الآلية منذ تأسيسها وعن التَّقرير الأخير الذي تمَّ تقديمه في آب إلى الجمعية العامة، ومن أهمها إنجاز برامج معقَّدة تُمكِّن الآلية من تخزين كميات كبيرة من الصور والفيديوهات والمواد بأمان وسلامة، وتحقَّق تقدُّماً كبيراً في مجال تسريع جمع المعلومات من منظمات دولية ومحلية ودول، وعن الاتفاق الذي تم مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة؛ ما يُمكنها من الحصول على معلومات وبيانات من اللجنة، كما يمكن للآلية وفقاً للإمكانات والمعلومات التي لديها أن تُساهم في دعم قضايا يتم التعامل معها في دول أوروبية تحمل محاكمها صفة الولاية القضائية العالمية، وقد بدأت الآلية بتحضير قضاياها الخاصة ومنها قضيتان سوف يتم الإعلان عنهما قبل نهاية العام، كما قامت الآلية بتوقيع اتفاقية مع منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية؛ ما سوف يُمكنها من استخدام المواد التي لديها أيضاً، وعن التَّعامل مع منظمات المجتمع المدني السوري، وعن التَّحديات أشارت رئيسة الآلية إلى الحاجة إلى توظيف 40 شخص نهاية العام من بينهم متحدثون باللغة العربية، وأنهت حديثها بتحدي التمويل حيث لا يزال هناك عجز في ميزانية عام 2019، وطالبت أن تزيد الدول دعمها المادي ومشاركة المعلومات التي تمتلكها عن الانتهاكات والضحايا.
نيويورك: الكلمة التي ألقاها مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مقرِّ الجمعية العامة للأمم المتحدة عن المحاسبة
ألقى مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في 27/ أيلول الماضي كلمة عن مركزية قضية المحاسبة في مقرِّ الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحدث، الذي نظَّمته دولتا قطر وليشتنشتاين، ذلك بحضور عدد من وزراء الخارجية وسفراء الدول في مجلس الأمن الدولي، وبمشاركة رئيس آلية التحقيق الدولية، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
نص الكلمة:
شكراً للمنظمين وللحضور الكريم، ولدولتي قطر وليشتنشتاين ولجميع الدول الداعمة لمسار المحاسبة في بلدي سوريا.
منذ الأشهر الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية أصدرنا تقارير وثَّقت ارتكاب النِّظام السوري جرائم ضدَّ الإنسانية في عدة أنماط من الانتهاكات، وأكَّد تقرير لجنة التَّحقيق الدولية الأول الصادر في 23/ تشرين الثاني/ 2011 على ذلك، إنَّ تورُّط النظام السوري يعني بموجب القانون الدولي تورُّطَ حلفائه؛ لأنَّهم داعمون لنظام ارتكب جرائم ضدَّ الإنسانية ولا تزال تلك الدول تمده بالميليشيات وبالأسلحة، فهي شريكة في الجرائم، ومنذ تلك الأشهر وضع النظام السوري وحلفاؤه نُصبَ أعينهم أنَّ الحل الوحيد للتخلص من المحاسبة هو بالسيطرة الكاملة والسَّاحقة، وهذا أحد أسباب تدخل تلك الدول بشكل مباشر بقواتها وتورطها أيضاً مع النظام السوري بارتكاب مئات جرائم الحرب، إنَّ آلية التحقيق الدولية ومتابعة مسار المحاسبة يرسل رسالة واضحة أنَّه وإن تمت السيطرة على الأراضي وتمَّ قمع وإسكات المجتمع السوري، فإنَّ مسار العدالة والمحاسبة سوف يمضي ولن تتمكَّنوا من إيقافنا.
منذ عام 2011 حتى الآن عملنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان موظفين ومتطوعين ومتعاونين ليل نهار لساعات طويلة وجمعنا مئات آلاف البيانات والمعلومات، بنينا برامج معقدة وطوَّرناها، سهرنا لساعات طويلة، تحدَّثنا مع عشرات آلاف الشهود والناجين، أذكر تماماً في صيف عام 2012 عندما كنا نجمع قوائم حصيلة المواطنين السوريين الذين قتلوا إثر القصف الجوي والمدفعي للنظام السوري كانت تصل في بعض الأيام تلك الحصيلة إلى 400 مدني، والآن وبعد تراكم عمل ثمانية سنوات تمتلك الشبكة السورية لحقوق الإنسان قاعدة بيانات بأسماء وصور وبيانات لربع مليون مواطن سوري مدني قتلوا منذ بداية الحراك الشعبي نحو الديمقراطية آذار/ 2011، 91 % منهم قتلوا على يد النظام السوري وحلفائه، كما تمتلك قاعدة بيانات لـ 95 ألف مواطن سوري لا يزالون مختفينَ قسرياً لا نعلم هل هم أحياء أم أموات، وقاعدة بيانات لـ 14 ألف مواطن سوري قتلوا بسبب التعذيب، وبيانات لـ 830 مركز طبي، و1360 مدرسة، و580 سوق، و1320 من دور العبادة، جميعها تم قصفها وتضرَّرت جزئياً أو كلياً، وأيضاً بيانات لـ 221 حادثة استخدام لأسلحة كيميائية، و72 ألف برميل متفجر ألقاها النظام السوري على الأراضي السورية، أي ما يعادل قنبلتين نوويتين، وغير ذلك من الجرائم كالعنف الجنسي والتشريد القسري، وغير ذلك مما يطول سرده، وهدفي الأساسي من هذا الطرح هو أن أقول أولاً أن هذه ليست إحصائيات تقديرية بل هي قاعدة بيانات شاملة ومدعومة بتفاصيل تمَّ العمل عليها بشكل يومي ومستمر على مدار ثمانية سنوات، وثانياً أن هناك اعتقاد سائد أن المحاسبة هي للضحايا ولأسرهم، وأنا أقول أنَّ معظم الشعب السوري هم ضحايا، لكن أيضاً المحاسبة هي لنا نحن المدافعين عن حقوق الإنسان، زملائي في الشبكة السورية لحقوق الإنسان والحقوقيين السوريين، وزملائي في لجنة التحقيق الدولية، وزملائي في آلية التحقيق الدولية، وزملائي في هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وغيرهم ممن عملنا معهم للدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا، الدول الداعمة لمسار العدالة في سوريا، نحن جميعاً بحاجة بعد كل هذا الجهد العظيم، ونستحق أن يكون هناك محاسبة.